تقارير النفطالنشرة الاسبوعيةسلايدر الرئيسيةنفط

اتهامات تهريب النفط في ليبيا تتزايد.. وهذا دور صادرات الوقود الروسية

دينا قدري

تزايدت الاتهامات المتبادلة بتهريب النفط في ليبيا، مع تصاعد التوترات في البلاد، خاصةً بعد وقف وزير النفط محمد عون عن العمل.

ويتّهم رئيس البنك المركزي الليبي الصديق الكبير وحلفاؤه، رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بالتغاضي عن تهريب النفط الليبي، ويضغطون لإصلاح برنامج الدعم الذي يستنزف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.

وحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتداعيات الهجمات الأوكرانية على المصافي الروسية، فإن ذلك قد يؤدي إلى الضغط على تجارة النفط غير المشروعة المربحة في ليبيا، التي تشهد عدّة توترات سياسية.

يُذكر أن ليبيا ضخّت نحو 1.14 مليون برميل يوميًا من النفط الخام في فبراير/شباط 2024، ويُصدَّر الكثير من هذا النفط الخام إلى أوروبا، إذ ما يزال قطاع التكرير في الدولة مدمرًا بسبب عقود من الحرب الأهلية.

أزمة تهريب النفط في ليبيا

تستورد ليبيا الوقود من روسيا عبر وسطاء في تركيا، في طريق تجاري ظهر لموسكو على مدار العام الماضي (2023)، إذ تسعى إلى إيجاد عملاء جدد للنفط في مواجهة العقوبات الغربية الصارمة وحظر الاتحاد الأوروبي على الاستيراد بسبب غزو أوكرانيا.

إلّا أن القليل من هذا النفط يبقى في البلاد، إذ يُزعم أن معظم الشحنات تُهَرَّب من الحدود الجنوبية لليبيا التي يسهل اختراقها إلى السودان، وتُحوَّل الشحنات إلى ميليشيا قوات الدعم السريع السودانية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).

وفي بعض الحالات، تعيد قوات الدعم السريع -التي يقال إنها مدعومة من مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية- تصدير الوقود، بما في ذلك إلى أوروبا، ما يحقق أرباحًا بمليارات الدولارات، ويغذّي حربها الأهلية ضد القوات المسلحة السودانية.

وفي الأسابيع الأخيرة، تكبدت روسيا خسائر فادحة في طاقتها التكريرية بسبب الهجمات الأوكرانية، ما أثّر في تدفقات المنتجات؛ إذ يسعى الكرملين إلى حماية إمدادات الوقود لمراكزه العسكرية والسكانية قبل ذروة الطلب في الصيف.

وحظرت روسيا صادرات البنزين لمدة 6 أشهر بدءًا من 1 مارس/آذار 2024، في حين قد يؤدي ارتفاع أسعار الديزل إلى مزيد من التدخل.

وقد يجبر ذلك المهربين على العثور على إمدادات وقود أخرى للحفاظ على تجارة السوق السوداء في ليبيا، وهي نقطة التوتر الأخيرة بين رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة ومنتقديه، بما في ذلك حليفه السابق، رئيس البنك المركزي الليبي الصديق الكبير.

دعم الوقود في ليبيا "ثغرة"

وفقًا لحسابات البنك المركزي الليبي، فإن كمية البنزين والديزل التي تستوردها البلاد يجب أن تكون أكثر من كافية لتلبية الطلب المحلي.

ومع ذلك، فإن السكان المحليين يبلّغون بانتظام عن نقص الوقود وطوابير الانتظار الطويلة في محطات الوقود.

وأشار رئيس البنك المركزي الليبي الصديق الكبير، مرارًا وتكرارًا في الأسابيع الأخيرة، إلى أن الدعم الذي تدفعه الحكومة لجميع السلع تضخَّم من 20.8 مليار دينار (4.3 مليار دولار) في عام 2021، إلى 61 مليار دينار (12.6 مليار دولار) في عام 2023، منها 41 مليار دينار (8.5 مليار دولار) للوقود.

وكتب "الكبير" في رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بتاريخ 21 آذار/مارس 2024، ينتقد فيها طريقة تعامله مع الاقتصاد، أن الدعم "يتجاوز احتياجات الاقتصاد الوطني، ويؤكد أن جزءًا كبيرًا من هذا الوقود يُهَرَّب إلى الخارج".

وتابع: "علاوة على ذلك، من المتوقع أن تنمو فاتورة دعم الوقود خلال عام 2024، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط.. وفي هذا الصدد، لم تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الظاهرة".

من جانبه، رفض "الدبيبة" انتقادات "الكبير"، قائلًا، إن الاقتصاد الليبي في حالة قوية، على الرغم من أنه دعا في اجتماع المجلس الأعلى لشؤون الطاقة والمياه في 18 مارس/آذار 2024 المؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها إلى "التركيز على مبدأ الإفصاح والشفافية في جميع البرامج المنفَّذة".

