التغيرات المناخية تعصف برياضة التزلج على الجليد في أوروبا
أحمد أيوب
تسببت ظاهرة التغيرات المناخية وما يصاحبها من ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في إيقاف الأنشطة الخاصة برياضة التزلج على الجليد في عدد من المناطق الأوروبية المخصصة لممارسة هذه الرياضات.
وبدأ عدد من المنتجعات في تغيير نشاطها، لتكون فقط مجرد متنزه للسير أو ممارسة رياضة الانزلاق عبر الحبل، بعد توقف أنشطة التزلج على الجليد بها، وفقًا لما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المحتمل أن يؤثر هذا أيضًا في عوائد المنتجعات التي تقدم رياضات التزلج على الجليد، وفي هذا السياق، قال مكتب التدقيق العام في فرنسا، إن النموذج الاقتصادي لمنتجعات التزلج في البلاد بدأ يفقد قوته في مواجهة التغيرات المناخية.
وأضاف أنه من المرجح أن تتأثر معظم المنتجعات بحلول عام 2050، مع تضرر المناطق الواقعة جنوب جبال الألب بشدة بسبب التغيرات المناخية.
تحطُّم طموحات المتزلجين
يقول أحد ممارسي رياضة التزلج على الجليد وهو بيترو كاسارتيلي، البالغ من العمر 18 عامًا، إن التغيرات المناخية تجعل تحقيق أهدافه أكثر صعوبة وأكثر تكلفة.
وكان " كاسارتيلي" يخطط العام الماضي (2023) للانضمام إلى معسكر تدريبي في تشيلي لممارسة رياضة التزلج، لكن الرحلة أُلغيت جرّاء ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة.
وعلى صعيد الأماكن التي يُمكن ممارسة هذه الرياضة فيها، فقد أعاد منتجع هوتاكام للتزلج (Hautacam) في جبال البرانس الفرنسية، تقديم نفسه باسم شاطئ هوتاكام على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت أماكن التزلج الـ20 به وجهات للمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات بدلًا من الرياضات الشتوية.
وقالت صاحبة متجر لتأجير معدات التزلج في هوتاكام، جوزيان سيمبي، إن أنشطتهم ستتوقف ما دامت هذه المواسم التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة مستمرة.
وفي منتجع هوتاكام، أصبح بإمكان السائحين ممارسة رياضة الانزلاق بالحبل، بدلًا من التزلج على الجليد، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا السياق، قالت مديرة الاتصالات والتسويق بمنتجع هوتاكام: "هل ستصبح ممارسة رياضة الانزلاق عبر الحبل هي الوصفة الوحيدة لمنتجعنا في الشتاء؟ إنه سؤال تُصعب الإجابة عنه".
وفي منتجع بارغيس القريب من منتجع هوتاكام، يتوفر لممارسي رياضة التزلج على الجليد خيار المنحدر الثلجي الاصطناعي.
وقال رئيس الاتحاد الفرنسي للتزلج الذي يضم 100 ألف عضو، فابيان ساجويز: "علينا أن نسأل أنفسنا، متى يكون من المقبول بدء سباقات التزلج، وتحت أي ظروف سنكون مستعدين لإجراء المسابقات الخاصة به".
التغيرات المناخية تحدٍّ للرياضات الشتوية
أظهر استطلاع رأي أجراه الاتحاد الدولي للبياثلون (IBU) أن نحو 60% من الرياضيين الممارسين لهذه الرياضة، التي تجمع بين التزلج والرماية، شعروا بتأثيرات تغير المناخ، ما أثّر في ظروف التدريب والمنافسة.
وقالت مديرة الاستدامة في الاتحاد الدولي للتزلج، سوزانا سيف، إن الطقس غير المتوقع يُمثل تحديًا أكبر للرياضات الشتوية مع ارتفاع درجات الحرارة.
واضطر الاتحاد الدولي للتزلج إلى إلغاء سباقين في ألمانيا وفرنسا هذا الشهر، في حين واجه كأس العالم لرياضة التزلج على الجليد عاصفة ضخمة في مدينة ماموث بولاية كاليفورنيا أدت إلى تساقط الثلوج بصورة قياسية.
ومع اقتراب موعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في ميلانو-كورتينا لعام 2026، تتزايد المخاوف من أن التغيرات المناخية ستهدد البطولة.
ونقل الموقع الإلكتروني للجنة الأولمبية الدولية عن رئيسها توماس باخ قوله في أكتوبر/تشرين الأول 2023: "بحلول منتصف القرن، سيبقى هناك ما بين 10 و12 لجنة أولمبية وطنية فقط يمكنها استضافة هذه الأحداث الثلجية".
وقال ستيفان ريمي، أحد زوار هوتاكام، إن أولئك الذين يرغبون في الاستمتاع بالجبل في الشتاء عليهم أن يلجؤوا إلى رياضات جديدة.
وقال: "من المرجح أن يزداد وضع الثلوج سوءًا، لذا يتعين علينا أن نتكيف مع هذا الأمر، ونجد أنشطة أخرى في الطبيعة، مثل ركوب الدراجات أو المشي لمسافات طويلة".
التغيرات المناخية وجبال الجليد
شهدت جبال الألب ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة خلال الأشهر الأولى من العام الماضي (2023)، إذ وصلت إلى 20.9 درجة مئوية (70 درجة فهرنهايت) في شمال غرب سويسرا، وفقًا لتقرير نشره موقع بي بي سي.
وأشار التقرير إلى أن التغيرات المناخية تحول التزلج على الجليد إلى هواية مهددة بالانقراض، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن مواسم التزلج باتت أقصر وتتحول المنحدرات إلى اللون الأخضر مع ارتفاع درجات الحرارة، كما أن الأمطار الغزيرة في منتجعات جبال الألب أدت إلى ذوبان الثلوج.
وقالت عالمة الجليد وباحثة المناخ، ماري كافيت، في الجامعة الكاثوليكية في لوفان ببلجيكا: "عندما ترتفع درجات الحرارة ينتهي الأمر باحتجاز الغلاف الجوي لمزيد من بخار الماء، ما يؤدي إلى هطول المزيد من الأمطار".
وقالت، إنه عندما ترتفع درجات الحرارة يتساقط بخار الماء على شكل أمطار بدلًا من أن يتساقط على شكل ثلج"، موضحة أن هذا هو ما يحدث في مناطق التزلج التي تقع على ارتفاعات منخفضة، التي تقل عن 1600 متر (5 آلاف و250 قدمًا).
وأضافت: "في هذه الأماكن نشهد المزيد من الأمطار على المواقع الثلجية التي تزيد من ذوبان الثلوج الموجودة"، مشيرة إلى أنه في المنتجعات ذات الارتفاعات المنخفضة في أوروبا يتقلص عمق الثلوج بمقدار 3-4 سم (1.2-1.6 بوصة) كل 10 سنوات.
موضوعات متعلقة..
- قصة مدينة أميركية عمرها 400 عام تهددها التغيرات المناخية بالغرق (صور)
- التغيرات المناخية توقع 59 دولة في أزمة ديون خلال 10 سنوات (تقرير)
- الذكاء الاصطناعي واحتجاز الكربون.. فرص لمكافحة التغيرات المناخية وتعزيز النمو
اقرأ أيضًا..
- ذكرى غزو أوكرانيا.. 11 تقريرًا ترصد تطورات أسواق الطاقة (ملف خاص)
- قطاع البطاريات الأوروبي.. إستراتيجية بـ6 محاور قد تخرجه من أزمته
- شركة نفط عالمية ديونها تتجاوز 100 مليار دولار