أزمة السيارات الكهربائية مستمرة.. ورئيس شركة عملاقة يحذر من "حمام دم"
أسماء السعداوي
نالت السيارات الكهربائية اهتمامًا سياسيًا وتمويليًا وإعلاميًا كبيرًا، تحقيقًا لأهداف خفض الانبعاثات الناتجة عن نظيرتها العاملة بالوقود الأحفوري التقليدي، لكن -رغم ذلك- يبدو أن شركات التصنيع قد فقدت الشهية للمضي قدمًا في هذا المجال.
وتقلّصت حصة السيارات الكهربائية في مقابل السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي، ما يعكس استحواذ الأخيرة -بما فيها الهجينة- على الحصة الكبرى في المملكة المتحدة للعام الثالث على التوالي.
ودفع انخفاض الطلب على السيارات الكهربائية الشركات المصنّعة إلى تعديل خطط الإنتاج ووقف طرح طرازات بعينها، وفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
يُضاف ذلك إلى مخاوف المستهلكين بشأن نطاق القيادة (ما يجعل السيارات الكهربائية أقل موثوقية في الرحلات الطويلة)، وتوافر نقاط الشحن على الطرق، فضلًا عن ارتفاع الأسعار.
يُثير ذلك علامات استفهام بشأن حظر سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول عام 2035، وما إذا كانت الحكومة ستؤجل الهدف إلى وقت أبعد.
حصة السيارات الكهربائية
ارتفعت حصة السيارات العاملة بحرق البنزين والديزل، لتشكّل في عام 2022 نسبة 83.4% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في المملكة المتحدة.
وفي العام التالي (2023)، ارتفعت النسبة بصورة طفيفة إلى 83.5%، وحتى هذا الوقت من العام (2024)، صعدت مجددًا إلى 85.3%، وفق بيانات رسمية أصدرتها جمعية مصنّعي السيارات وتجّارها (SMMT).
وبحسب الجمعية التي تمثّل صوت صناعة السيارات في المملكة، فقد بِيع مليون سيارة كهربائية جديدة فقط منذ عام 2002.
لكن خلال المدة نفسها، بِيعَت عشرات الملايين من السيارات الجديدة العاملة بالبنزين والديزل وغاز النفط المسال.
تعليقًا على ذلك، يقول الكاتب والمحلل، مايك رذرفورد، في مقال له نشرته منصة "أوتو إكسبريس" (Auto express): إن الرقم "منخفض بصورة محبطة ويتعذر فهمها".
ألمانيا
سلّط كاتب المقال الضوء على استعداد الألمان لانخفاض كبير بنسبة 14% في مبيعات السيارات الكهربائية، وأرجع السبب إلى تراجع المصنّعين عن طموحاتهم نتيجة هبوط الطلب.
وفي 23 فبراير/شباط الجاري (2024)، أعلنت شركة صناعة السيارات مرسيدس بنز (Mrecedes-Benz) تأجيل هدف التحول إلى السيارات الكهربائية لمدة 5 سنوات، بالتزامن مع نيّتها استمرار تحسين سيارات محركات الاحتراق الداخلي.
واعترفت العملاقة الألمانية بأن حجم الطلب على المركبات الكهربائية "أقلّ من المستهدف".
وحاليًا، تشكّل السيارات الكهربائية 11% فقط من إجمالي مبيعات مرسيدس بنز، و19% بإضافة السيارات الهجينة، حسبما يقول الرئيس التنفيذي للشركة أولا كيلينيوس.
فورد
يقول الكاتب مايك رذرفورد، إنّ توجُّه شركة فورد (Ford) لتعديل إستراتيجيتها الخاصة بالسيارات الكهربائية "مفهوم" في ضوء ارتفاع حجم الخسائر التي مُنيت بها، وهو ما دفع رئيسها التنفيذي، جيم فارلي، إلى كشف احتمالات بتأجيل طرح بعض الطرازات الكهربائية.
وكشفت العملاقة الأميركية عجزها عن بيع ما يكفي من السيارات الكهربائية لتعويض تكاليف تصنيعها؛ إذ خسرت 47 ألف دولار مقابل كل سيارة كهربائية باعتها في الربع الأخير من 2023.
وقال رئيس وحدة السيارات الكهربائية في "فورد"، مارين جاجا، إن الجيل المقبل من سيارات الشركة الكهربائية سينطلق فقط "عندما يكون مربحًا".
