تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.. أبرز المستفيدين والمتضررين من قرار بايدن
محمد عبد السند
- صادرات الغاز المسال الأميركي المعلقة تُربك حسابات السوق العالمية.
- من المرجّح أن يدفع القرار الشركاء التجاريين إلى إعادة تقييم مخاطر العرض المرتبطة بهم.
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي سيستمر حتى تتمكّن وزارة الطاقة في الولايات المتحدة من تحديث تحليلاتها.
- لاقى قرار وقف صادرات الغاز المسال الأميركي انتقادات واسعة من قِبل مجموعات الصناعة في أوروبا وآسيا.
- القرار يهدد بتقييد إمدادات الغاز المسال الأمريكي المرنة التي سيحتاج إليها العالم.
ما زال قرار وقف منح التراخيص لمشروعات صادرات الغاز المسال الأميركي، الذي اتخذه البيت الأبيض مؤخرًا، يثير جدلًا داخل القطاعات المعنية محليًا وعالميًا، بالنظر إلى كون الولايات المتحدة قوة ضاربة في تلك السوق الإستراتيجية.
وفي 26 يناير/كانون الثاني (2024) علّق الرئيس الأميركي جو بايدن -مؤقتًا- الموافقات على مشروعات جديدة من شأنها زيادة صادرات بلاده من الوقود شديد البرودة؛ استجابةً لضغوط من نشطاء المناخ.
ومن المتوقّع أن تكون لقرار البيت الأبيض وقف مشروعات صادرات الغاز المسال الأميركي الجديدة آثار طفيفة في صادرات الولايات المتحدة، أكبر مورّد لتلك السلعة الحيوية في العالم والتي من المتوقع أن تتضاعف سعتها التصديرية خلال السنوات الـ5 المقبلة، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
عدم يقين عالمي
يرى خبراء أن قرار تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي الذي يُنظر إليه على أنه خُطوة سياسية قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، يخلق عدم يقين بشأن حصة السوق العالمية على المدى الطويل من هذا الوقود الإستراتيجي الأميركي، وفق ما أوردته منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
وأوضح محللون أنه من المرجّح أن يدفع القرار الشركاء التجاريين لواشنطن إلى إعادة تقييم مخاطر العرض المرتبطة به، بينما من المرجح أن تتوقف العقود طويلة الأجل المرتبطة بالمشروعات التي تواجه عدم اليقين الناتج عن الإجراء الجديد.
وفي هذا الشأن قالت كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية سي إس آي إس (CSIS) ليزلي بالتي غوزمان، إنه "لا شك في أن أميركا قوة عظمى مترددة في مجال الطاقة"، خلال مناقشة عبر الإنترنت في 31 يناير/كانون الثاني (2024).
وأضافت غوزمان: "تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي خطوة سياسية ليس لها تأثير في التجارة، وعلى المدى القصير، لا يوجد تأثير، ولكن المعضلة ستظهر لاحقًا في التداعيات على الاستثمارات والجغرافيا السياسية".
وتعكس سعة الغاز المسال الأميركي المتضاعفة من مستوياتها الحالية البالغة قرابة 84 مليون طن سنويًا ضمنيًا ارتفاع الأحجام الأميركية من تلك السلعة إلى نحو ثُلث إمدادات الغاز المسال العالمية بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، وفق محللي منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.
تعطيل الاستثمارات
يرى محللون أن تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي، الذي أقدم عليه البيت الأبيض، يهدد آفاق صادرات واشنطن؛ ما قاد وكالة إس أند بي غلوبال إلى إرجاء كل قرارات الاستثمار النهائية في الولايات المتحدة والمكسيك؛ حيث تحتاج المشروعات التي ستزود بالغاز الأميركي إلى الحصول على الموافقات التنظيمية.
من جهته قال مدير تحليلات الغاز المسال في منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس روس واينو: "نرى أن توقف وزارة الطاقة عن منح الموافقات التي لا تخضع لاتفاقات التجارة الحرة، يعرّض قرابة 30 مليون طن سنويًا من سعة صادرات الغاز المسال المحتملة في الولايات المتحدة والمكسيك للخطر".
وقال محللو منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس، الذين كانوا قد توقّعوا أن تحصل المشروعات في أميركا والمكسيك والبالغة سعتها 23.7 مليون طن سنويًا على الموافقة خلال العام الجاري (2024)، إن كل قرارات الاستثمار النهائية تلك سيجري إرجاؤها حتى العام المقبل (2025) على الأقل.
مراجعة السياسة
قال البيت الأبيض إن قرار تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي سيستمر حتى تتمكّن وزارة الطاقة في الولايات المتحدة من تحديث تحليلاتها التي تستعملها لتحديد إذا كان منح ترخيص صادرات لا يخضع لاتفاقية التجارة الحرة إلى مشروع ما، سيصب في الصالح العام.
وستُركِّز مراجعة السياسة على تأثيرات صادرات الغاز المسال في تكاليف الطاقة وأمن الطاقة والبيئة في أميركا، مع التركيز على تغير المناخ.
وقال كبار المسؤولين إن تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي سيستغرق شهورًا، تليه مدة نقاش عام، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا الصدد قال الزميل البارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بن كاهيل: "قد يستمر التعليق لمدة عام فقط؛ وفي التخطيط الكبير للأمور، لا يمثل التأخير لمدة عام واحد في عدد قليل من مشروعات الغاز المسال المقترحة شيئًا خطيرًا".
وأضاف كاهيل: "إذا كان هذا هو التأثير الوحيد؛ فلن يغير التدفقات تغيرًا كبيرًا"، خلال تصريحاته التي أدلى بها في المؤتمر المنعقد يوم 31 يناير/كانون الثاني (2024).
مَن البديل؟
طرح كاهيل سؤالين محوريين: "ماذا لو لم تأتِ الإمدادات المستقبلية الهامشية من الولايات المتحدة الأميركية؟ هل ستكون هناك إمدادات كافية من بلدان أخرى لسد الطلب العالمي؟".
وهنا تبرز نقطة مهمة مؤداها أنه إذا كان بعض مشتري الغاز المسال الذين لديهم عقود طويلة الأجل مرتبطة بالمشروعات المتضررة من الوقف الاختياري سيحولون وجهتهم إلى موردين آخرين، إلى جانب استجابة الحلفاء التجاريين.
وفي هذا الخصوص قال محللون إن المشروعات المنافسة في قطر أو مناطق أخرى مثل غرب كندا يمكن أن تستفيد من عدم اليقين التنظيمي في الولايات المتحدة إذا اختار مشترو الغاز المسال البحث في مكان آخر.
انتقادات مستمرة
لاقى قرار وقف صادرات الغاز المسال الأميركي انتقادات واسعة من قِبل مجموعات الصناعة في أوروبا وآسيا، في حين رحّبت مجموعات الدفاع عن البيئة التي كثيرًا ما دافعت في اتجاه تنفيذه.
فقد وصف الاتحاد الدولي للغاز -هيئة صناعية تمثل جميع أجزاء سلسلة قيمة الغاز- الخطوة التي اتخذتها أميركا بأنها "تطور باعث على القلق".
وقال الاتحاد إن هذا التعليق يهدد بفرض قيود على إمدادات الغاز المسال الأميركية المرنة التي سيحتاج إليها العالم، في حين ستبقى الإمدادات العالمية محدودة والسوق عُرضة لمزيد من التقلبات وارتفاع الأسعار.
موضوعات متعلقة..
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي من المحطات الجديدة.. بايدن يقلب الطاولة على أوروبا
- صادرات الغاز المسال الأميركي تحقق رقمًا قياسيًا في نهاية 2023
- صادرات الغاز المسال الأميركية قد ترتفع 22% بحلول 2025 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- فولفو تتخارج من بوليستار وتعمق جراح قطاع السيارات الكهربائية
- 6 خبراء يكشفون لـ"الطاقة" دوافع أرامكو السعودية لوقف زيادة الإنتاج
- 6 تساؤلات عن طريق رأس الرجاء الصالح ومقارنته مع قناة السويس (أرقام وخرائط)