خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية تعمق الصراعات في الشرق الأوسط (تقرير)
محمد عبد السند
- قد تؤثر خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية في أسواق الطاقة العالمية
- إيران تُنشئ ممر طاقة يمتد من روسيا إلى الخليج العربي
- أعلنت طهران إنشاء جسر بري يصلها بالبحر المتوسط
- قد يُسهم هذا الجسر في وصول إمدادات الأسلحة إلى مناطق الصراع في الشرق الأوسط
- تبرز حقول النفط المشتركة بين إيران والعراق حاليًا نقطة انطلاق لمعظم تدفقات الطاقة غير القانونية
تؤثر خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية التي يعتزم البلدان إنشاءها، بهدف التحايل على العقوبات المفروضة عليهما في قطاع الطاقة -على ما يبدو- في أسواق الطاقة العالمية وتغذّي الاضطرابات الأمنية الإقليمية.
ففي 11 مايو/أيار (2024) أعلنت إيران خططًا لإنشاء "ممر طاقة" يمتد من روسيا إلى الخليج العربي، بالإضافة إلى إقامة "جسر بري" يصل طهران بالبحر المتوسط، ما يمكن أن يُسهم في زيادة حجم ونطاق شحنات الأسلحة الواصلة إلى مناطق الصراع المختلفة في الشرق الأوسط، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ودائمًا ما يثير التقارب الروسي الإيراني في مجالات عديدة، من بينها الطاقة، هواجس في رأس الغرب الذي يخشى من أن يُسهم ذلك في إرخاء قبضته على الأسواق العالمية وتفكيك النظام الدولي.
يُذكر أنه حتى عام 2022، كانت إيران الدولة الأولى عالميًا من حيث كمية العقوبات المفروضة عليها، غير أنه ومع اندلاع الحرب الأوكرانية تغيّرت الدفة لصالح روسيا مع فرض أميركا والاتحاد الأوروبي جولات جديدة من العقوبات عليها حتى باتت تخضع -حاليًا- لما يزيد على 5 آلاف عقوبة مختلفة، أي أكثر من إيران وفنزويلا وميانمار وكوبا مجتمعةً.
قنبلة موقوتة
تفجر خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية الجديدة التي تنقل الغاز من البلدين إلى البحر المتوسط الصراعات الداخلية في الشرق الأوسط، ما يمكن أن تترتب عليها عواقب أمنية على المنطقة بوجه خاص، والغرب عمومًا خلال السنوات المقبلة، وفق ما أورده موقع أتالايار (Atalayar) الإسباني في نسخته الإنجليزية.
وخلال يومي 11 و12 مايو/أيار (2024)، كشفت إيران وتركيا وروسيا النقاب عن خططها بشأن مشروعات أنابيب النفط والغاز الجديدة، وتستهدف تلك المبادرات تعزيز التعاون بين تلك الدول في قطاع الطاقة، وضمان أمن الإمدادات، والتحايل على العقوبات الدولية المفروضة بوساطة أوروبا وأميركا.
وتعكس تلك الإعلانات إستراتيجية مشتركة لتعزيز استقلالية إيران وروسيا في مجال الطاقة، وزيادة السعة الإنتاجية، ما يقلل آثار القيود الخارجية المفروضة عليهما في هذا الخصوص.
وسيجري تشغيل خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية عبر ممرين يربطان إيران بالبحر المتوسط عبر تركيا وسوريا.
إيران وسوريا وتركيا
بدافع من حاجة روسيا إلى التحايل على العقوبات، يمكن أن تكون الدول الحليفة -مثل إيران وسوريا وتركيا- جزءًا من عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة إذا ما واصلت الأطراف المعنية المضي قدمًا في تنفيذ المشروعات المذكورة.
في الوقت نفسه، أبدت تركيا اهتمامًا كبيرًا بشراء مزيد من شحنات النفط والغاز الإيرانية، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ولا يُعد النمو المتواصل للصادرات الإيرانية، رغم العقوبات، من قبيل المصادفة، فمنذ اندلاع شرارة الثورة الإيرانية في عام 1979، لا تجد طهران صعوبة في العثور على آليات مختلفة تستطيع من خلالها مواصلة بيع مواردها من النفط والغاز إلى دول في جنوب وشرق أوروبا، إلى جانب باقي دول العالم.
وفي حال دخلت حيز التنفيذ، يمكن أن تُلقي خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية الإيرانية بظلالها على الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط والغرب لسنوات مقبلة.
معضلة الغرب
ظلت معدلات استهلاك الطاقة العالية في أوروبا، مقارنةً بالموارد المتاحة، تمثّل -دائمًا- معضلة كبرى لحكومات دول الاتحاد الأوروبي الـ27.
وظلت قضية شراء بلدان التكتل النفط الروسي أو الإيراني، من عدمة، مثار جدل في برلمانات تلك الدول، إذ يظل تطبيق العقوبات المفروضة على هذه الدول ومواصلة استيراد النفط منها مفاهيم متضاربة.
وتبرز حقول النفط المشتركة بين إيران والعراق -حاليًا- نقطة انطلاق لمعظم تدفقات الطاقة غير القانونية، كما تواصل طهران وبغداد التنقيب عن النفط في الحقول نفسها، ما يجعل من المستحيل تحديد أصل الخام المُنتَج.
وغيّرت إيران اسم نفطها (الخاضع للعقوبات) إلى النفط العراقي (غير القانوني) بموافقة كاملة من بغداد، إذ تمارس طهران منذ مدة طويلة نفوذًا هائلًا من خلال وكلائها الاقتصاديين والسياسيين والعسكريين.
وتتعدى عملية إخفاء أصل النفط الخام مجرد إدخال تغييرات بسيطة على وثائق الشحنات.
وفي عام 2020، قال وزير النفط الإيراني -آنذاك- بيجان نمدار زنغنه: "الخام الذي نصدره ليس باسم إيران"، مضيفًا: "الوثائق تتغير باستمرار وكذلك المواصفات".
وجهات النفط الإيراني
يتوجه النفط الإيراني -المعاد تسميته بـ"النفط العراقي"- إلى الجيوب الرئيسة، أولها آسيا التي تبرز الصين الوجهة الأساسية فيها، ثم جنوب وشرق أوروبا، لا سيما المواني التي لا تشهد سوى قيود قليلة مثل ألبانيا ومونتنغرو (الجبل الأسود)، والبوسنة والهرسك، وصربيا ومقدونيا وكرواتيا، من بين أخرى.
وتعمل بغداد على استعادة خط أنابيب مباشر يصل إلى ميناء جيهان التركي، ما سيجبر طهران على اعتبار هذا المسار المار بين إيران والعراق وتركيا، موثوقًا بدرجة أكبر.
وستكون جميع طرق العبور المعتمدة لنقل النفط الإيراني إلى جنوب وشرق أوروبا عبر العراق مفتوحة أمام روسيا، رغم أن آسيا (والصين) سوف تكون أقل قلقًا بشأن الالتزام بأي عقوبات تفرضها الولايات المتحدة، وليس أوروبا.
وفي هذا السياق قال الأمين العام للإدارة الأوراسية في وزارة الخارجية الإيرانية مجتبى داميرسيلو: "من الضروري النظر في استعمال البنية التحتية الحالية، وإنشاء بنية تحتية جديدة للوصول إلى الأسواق".
وأشار داميرسيلو إلى أن "التعاون في هذا المجال قد بدأ، ولدينا رؤية واضحة".
موضوعات متعلقة..