رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه تواجه مخاطر أمنية ومجتمعية

دينا قدري

يروّج العديد من كبرى الشركات العالمية لتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، بوصفها إحدى أهم الوسائل لخفض الانبعاثات من أجل تحقيق أهداف الحياد الكربوني.

ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن هذه التقنيات لا تمثّل "معجزة" من شأنها أن تسهم في إنجاح الأهداف المناخية، بل إنها تنطوي على عدّة مخاطر.

وهذا ما حذّرت منه الباحثة في برنامج المناخ والطاقة والأمن بالمعهد الفرنسي للشؤون الدولية والإستراتيجية (IRIS)، صوفيا كابيج، في تصريحات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وأكدت كابيج أن شركات النفط والغاز هي أكبر مستفيد من تطوير مثل هذه التقنيات، التي تخضع نتائجها إلى وجهات نظر رعاة الدراسات.

دور احتجاز الكربون وتخزينه

ترى الباحثة صوفيا كابيج أن تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه صُمِّمت للتعويض عن الانبعاثات الزائدة، أي تلك التي لا يُمكن خفضها عن طريق تغيير مصدر الطاقة.

وأوضحت أن الفكرة كانت تتلخص في احتجاز الكربون وتخزينه من القطاعات ذات الانبعاثات غير القابلة للضغط، مثل الألومنيوم.

وقالت كابيج: "لكن يبدو أننا نتجه نحو نموذج لا يرتبط فيه تطوير هذه التقنيات بالقدر الكافي من التخفيف من الانبعاثات.. ولذلك فإننا نعتمد أكثر من اللازم على إمكاناتها بالرغم من أنها في كثير من الأحيان مجرد مشروعات تجريبية".

ومن ثم، تصبح هذه التقنيات وسيلة لتحقيق الأهداف المناخية في حدّ ذاته، وليست أسلوبًا إضافيًا للعمل على ما لا يمكن تخفيفه، بحسب ما أكدته كابيج في مقابلة نشرها المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والإستراتيجية، واطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا السياق، هناك اهتمام متجدد، خاصةً من جانب أولئك الذين يطوّرونها، وهم غالبًا شركات النفط والغاز؛ ما يضيف إلى مجموعة الخدمات التي يُمكنهم تقديمها وتصديرها جزءًا من التحولات في سوق الطاقة.

وتابعت كابيج: "إن ما يميز الإستراتيجيات متوسطة المدى اليوم، وخاصةً في الدول ذات أعلى انبعاثات، هو الغموض الذي يكتنف عملية الاحتجاز والتخزين: نذكر ذلك دون أن نوضح بدقة كيف سيجري ذلك وأين ومن سيشرف على هذا التوزيع".

احتجاز الكربون وتخزينه

مخاطر تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه

طرحت الباحثة الفرنسية صوفيا كابيج عدّة تساؤلات بشأن تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه: كيف تعمل محطة الاحتجاز والتخزين، وهي عمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة؟ هل هناك مكسب في تطويرها، أم أن هذا يمثّل -أيضًا- سببًا لانبعاثات إضافية؟

ووفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ترى كابيج أن تشغيل هذه المحطات يُعدّ -أيضًا- بمثابة زيادة في الضغط الواقع على الماء (الذي يعمل بوصفه مخففًا لتصفية ثاني أكسيد الكربون أو حقنه في الأرض)، والذي يميل بالفعل إلى النقص.

كما أن الإنتاج العلمي لهذه الابتكارات يعتمد على رعاة الدراسات وزوايا المعالجة المطلوبة؛ ولذلك، ما تزال هناك بعض القضايا التي لم يجرِ تناولها أو وضعها جانبًا.

وفيما يتعلق بالمخاطر التي تشملها هذه التقنيات، قالت كابيج: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على نقل ثاني أكسيد الكربون بشكل آمن، وأن نكون قادرين على حقنه بشكل آمن، وأن نكون قادرين على تأمين موقع التخزين".

