الغاز الروسي إلى الصين.. بكين وموسكو تواجهان عقوبات الغرب (مقال)
فيلينا تشاكاروفا - ترجمة: نوار صبح
- • صادرات روسيا من النفط إلى الهند ارتفعت إلى 70 مليون طن في عام 2023
- • إمكان دمج أنظمة نقل الغاز الشرقية والغربية في روسيا بحلول عام 2030-2032
- • الأزمة في البحر الأحمر تؤدي إلى تضخيم الأهمية الإستراتيجية لطرق النقل البديلة
- • الاستعمال المعزز لممر بحر الشمال يجسد إستراتيجيات روسيا في التعامل مع أسواق الطاقة العالمية
بعد التركيز سابقًا على قرار الهند خفض مشترياتها من النفط الروسي، يركز تحليلنا هذا الأسبوع على الغاز الروسي إلى الصين، الحليف المحوري الثاني لموسكو في مجال الطاقة، وسط العقوبات الغربية المستمرة.
وكشفت التصريحات الأخيرة لرئيس شركة ترانسنفط، نيكولاي توكاريف، أن صادرات روسيا من النفط إلى الهند ارتفعت إلى 70 مليون طن في عام 2023، في حين ارتفعت الشحنات للصين إلى 100 مليون طن.
ويتوقع رئيس الاتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال، ألكسندر شوكين، أن تتجاوز صادرات النفط الروسي إلى الهند 100 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، إذا استمر المسار الحالي.
قطاع الغاز الرابح الحقيقي
كان قطاع الغاز الرابح الحقيقي في العلاقات الثنائية بين بكين وموسكو، وأعلنت شركة غازبروم الروسية إنجازًا مهمًا في 3 فبراير/شباط الجاري 2024، وهو ما يمثل الرقم القياسي التاريخي الخامس لتسليم الغاز اليومي عبر خطوط الأنابيب إلى الصين منذ بداية العام.
وتجاوزت عمليات التسليم عبر خط أنابيب الغاز باور أوف سيبريا Power of Siberia مرة أخرى الالتزامات التعاقدية اليومية للشركة، وفقًا لبيان.
ويأتي ذلك بعد سلسلة من الأداء القياسي في يناير/كانون الثاني 2024، إذ تجاوزت شحنات الغاز الروسي إلى الصين يوميًا المستويات المتفق عليها في العقد لعام 2024.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت شركة غازبروم عن زيادة ملحوظة في إمدادات الغاز الروسي إلى الصين من خلال خط أنابيب باور أوف سيبريا، ما حقق زيادة بمقدار 1.5 مرة إلى 22.7 مليار متر مكعب في عام 2023، أي 700 مليون متر مكعب فوق الكميات التعاقدية المتفق عليها.
يسير خط أنابيب "باور أوف سيبريا" على الطريق الصحيح، للوصول إلى قدرته الكاملة البالغة 38 مليار متر مكعب بحلول عام 2025.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم، أليكسي ميلر، التوسع المستقبلي لصادرات الغاز الروسي إلى الصين، الذي سيتصاعد إلى 48 مليار متر مكعب سنويًا من خلال خط أنابيب "باور أوف سيبيريا"، عبر إضافة مشروع طريق الشرق الأقصى.
ويتضمن المشروع خط أنابيب العبور عبر منغوليا، ويمكن أن يتضاعف إجمالي الصادرات تقريبًا إلى ما يقرب من 100 مليار متر مكعب سنويًا.
احتمال زيادة حجم إمدادات الغاز الروسي
أشار الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم، أليكسي ميلر، إلى أن المناقشات جارية مع بكين لاحتمال زيادة حجم إمدادات الغاز الروسي إلى الصين، بما يتجاوز قدرة باور أوف سيبريا البالغة 38 مليار متر مكعب، مع توقع التوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب.
ويسلط هذا التطور الضوء على شراكة الطاقة العميقة بين روسيا والصين، على خلفية التوترات الجيوسياسية والعقوبات.
في فبراير/شباط 2024، سجلت شركة غازبروم رقمًا قياسيًا تاريخيًا جديدًا لشحنات الغاز اليومية عبر خطوط الأنابيب إلى الصين، إذ تجاوز خط أنابيب باور أوف سيبريا 1 الالتزامات التعاقدية اليومية للشركة مرة أخرى.