ويُباع الوقود بأسعار مدعومة تبلغ 3 سنتات للتر الواحد في متاجر التجزئة، وهو إرث من نظام القذافي، ما يجعل التهريب والمبيعات في السوق السوداء تجارة مربحة إلى حدّ كبير، وسرًا معلنًا بين المجموعات المختلفة التي تتنافس على السلطة في البلاد.

خلافات داخلية.. وتحقيقات مستمرة

تترك التغيرات الجذرية بالتدفقات ليبيا في وضع محفوف بالمخاطر، مع تزايد الانتقادات لتهريب الوقود الذي يهدد السيطرة الهشة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.

ويواجه رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة تحقيقًا أطلقه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في طريقة تعامل المؤسسة مع واردات الوقود في البلاد والتهريب المزعوم، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة الغارديان (The Guardian).

وما زاد من الاضطرابات أن وزير النفط الليبي محمد عون، الذي كان على خلاف مع المؤسسة الوطنية للنفط بشأن عائدات النفط، أُوقِفَ عن العمل في 25 مارس/آذار من قبل هيئة الرقابة الإدارية في البلاد بسبب تحقيق قانوني، قد يكون مرتبطًا بمعارضة الصفقات مع شركات النفط الدولية.

في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، دافع محمد عون عن موقفه ضد قرار إيقافه، مؤكدًا امتثاله للقانون، كونه على يقين تامّ بعدم ارتكابه أيّ مخالفات قانونية، وحرصه على الحفاظ على ثروات البلاد.

وزير النفط الليبي محمد عون

وذكر الوزير -في الردّ الذي نشرته "الطاقة" حصريًا- أنه يسعى دائمًا للحفاظ على المورد الرئيس للّيبيين بمختلف الطرق، مؤكدًا ثقته في أن التحقيقات ستنصفه، وذلك بسبب ثقته في عدم ارتكابه أيّ مخالفات يُحاسَب عليها.

وفي الوقت نفسه، فإن الإيرادات الناتجة عن التهريب تعمل أيضًا على إدامة الحرب الأهلية في السودان، التي أجبرت جنوب السودان على إعلان حالة القوة القاهرة على ما يقرب من 150 ألف برميل يوميًا من صادرات النفط الخام التي تتدفق عبر خط أنابيب عبر جارته الشمالية.

تراجع صادرات الوقود الروسية إلى ليبيا

تركت القيود المفروضة على طاقة التكرير ليبيا تعتمد على واردات الوقود الضخمة لتلبية الطلب المحلي، ما دفع إلى التحول إلى الإمدادات الروسية الرخيصة في أعقاب الحرب مع أوكرانيا.

وارتفعت تدفقات المنتجات المكررة من روسيا إلى ليبيا بمقدار 10 أضعاف تقريبًا على أساس سنوي في عام 2023، وفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتدفَّق نحو 60 ألفًا و600 برميل يوميًا من الديزل الأحمر والبنزين والنافثا بين البلدين في عام 2023، ارتفاعًا من 6800 برميل يوميًا فقط في عام 2022، ما انتزع حصة سوقية من مورّدي الديزل الأحمر في البحر المتوسط، إذ جرى توفير نحو نصف الشحنات المتجهة إلى ليبيا -التي تتراوح بين 8 إلى 10 شحنات- عن طريق الإمدادات الروسية، وفقًا للتجّار.

وقد تصل هذه القضية إلى ذروتها قريبًا، إذ تراجعت صادرات النفط الروسية في الأسابيع الأخيرة بسبب موجة هجمات الطائرات دون طيار الأوكرانية.

إحدى شاحنات الوقود الروسي
إحدى شاحنات الوقود الروسي - الصورة من وكالة بلومبرغ

وبالفعل، عانت شحنات المنتجات إلى ليبيا؛ إذ تجاوزت صادرات الديزل والبنزين الروسية إلى ليبيا 100 ألف برميل يوميًا للمرة الأولى على الإطلاق في يناير/كانون الثاني 2024، بزيادة 35% عن الشهر السابق.

إلّا أنها انخفضت منذ ذلك الحين بأكثر من النصف إلى 48 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار 2024، على الرغم من أن بعض كميات شحنات أسطول الظلام قد لا تُضَمَّن بالكامل في البيانات.

وعانت صادرات الديزل، التي تمثّل عادة الجزء الأكبر من الإمدادات، من أكبر انخفاضات الحجم، مع انخفاض تدفقات الديزل الأحمر من 68 ألفًا و300 برميل يوميًا في يناير/كانون الثاني إلى 40 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار.

وانخفضت تدفقات البنزين الروسي إلى ليبيا بنسبة 76% في المدّة نفسها إلى 7600 برميل يوميًا فقط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق