كم تحتاج شبكات الكهرباء لاستيعاب متطلبات تحول الطاقة عالميًا؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- طول شبكات الكهرباء حاليًا يصل إلى 84 مليون كيلومتر في العالم.
- شبكات الكهرباء تحتاج إلى إضافة 18 مليون كيلومتر جديدة بحلول عام 2030.
- الاستثمارات المطلوبة في البنية التحتية للشبكات تصل إلى 3.1 تريليون دولار.
- استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا خلال السنوات المقبلة.
- 30 مليون طن نحاس مطلوبة لمواكبة التوسع في شبكات الكهرباء بحلول 2030.
تواجه شبكات الكهرباء الحالية تحديات متصاعدة في أغلب دول العالم مع زيادة التوجه نحو الطاقة المتجددة في إطار سيناريوهات خفض الانبعاثات والحياد الكربوني المرتقبة بحلول عام 2050.
وتعاني الشبكات في البلاد النامية كثرة الأعطال وانقطاع التيار بسبب سوء البنية التحتية للكهرباء وتقادم أعمار الشبكات وضعف الاستثمارات في تحديثها منذ عقود، في حين تعاني في الدول المتقدمة تفاقم ظاهرة الاختناق أو الازدحام بسبب ضغوط الربط مع مشروعات الطاقة المتجددة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة في إسبانيا وهولندا وولايتي تكساس وكاليفورنيا بالولايات المتحدة على سبيل المثال.
وأسهمت هذه المشكلات في زيادة المخاوف بشأن قدرة شبكات الكهرباء على تحمل متطلبات مسارات تحول الطاقة؛ حيث تخشى وكالة الطاقة الدولية من أن تمثل الشبكات عقبة أمام سيناريوهات الحياد الكربوني إذا لم تتضاعف الاستثمارات في أعمال توسيعها وتحديثها ورقمنتها.
استثمارات الشبكات بحلول 2030
تعتقد شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن شبكات الكهرباء القديمة أو الحالية يمكن أن تقف حجر عثرة أمام مسارات تحول الطاقة، خاصة في ظل النمو المتسارع لنشر المصادر المتجددة.
وقدّر تقرير تحليلي صادر عن الشركة -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- حجم الاستثمارات المطلوبة في البنية التحتية لشبكات الكهرباء بما يتلاءم مع أهداف سيناريوهات الحياد الكربوني بإجمالي تراكمي 3.1 تريليون دولار بين عامي 2024 و2030.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور استثمارات شبكات الكهرباء في العالم خلال 4 سنوات حتى 2023:
ويتطلّب سيناريو الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يتجاوز 1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، توسع شبكات الكهرباء بنحو 18 مليون كيلومتر لمواكبة عمليات الكهربة الجارية في المدن والمقاطعات حول العالم.
وتواجه الشبكات ضغوطًا هائلة لاستيعاب القدرات الجديدة المضافة من تركيبات مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة إلى جانب استيعاب متطلبات التبني المتسارعة للسيارات الكهربائية عالميًا.
وإذا توسعت شبكات الكهرباء بالقدر المطلوب؛ فمن المتوقّع ارتفاع إجمالي طول الشبكات في جميع أنحاء العالم من 84 مليون كيلومتر حاليًا إلى 104 ملايين كيلومتر مربع في عام 2030، تتوسّع بعد ذلك إلى 140 مليون كيلومتر بحلول عام 2050، ما يعادل المسافة بين الأرض والشمس، بحسب تقديرات ريستاد إنرجي.
وتتوقّع ريستاد إنرجي أن تصل استثمارات الشبكات في العالم إلى 374 مليار دولار خلال 2024، ستمثل الصين وحدها 30% من هذه الاستثمارات.
وتشير تقديرات أخرى إلى ضرورة مضاعفة الاستثمار في شبكات الكهرباء حول العالم إلى 600 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، مع ضرورة إضافة أو تجديد 80 مليون كيلومتر من البنية التحتية للشبكة حتى نهاية العقد، ما يعادل كامل الشبكة الحالية في العالم، بحسب تقرير صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
أسباب ارتفاع الطلب على الكهرباء
يُعَد الطلب العالمي المتزايد على الكهرباء هو العامل الرئيس وراء زيادة المطالب بتحسين الشبكات، وترجع زيادة الطلب إلى أسباب عديدة؛ أبرزها النمو السكاني والتصنيع وارتفاع معدلات التحضر في البلدان النامية إلى جانب تسارع عمليات الكهربة في إطار جهود التخفيف من تغير المناخ.
كما أسهم الأمن السيبراني والاضطرابات الجيوسياسية والأولوية المتزايدة لتأمين إمدادات الكهرباء الوطنية الموثوقة في زيادة الحاجة إلى تطوير الشبكات وتحديث الأطر التنظيمية اللازمة لذلك لتسريع عملية التطوير الحيوية لمسارات تحول الطاقة.
ويمكن لشبكات الكهرباء أن تكون عامل تمكين أو عائقًا أمام تحول الطاقة؛ حيث مكّنت البنية التحتية القوية في بعض البلدان من التوسع السريع بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال السنوات الأخيرة.
ورغم ذلك؛ فإن العديد من الشبكات الوطنية أصبحت الآن قريبة أو على وشك عدم القدرة على استقبال مزيد من طلبات الربط أو الاتصال دون ترقيتها أو توسيعها؛ ما يستلزم زيادة مستويات الاستثمارات السنوية إذا أراد العالم الحفاظ على الاتجاه الحالي في نشر الطاقة المتجددة.
استثمارات الشبكات في أميركا وأوروبا
تقود آسيا الاستثمارات المتوقعة في توسيع شبكات الكهرباء عالميًا، إلا أن بعض المناطق الأخرى تحاول اللحاق لمواكبة الإضافات القوية من القدرات المتجددة، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا المتجهة لتعزيز الاستثمار في الشبكات بقوة خلال السنوات المقبلة.
يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استثمارات شبكات الكهرباء في المناطق الرئيسة بالعالم خلال عام 2023:
وتضمّن قانون الاستثمار بالبنية التحتية في أميركا مخصصات مالية تصل إلى 65 مليار دولار لتحديث وتوسيع البنية التحتية الوطنية للكهرباء.
كما أطلقت المفوضية الأوروبية خطة عمل للشبكات أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تستهدف استثمار 584 مليار يورو (626 مليار دولار) بين عامي 2020 و2030، كما تعمل المفوضية مع بنك الاستثمار الأوروبي على تبسيط إجراءات التمويل لدعم هذه الاستثمارات الكبيرة في الشبكة.
على الجانب الآخر، أطلقت شبكة الكهرباء الوطنية في المملكة المتحدة خطة عمل لتجديد شبكتها لأول مرة منذ عقود باستثمارات تصل إلى 16 مليار جنيه إسترليني (20.16 مليار دولار) خلال المدة من 2020 إلى 2026، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ما علاقة شبكات الكهرباء بالطلب على النحاس والألومنيوم؟
يتطلب التوسّع السريع في شبكات الكهرباء كميات هائلة من المواد الخام، خاصة من النحاس والألومنيوم؛ حيث يستعمل النحاس في صورة موصل في شبكات التوزيع تحت الأرض، والنقل والكابلات تحت سطح البحر، بينما يستعمل الألومنيوم في الخطوط الهوائية غالبًا إلى جانب صلاحيته للعمل في صورة موصل بالخطوط تحت الأرض.
ويتطلب توسيع الشبكات بمقدار 18 مليون كيلومتر بحلول عام 2030، قرابة 30 مليون طن من النحاس، وهو مادة تعاني بالفعل نقصَ معروضها العالمي؛ ما يستلزم زيادة البحث والتنقيب عنه أو تحمل تكاليف ارتفاع أسعاره بصورة باهظة مع زيادة الطلب.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب على النحاس والألومنيوم بنسبة 40% تقريبًا بنهاية هذا العقد، لكن هذا الطلب لن يكون مدفوعًا بتوسع شبكات الكهرباء فقط، بل سيأتي من مجالات أخرى تستعمل هذه المعادن بكثافة مثل البناء والنقل والطاقة المتجددة والمنتجات الاستهلاكية.
وتشير تقديرات ريستاد إنرجي إلى أن طلب شبكات الكهرباء على النحاس لن يتعدّى 4 ملايين طن في عام 2024، ما يعادل 14% من إجمالي الطلب على المعدن خلال العام نفسه.
ويُعَد التوسع في مد الشبكات ضروريًا لدعم توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة المتقطعة والنائية وربط المناطق الصناعية والتجارية والسكنية الجديدة، لكن هناك حلولًا أخرى لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء؛ أبرزها التوسع في أنظمة بطاريات التخزين لمعالجة مشكلات التوليد المتقطع المرتبط بالمصادر المتجددة؛ ما يقلل الحاجة إلى بناء خطوط جديدة للكهرباء.
كما يمكن أن تؤدي عمليات الإصلاح والتحديث لشبكات الكهرباء الحالية إلى زيادة السعة لكل كيلومتر، إضافة إلى أن عمليات رقمنة الشبكات يمكنها أن تحرر السعة من خلال تعزيز مرونة الشبكات، في حين يُمكن لمصادر الطاقة الموزعة مثل الطاقة الشمسية على الأسطح أن تقلل الحاجة إلى بناء خطوط جديدة للكهرباء، مع قدرتها على الوفاء باحتياجات الكهرباء للقطاع السكني على الأقل.
موضوعات متعلقة..
- أميركا تقود استثمارات شبكات الكهرباء العالمية في 2023 (رسم بياني)
- شبكات الكهرباء العالمية تحتاج إلى 600 مليار دولار سنويًا لتحقيق الأهداف المناخية
- علماء يستعملون الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بأحمال شبكات الكهرباء بدقة عالية
اقرأ أيضًا..
- كرواتيا تستقبل شحنة غاز مسال أميركية.. ومصر وقطر في القائمة
- تراجع صادرات النفط لـ5 دول عربية خلال 2023.. وارتفاعها في مصر (رسوم بيانية)
- إيرادات صادرات النفط السعودية في 2023 تنخفض 24% (إنفوغرافيك)
- شركة نفط عالمية ديونها تتجاوز 100 مليار دولار