ويمثل هذا الإنجاز الرقم القياسي الخامس الذي سُجل منذ بداية عام 2024، بعد 4 أرقام قياسية سُجلت في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما تصاعدت إمدادات الغاز الروسي إلى الصين يوميًا، إلى مستويات غير مسبوقة على النحو المبين في عقد 2024.
ويجري تنفيذ عمليات التسليم هذه بموجب اتفاق شراء وبيع شامل طويل الأجل للغاز بين شركتي غازبروم، والبترول الوطنية الصينية (CNPC).
وطوال عام 2023، جرى تجاوز الرقم القياسي لإمدادات الغاز الروسي إلى الصين يوميًا عبر خط أنابيب "باور أوف سيبريا-1" 9 مرات، ما يدل على الطلب القوي والدور الحاسم لخط الأنابيب في التعاون الصيني الروسي في مجال الطاقة.
تأثير الظروف الجوية القاسية
شهدت بداية عام 2024 تأثيرًا ملحوظًا للظروف الجوية القاسية في الصين في ديناميكيات إمدادات الغاز. في المدة من 1 إلى 4 فبراير/شباط الجاري، أصابت الظروف الجليدية وتساقط الثلوج المناطق الوسطى والشرقية من الصين، بما في ذلك مقاطعات خنان وهوبي وجيانغسو.
في المقابل، شهدت مقاطعتا آنهوي وشاندونغ تساقط كميات كبيرة من الثلوج.
ونصح المركز الوطني للأرصاد الجوية في الصين السلطات بالتخفيف من الآثار السلبية لهذا الطقس العاصف، خاصة بالنظر إلى الطفرة في السياحة المرتبطة باحتفالات السنة القمرية الجديدة، وضمان سلامة واستمرارية السفر خلال موسم الذروة هذا.
وعززت شركتا غازبروم، والنفط الوطنية الصينية شراكتهما في مايو/أيار 2014، إذ اتفقتا على توريد 38 مليار متر مكعب من الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الصين سنويًا عبر الطريق الشرقي (خط أنابيب باور أوف سيبريا -1) على مدى 30 عامًا.
وجرى افتتاح المرحلة الأولية لخط الأنابيب، الذي يربط حقل تشاياندينسكوي في جمهورية ساخا (ياقوتيا) بالحدود الصينية في منطقة أمور، في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وتمتد المرحلة اللاحقة من حقل كوفيكتا في منطقة إيركوتسك إلى حقل تشاياندينسكوي، جرى تفعيلها في ديسمبر/كانون الأول 2022. ومع مواصلة تطوير الحقول الأساسية لخط الأنابيب وتوسيع قدرات الضاغط والاستقبال، زادت قوة إنتاجية خط أنابيب باور أوف سيبيريا-1 بصورة مطردة.
وفي عام 2023، زود خط الأنابيب الصين بـ22.7 مليار متر مكعب من الغاز، متجاوزًا الكمية المخطط لها البالغة 22 مليار متر مكعب، ويمثل زيادة بنسبة 47.4% عن تسليمات العام السابق.
ومن المتوقع أن يحقق خط الأنابيب قدرته التصميمية الكاملة البالغة 38 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2025.
على صعيد آخر، أشارت شركة غازبروم إلى إمكان إبرام اتفاقية مع الصين، لتعزيز القدرة التوريدية لخط أنابيب باور أوف سيبريا -1 بما يتجاوز تصميمه الأصلي، وتطرقت سابقا إلى الزيادات لنحو 44 مليار متر مكعب وحتى 60 مليار متر مكعب سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، اتفقت شركة غازبروم وشركة النفط الوطنية الصينية على إنشاء طريق الشرق الأقصى، المعروف سابقًا باسم مشروع باور أوف سيبريا-3.
ووُقع عقد مدته 25 عامًا لتوريد 10 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين سنويًا عبر هذا الطريق في فبراير/شباط 2022، ومن المتوقع أن تبدأ عمليات تسليم الغاز بحلول عام 2027 على أبعد تقدير.
في الوقت نفسه، فإن الممر الغربي، الذي يشمل خط أنابيب باور أوف سيبريا -2 في روسيا وخط أنابيب سويوز فوستوك في منغوليا، ما يزال قيد المناقشة، ومن المتوقع أن تبلغ قدرة تصدير هذا الممر 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
وذكر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إمكان دمج أنظمة نقل الغاز الشرقية والغربية في روسيا بحلول عام 2030-2032 من خلال بناء خط أنابيب باور أوف سيبريا -2، مسلطًا الضوء على مفاوضات العقود الجارية مع الصين.
وحال حققت روسيا أهدافها المتمثلة في تعزيز القدرة التصديرية لباور أوف سيبريا -1 وبناء خط أنابيب باور أوف سيبريا -2 في السنوات المقبلة، فمن المعقول إعادة توجيه ما يصل إلى ثلثي أحجام الغاز المتجهة تقليديًا إلى أوروبا، تتراوح سنويًا بين 150 و170 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين.
ويؤكد هذا المحور الإستراتيجي احتمال ظهور اعتماد متبادل جديد، ما يضع السوق الصينية بصفتها بوابة محورية لمزيد من التوسع الروسي في أسواق أخرى عبر جنوب وجنوب شرق آسيا.
وفي ظل تصاعد الطلب على الغاز الطبيعي المسال الروسي، فإن هذا التحول نحو الشرق يؤدي إلى تنويع وجهات تصدير الطاقة الروسية، ويعزز ديناميكيات السوق القوية في الصين، لتعزيز التعاون الإقليمي الأوسع في مجال الطاقة.
وتؤدي الأزمة في البحر الأحمر إلى تضخيم الأهمية الإستراتيجية لطرق النقل البديلة، ولا سيما طريق بحر الشمال (NSR).
ويشكل طريق بحر الشمال، الذي يوفر ممرًا بحريًا يربط الأراضي الأوروبية بالأسواق الآسيوية عبر مضيق بيرينغ، بديلًا مقنعًا. يمكن لهذا الممر أن يقلل مسافة السفر بنسبة تصل إلى 40%، ما يؤدي إلى توفير كبير في استهلاك الوقود وتكاليف الشحن.
وقد اكتسب تشغيل ممر بحر الشمال زخمًا، وهو ما تجلى في تسجيل رقم قياسي جديد لعبور البضائع في عام 2023.
وقد جرى دعم هذا الإنجاز من خلال أكثر من 730 خدمة تقدمها بصفتها سحات الجليد النووية، ما يسهل أحجامًا غير مسبوقة من البضائع العابرة، خصوصًا النفط الروسي المتجه إلى الصين.
ويُظهر الطلب القوي على النفط الروسي في الصين، إلى جانب الكفاءة التشغيلية لمسار البحر الأبيض المتوسط، الأهمية المتزايدة للممر في التجارة العالمية، ويسلط الضوء على المناورة الإستراتيجية التي تقوم بها روسيا لتحسين إمكاناتها التصديرية وسط التحديات الجيوسياسية.
وتشير هذه الديناميكية المتطورة إلى إعادة التوجيه الإستراتيجي لسياسات تصدير الطاقة الروسية، والاستفادة من المزايا الجغرافية والتكنولوجية، للتخفيف من الاضطرابات واغتنام الفرص المتاحة في الأسواق الناشئة.
ويجسد الاستعمال المعزز لممر بحر الشمال، وسط الأزمات الإقليمية، إستراتيجيات روسيا التكيفية في التعامل مع أسواق الطاقة العالمية، ما يمهد الطريق إلى إعادة تشكيل مشهد الطاقة في منطقة أوراسيا.
فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- طموح صادرات الغاز الروسي إلى الصين يواجه اعتراضات تركمانستان
- قازاخستان تنقل الغاز الروسي إلى الصين عبر خط أنابيب جديد
- صادرات الغاز الروسي إلى الصين تدخل مفاوضات عميقة.. والغموض يكتنف خط الأنابيب الثالث (تقرير)
- بوتين يعتزم زيادة صادرات الغاز الروسي إلى الصين.. ويكشف عن آلية جديدة للأسعار الأوروبية
اقرأ أيضًا..
- مصافي النفط في سلطنة عمان.. أبرز الأرقام والقدرات (إنفوغرافيك)
- أكبر مستوردي الديزل الروسي في 2023.. السعودية والمغرب بالقائمة
- 3 دول عربية تملأ فراغ واردات الهند من النفط الأميركي