أسعار الغاز المنخفضة والطقس الأكثر دفئًا ضربة مزدوجة لتحول الطاقة (تقرير)
أميركا نموذجًا
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
تضع أسعار الغاز الطبيعي المنخفضة والطقس الأكثر دفئًا تحديًا كبيرًا أمام عملية تحول الطاقة وتُعرضها لخطر عدم التقدم، ولا سيما في الولايات المتحدة.
وفي فصول الصيف الحارة، يزيد الطلب على الغاز الطبيعي من قطاع الكهرباء في الولايات المتحدة؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لكن هذه الزيادة ليست كافية لتعويض الانخفاض الحاد في الاستهلاك خلال فصول الأكثر دفئًا؛ ما يدفع أسعار الغاز إلى الهبوط، وفق تقرير حديث اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وفي السيناريو الذي يستمر فيه فصل الشتاء أكثر دفئًا من المتوسط، ويشهد الغاز انخفاضًا في أسعاره؛ سيواجه تحول الطاقة عقبات كبيرة في العالم والولايات المتحدة بصفة خاصة، إذ قد لا يُنظر إلى التكلفة الإضافية للاستثمار في المشروعات الخضراء على أنها ضرورية أو جديرة بالاهتمام، وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
تراجع الاستهلاك يُخفض أسعار الغاز
في السنوات الأخيرة، ارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل مطرد، ولم تكن الولايات المتحدة بمنأى عن ذلك، بحسب تقرير حديث صادر عن بلومبرغ نيو إنرجي فايننس "BloombergNEF".
ويكشف الفحص الدقيق لمتوسط الطقس على مدى 10 سنوات ماضية (2010-2019) أن 7 من فصول الشتاء كانت أكثر دفئًا من المتوسط، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وقد أدى هذا الاتجاه إلى انخفاض عدد أيام درجة التدفئة (HDD) المُرجحة بالغاز إلى أقل من المتوسط -أي انخفاض كمية الغاز الطبيعي التي تستهلكه أنظمة التدفئة خلال الأوقات الباردة- ما أدى إلى انخفاض كبير في الطلب وفرض ضغط نزولي على أسعار الغاز.
وفي أشهر الصيف، يتزايد الطلب على الغاز لتشغيل مكيفات الهواء، لكنه لا يكفي لتعويض الانخفاض في الطلب على التدفئة خلال فصول الشتاء التي أصبحت أكثر دفئًا؛ ما يؤدي بالنهاية إلى انخفاض الاستهلاك الكلي للغاز الطبيعي في العام.
وانخفض متوسط أسعار الغاز الفورية في هنري هوب في الولايات المتحدة إلى 1.5 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في يوم 20 فبراير/شباط 2024، وهو أدنى سعر مسجل منذ عام 1997 على الأقل.
مخزونات الغاز
مع حلول موسمي شتاء (2022-2023) و(2023-2024)، أصبح تأثير فصول الشتاء الأكثر دفئًا من المتوسط في أسعار الغاز أكثر وضوحًا، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وبوصول مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ 5 سنوات مع اقتراب الشتاء الماضي (2022-2023)، وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
وأدى الشتاء الدافئ بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى توقف منشأة فريبورت (Freeport) للغاز الطبيعي المسال؛ إلى زيادة كبيرة في المخزونات بحلول نهاية الشتاء، وأدى هذا التحول في مستويات المخزون إلى انخفاض أسعار الغاز.
واقتربت مستويات مخزون الغاز الطبيعي من متوسط السنوات الـ5 الماضية مع بداية فصل الشتاء التالي 2023-2024، ومع ذلك، أدى الشتاء الأكثر دفئًا على غير المعتاد، ما يعني حاجة أقل إلى التدفئة، إلى ارتفاع مستويات المخزون أعلى من متوسط السنوات الـ5.
ونتيجة لذلك، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي إلى ما يقرب من أدنى مستوياتها خلال مدة جائحة كورونا، ما زاد من تعقيد الوضع، فقد لا يكون خفض مخزون الغاز قبل حلول فصل الشتاء هو الحل الأفضل؛ نظرًا إلى عدم اليقين الذي يحيط بأنماط الطقس والطلب في المستقبل، خاصة أن احتمال أن يكون الطقس أكثر برودة من المتوسط في الشتاء ويرتفع الطلب على الغاز يظل موجودًا.
تحديّات تحول الطاقة
قد يواجه تحول الطاقة تحديّات فريدة من نوعها إذا أدى الطقس الأكثر دفئًا إلى انخفاض أسعار الغاز، ففي قطاعات مثل البتروكيماويات، حيث يعتمد الإنتاج بشكل كبير على الوقود الأحفوري، قد يصبح التحول إلى بدائل أنظف أكثر صعوبة، وسط وجود بديل منخفض التكلفة وهو الغاز.
على سبيل المثال، قد يواجه إنتاج الإيثيلين، وهي مادة رئيسة لصنع البوليمرات والبلاستيك، صعوبة في تبرير التكاليف المرتفعة للاعتماد على طرق أقل في انبعاثات الكربون، ومن ثم ستواجه الصناعة عائقًا في الانتقال إلى مستقبل أخضر.
وبينما تستكشف الصناعات بدائل الوقود الأحفوري التقليدي، فإن أحد الاعتبارات الحاسمة هو تكلفة الإنتاج، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الطرق منخفضة الكربون في عمليات تكسير الإيثان -من أجل إنتاج الإيثيلين- إلى زيادات كبيرة في التكلفة تتجاوز 100% في بعض الحالات، ولذلك فمن الضروري النظر في الآثار الأوسع نطاقًا من العوامل الاقتصادية للنجاح في تحقيق تحول الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الغاز في أميركا تهبط لمستويات قياسية خلال فبراير
- توقعات بارتفاع أسعار الغاز في أميركا مع زيادة الاستهلاك المحلي والصادرات
- لماذا تتفاوت أسعار الغاز في أميركا حسب المناطق؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تركيبات طاقة الرياح في العالم قد تتجاوز 2 تيراواط بقيادة الصين (تقرير)
- قدرة التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين في أميركا قد تقفز إلى 4.5 غيغاواط
- قدرة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط قد تقفز إلى 200 غيغاواط بحلول 2030
- تركيبات الطاقة الشمسية السكنية في أميركا تهبط لأقل مستوى منذ عامين