التقاريرتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتوحدة أبحاث الطاقة

إزالة الكربون من المباني.. مدينة أميركية تطبق إستراتيجيات فاعلة (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع المباني يمثّل 40% من انبعاثات الكربون في العالم
  • مدينة سان دييغو الأميركية تعهدت بخفض 90% من انبعاثات المباني بحلول 2035
  • استعمال الشبكات الصغيرة المحلية يوفر مرونة في الطلب على الكهرباء
  • دور مهم لمعايير أداء البناء التي تضعها السلطات المحلية
  • توفير عمالة مدرَّبة ذات كفاءة ومهارة عالية إستراتيجية مهمة للتحول الأخضر

تُعدّ إزالة الكربون من المباني واحدة من أبرز العقبات التي تقف أمام تحقيق مستهدفات خفض الانبعاثات العالمية؛ نظرًا لأن قطاع البناء لم يلتزم -غالبًا- بمعايير الاستدامة وقت تشييدها.

وتمثّل المباني 40% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، 28% منها تأتي من تشغيل المباني، و11% من المواد وعملية البناء، علمًا بأن 80% من تلك المباني ستظل قائمة لأكثر من 20 عامًا مقبلة، وفقًا لتقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وما يزيد من صعوبة عملية إزالة الكربون من المباني كونها متنوعة في أعمارها وحالتها وأنواعها وقيمتها، بالإضافة إلى افتقارها لوجود أغلفة المباني المخصصة لتحسين كفاءة الطاقة.

وقد يجد العديد من الدول والمدن معاناة في وضع خطة واضحة للعمل على إزالة الكربون من كافة المباني القائمة، لكن هناك عدد من الإستراتيجيات التي من الممكن تطبيقها للدفع في هذا الاتجاه.

سان دييغو تخطو نحو إزالة الكربون من المباني

بالشراكة بين منتدى الاقتصاد العالمي ومدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، قُدِّمَت سلسلة من ورش العمل بعنوان سيتي سبرينت "City Sprint" لطرح حلول واضحة في طريق إزالة الكربون من المباني بحلول منتصف العقد المقبل.

ووضعت سان دييغو هدفًا لخفض انبعاثات الكربون من المباني لديها -متضمنة المباني القائمة حاليًا- بنسبة 90% بحلول عام 2035، وفق ما جاء في تقرير حديث صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.

وخلال ورش العمل اجتمع 50 من المستثمرين من القطاع الخاص والعام، وكذلك المؤسسات غير الربحية، بدعم من مركز التحول الحضري (Centre for Urban Transformation)؛ من أجل وضع حلول تستهدف إزالة الكربون من المباني ووضع آليات العمل لتنفيذ ذلك.

مدينة سان دييغو الأميركية
مدينة سان دييغو الأميركية - الصورة من منتدى الاقتصاد العالمي

وخلصت اجتماعات ورش العمل إلى تفعيل 4 إستراتيجيات وضعها المجتمع والمستثمرون والمسؤولون في مدينة سان دييغو، في طريق خفض انبعاثات الكربون من المباني ضمن أهداف أكثر توسعًا تتعلق بالصحة العامة وجودة الهواء والمساواة والاقتصاد والقوى العاملة وغيرها، كما يلي:

1- استعمال الشبكات الصغيرة

تقوم الشبكات الصغيرة بإنتاج الكهرباء وتخزينها واستهلاكها محليًا من خلال المباني التي تستعمل مصادر الطاقة المتجددة وبطاريات التخزين، ويُعدّ استعمالها من الحلول التي تسهم في توفير كهرباء نظيفة وشبكة أكثر موثوقية، ومن ثم تسهم في إزالة الكربون من المباني.

وتوفر الشبكات الصغيرة مرونة أكبر في طلب الكهرباء من خلال إتاحة الفرصة للعمل في "وضع الجزيرة"، على سبيل المثال، وهو يعني أن الشبكة الصغيرة تعمل بشكل مستقل أو مرتبط مع أنظمة الشبكة الكهربائية التقليدية.

وفي حالة انقطاع التيار الكهربائي تُفصَل هذه الشبكات الصغيرة، ويستمر توصيل الكهرباء عبر بطاريات تخزين الكهرباء والألواح الشمسية وأيّ مولدات احتياطية أخرى، وهو ما يمثّل حلًا للشركات التجارية والصناعية والمجتمع المحلّي حال انقطاع التيار الكهربائي لأيّ سبب مثل حرائق الغابات.

ومع توقعات بارتفاعات متزايدة في أسعار الكهرباء، فإن الشبكات الصغيرة يمكن أن توفر ملايين الدولارات مع استعمالها المستمر، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن نماذج استعمال الشبكات الصغيرة: تعاون مدينة سان دييغو مع شركة شل العالمية متعددة الجنسيات بتركيب 8 مشروعات لشبكات الطاقة الشمسية الصغيرة في عدد كبير من المباني المحلية، مع توقعات بأن تسهم هذه المشروعات في تخفيض رسوم الكهرباء بنحو 6 ملايين دولار، إلى جانب نجاح مسار إزالة الكربون من المباني، بحسب تقرير منتدى الاقتصاد العالمي.

2- معايير أداء المباني

من الإستراتيجيات المهمة في إزالة الكربون من المباني، وضع معايير أداء المباني من قبل السلطات المحلية، ومن شأن تلك المعايير تقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة.

وعلى سبيل المثال، أقرّت الولايات المتحدة أول معيار فيدرالي لأداء البناء في يناير/كانون الثاني 2022، لتنضم إلى حكومات 33 ولاية ومدينة في أول تحالف في البلاد لمعايير أداء البناء (BPS).

وتضمن معايير أداء البناء، المبادئ التوجيهية والأهداف والمعايير المرتبطة بالإفصاح التي تُلزم أصحاب العقارات ومن يشغلها على مشاركة معلومات استعمال الطاقة، بما يضمن لسلطات هذه المدن إدارة أمور تخصّ جودة الهواء والمياه.

ومن نماذج تطبيق ذلك، تعاون مدينة سان دييغو مع شركة جي إل إل (JLL) لصياغة قانون محلي لمعايير أداء البناء، الذي من المتوقع تقديمه في أوائل العام المقبل، وسيكون له دور في تعزيز هدف المدينة الرامي إلى إزالة الكربون من المباني، والوصول إلى صافي انبعاثات بحلول 2035.

ووفقًا لمعايير أداء البناء الحالية، فإن معدل خفض الانبعاثات المتوقع يمكن أن يعادل الانبعاثات الناتجة من ولايتي نيوهامشير وديلاوير معًا سنويًا، وفق دراسة حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

3- تحديث كهربة المباني المحلية

يعدّ التعديل التحديثي للمباني المحلية -وهو تجديد أو تغيير أنظمة وهيكلة المباني بعد تشييدها والتشغيل الأولي لها- وسيلة فاعلة لنجاح جهود كهربة مدينة سان دييغو بالكامل، ويجعل المنطقة أكثر مرونة في مواجهة انقطاع التيار الكهربائي، بل يحسّن جودة الهواء في الأماكن المغلقة، ويمنح مرونة أكبر في تحكّم أصحاب العقارات والمشغّلين في إنتاج الكهرباء الخاصة بهم.

وتتضمن برامج توفير الكهرباء المُدارة من قبل المرافق خصومات للمستهلكين السكنيين تعتمد على مدى استعمال تقنيات إزالة الكربون من المباني، وفي المقابل، فإن برامج التعديل التحديثي للمباني غير المرتبطة بالمرافق قد تُقدّم برامج أكثر شمولًا، من بينها برامج التعديل التحديثي للمبنى بأكمله، وبرامج تمويلية، وتدريبية للقوى العاملة.

ومن فوائد التعديل التحديثي لكهرباء المباني خفض الانبعاثات الكربونية، وتقليل تكاليف الصيانة، والتقليل من فواتير الخدمات، والمرونة لمواجهة أيّ اضطرابات طارئة.

انبعاثات كربونية من أحد المباني في كاليفورنيا
انبعاثات كربونية من أحد المباني في كاليفورنيا - الصورة من Los Angeles Times‏

وأطلقت شركة شنايدر إلكتريك (Schneider Electric) مشروعًا تجريبيًا لكهربة المباني في سان دييغو، اعتمد على التجارب الناجحة الأخرى مثل مشروع أوكلاند أيكو بلوك ( Oakland EcoBlock)، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

4- برامج تطوير القوى العاملة

توفير عمالة مُدّربة ذات كفاءة ومهارة عالية من الأشياء الأساسية في طريق تحول الطاقة الشامل، ومن أجل وجود تنوع في القوى العاملة -أيضًا-؛ إذ إن تحقيق الاقتصاد الأخضر يتطلب تضافر جهود القطاع العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية وغير الربحية؛ لضمان وجود عمالة ماهرة ومتنوعة خلال مراحل عملية التحول.

وتعاونت شركة إس دي جي آند إي (SDG&E) المشغّل الرئيس للكهرباء في مدينة سان دييغو مع القادة في المجتمع المحلي باستثمارات التدريب والتعليم ومنحها أولوية، والتركيز على جذب الفئات المهمّشة لمواصلة العمل في المهن ذات الصلة بالطاقة والعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات.

وأوصى منتدى الاقتصاد العالمي بضرورة الاستمرار في التركيز على القوى العاملة عند اتخاذ السياسات المتعلقة بالطاقة وإزالة الكربون من المباني وصولًا إلى خفض الانبعاثات، وإيجاد شراكة بين المرافق المحلية والنقابات العمالية والمدارس المحلية والكليات والمنظمات المجتمعية، لإيجاد مبادرات لتدريب وتطوير مهارات العمالة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق