5 دول تطوّر الطاقة النووية في الشرق الأوسط.. والسعودية تسعى لتخصيب اليورانيوم
دينا قدري
تشهد خطط تطوير الطاقة النووية في الشرق الأوسط تقدمًا واسع النطاق، في ظل اتجاه متزايد لتوليد كهرباء خالية من الكربون، مع سعي مختلف دول العالم إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.
وتأتي دولة الإمارات في مقدمة دول المنطقة، التي تسير خططها لتطوير الطاقة النووية بخطى ثابتة نحو تحقيق إنجاز جديد، بعد أن أصبحت أول دولة عربية تشغّل محطة نووية في عام 2021.
إذ تعتزم الإمارات بناء محطة نووية ثانية في أقرب وقت ممكن من العام الجاري (2024)، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
أمّا المملكة العربية السعودية، فهي تسعى إلى التوصل لاتفاقية مع الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم الخاص بها، مع استعمال التكنولوجيا الأميركية.
وفي الوقت نفسه، تستكمل مصر وتركيا وإيران خططها لتطوير طاقة نووية على نطاق واسع، بما يسهم في خفض انبعاثات الكربون.
الطاقة النووية في الإمارات
تخطط الإمارات لإنشاء محطة نووية ثانية بعد محطتها الأولى "براكة"، التي بدأ بناؤها في عام 2019 باستعمال التكنولوجيا الكورية الجنوبية واليورانيوم من مصادر دولية.
وتسعى أبوظبي إلى طرح عروض بناء المحطة النووية الجديدة خلال العام الجاري (2024)، ربما خلال الأشهر القليلة المقبلة، لبناء 4 مفاعلات جديدة.
إذ تهدف إلى ترسية المناقصة وبدء البناء في أقرب وقت من عام 2024، حتى تُشَغَّل المحطة الجديدة بحلول عام 2032، من أجل تلبية احتياجات الطاقة المتوقعة.
وبحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ستكون المناقصة مفتوحة أمام أيّ مقدِّمي عروض محتملين، بما في ذلك الشركات الأميركية والصينية والروسية.
وقد أطلقت أبوظبي دراسة استقصائية لتحليل التقنيات المختلفة المتاحة، لكن الصين تلوح في الأفق بشكل كبير، وفق ما أفادت به منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (Arabian Gulf Business Insight).
ففي العام الماضي (2023)، وقّعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية اتفاقيات مع معهد أبحاث عمليات الطاقة النووية الصيني، والمؤسسة النووية الوطنية الصينية، ومؤسسة صناعة الطاقة النووية الصينية.
وتشمل المواقع قيد الدراسة لإنشاء المحطة النووية الجديدة موقعًا ساحليًا أقرب إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، ومن الممكن أيضًا بناؤها بالقرب من المحطة الحالية في براكة.
إنجاز عربي
أصبحت الإمارات أول دولة عربية تشغّل محطة للطاقة النووية عندما افتُتحت في عام 2021 في منشأة براكة، التي بَنتها كوريا الجنوبية في أبوظبي.
وتقول الإمارات، التي وقّعت اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية مع الولايات المتحدة في عام 2009، إن برنامجها النووي سلمي، ومخصص فقط لأغراض الطاقة، لتقليل اعتمادها على النفط.
وكانت واحدة من الدول التي وقّعت اتفاقًا في مؤتمر المناخ "كوب 28" الذي عُقد في دبي أواخر العام الماضي (2023)، لزيادة إنتاج الطاقة النووية العالمية إلى 3 أضعاف خلال العقود الـ3 المقبلة.
ومن المتوقع أن توفر محطة براكة للطاقة النووية، التي بنتها كوريا الجنوبية، وتقع في أبوظبي على الساحل باتجاه السعودية وقطر، ربع احتياجات البلاد من الكهرباء.
ومن المقرر أن يبدأ المفاعل الرابع والأخير في محطة براكة عملياته التجارية في عام 2024، وبذلك تصل محطة الطاقة النووية إلى طاقتها التشغيلية الكاملة البالغة 5.6 غيغاواط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة رويترز.
الطاقة النووية في السعودية
من جانبها، تسعى المملكة العربية السعودية إلى بناء أولى محطاتها النووية، بمساعدة الولايات المتحدة، وما تزال المحادثات مستمرة بشأن سبل تنفيذ هذا التعاون.
وقالت السعودية، العام الماضي (2023)، إنها ستسمح بتفتيش المنشآت النووية المستقبلية في مسعى لإقناع واشنطن بالسماح بنقل تكنولوجيا المفاعلات الأميركية.
إلّا أن المملكة لم توافق بعد على إمكان إجراء عمليات تفتيش مفاجئة، أو تتخلّى عن رغبتها المعلنة في القيام بتخصيب اليورانيوم الخاص بها، بدلًا من الشراء من السوق الدولية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت".
وقد انقضى الموعد النهائي لمقدّمي العروض لتقديم مقترحاتهم لبناء محطة كهرباء الدويهين السعودية على ساحل الخليج بين قطر والإمارات في 30 أبريل/نيسان المنصرم.
ومن غير الواضح ما إذا كانت أيّ من الشركات الرئيسة المدعوّة لتقديم العطاءات -المؤسسة النووية الوطنية الصينية (CNNC)، ومجموعة كهرباء فرنسا إي دي إف (EDF)، وشركة روساتوم الروسية (Rosatom)، والشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو (Kepco)- قد قدّمت عروضًا.
وتنتظر المملكة العربية السعودية إبرام صفقة مع شركة سنتروس إنرجي الأميركية (Centrus Energy)، التي تعدّ في طليعة تكنولوجيا مفاعلات الجيل التالي.
إذ تستعمل الشركة نظام اليورانيوم "عالي التركيز منخفض التخصيب" التابع لها، والمعروف باسم "هاليو"، نوى مفاعلات أصغر وأطول أمدًا، ويُنظر إليها على أنها أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وتعمل المفاعلات النووية الحالية أساسًا بوقود اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5% من اليورانيوم-235 (وهو النظير لعنصر اليورانيوم الذي يحمل العدد الذري رقم 92)؛ في حين يُخصَّب اليورانيوم عالي التركيز منخفض التخصيب بنسبة تزيد عن 5% وأقل من 20% من اليورانيوم-235.
هل تنجح المفاوضات؟
في الأسبوع الماضي، وافق وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، على برنامج تعاون في مجال الطاقة النظيفة مع وزيرة الطاقة الأميركية جنيفر غرانهولم، في صفقة تبدو أنها تشمل الطاقة النووية، وفق ما أفادت به وسائل إعلام سعودية.
وقال محلل شؤون الدفاع تيد كاراسيك، تعليقًا على الصفقة: "يبدو بالتأكيد أنها خطوة في الاتجاه الصحيح للتنمية الأميركية السعودية في هذا المجال".
ويقول محللون، إنه من غير المرجّح أن تخصّب السعودية اليورانيوم الخاص بها؛ ومن المرجّح أيضًا أن تختار المملكة دولة تتمتع بقدر مماثل لنفوذ الولايات المتحدة من أجل توفير التكنولوجيا النووية.
وقال كاراسيك: "يبدو أن السعوديين سينضمّون إلى دولة متحالفة مع الولايات المتحدة أو الغرب، بدلًا من إثارة انتقادات الغرب".
ومع ذلك، قال الزميل الباحث في معهد أفاري إنترناسيونالي، مانويل هيريرا، إنْ توصَّلت الصين إلى اتفاق مع الرياض ما يزال مطروحًا على الطاولة.
وشدد على أن بكين "لا تقدم التكنولوجيا النووية بسعر أفضل من الولايات المتحدة فحسب، بل تفعل ذلك بشروط أكثر تساهلًا"، وفق ما نقلته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت".
الطاقة النووية في 3 دول أخرى
أوضح الزميل الباحث في معهد أفاري إنترناسيونالي، مانويل هيريرا، أن العديد من الدول بدأت تنظر إلى الصين وروسيا بوصفهما بديلين لواشنطن في هذه السوق.
إذ تضع شركة روساتوم الروسية اللمسات النهائية على أول محطة للطاقة النووية في مصر في الضبعة، التي تبلغ تكلفتها 25 مليار دولار.
كما تمتلك الشركة الروسية صفقة بناء وتملُّك وتشغيل لمحطة أكويو النووية في تركيا، والتي من المقرر تشغيلها في وقت لاحق من العام الجاري (2024).
وتقول تركيا، إنها تتفاوض مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية لبناء محطتين نوويتين أخريين؛ إذ تسعى أنقرة إلى تركيب 20 غيغاواط من القدرة النووية بحلول عام 2050.
وقال هيريرا: "لقد أصبحت روسيا موردًا جذابًا للغاية للتكنولوجيا النووية والوقود، ليس فقط للشرق الأوسط، بل للعالم أجمع"، مضيفًا: "بهذه الطريقة، يمكنها تمويل جزء من مجهودها الحربي في أوكرانيا".
كما اختارت إيران حليفتها روسيا لإنشاء محطتها النووية الأولى في بوشهر، في حين ساعدتها الصين في قطاع التعدين، مثل تطوير منجم ساغاند في يزد.
وفي وقت سابق من عام 2024، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا)، إن طهران بدأت في بناء 4 محطات أخرى للطاقة النووية في الجنوب، بقدرة إجمالية تبلغ 5 غيغاواط، إذ تحاول الوصول إلى إنتاج إجمالي يبلغ 20 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2041.
وحصلت إيران أولًا على المعرفة المتعلقة بالتخصيب النووي عبر باكستان، لكن التكنولوجيا التي حصلت عليها كانت من الصين، والآن تبدو حريصة على المضي قدمًا مع روسيا.
موضوعات متعلقة..
- خريطة اليورانيوم والطاقة النووية العالمية تتغير.. ما دور السعودية والإمارات؟
- هل تنجح مساعي الإمارات للاستثمار في الطاقة النووية الأوروبية؟ (تقرير)
- الإمارات تتعاون مع جنرال أتوميكس لاستكشاف أفضل تقنيات الطاقة النووية
اقرأ أيضًا..
- توقف مصفاة نفط روسية بعد قصف أوكراني.. (التفاصيل كاملة)
- 471 مشروع نفط وغاز جديدة في أفريقيا خلال 5 سنوات.. دولتان عربيتان بالقائمة
- الاعتماد على الهيدروجين الطبيعي مستقبلًا يثير الجدل.. ما القصة؟
- المغرب يطور أقدم مزرعة رياح في أفريقيا.. فيديو لأول مرة من ارتفاع 900 متر