تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.. كيف يستفيد بوتين من قرار بايدن؟ (تقرير)
أسماء السعداوي
جاء قرار الرئيس جو بايدن بتجميد صادرات الغاز المسال الأميركي من المشروعات الجديدة في توقيت حرج بالنسبة لقارة أوروبا الساعية لتعويض غياب الغاز الروسي بعد غزو أوكرانيا في فبراير/شباط (2022).
وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدّري الغاز المسال عالميًا في (2023)، متجاوزة قطر وأستراليا، في حين أصبحت أوروبا الوجهة الرئيسة للصادرات الأميركية، وفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
لم يحدد بايدن موعد انتهاء سريان قرار تعليق تراخيص الغاز المسال الأميركي الممتد لأجل غير مسمى، لكنه قال، إنه مستمر لحين تقييم آثار الصادرات في المناخ والبيئة والاقتصاد.
ونال القرار إشادة واسعة من نشطاء المناخ، الذين ساعدوا بايدن للفوز بمنصبه، والذين يُعوّل عليهم -أيضًا- للفوز بالولاية الثانية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، التي من المحتمل أن يواجه فيها المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب.
وعلى نحو خاص، فتح تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي باب التساؤلات حول ما إذا كان الحظر المؤقت سيصبح دائمًا في حالة بقاء بايدن في البيت الأبيض، وهو ما يفضله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي هذه الحالة، ستتأثر صادرات أميركا إلى أوروبا، وهو ما سيُعيد بثّ الروح في الواردات القادمة من منافسي واشنطن بالسوق، وخاصة عدو الغرب اللدود، روسيا.
تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي
استعرض محلل شؤون الطاقة، ديفيد بلاكمون، قرار تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي من المشروعات الجديدة، من عدّة جوانب وهي؛ تأثير القرار في الاقتصاد المحلي، ومكانة أميركا بالسوق الأوروبية، وانبعاثات الكربون، وظهور منافسين جدد.
وفي مقال له نشرته صحيفة " ذا تيليغراف" البريطانية، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، وصف بلادكمون القرار بـ"غير المدروس"، وبأنه حجر عثرة.
ولفت إلى توقعات شركة النفط متعددة الجنسيات شل (Shell) بحدوث قفزة في الطلب العالمي على الغاز المسال بأكثر من 50% بحلول 2040، إلى ما يتراوح بين 625 و685 مليون طن متري، وستكون الصين وجنوب شرق آسيا أكبر مراكز نمو الطلب.
ومن الواضح -بحسب بلاكمون- أن نمو الطلب على الغاز المسال سيعود محملًا بمنافع هائلة على الاقتصاد الأميركي؛ إذ إن الولايات المتحدة هي أكبر مصدّر للغاز المسال في العالم، ومن المتوقع أن ترتفع قدراتها التصديرية بمقدار 12 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول 2027.
وثمة 5 مشروعات ضخمة حصلت على التصاريح اللازمة للانطلاق، ومن المقرر أن تدخل حيز التشغيل في السنوات المقبلة، دون أن تتأثر بقرار تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.
ويرى نائب الرئيس التنفيذي لشركة شل، ستيف هيل، أن القرار لن يؤثّر كثيرًا في دور أميركا بالسوق، شريطة عدم تمديد تعليق صادرات الغاز المسال.
وبالنسبة للشركات والمستثمرين في مشروعات التصدير الجديدة التي تنتظر فتح باب التراخيص، تكمن الصعوبة في أنه لا سبيل لهم لمعرفة إلى متى سيستمر القرار.
وهنا، يرى ديفيد بلاكمون أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة بشدة ستكون عامل الحسم، للفصل بشأن استمرار حظر صادرات الغاز المسال الأميركي من عدمه.
وفي حالة إعادة انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن، فثمة ما يكفي من الأسباب لتوقّع استمرار الحظر، أمّا في حالة عودة دونالد ترمب، فسيُلغى فور وصوله إلى البيت الأبيض.
صادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا
سيكون التعليق الدائم لصادرات الغاز المسال الأميركية من المشروعات الجديدة "ضارًا للغاية" لشركاء أميركا، وخاصة في أوروبا، تلك هي وجهة نظر الكاتب ديفيد بلاكمون.
يتفق معه في الرأي المدير العام في شركة تورتواز كابيتال لاستثمارات الطاقة (Tortoise Capital) روب ثوميل، بقوله، إن صادرات الغاز المسال الأميركية تحسّن أمن الطاقة العالمي؛ إذ إن الغاز الأميركي أصبح مصدر إمدادات الطاقة الرئيس بالنسبة لأوروبا، بدلًا من روسيا.
يوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في 2023:
كما سيكون للتعليق الدائم للصادرات تأثير في زيادة انبعاثات غاز الاحتباس الحراري العالمية، رغم أن مسؤولي إدارة بايدن يزعمون العكس، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
يقول ثوميل: "صادرات الغاز المسال الأميركي تقلل انبعاثات الكربون العالمية، إذ إن الغاز الطبيعي عادة ما يحلّ بدلًا من الفحم بتوليد الكهرباء في دول مثل الصين والهند".
أكبر المستفيدين
يرى بلاكمون أنه إذا توقفت زيادة قدرات تصدير الغاز المسال الأميركي في المستقبل بوساطة إجراءات السياسات الحكومية "الاستبدادية"، سيخسر الاقتصاد الأميركي مليارات الدولارات من رؤوس الأموال، وستتدفق إلى دول أخرى.
ولملء ذلك الفراغ، ستتدفق تلك الأموال على دول أخرى من كبار مصدّري الغاز المسال حاليًا، ومنهم الجزائر وقطر وأستراليا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما تشمل قائمة المستفيدين في حالة استمرار حظر صادرات الغاز المسال الأميركي من المشروعات الجديدة، روسيا التي كانت أكبر مورّدي الغاز إلى أوروبا، وخاصة ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في القارة العجوز.
لكن غزو موسكو لأوكرانيا وما تلاه من تدمير خطَّي أنابيب نورد ستريم 1 و2، دفعا روسيا خارج مشهد الطاقة في أوروبا التي سارعت بتأمين إمدادات بديلة لتجنّب تكرار أزمة الطاقة التي أعقبت الحرب.
ولذلك، يرى الكاتب أنه من المنطقي أن يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه يفضّل فوز الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في انتخابات الرئاسة المقبلة.
وفي مقابلة بثّها التلفزيون الروسي -الأربعاء 14 فبراير/شباط-، وصف بوتين بايدن بكونه أكثر خبرة، ويمكن التنبؤ بمواقفه عن دونالد ترمب، رغم أن موسكو تختلف بشدة مع سياسات الإدارة الأميركية الحالية.
وما يعزز موقف روسيا هو عجز دول أوروبا عن توفير شحنات غاز مسال بأسعار معقولة في ظل سوق تنافسية بازدياد، ما سيفرض ضغوطًا لرفع العقوبات الغربية، واستئناف تشغيل خطوط أنابيب الغاز الروسي.
موضوعات متعلقة..
- الهند تتخلى عن الغاز المسال الأميركي بسبب توترات البحر الأحمر
- مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة تؤمّن صفقات بيع 22 مليون طن سنويًا
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.. أبرز المستفيدين والمتضررين من قرار بايدن
اقرأ أيضًا..
- أميركا تتلاعب بمخزون النفط الإستراتيجي.. وهذه خطتها لسعر 95 دولارًا (تقرير)
- اكتشاف نفطي في مصر يترقب بدء الإنتاج قريبًا
- هل الهيدروجين الطبيعي متجدد؟ بحث يجيب ويكشف 6 طرق للإنتاج