سياراتالتقاريرتقارير السياراتتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

جدل ضرائب السيارات الكهربائية يتصاعد في الغرب.. لماذا؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • مقاطعة ألبرتا في كندا تفرض ضرائب سنوية على السيارات الكهربائية لتآكل الطرق
  • 24 ولاية أميركية تفرض رسومًا على تسجيل السيارات الكهربائية ومحطات الشحن
  • المملكة المتحدة تخشى فقدان ضرائب الوقود المقدّرة بنحو 45 مليار دولار سنويًا
  • 5 اقتصادات أوروبية كبرى قد تخسر 163 مليار دولار سنويًا من ضرائب الوقود
  • العدالة الضريبية وانهيار الإيرادات العامة محور الجدل بين المؤيدين والمعارضين

ثمة جدل متصاعد حول فرض ضرائب السيارات الكهربائية عالميًا مع توجُّه عدد من الدول الغربية مؤخرًا إلى هذا الخيار، لكن كيفية تطبيق ذلك ما تزال محل خلاف.

ورغم أن مبدأ فرض الضرائب على السيارات الكهربائية يصطدم مباشرة بسياسات الدعم الحكومي التي ما زالت تمثّل العمود الفقري للصناعة الناشئة بأكملها، فإن بعض الدول بدأت تفكر في تطبيقه بصور مختلفة لتعويض فقدان ضرائب ورسوم الوقود التي تموّل الطرق في أغلب البلدان الغربية، حيث اتجهت الدول لهذا الخيار مبكرًا لتجنب الآثار المالية المتوقعة لتسريع مسار كهربة قطاع النقل مستقبلًا، بحسب أحدث تطورات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن.

وتعدّ كندا من أحدث الدول التي تخطط لتطبيق ضرائب السيارات الكهربائية بداية من 2025، بقيمة 200 دولار سنويًا على كل سيارة كهربائية، نظير الإسهام في تمويل إعادة رصف الطرق التي تتآكل بسرعة بسبب وزنها الثقيل، مقارنة بسيارات البنزين والديزل.

واستندت حكومة مقاطعة ألبرتا المتخذة لهذا القرار في مارس/آذار الماضي، إلى مساواة السيارات الكهربائية بنظيرتها التقليدية التي يدفع أصحابها ضريبة الطرق في محطات الوقود مباشرة على كل لتر وقود يشترونه.

وليست مقاطعة ألبرتا الكندية أول من فكّر في فرض ضرائب السيارات الكهربائية، بل سبقها إلى ذلك معظم الولايات الأميركية التي تفرض رسومًا عالية على تسجيل المركبات الكهربائية ومحطات الشحن، كما تفكر دول أخرى في هذا الاتجاه.

رسوم تسجيل السيارات الكهربائية في أميركا

تفرض 24 ولاية أميركية رسوم تسجيل سنوية مرتفعة على أصحاب السيارات الكهربائية وبعض المركبات الهجينة، بما في ذلك بعض الولايات التي تقدّم حوافز مالية وائتمانات ضريبية لتشجيع المستهلكين على شراء المركبات الكهربائية.

وتستهدف هذه الرسوم تعويض جزء من ضرائب الوقود المفقودة، وتتراوح قيمتها السنوية بين 50 دولارًا كما في ولايات هاواي وكولورادو وداكوتا الجنوبية، و200 دولارًا كما في ولايات أركنساس وأوهايو ووايومنغ وفريجينيا الغربية، بحسب تقرير لمنظمة تاكس فاندشن المتخصصة (tax foundation).

ويعتمد بعض الولايات الأميركية معايير مختلفة في فرض الرسوم، مثل ولاية أوكلاهوما التي يأتي فرض ضرائب السيارات الكهربائية بها حسب الوزن، لتبدأ من 110 دولارات للسيارات التي يقلّ وزنها عن 6 آلاف رطل، ثم تزيد تدريجيًا.

وأقرّت ولاية تكساس خلال 2023 رسومًا بقيمة 400 دولار على السيارات الكهربائية عند تسجيلها لأول مرة، بالإضافة إلى رسوم تجديد قدرها 200 دولار سنويًا بعد ذلك.

كما وقّعت ولاية نيوجيرسي الأميركية في أبريل/نيسان 2024 قانونًا يفرض رسومًا سنوية بقيمة 250 دولارًا على سائقي المركبات الكهربائية، مع إلزام المشترين الجدد بدفع رسوم 4 سنوات مقدمًا، بإجمالي 1000 دولار، حسب أحدث التطورات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

6 ولايات تفرض ضرائب على محطات الشحن

أقرّت 6 ولايات أميركية خلال العامين الماضيين ضرائب جديدة تستهدف محطات شحن المركبات الكهربائية، محاولةً لتجنّب مزيد من خسائر ضرائب الوقود المعرّضة للانخفاض بصورة حادّة مع كهربة قطاع النقل.

وتطبّق ولايتا مونتانا وآيوا، منذ يوليو/تموز 2023، ضريبة على محطات شحن المركبات الكهربائية العامة تصل إلى 0.03 دولارًا، و0.026 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، على التوالي.

كما بدأت ولاية كنتاكي في جمع ضريبة قدرها 0.03 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة على محطات الشحن بداية من يناير/كانون الثاني 2024، بينما تخطط ولاية جورجيا لإدخال هذا النوع من الضرائب على محطات الشحن في بداية 2025.

شحن سيارة كهربائية من نقطة شحن عامة في أميركا
شحن سيارة كهربائية من نقطة شحن عامة في أميركا - الصورة من Electrek

ورغم أن رسوم التسجيل المرتفعة وضرائب محطات الشحن هما من الوسائل المساعدة بتطوير نماذج فرض ضرائب السيارات الكهربائية في أميركا، فإن بعض الأصوات ما زالت تنادي بربط الضريبة بالأميال التي تقطعها السيارات على غرار السيارات التقليدية العاملة بالبنزين والديزل.

وأقرّت ولاية هاواي قانونًا يفرض رسومًا سنوية لاستعمال الطرق لكل ميل تقطعه المركبات الكهربائية، بدلًا من رسوم التسجيل المفروضة حاليًا، ومن المقرر سريانه بداية من يوليو/تموز 2025.

بريطانيا تدرس ونيوزيلندا تفرض رسومًا

لم يقتصر التفكير في فرض ضرائب السيارات الكهربائية بصورة مختلفة على أميركا وكندا فحسب، بل امتدّ إلى المملكة المتحدة ونيوزيلندا وإسرائيل، إضافة إلى سويسرا التي سبقت إلى ذلك أواخر عام 2023.

وتدرس المملكة المتحدة فرض ضرائب السيارات الكهربائية لسدّ العجز المالي المتوقع من دخول قرار حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالديزل والبنزين حيز التنفيذ بحلول عام 2035.

وفي عام 2022، قدّرت لجنة النقل في مجلس العموم البريطاني رسوم الوقود المتوقع فقدها نتيجة هذا القرار بنحو 35 مليار جنيه إسترليني (45 مليار دولار).

بينما قدرت دراسة أخرى أوسع نطاقًا، حجم رسوم وضرائب جَنتها أكبر 5 اقتصادات أوروبية خلال 2023 فقط، بنحو 150 مليار يورو (163 مليار دولار أميركي)، من سيارات البنزين والديزل، ما يمثّل 2% من إجمالي تحصيلها للضرائب.

وقدّرت هذه الدراسة رسوم البنزين والديزل في المملكة المتحدة وحدها بنحو 24.3 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في 2023-2024، حسب الدراسة التي نشرتها منصة الطاقة المتخصصة في 30 يناير/كانون الثاني 2024.

وأقرّت نيوزيلندا في أبريل/نيسان 2024 رسومًا على السيارات الكهربائية والمركبات الهجينة لاستعمال الطرق على أساس الأميال أو المسافة المقطوعة، بهدف الإسهام في توليد إيرادات بديلة لصيانة الطرق، مع انخفاض تحصيل ضرائب البنزين والديزل.

وبلغت قيمة ضرائب السيارات الكهربائية ذات الوزن الأقل ثقلًا نحو 76 دولارًا نيوزيلنديًا (46.6 دولارًا أميركيًا) لكل 1000 كيلومتر، وهو ما يعادل رسوم مركبات الديزل التقليدية.

بينما بلغت قيمتها في حالة السيارات الهجينة القابلة للشحن قرابة 38 دولارًا نيوزيلنديًا (23.3 دولار أميركيًا) لكل 1000 كيلومتر، وهي رسوم أقل من نظيرتها الكهربائية، لأن أصحاب هذه السيارات يدفعون ضريبة أخرى على الوقود عندما يقررون تشغيلها بالوقود.

في الإطار نفسه، تقترح الهيئات المنظمة في إسرائيل، فرض رسوم مماثلة على السيارات الكهربائية بهدف معالجة مشكلات الازدحام وعجز الميزانية، مع سريان هذه الرسوم بداية من عام 2026، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

سويسرا تلغي إعفاءً ضريبيًا منذ 1997

في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت الحكومة السويسرية إلغاء الإعفاء الضريبي الممنوح للمركبات الكهربائية منذ التسعينيات، وإخضاعها لضريبة المركبات بدءًا من يناير/كانون الثاني 2024.

وقالت الحكومة، إن الهدف من هذا القرار معالجة النقص في إيرادات الضرائب وتأمين الودائع لصندوق الطرق السريعة والنقل بالبلاد، بحسب ما نشره موقع جست أوتو المتخصص (just-auto).

وأُعفِيَت المركبات الكهربائية من قانون رسوم المركبات السويسري منذ صدوره في عام 1997، ويفرض القانون رسوم تسجيل بنسبة 4% على سيارات الركاب والمركبات التجارية المستوردة، وتُحسَب على سعر الاستيراد، وليس السعر النهائي.

وتقدّر الحكومة حجم الإيرادات الضريبية التي ستجنيها بعد إلغاء إعفاء ضرائب السيارات الكهربائية بما يتراوح بين ملياري فرنك (2.24 مليار دولار أميركي) و3 مليارات فرنك سويسري (3.35 مليار دولار) سنويًا، وسط توقعات بأن تصل هذه الإيرادات إلى 2.2 مليار فرنك (2.4 مليار دولار) في أول عام للتطبيق (2024).

العدالة الضريبية أساس الجدل

يستند الجدل المتصاعد حول فرض ضرائب السيارات الكهربائية في البلاد الغربية ذاتها على مبدأ العدالة الضريبية الذي يفترض توزيع عبء تمويل النقل والطرق على جميع المستهلكين، سواء كانوا من أصحاب السيارة التقليدية أو الكهربائية.

وينظر أصحاب السيارات التقليدية بعين السخط من سياسات وبرامج الدعم الحكومي السخية التي تقدّم مليارات الدولارات لتشجيع المستهلكين على شراء السيارات الكهربائية التي ما زالت أسعارها محصورة في حدود الفئات الفاخرة، ما يجعل أغلب المستفيدين من الأغنياء أو ذوي الدخول المرتفعة.

ويزيد من هذا السخط تحميل أصحاب السيارات التقليدية ضريبة الطرق وحدهم، مع كل لتر بنزين أو ديزل يشترونه لسياراتهم، بينما لا يدفع أصحاب السيارات الكهربائية أيّ ضرائب مماثلة خاصة بالطرق، مع حصولهم على إعانات حكومية سخية.

عمليات رصف وصيانة الطرق السريعة في أميركا
عمليات رصف وصيانة الطرق السريعة في أميركا - الصورة من American Asphalt

وقدّرت لجنة برلمانية بريطانية عام 2022 قيمة ما يدفعه مُلّاك السيارات التقليدية العاملة بالديزل والبنزين من ضرائب بنحو 750 جنيهًا إسترلينيًا (960.5 دولار أميركي) سنويًا، بينما قُدِّر ما يدفع ملّاك السيارات الكهربائية بنحو 20 جنيهًا إسترلينيًا فقط (25.6 دولارًا).

وفي كندا، يدفع أصحاب السيارات التقليدية ضريبة فيدرالية قدرها 10 سنتات على كل لتر بنزين و4 سنتات على لتر سولار، إضافة إلى 5% ضريبة سلع وخدمات، فضلًا عن دفع ضريبة فيدرالية أخرى على الانبعاثات الكربونية التي تنتج من حرق البنزين والديزل.

وأدى قانون فرض ضرائب السيارات الكهربائية، الذي أقرّته مقاطعة ألبرتا في مارس/آذار 2024 لمساواة المستهلكين في تمويل النقل والطرق، إلى إثارة الجدل بين الهيئات التشريعية والمؤيدين والمعارضين.

وتحتجّ بعض الجمعيات التي تدافع عن حقوق المستهلكين في كندا، مثل جمعية المركبات الكهربائية، بأن إيرادات ضرائب الوقود التقليدي لا تُنفق جميعًا على إصلاح أو صيانة أو إنشاء الطرق، وإنما تودَع في صندوق إيرادات موحّد يُستعمَل في عدّة مجالات تتراوح من الرعاية الصحية إلى التعليم، وحتى صيانة الطرق.

وتنتقد الجمعية فرض ضرائب استعمال الطرق على السيارات الكهربائية، استنادًا إلى معايير عشوائية دون تمييز، إذ ليس من العدل -مثلًا- فرض الضريبة نفسها على صاحب السيارة الكهربائية "جي إم سي هامر" الأثقل بكثير من سيارة "نيسان ليف" الكهربائية.

وليس من العدل -أيضًا- مساواة مالك سيارة كهربائية يسير بها عشرات الأميال كل أسبوع، مع آخر يسير بها مئات الأميال كل يوم، بينما أصحاب السيارات التقليدية يدفعون ضرائب وفقًا للبنزين الذي يستهلكونه، والذي يتباين تبعًا لكفاءة الوقود، وليس المسافة.

وبدأت ولاية يوتا الأميركية برنامجًا طوعيًا للسيارات الكهربائية والهجينة، يدفع أصحابها بموجبه رسومًا ضئيلة قدرها 1.06 سنتًا فقط عن كل ميل تسيره السيارة بحدّ أقصى، وهو الاتجاه الذي يتبنّاه بعض المحللين في كندا -أيضًا-.

ويحاول صنّاع السياسة في كندا التفكير بحلول لفرض ضرائب السيارات الكهربائية بأسرع وقت ممكن، ورغم أن حصتها الحالية ما زالت صغيرة، فإن الحكومة الفيدرالية تخطط لزيادة نسبتها إلى 100% بحلول 2035.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق