التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

كنيسة بريطانية تتحدى تغير المناخ بالألواح الشمسية.. "يحركها الإيمان"

أسماء السعداوي

تحمل قضية تغير المناخ أهمية كبيرة للمملكة المتحدة التي تستهدف خفض انبعاثات الكهرباء والتدفئة، تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ولم تكن الكنائس بمنأى عن تلك الجهود، فمن المقرر تحقيق الحياد الكربوني لديها بحلول عام 2030، وتشمل الـ16 ألف كنيسة التي تشرف عليها كنيسة إنجلترا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وضربت كنيسة كينغز كولدج الشهيرة في كامبريدج، التي يمتد عمرها لنحو 500 عام مثالًا لما يمكن للكنائس الأخرى الاحتذاء به في توليد الكهرباء النظيفة عبر تركيب 438 لوحًا شمسيًا فوق سطحها.

لكن الإضافات الجديدة على الكنيسة لم تسلم من انتقادات حماة التراث، إذ عُدت "رمزًا للتغيير" في مبنى أقيم في عصر ما قبل الصناعة ويحبه الناس.

كنيسة كينغز كولدج

نثرت الألواح الشمسية بذور الشقاق بين القائمين على شؤون كنيسة كينغز كولدج بين مؤيد لمساعي مكافحة تغير المناخ، ومعارض خوفًا من الإضرار بسلامة المبنى التاريخي الشهير.

ومن ناحية، تقول غيليان تيت عميدة الكنيسة، إنها تأمل بأن يساعد المشروع الكنائس في "تخيل ما كان من غير الممكن تصوره سابقًا"، وتركيب الألواح الشمسية بأنفسها.

وأضافت أن الكنيسة خضعت للكثير من التغييرات على مدار تاريخها الممتد لخمسة قرون، وأن هذا (الألواح الشمسية) مجرد واحد إضافي.

الألواح الشمسية أعلى كنيسة كينجز كولدج
الألواح الشمسية أعلى كنيسة كينغز كولدج - الصورة من بلومبرغ

وعبر موقعها الإلكتروني الرسمي، توضح كنيسة إنجلترا الرئيسة أن الهدف لن يتحقق سوى عبر مسار عملي يتضمن توليد الكهرباء من مصادر متجددة والاستعانة بالكهرباء وليس بالنفط أو الغاز وتقليل الفضلات.

وبسؤاله عن كيفية جعل مبنى أُقيم في عصر ما قبل الصناعة يواجه تغير المناخ، يقول أسقف نورويتش وكبير أساقفة كنيسة إنجلترا المعني بشؤون البيئة، غراهام أشر، إن البداية ستكون عبر تغييرات صغيرة يكون إدخالها ممكنًا وعند تنفيذها فإنها تُحدث فارقًا ضخمًا على أرض الواقع.

وأصدر مكتب أشر "توجيه المسار العملي للكنائس"، لتحقيق الأهداف المناخية عبر خطوات من بينها تركيب الألواح الشمسية والمضخات الحرارية، ولكن في حال أن يكون فيها المبنى مكتظًا بالناس.

كما تتضمن الخطوات الأخرى استعمال أجهزة تدفئة تستعمل الكهرباء أو الأشعة تحت الحمراء، لتدفئة مقاعد الكنيسة بصورة فعالة بدلًا من تدفئة المبنى بكامله، وأيضًا استعمال ستائر أو ألواح أو أقمشة فوق الجدران الباردة، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

تحديات مكافحة تغير المناخ

يقول غراهام أشر، إن نحو 7% فقط من الكنائس حققت هدف الحياد الكربوني، لأنها مبانٍ تعود إلى العصور الوسطى، موجودة وسط مناطق ريفية دون وصلات غاز أو كهرباء، كما أنه نادرًا ما يدخلها كثير من الناس.

لكن الكنائس في المدن من أكبر مطلقي الانبعاثات، إذ إنها أكثر ازدحامًا، ويجري تدفئتها بوساطة الغاز، وتُستعمل بكثرة وبصورة دورية ليس من أجل حضور القداس وغيره فحسب وإنما ملاعب الأطفال داخلها والمعارض والفعاليات الأخرى.

وقد لا تكون الكنائس في المدن قديمة البناء على نحو خاص، كما أن الكنائس الحديثة هي أقلية وشكلت أقل من 10% في القرن العشرين.

يقول أشر: "نؤمن بصفتنا مسيحيين بأن العالم هو هبة الله، وأننا مدعوون كوننا بشرًا لأن نحافظ عليه ونهتم به ونسلمه (للأجيال القادمة)".

تركيب ألواح شمسية فوق أسطح إحدى الكنائس
تركيب ألواح شمسية فوق أسطح إحدى الكنائس - الصورة من موقع كنيسة إنجلترا

مخاوف وحلول

أثار تركيب الألواح الشمسية على سطح كنيسة كينغز كولدج حالة من الجدل بشأن الغرض الذي من أجله تُبنى الكنائس والمظهر الذي يفترض أن تبدو عليه، خاصة إذا كانت الكنيسة محبوبة وتاريخية ومعروفة على نطاق واسع.

وأقر غراهام أشر بالمعركة التي تخوضها الكنائس عند محاولة دفع مثل تلك المشروعات بصورة لا تلحق بالمبنى أي أضرار، أو تثير تحديات قانونية أو شعبية من قِبل جماعات الحفاظ على التراث، موضحًا أن مجرد تغيير مقاعد الكنيسة الخشبية الطويلة إلى كراسي عادية في كنيسة يحبها الناس، قد يثير المشكلات.

لكن الوضع يتغير بفضل توجيه كنيسة إنجلترا والقواعد الجديدة التي تركز على مكافحة تغير المناخ.

وسُجل عدد قليل من حالات الرفض لأنظمة التدفئة منخفضة انبعاثات الكربون أو الألواح الشمسية. وفي بعض الحالات طلبت المحاكم من الكنائس إعادة النظر في خطط تركيب غلايات الغاز أو النفط الجديدة على أساس أن خفض الانبعاثات يمثل أولوية حاليًا.

وفي هذا السياق، أثار قرار كنيسة إنجلترا سحب استثماراتها من صناعة الوقود الأحفوري حالة من الجدل، ويقول أشر إن إستراتيجية المباني والاستثمارات "يحركها الإيمان في نهاية المطاف"، مشيرًا إلى أن الكنيسة جزء من شبكة أوسع تضم العديد من الأعضاء في دول أخرى تعاني تغير المناخ مثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق