التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تقرير صادم.. أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي على المسار الخطأ

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تتلاشى أحواض الكربون الطبيعية بشكل ملحوظ
  • تراجع الاستثمارات يُعطّل تحقيق أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي
  • تحوّل دول الاتحاد الأوروبي أولوياتها إلى تعزيز أمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي
  • تحتاج دول التكتل إلى مضاعفة استثمارات الطاقة النظيفة لتحقيق التحول الأخضر
  • قد تفشل أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي إذا لم توجد قنوات تمويلية لجهود تحول الطاقة

يكتنف الغموض مسألة تحقيق أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي، بسبب تباطؤ وتيرة الاستثمارات في تقنيات الطاقة النظيفة، إلى جانب تلك الخاصة بإزالة الانبعاثات الكربونية.

ويقوّض هذا التراجع في الاستثمارات جهود تحول الطاقة في دول التكتل الـ27 التي يُنظَر إليها بوصفها رقمًا مهمًا في معادلة الحياد الكربوني العالمية.

وربما يعود سبب تعثُّر أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي إلى تحويل دول التكتل أولوياتها وتعزيز تركيزها على أمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 22 فبراير/شباط (2022).

وتشتمل أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي المُضافة -مؤخرًا- على التقاط 280 مليون طن سنويًا من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2040، في إطار قانون الصناعة حيادية الكربون، وفق تقديرات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

مسار خطأ

تمضي أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي في "المسار الخطأ"، من حيث جهودها الرامية لتقليص مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون، في الوقت الذي تواصل فيه أحواض الكربون الطبيعية التلاشي، ويهدد غياب الاستثمارات المناخية التقدم المُحرَز في هذا الخصوص، وفق تقرير حديث نشره المرصد الأوروبي للحياد المناخي (European Climate Neutrality Observatory) المعروف اختصارًا بـ"إي سي إن أو" (ECNO) التابع للاتحاد الأوروبي.

وأحواض الكربون هي عبارة عن خزّانات طبيعية تُخزّن بعض المركبات الكيميائية المحتوية على الكربون، مثل جذور الأشجار وأوراقها والتربة.

وأوضح التقرير أنه في الوقت الذي ما تزال فيه طموحات تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي قائمة، مُستندةً إلى المستهدفات المعلَنَة للدول الأعضاء في التكتل، تبرُز أهمية اتخاذ التدابير الضرورية لضخّ استثمارات في إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون بطرق طبيعية عبر التشجيع على استعمال مزيج أكبر من أنواع الأشجار المفيدة لهذا الغرض.

وأضاف التقرير: "ثمة حاجة ملحّة للتوسع في استعمال الأشجار بطرق مستدامة، وإعادة تشجير الغابات، وانتهاج طرق الإدارة المستدامة".

وقال الزميل الباحث في معهد إيكولوجيك (Ecologic Institute) والخبير في المرصد الأوروبي للحياد المناخي نيك إيفانز، إن الأدلة الدامغة تشير -كذلك- إلى وجود "وعي حاسم" في تنفيذ سُبَلْ تمويل تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي على المستوى الوطني.

أشجار في إحدى الغابات
أشجار في إحدى الغابات - الصورة من.helsinki.fi

فجوة الاستثمارات

في عام 2022 لامست فجوة استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي ما قيمته 406 مليارات يورو (نحو 438 مليار دولار أميركي)، ما يُترجَم إلى استثمارات مفقودة بنسبة 50% بقطاع تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا).

ويرى التقرير أنه دون إحداث "تحول جذري في التمويل"، فإنه من الممكن أن تفشل أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة الاستثمارات لتلبية مستهدف خفض انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 55% على الأقل بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، مقارنةَ بمستويات عام 1990.

السياسات الداعمة

أوصى التقرير بضرورة استحداث سياسات داعمة ذات صلة بهدف إعادة توجيه التدفقات المالية نحو تمويل تحول الطاقة؛ ما يخدم أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مواصلة التخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري، وسد فجوة استثمارات المناخ.

وحذّر التقرير من أنه في الوقت الذي تتسارع فيه الاستثمارات الخاصة بالتقنيات النظيفة، فإن هناك حاجة لتعزيز الاستثمارات في المجالات الحيوية، لا سيما في تحديثات المباني الموفرة للطاقة، وتركيب المضخات الحرارية الكهربائية، وتوسيع مشروعات طاقة الشمس والرياح، وتعزيز الشبكة الكهربائية.

وتشمل الاستثمارات التي يتعين ضخّها في تلك المجالات -كذلك- على تطوير وسائل النقل العام والسكك الحديدية، إضافة إلى سيارات الركاب حيادية الكربون، ونشر عدد أكبر من محطات شحن السيارات الكهربائية.

وحتى الثلاثين من شهر يونيو/حزيران (2024)، لم تسلّم دول الاتحاد الأوروبي خطط المناخ والطاقة النهائية الخاصة بها، باستثناء الدنمارك وفنلندا وهولندا والسويد، بحسب ما قالته المفوضية الأوروبية، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأضافت المفوضية الأوروبية: "نطالب الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي بتسليم خطط الطاقة والمناخ الخاصة بها؛ إذ إن تسليم تلك الخطط في الموعد المحدد سيساعد على جذب الاستثمارات اللازمة لتلبية أهدافنا لعام 2030؛ بما يُسهم في تحقيق أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي".

مضخة حرارية
مضخة حرارية - الصورة من ecobee

أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي

في فبراير/شباط (2024)، توقّع تقرير منفصل، صادر عن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي"، أن تُخفِق بلدان الاتحاد الأوروبي في الوفاء بتعهداتها بشأن أهداف الانبعاثات، البالغة قرابة 684 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، وفق السياسات الحالية، على الرغم من اتفاق الدول الأعضاء على تحقيق تلك الأهداف بحلول عام 2050.

ولكي تنجح دول العالم في تحقيق الحياد الكربوني، يتعين إدراك أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2048؛ بهدف تعويض المناطق الأخرى التي ستواصل إطلاق الانبعاثات طوال العقد التالي وما بعده، مثل الصين والهند.

وتستهدف الصين ودول أخرى الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060، في حين تلتزم الهند بتحقيق المستهدف نفسه عام 2070، بعكس دول أوروبا وأميركا الملتزمة بإدراك تلك الغاية بحلول عام 2050، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وما يزال الاتحاد الأوروبي يتمتع بمكانة رائدة في مسار التحول الأخضر بأهداف طموحة، غير أن البداية المضطربة للعقد الحالي، لا سيما منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أثارت الشكوك وزادت العقبات، وفق كبيرة محللي وود ماكنزي والمؤلفة الرئيسة للتقرير ليندسي إنتويستل.

ومع ذلك، تبقى أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي بحلول 2050 قابلة للتنفيذ، إذا تسارعت وتيرة الاستثمارات في الطاقة المتجددة والتقنيات الناشئة مثل الهيدروجين واحتجاز الكربون، مع تعزيز الالتزام السياسي وتحفيز الطلب عليها مستقبلًا، وفق ما تراه إنتويستل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق