هل تتحقق أهداف السيارات الكهربائية في الأسواق الغربية؟ (تقرير)
وسط تحديات سلاسل التوريد
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- مبيعات السيارات الكهربائية في الغرب ما زالت معتمدة بالكامل على دعم السياسات.
- هيمنة الصين على سلسلة توريد معادن البطاريات العالمية تقلق أوروبا وأميركا.
- ارتفاع تكاليف التصنيع والعمالة الماهرة أبرز التحديات التي تواجه المصنعين في الغرب.
- التشريعات الغربية الأخيرة تستهدف تنويع سلاسل التوريد وتحفيز التصنيع المحلي.
- بدائل السيارات الكهربائية مثل مركبات خلايا الوقود والديزل الحيوي تواجه تحديات.
تمثل زيادة مبيعات السيارات الكهربائية في الأسواق الغربية الرئيسة إحدى الوسائل المهمة لخفض انبعاثات قطاع النقل في خطط تحول الطاقة متوسطة وطويلة الأجل.
وتفترض هذه الرؤية أن زيادة مبيعات المركبات الكهربائية ستؤدي إلى تقليص عدد السيارات التقليدية العاملة بالبنزين والديزل على الطريق سواء بتقليص مبيعاتها أو بتحول بعض ملاكها إلى التخلي عنها والاتجاه إلى امتلاك سيارة كهربائية صديقة للبيئة.
ورغم آمال خفض الانبعاثات المعلقة على فرضية زيادة مبيعات المركبات الكهربائية في الأسواق الغربية الرئيسة (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة)، فإن هذه الأسواق ما زالت تواجه تحديات أكبر على مستوى تأمين سلاسل التوريد اللازمة للصناعة بسبب هيمنة الصين.
استنادًا إلى هذه التحديات، يتوقّع تقرير تحليلي حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن- إخفاق قطاع السيارات الكهربائية بالأسواق الغربية الرئيسة في الوصول إلى أهداف الإنتاج والمبيعات اللازمة لتحقيق مستهدفات خفض الانبعاثات حتى بعد عام 2030.
هل تنجح التشريعات في دعم النمو؟
يمكن للتشريعات الجديدة التي أقرّها الاتحاد الأوروبي (قانون المواد الخام الحيوية) والولايات المتحدة (قانون خفض التضخم) أن تحدث تحسينات كبيرة في أمن سلاسل توريد السيارات الكهربائية والبطاريات وتدعم مرونتها على المدى المتوسط والطويل.
ويعتمد قطاع المركبات الكهربائية بصورة كاملة على السياسات الداعمة التي تمثل العامل الحاسم في اعتمادها وتعزيز مرونة سلاسل التوريد، بحسب التقرير الصادر حديثًا عن شركة أبحاث الطاقة المتخصصة وود ماكنزي.
على سبيل المثال، تعد الإعفاءات الضريبية الاستهلاكية -حاليًا- المحرك الرئيس لاعتماد السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن النمو الطويل لهذه السوق سيعتمد بصورة كبيرة على معايير الانبعاثات الفيدرالية الصارمة التي تحددها وكالة حماية البيئة والإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
ويمكن للإعفاءات الضريبية مثل ائتمان المركبات النظيفة وحوافز التصنيع المحلي أن تسهم في سد فجوة التكلفة وموازنة نفقات الإنتاج وهوامش الأرباح التي تؤرق صناعة المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة.
كما يمكن للحوافز المماثلة في الاتحاد الأوروبي مثل إعفاءات ضريبة الطرق والتسجيل، أن تؤدي دورًا حاسمًا في تعزيز القدرة على تحمل تكاليف ملكية السيارات الكهربائية على مستوى الكتلة.
مبادرات تنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين
يمثل أمن سلسلة التوريد في أوروبا والولايات المتحدة عنصرًا محوريًا بالغ الأهمية للسياسات، حيث تعمل أميركا بصورة مكثفة على خفض اعتمادها على دول مثل الصين التي تهيمن على سوق المعادن الحيوية.
وأطلقت الولايات المتحدة مبادرة شراكة أمن المعادن في عام 2022، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا وفنلندا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والسويد والمملكة المتحدة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكثر 10 دول إنتاجًا للمعادن الأرضية النادرة خلال عامي 2022 و2021:
وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الاستثمارات الجماعية في مشروعات المعادن الحيوية بهدف تنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين عبر إقامة شراكات إستراتيجية مع الدول الأخرى لضمان توفير المعادن اللازمة للبطاريات إلى الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والشركاء في المبادرة.
وعلى الرغم من أن الشراكات الإستراتيجية والاتفاقيات التجارية الجديدة تمثل خطوات واعدة نحو تقليل اعتماد الأسواق الغربية على الصين؛ فمن غير المرجّح أن تحقق مبيعات السيارات الكهربائية في أي من أوروبا وأميركا، أهداف خفض الانبعاثات بعد 2030؛ بسبب التحديات الكبيرة التي ما زالت تواجهها، بحسب تقديرات وود ماكنزي.
وتشمل هذه التحديات قضايا التسعير، وأذواق المستهلكين، وضعف البنية التحتية للشحن، والقيود المفروضة على إمدادات المعادن، وكلها مشكلات كبيرة يمكنها أن تحد من مبيعات السيارات الكهربائية بالأسواق الغربية.
تحديات تلبية أذواق المستهلكين
تشهد سوق السيارات منذ عام 2010 تحولًا كبيرًا في أذواق المستهلكين باتجاه اقتناء سيارات الدفع الرباعي الأقل كفاءة في استهلاك الطاقة بصورة عامة، كما تحتاج الطرازات الكهربائية منها إلى بطاريات أكبر حجمًا.
وارتفعت مبيعات سيارات الدفع الرباعي إلى 37.2 مليون سيارة خلال عام 2023، شاملة الأنواع التقليدية منها والكهربائية، لتشكل 48% من إجمالي مبيعات السيارات العالمية في عام 2023، وهو رقم قياسي جديد.
ووصلت مبيعات هذه السيارات في الاقتصادات المتقدمة وحدها إلى 20 مليون سيارة خلال عام 2023، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
ويمثل نمو مبيعات سيارات الدفع الرباعي مشكلة لجهود خفض انبعاثات الكربون في قطاع النقل البري للركاب الذي يمثّل وحده أكثر من ربع الانبعاثات العالمية؛ حيث تصنف هذه السيارات في فئة المركبات الأثقل وزنًا والأقل كفاءة في استهلاك الوقود.
ويشير الاتجاه المتصاعد نحو الطرازات الكهربائية من سيارات الدفع الرباعي إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيضطران إلى الاعتماد بصورة كبيرة على الحلفاء الدوليين لمعالجة النقص الذي يلوح في الأفق في إمدادات المواد الخام للبطاريات.
تحديات ارتفاع تكاليف التصنيع
تتحكم الصين بدرجة كبيرة في سلسلة توريد مواد البطاريات العالمية حاليًا، مع سيطرتها على حصة كبيرة في السوق، لكن التشريعات الأخيرة المعتمدة في أوروبا وأميركا للاستقلال عن الصين، ستؤدي إلى اعتماد المنطقتين على الواردات الصديقة من البلدان الأخرى بسبب نقص الإنتاج المحلي وضعف القدرة على المعالجة في كلا المنطقتين.
ويشكّل ارتفاع متوسط تكاليف التصنيع في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تحديات كبيرة للمصنعين المحليين الذين يسعون إلى توسيع نطاق عملياتهم بسرعة لكنهم يصطدمون بتحدي التكاليف التي تضعف هوامش الأرباح.
إضافة إلى ذلك، تؤثر تكاليف العمالة المتخصصة بالاتحاد الأوروبي في زيادة تكاليف التصنيع الإجمالية، وهو ما تتميز به الصين عن الأسواق الغربية؛ إذ تتوافر لديها خبرة واسعة ومتراكمة في التعدين والمعالجة والتصنيع.
واتخذت الولايات المتحدة عدة تدابير لمعالجة هذه المشكلة عبر منح ائتمان ضريبي على الإنتاج الصناعي المتقدم لتوفير الحافز لدى المنتجين على التصنيع المحلي، كما فرضت تعريفات جمركية كبيرة على المواد الصينية لخفض التكاليف.
تحديات بدائل المركبات الكهربائية
تعد المحركات التي لا تعمل بالبطاريات حلولًا انتقالية مجدية لمساعدة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على تحقيق أهداف خفض الانبعاثات من قطاع النقل بحلول عام 2035، لكن هذه البدائل يصعب تسويقها تجاريًا بسبب التحديات التي ما زالت تواجهها.
وتدعم السياسات المتبعة في أوروبا وأميركا المركبات البديلة، لكن المركبات الكهربائية التي تعمل بنظام خلايا الوقود الهيدروجينية -على سبيل المثال- ما زالت باهظة الثمن وتفتقر إلى الوصول المناسب للبنية التحتية، رغم أنها تمتتع بمدى جيد وإمكانات كبيرة لتعويض انبعاثات الكربون.
كما تعد مركبات الديزل الحيوي أكثر فاعلية من حيث التكلفة، وقد وصلت -بالفعل- إلى مرحلة النضج التصنيعي لكنها ما زالت تفتقر للوصول إلى البنية التحتية -أيضًا- بحسب تقرير وود ماكنزي.
وتستعد بعض الشركات المصنعة للسيارات -مثل شركتي جي إم سي وشيفروليه- لطرح المزيد من مركبات الديزل الحيوي في الأسواق، ومع ذلك سيحتاج المصنعون إلى سنوات ليست بالقليلة لنشرها على نطاق واسع في قطاع النقل الثقيل لتحقيق أهدافه الكاملة في إزالة الكربون بحلول عام 2035.
موضوعات متعلقة..
- وحدة أبحاث الطاقة: 15 تحديًا أمام السيارات الكهربائية.. أبرزها التكاليف وهيمنة الصين
- مبيعات السيارات الكهربائية للركاب قد تتجاوز 30 مليون وحدة بحلول 2027 (تقرير)
- صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.. هل يمكنها التحرر من قبضة الصين الممتدة؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مصر تخطط لتأجيل سداد قيمة 17 شحنة غاز مسال مع زيادة السعر
- انقطاع الكهرباء في الكويت يضرب 40 منطقة
- حقل نوارة.. قصة أكبر اكتشاف غاز في تونس
- إنفاق شركات النفط والغاز على التقنيات النظيفة يرتفع إلى 28 مليار دولار