حقول النفط والغازرئيسيةسلايدر الرئيسيةموسوعة الطاقة

حقل أبوماضي.. حكاية اكتشاف غاز في مصر عمره 57 عامًا

ياسر نصر

يشكّل حقل أبوماضي في مصر أهمية خاصة لصناعة الطاقة، إذ يعدّ أول اكتشاف غاز في البلاد، ما وضع القاهرة على خريطة الدول المنتجة للغاز.

ووفق قاعدة بيانات حقول النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد جاء اكتشاف أول حقل غاز في مصر بعد نحو 8 سنوات من اكتشاف أول حقل نفط بحري في الشرق الأوسط الذي عُرف باسم "بلاعيم بحري"، وبعد عامين فقط من اكتشاف أكبر حقول مصر النفطية "المرجان" بمنطقة خليج السويس عام 1967.

بدأت مصر محاولات استكشاف الغاز الطبيعي في عام 1963، وبعد 4 سنوات، وبالتحديد في عام 1967، توصلت إلى اكتشاف حقل أبوماضي أول حقل للغاز بمنطقة الدلتا، لتتواصل بعد ذلك الاكتشافات في العديد من المناطق، إذ حققت البلاد أول كشف غاز في البحر المتوسط عام 1969، بإعلان حقل "أبوقير"، وفي العام نفسه اكتشفت حقل أبو الغراديق في الصحراء الغربية.

وشكّل حقل أبوماضي علامة فارقة في تاريخ صناعة النفط المصرية التي تمتد لأكثر من 100 عام، ما وضع البلاد في مصافّ دول العالم التي أحرزت السبق بمختلف مراحل الصناعة النفطية والغازية.

أول حقل غاز في مصر

انطلقت قصة أول حقل غاز في مصر في أربعينيات القرن العشرين، عند إجراء أول مسح سيزمى ومغناطيسي في وسط الدلتا بمنطقة أبوماضي، ومع أوائل الستينيات بدأت أعمال الحفر، بعد حصول الشركة الدولية الإيطالية على امتياز من الهيئة المصرية العامة للبترول بمنطقة شمال الدلتا، إذ حفرت 3 أبار (ميت غمر 1، كفر الشيخ 1، وأبوماضي 1).

وأسفرت نتائج الحفر عن اكتشاف الغاز في حقل أبوماضي خلال عام 1967، لتدخل مصر عصر الدول المنتجة للغاز لأول مرة بعد 60 عامًا من دخولها عصر النفط الخام، عندما اكتشفت حقل جمسة سنة 1908.

الغاز في مصر

ويقع حقل أبوماضي في مركز بلقاس بالدقهلية بالجزء الشمالي من دلتا النيل، وعلى بعد نحو 180 كيلو متر شمال القاهرة، وما يقرب من 8 كيلومترات من البحر المتوسط.

ويوجد تكوين خزان أبوماضي على أعماق تتراوح بين 3000 و3400 متر تقريبًا تحت سطح البحر، ويجري الإنتاج بين مستويين حاملين للغاز هما المستويان الثاني والثالث.

وبعد نجاح عملية الاكتشاف، حفرت الشركة الدولية الإيطالية 6 أبار أخرى، أثبتت الاختبارات اكتشاف الغاز في 4 آبار منها، وقُدِّرت احتياطيات حقل أبوماضي وقتها بـ1 تريليون قدم مكعبة.

وتولّت شركة شركة بترول الدلتا "ديليكو" التي تأسست بصفتها أول شركة مشتركة بين هيئة البترول والشركة الدولية الإيطالية لتنمية أول حقل غاز في مصر عام 1973.

وبدأ الإنتاج من حقل أبوماضي في ديسمبر/كانون الأول 1974، أي بعد 7 سنوات من اكتشافه، ووصلت معدلات الإنتاج خلال عام 1975 إلي 4.5 مليون قدم مكعبة غاز يوميًا، و90 برميلًا من المكثفات.

مرحلة جديدة على يد بتروبل

تولّت شركة "بتروبل" في عام 1978 مسؤولية إدارة حقل أبوماضي، وأجرت دراسات جيولوجية حديثة للقطاعات الصخرية، بالإضافة إلى سلوك الآبار المنتجة، لتطلق بعد ذلك مرحلة ثانية من الحفر الاستكشافي شمل الآبار من 8 إلى 13.

