توسع توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا يهدد خطط تحول الطاقة
بطء كبير في تعزيز قدرات الطاقة المتجددة لصالح الغاز
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- إيطاليا الأولى في توليد الكهرباء بالغاز بين دول الاتحاد الأوروبي
- بطء التوسع بقدرات الطاقة المتجددة في إيطاليا
- السياسات الحكومية تدعم كثافة توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا
- الاعتماد على الغاز يعرقل خطط إيطاليا في تحول الطاقة
في الوقت الذي يبذل فيه الاتحاد الأوروبي مساعي كبيرة نحو تحول الطاقة بالاعتماد على المصادر المتجددة، فإن توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا يأخذ منحنى بعيدًا عن طموحات خفض الانبعاثات والحياد الكربوني المنشودة بحلول منتصف القرن الحالي.
وتحتلّ إيطاليا المركز الأول في قائمة دول الاتحاد الأوروبي الأكثر توليدًا للكهرباء بالغاز، ويعادل إنتاجها كل من ألمانيا وإسبانيا معًا، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ويعكس هذا الاستعمال المكثّف بتوليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا، بطء التوسع في قدرات الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
زيادة توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا
يمثّل الغاز الطبيعي نصف مزيج توليد الكهرباء في إيطاليا، وهو ما يُعدّ 3 أمثال المتوسط من بين دول الاتحاد الأوروبي، بحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
ويرجع السبب في الاتجاه المفرط لتوليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا إلى وجود البنية التحتية المهيئة للتوسع، وكذلك توافر التسهيلات المهيئة لعمليات التشغيل.
وتحظى إيطاليا بتوافر الموارد وبنية تحتية قوية للغاز، التي تسمح باستيراد الغاز الطبيعي والغاز المسال، ما جعلها أكبر منتج للكهرباء بالغاز بين دول الاتحاد الأوروبي.
وبعيدًا عن الوقود الأحفوري، تعدّ إيطاليا خامس أكبر دولة بالاتحاد الأوروبي في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وفقًا لما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
مزيج توليد الكهرباء في إيطاليا
أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، أن 41% من توليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2023 جاءت من مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 35% مقارنة بعام 2022.
وكانت نِسب مزيج توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة أوروبيًا خلال العام الماضي هي 18.5%، و 13.5%، و9.1%، و0.2% من طاقة الرياح، والطاقة المائية، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية على الترتيب.
وعلى عكس إيطاليا، أبدت كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا رغبتها في الحدّ من توليد الكهرباء بالغاز لصالح الطاقة المتجددة، والبلاد الـ3 هي أكبر منتجي للكهرباء من بين دول الاتحاد الأوروبي.
وأسهمت الطاقة النظيفة بنحو 38.6% من الطلب على الكهرباء في إيطاليا خلال 2023، وهو ما يمثّل ارتفاعًا عن عام 2022، الذي بلغت فيه 30.1%، ورغم هذه الزيادة، ما يزال هناك مجال للمزيد من التوسع، حال تفكير البلاد في التخلص التدريجي من الغاز.
ومن خلال التوسع في دراسات المياه -وليس بسبب زيادة القدرة-، ارتفع استعمال الطاقة الكهرومائية في إيطاليا بشكل أكبر من المصادر المتجددة الأخرى بين عامي 2022 و2023، وهي المدة التي شهدت اختلافات في إنتاج الكهرباء بالغاز.
وتسعى إيطاليا بحلول 2030 للوصول إلى نسبة 30% من توليد الكهرباء من المصادر المتجددة، ورغم تحقيق زيادة كبيرة في هذا الشأن، فإن هناك حاجة للمزيد من التحسن لتحقيق ما استُهدِفَ في مؤتمر المناخ العالمي كوب 28 العام الماضي بمضاعفة قدرة المصادر المتجددة 3 مرات بنهاية العقد الحالي.
سياسات حكومية داعمة
انعكس الدعم الحكومي لسياسة توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا على تخلُّف البلاد عن أقرانها الرؤساء في أوروبا، الساعين إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري والسير نحو المصادر النظيفة.
ووفقًا للخطة الوطنية المتكاملة للطاقة والمناخ (PNIEC)، فإن الحكومة ترغب في دعم قدراتها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلّا أن هذه الرغبة من الصعب أن تحقق أهدافها في ظل الاستعمال المكثّف لتوليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا.
وبحلول 2025، من المتوقع أن تصل تركيبات طاقة الرياح في إيطاليا إلى 17.3 غيغاواط، وأن تبلغ قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 45 غيغاواط، ما يعني زيادة قدرة المصدرين معًا بنسبة 45% بين عامي 2023 و2025.
وارتفعت سعة المصادر المتجددة بنسبة 25% بين عامي 2021 و2023، بينما عززت البلاد قدرة استيراد الغاز الطبيعي المسال بنسبة 40%، خلال المدة نفسها، مع توقُّع باستمرار الارتفاع، ما يعني مواصلة الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء.
هل تغيب إيطاليا عن خطط تحول الطاقة؟
تسعى الحكومة للاستفادة من أزمة الطاقة وانخفاض الواردات من روسيا -إثر الحرب الروسية الأوكرانية- في الوصول بإيطاليا لتكون مركزًا رئيسًا لدخول الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، ما يمثّل عائقًا أمام خطط الحياد الكربوني وتحول الطاقة.
كما يمثّل توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا مصدرًا مرنًا لمواجهة الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة في التوليد، ولكن يرى معهد اقتصادات الطاقة أن التوجه نحو بدائل خالية من الكربون يمكن أن يؤدي الدور نفسه، لكنها لا تحظى بالاهتمام في البلاد.
ومن بين هذه البدائل استعمال محطات تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ، التي تعدّ أكبر مصدر بديل موثوق فيه لتقطعات المصادر المتجددة، ولكن يعيب هذه التقنية ارتفاع التكلفة واستغراقها وقتًا طويلًا في عمليات البناء.
كما أن التوسع ببطاريات التخزين في أوروبا قد يكون دافعًا لإيطاليا للاستفادة منها في توفير احتياطياتها من الكهرباء، وخاصة مع انخفاض تكلفة هذه التقنية باستمرار، لتصبح وسيلة فعالة للتخفيض من كثافة توليد الكهرباء بالغاز في إيطاليا.
لذلك يجب على إيطاليا أن تعمل على إبطاء وتيرة نمو توليد الكهرباء بالغاز واستعماله بديلًا، وليس مصدرًا أساسيًا، وإيجاد الحلول اللازمة للتوسع في مصادر الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- بناء أول محطتين لتوليد الكهرباء بالغاز المسال في فيتنام
- توليد الكهرباء بالغاز ضروري لتجنب انقطاع التيار في المملكة المتحدة (تقرير)
- محطات جديدة لتوليد الكهرباء بالغاز في ألمانيا.. هل تتراجع برلين عن وعودها المناخية؟
اقرأ أيضًا..
- التنقيب عن النفط في ناميبيا ينتعش بصفقتين جديدتين
- الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان يشهد صفقة جديدة
- بدء إنتاج الغاز المغربي من بئر جديدة على يد شركة بريطانية
- ارتفاع صادرات الجزائر من النفط في الربع الأول.. وهؤلاء أبرز المستوردين (رسوم بيانية)