كما أعلنت فورد خفض إنتاج شاحنتها الكهربائية "إف-150 لايتنينغ" (F-150 Lightning) بسبب نمو المبيعات الأقلّ من المتوقع.
رينو
أعلنت شركة رينو الفرنسية (Renault) إطلاق وحدة منفصلة لإنتاج السيارات الكهربائية تحمل اسم "أمبير" (Ampere) التي عُدَّت على نطاق واسع بوصفها منافسة لشركة تيسلا الأميركية (Tesla) داخل أوروبا.
لكن ثبتَ -بحسب الكاتب رذرفورد- أن الشركة التي شهدت مبالغة كبيرة في قدراتها، هي "طفل صانع للمشكلات، لأن الشركة الأم رينو أُجبرت على إلغاء خطط الطرح العام الأولي للشركة الجديدة في البورصة الفرنسية".
وأرجعت رينو ذلك إلى ظروف السوق غير المواتية، وسط تراجع الطلب على السيارات الكهربائية، والمنافسة الشرسة من المنافسين من خارج أوروبا.
وبناءً على ذلك، يرى كاتب المقال مايك رذرفورد أن الطرح العام الأولي لأسهم أمبير سيكون "مدمرًا تمامًا".
ستيلانتس
حذّر الرئيس التنفيذي لشركة ستيلانتس (Stellantis)، كارلوس تافاريس، من "حمام دم" محتمل، إذا "قاتلت" الشركات حول العالم من أجل كسب المستهلكين على حساب بيع السيارات الكهربائية بالأسعار المناسبة.
وأوضح أنه إذا واصلت الشركات خفض الأسعار لجذب المستهلكين على حساب عدم تحقيق أرباح، فسوف يكون هناك "حمام دم" في الصناعة.
وقال، دون أن يسمي تيسلا: "أعرف شركة خفضت الأسعار بصورة وحشية، وانهارت أرباحها بصورة وحشية أيضًا".
تضم ستيلانتس علامات تجارية متعددة، منها "فيات" و"رام" و"بيجو"، وتأسست في 2021، من خلال اندماج المجموعة الإيطالية الأميركية "فيات كرايسلر" ومجموعة "بي إس إيه" الفرنسية.
لكن الأزمة التي يعلمها الجميع -بحسب كاتب المقال- هي أن أسعار السيارات الكهربائية ليست ميسورة التكلفة، وهنا تكمن مشكلة أن السيارات الكهربائية الخالصة عادةً ما تكون محبّبة إلى النفس، ولكن في كثير من الأحيان لا يمكن تحمُّل تكاليفها.
سيارات البنزين والديزل
قررت حكومة رئيس الورزاء ريشي سوناك، في 2023 الماضي، تأجيل حظر بيع سيارات البنزين والديزل الجديدة 5 سنوات إلى عام 2035.
لكن كاتب المقال أعرب عن شكّه بتحقيق الهدف في ذلك الموعد الجديد، متسائلًا عمّا إذا كانت الحكومة الجديدة ستضطر إلى تأجيل جديد، مشيرًا إلى أن حكومة المحافظين التي وضعت الهدف قد لا تستمر في موقعها، لتحلّ بدلًا منها قيادة جديدة من حزب العمال في الانتخابات المقبلة المقررة قبل نهاية هذا العام (2024).
كما تراجع حزب العمال عن تعهده بتخصيص 28 مليار جنيه إسترليني (35.5 مليار دولار أميركي) لاستثمارات خضراء تساعد في إنتاج السيارات الكهربائية.
وأرجع رئيس "العمال"، السير كير ستارمر الخطوة إلى "ارتفاع أسعار الفائدة وأضرار لحقت بالمالية العامة"، مؤكدًا: "لن نقدّم أيّ تعهدات أخرى للاستثمار في المناخ".
موضوعات متعلقة..
- غزو السيارات الكهربائية الصينية يهدد بإبعاد نظيراتها الغربية من الأسواق العالمية (تقرير)
- السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة تنزلق لطريق مظلم.. حل "فيات" قد ينقذها
- طفرة السيارات الكهربائية في أميركا تنهار.. انخفاض الطلب وتسريح العمالة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- لماذا انخفض سعر سهم أرامكو رغم مفاجأة الحقل الضخم؟.. تحليل من 4 خبراء
- حقيقة ارتفاع أسعار البنزين اليوم في مصر (خاص)
- اكتشاف احتياطيات غاز إضافية في قطر بـ240 تريليون قدم مكعبة