ونجحت المرحلة الثانية من عملية التطوير إلى زيادة معدلات إنتاج حقل أبوماضي للغاز في مصر لتصل إلى 125 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا في 1985، وزيادة الاحتياطيات إلى 2.7 تريليون قدم مكعبة، بزيادة 3 أضعاف تقديرات عام 1975.

وواصلت بتروبل عمليات التطوير من أجل مواجهة التناقص الطبيعي للآبار، وأجرت عمليات حفر استكشافية لـ3 أبار جديدة خلال المدة من 1985 إلى 1987 ضمن آبار أبوماضي 14 وأبوماضي 15 وأبوماضي 16.

وفي المدة من 1988 إلى 1989، حفرت بتروبل 4 آبار جديدة لترفع الطاقة الإنتاجية لحقل أبوماضي إلى 360 مليون قدم مكعبة من الغاز، وزيادة الاحتياطيات إلى 3 تريليون قدم مكعبة غاز، و72 مليون برميل مكثفات.

ووفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استنفذ حقل أبوماضي للغاز في مصر 99.29% من إجمالي احتياطياته القابلة للاستخراج، إذ وصل إلى ذروة الإنتاج في عام 1995.

واستنادًا إلى الافتراضات الاقتصادية، سيستمر إنتاج حقل أبوماضي حتى يصل إلى الحدّ الاقتصادي الأقصى في عام 2027، حسبما ذكرت أوفشور إنرجي.

الغاز في مصر

حقل الغاز في الدلتا

فتح حقل أبوماضي باب اكتشافات الغاز في الدلتا، والتي وصلت إلى اكتشاف حقل القرعة عام 1985، ثم حقل نيدوكو وحقل جنوب بلطيم، وكلّها امتدادات لخزانات الغاز بـ"أبوماضي".

وتبلغ مساحة دلتا النيل المصرية نحو 60 ألف كيلومتر مربع، وهي جزء من حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، ويُوَفَّر نحو ثلثي إنتاج الغاز في مصر من خلال العديد من الحقول في الدلتا.

وتمتلك دلتا النيل مخزونات غازية ضخمة، إذ إن اكتشافاتها تمثّل نحو 82% من إجمالي اكتشافات الغاز المصرية، باحتياطي يبلغ 58 تريليون قدم مكعبة، وفق دراسة حديثة منشورة عبر موقع nature.com.

وأشارت الدراسة التي أجريت لتقييم تكوين خزان أبوماضي بحقل غاز بلطيم إلى أنه نظرًا لوجود نحو 50 تريليون قدم مكعبة من الإمكانات غير المكتشفة، فقد جذبت دلتا النيل الاهتمام.

وكشفت الدراسة أن المكامن الرئيسة في دلتا النيل واعدة من حيث الإمكانات الهيدروكربونية مع مسامية فعالة تبلغ 18%، ومحتوى صخري منخفض بمتوسط قيمة 21%، وتشبّع غازي أعلى بمتوسط قيمة يقارب 58%، وسمك صافٍ للمكمن يتراوح من 25.5 إلى 131.5 مترًا.

تمّ تطوير الخزانات الرئيسة الحاملة للغاز في دلتا النيل في طبقات الحجر الرملي أواخر العصر الميوسيني لتكوين أبوماضي، وسُجِّلَت اكتشافات صغيرة أخرى في رواسب العصر البليوسيني إلى البليستوسيني.

وفي السنوات الأخيرة، نفّذت 29 مشروعًا خلال المدة الزمنية من يوليو/تموز 2014 حتى يونيو/حزيران 2021، لتنمية حقول إنتاج الغاز الطبيعي، وكان من أهم هذه الحقول: ظهر، ونورس، وأتول بشمال دمياط، وحقول غرب دلتا النيل، وشمال الإسكندرية، وحقول غرب الدلتا بالمياه العميقة، وكذلك تنمية منطقة جنوب غرب بلطيم، وحقول منطقة دسوق المرحلة (ب).

ويُعدّ "ظهر" المكتشف عام 2015 أكبر الحقول، إذ قُدِّرت احتياطياته وقت اكتشافه بنحو 30 تريليون قدم مكعبة، ودخل خريطة الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول 2017 ، بعد نحو عامين و4 أشهر من اكتشافه.

ويمثّل حقل النرجس الواقع بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط باحتياطيات تصل إلى 2.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز، الذي أُعلِن 2022، أحدث اكتشاف ضخم للغاز في مصر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق