الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط.. ثورة نظيفة تقودها السعودية والإمارات
محمد عبد السند
- يشكل النفط والغاز ما نسبته 98% من إمدادات الطاقة في الشرق الأوسط.
- تشهد منطقة الشرق الأوسط تسارعًا في جهود تحول الطاقة.
- تتطلع الصين إلى تحقيق وضع إستراتيجي في الشرق الأوسط عبر بعض من شركات الأسهم الخاصة لديها.
- مكّن قانون خفض التضخم من تدفق استثمارات صناديق البنية التحتية الخاصة في تحول الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط.
تتسارع وتيرة قطاع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، خلال السنوات الأخيرة، بفضل ما توفره المنطقة من إمكانات هائلة في التقنيات النظيفة؛ ما يساعد على تنويع اقتصادات الدول بعيدًا عن الهيدروكربونات، وإنجاز التحول الأخضر.
وتستأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما يتراوح بين 22% و26% من إجمالي الإشعاع الشمسي على كوكب الأرض، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما يمكن لكل كيلومتر مربع من هذه المنطقة أن يستعمل طاقة شمسية تعادل ما ينتجه 1-2 مليون برميل من النفط سنويًا؛ ما قد يسد نصف احتياجات العالم من الكهرباء.
تتميز 3 أرباع المنطقة بسرعات رياح تتجاوز المقياس الأدنى المطلوب لمشروعات طاقة الرياح واسعة النطاق.
ريادة إماراتية
برزت الإمارات، سادس أكبر مُنتِج للنفط في العالم، أول مُنتِج للنفط في الشرق الأوسط يستضيف مؤتمر المناخ كوب 28 والذي حضره ما يزيد على 160 من زعماء العالم؛ ما يُبرز دور أبوظبي الريادي في قطاع الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط، وفق ما أورده موقع إف إكس ستريت (FXSTREET).
ولم يكن مؤتمر المناخ ناجحًا في ضم صناع القرار النافذين فحسب، ولكنه نجح كذلك في نقل مفاوضات أهداف الحياد الكربوني 2050، إلى مرحلة متقدمة.
وأسفرت القيادة الإماراتية عن إجراءات قوية لمكافحة التغيرات المناخية، وضخ استثمارات من منتجي الطاقة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وهذه القيادة الجديدة تُبنى -كذلك- على فهم أوضح للمخاطر المناخية في المنطقة؛ نظرًا إلى أن الشرق الأوسط هو إحدى أكثر المناطق العالمية المتضررة جراء التغيرات المناخية، سواء من حيث فقدان الناتج المحلي الإجمالي وكذلك القدرة التنافسية، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وتجاوزت استثمارات الأسهم الخاصة والحكومات والمستثمرين في الطاقة النظيفة، نظيرتها التي تُضخ في الوقود الأحفوري، وفق ما ورد في تقرير آفاق الطاقة 2023 الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.
وبإجمالي استثمارات عالمية تجاوزت 3 تريليونات دولار في قطاع الطاقة في العام الماضي (2023)، خُصِّص أكثر من 1.8 تريليون دولار في قطاع التقنيات النظيفة؛ بما في ذلك الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والشبكات الفاعلة وتخزين الكهرباء والوقود منخفض الكربون، والمضخات الحرارية.
السعودية حاضرة
تخطو الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط خطوات سريعة، رغم أن المنطقة ما زالت تعتمد بقوة على النفط والغاز اللذين شكّلا ما نسبته 98% من إمدادات الطاقة بها، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع أن تستأثر الطاقة المتجددة بنحو 15% من مزيج الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، لتوفر آلاف الوظائف في قطاع الطاقة الشمسية.
وتستهدف السعودية والإمارات، أكثر دولتين طموحتين في قطاع الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط، إنتاج ما نسبته 50% من مزيج الطاقة لديها من مصادر نظيفة بحلول 2030 و2050 على الترتيب.
ولعل أحد الأمثلة الرئيسة لهذا التوجه الاستثماري في السعودية هو تطوير مشروع نيوم، مدينة ذكية تلامس تكلفتها الرأسمالية 500 مليار دولار وستُشَغل بالكامل بوساطة مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح وغيرهما.
الطاقة المتجددة الشرق أوسطية
من المهم فهم حقيقة مؤداها أن تحول الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط إنما يتأثر بالتغيرات في السياسة العالمية، ومن بينها قانون خفض التضخم الذي مررته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في عام 2022 ويتضمن حزم استثمارات مناخية بقيمة 360 مليار دولار.
ويساعد قانون خفض التضخم على تدفق استثمارات صناديق البنية التحتية الخاصة في تحول الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط.
ويؤدي هذا الدعم إلى تخصيص رأس المال اللازم للتحول الأخضر، ولا سيما من صناديق الأسهم الخاصة، ومديري الأصول الذين يرغبون في تأمين حصص سوقية بقطاع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
.
وقفزت استثمارات الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، من حيث القيمة، بنسبة 144% في الربع الرابع من عام 2023 قياسًا بإجمالي الربع السابق البالغ 171 مليون دولار، كما زادت بنسبة 62% مقارنة بالربع الرابع من عام 2022.
وشهد قطاع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط إعلان 3 صفقات أسهم خاصة في الربع الرابع من عام 2023، بقيمة إجمالية قدرها 419 مليون دولار، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
فعلى سبيل المثال، استثمرت شركة بلاك روك (Black Rock) الأميركية ما إجمالي قيمته 400 مليون دولار في شركة بوزيتيف زيرو (PositiveZero) لإزالة الكربون في دبي.
كما يتدفق رأس المال الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي غالبًا ما تبدأها صناديق الثروة السيادية لدول الخليج مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودية وشركة "مبادلة" (Mubadala)، والتي تعمل بوصفها جهات ضامنة؛ ما يحمي تلك الاستثمارات من المخاطر.
صناديق الاستثمار
تقدر وكالة الطاقة الدولية أن ما يصل إلى 70% من احتياجات رأس المال سيأتي من صناديق الاستثمار، مشيرةً إلى أن تلك الأموال ستأتي أسرع إذا تصدرت صناديق الثروة السيادية المشهد في هذا الخصوص.
ورغم ندرة البيانات، فإن التقييمات الأولية تُظهر تسارع وتيرة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط، وتحديدًا في 3 قطاعات؛ الشمس والرياح واحتجاز الكربون وتخزينه.
وإلى ذلك شهد عام 2023 زخمًا إيجابيًا في تلك الاستثمارات، من بين ذلك اتفاق صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع شركة إدارة الأصول الأمريكية بلاك روك لضخ استثمارات مشتركة في مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية بالمنطقة على مدى السنوات الـ5 المقبلة.
يُشار إلى أن قيمة الأصول التي كانت تديرها بلاك روك في 2023 لامست 9.4 تريليون دولار.
موضوعات متعلقة..
- 7 دول تقود تركيبات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول 2028
- الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. من الدول الفاعلة والمرشحة؟
- طاقة الرياح البرية في الشرق الأوسط وأفريقيا مرشحة لأكبر معدل نمو عالمي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية تخططان لاقتحام سوق الليثيوم (تقرير)
- زرع الخلايا الشمسية في عين الإنسان.. تقنية ثورية قد تعالج فقدان البصر
- أكاذيب حول النفط الروسي.. أنس الحجي يفضح بطولات أميركا الوهمية