وأضافت: "لكننا نشهد بالفعل توترات في سياق الطاقة التقليدية مع خطوط الأنابيب التي يمكن أن تكون مواقع معرّضة للخطر".

وشددت الباحثة على أن مسألة إمكانات التخزين تختلف بشكل كبير اعتمادًا على البلد؛ كما أنها ما تزال افتراضية، "إذ لم نقم مطلقًا بالتخزين على نطاق واسع".

علاوةً على ذلك، فإن القدرة الجيولوجية للدولة على التخزين في أراضيها لا تعني أنها ستفعل ذلك؛ لأن هناك مسألة القبول الاجتماعي.

وتساءلت كابيج: "هل سنرى معارضة، كما حصلنا في مسألة إعادة فتح المناجم، فيما يتعلق بمخاطر التسربات، والمكان الذي سيجري فيه، سواء كان موقعًا تاريخيًا أو سياحيًا أو مكانًا يشهد أنشطة اقتصادية مهمة؟"

جدوى احتجاز الكربون في الشحن البحري

في سياقٍ متصل، توصّل تقرير جديد إلى أن تكنولوجيا احتجاز الكربون ليست حلًا سحريًا، ويجب استعمالها جنبًا إلى جنب مع إستراتيجيات إزالة الكربون الأخرى، لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات في صناعة الشحن البحري.

إذ أصدرت شركة بيرو فيريتاس (Bureau Veritas) تقريرًا جديدًا يقيّم الجدوى الفنية الحالية لتكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه داخل السوق البحرية، ويسلّط الضوء على الدور الحيوي الذي يمكن أن يؤديه الشحن عبر سلسلة القيمة بأكملها.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، فإن التقرير الذي يحمل عنوان "احتجاز الكربون على متن السفن: نظرة عامة على تقنيات احتجاز الكربون على متن السفن"، يعرض بالتفصيل الوضع الحالي فيما يتعلق بمجموعة واسعة من تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه الناشئة.

وتستكشف الورقة الجديدة الجدوى الفنية والتجارية لتطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه على متن السفن، مع تسليط الضوء على نتائج دراسات الجدوى الرئيسة التي أظهرت معدلات احتجاز قابلة للتحقيق تتراوح بين 82% و90%.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- نسب استعمال تقنيات احتجاز الكربون عالميًا:

نسب استعمال تقنيات احتجاز الكربون في العالم

ويفصّل التقرير -أيضًا- التحديات التي تواجه اعتماد وتكامل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق أوسع، مثل الأطر التنظيمية التي لم تُوَحَّد بعد على المستوى العالمي، وكذلك من منظور تشغيلي، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "أوفشور إنرجي" (Offshore Energy).

وقد أثيرت مخاوف بشأن المساحة المتاحة على متن السفن لاستيعاب تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، فضلًا عن التعامل الآمن مع ثاني أكسيد الكربون على متن السفن.

وفقًا للتقرير، بالنسبة لتطبيقات احتجاز الكربون وتخزينه، ستكون هناك حاجة إلى قدرات نقل أكبر لثاني أكسيد الكربون للنقل بالسفن، مقارنةً بقدرة الناقلات الحالية المستعملة لنقل ثاني أكسيد الكربون لصناعة الأغذية والمشروبات.

وستكون هناك حاجة إلى أسطول مكون من 55 ناقلة لثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 لتلبية الطلب القادم من مشروعات التخزين البحرية، وفقًا لشركة ريستاد إنرجي (Rystad Energy).

ويخلص التقرير إلى أنه عمومًا، يمكن لتكنولوجيا احتجاز الكربون أن تقدّم فوائد عديدة لصناعة الشحن، ولكن يجب دمجها مع أنواع الوقود البديلة وحلول إزالة الكربون الأخرى للصناعة البحرية للوصول إلى أهداف إزالة الكربون.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق