أسعار البنزين في إيران.. مخاوف من الارتفاع وسط أزمة خطيرة

سامر أبو وردة

2024-01-26

0 1٬958

نفى المتحدث باسم الحكومة في طهران علي بهادري جهرمي، احتمالات زيادة أسعار البنزين في إيران، خلال السنة المالية الجديدة.

وقال المتحدث -في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة- إنه لا يوجد قرار من الحكومة برفع أسعار البنزين خلال السنة المالية المقبلة، التي من المقرر أن تبدأ في 21 مارس/آذار (2024).

جاء ذلك ردًا على تساؤلات بشأن احتمالية رفع أسعار البنزين في إيران، خلال مناقشة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة.

وأضاف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية أن بنود مشروع القانون الجديد من المقرر نشرها في الإعلام لدى الانتهاء منه.

أسعار البنزين وحجم الاستهلاك

تدعم الحكومة أسعار البنزين في إيران بنظام الحصص من خلال نظام توزيع الوقود الذكي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

واستُحدثت بطاقات الوقود للمرّة الأولى في 2007، ضمن مساعي إصلاح منظومة الدعم الحكومي للوقود، لدعم أسعار البنزين في إيران ووضع حد للتهريب الذي ينتشر على نطاق واسع.

ويُوفر نظام توزيع الوقود الذكي الدعم لأسعار البنزين في إيران بواقع حصة 60 لترًا شهريًا لكل مركبة بسعر 15 ألف ريال للّتر الواحد (0.36 دولارًا أميركيًا).

ويُمكن لسيارات الأجرة والشاحنات الخفيفة شراء 300 لتر، وعند تجاوز حد الحصة المُقررة يتضاعف سعر البنزين في إيران ليصبح 30 ألف ريال (0.71 دولارًا)؛ ما يجعله ضمن الأرخص عالميًا، وفقًا لموقع غلوبال بترول برايسز.

(الدولار الأميركي = 420 ألف ريال إيراني)

وفي مارس/آذار 2018، كشف تقرير لصندوق النقد الدولي عن أن دعم أسعار البنزين في إيران، خلال العام المالي 2017-2018، قد كلّف الدولة 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتحتلّ إيران المرتبة السابعة عالميًا من حيث استهلاك البنزين، بسبب الارتفاع الحادّ في الاستهلاك وانخفاض أسعار البنزين في إيران، الذي بلغ قرنًا من الزمان.

وأدّى انخفاض أسعار البنزين في إيران إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك وتفشّي عمليات التهريب؛ على سبيل المثال، هو أعلى بـ10 أضعاف من معدلات الاستهلاك في باكستان تركيا، رغم أن الأخيرة بلد أكثر ثراء مع عدد أكثر من السكان.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بلغ معدل شراء سكان إيران البالغ عددهم 80 مليونًا، 90 مليون لتر يوميًا، وقُدر حجم البنزين المُهرّب بنحو 10 إلى 20 مليون لتر يوميًا، بحسب وكالة فارس.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، أكّد أمين الاتحاد المهني لأرباب العمل بصناعة التكرير في إيران ناصر عاشوري، أن استهلاك البنزين بلغ 115 مليون لتر يوميًا، وأضاف أن الاستهلاك سيزداد مع بداية العطل الرسمية ومن ثم ينخفض.

وأشار عاشوري إلى أن استهلاك البنزين في السيارات المحلية هو ضعف المعيار العالمي؛ "أي أن سياراتنا تستهلك نحو 12 لترًا من البنزين لكل 100 كيلومتر، وهو ما يجب خفضه إلى النصف من خلال إصلاح صناعة السيارات؛ إذا حدث هذا الأمر، يمكن التحكم في استهلاك الوقود"، وفق قوله.

واستطرد: "إنتاج البنزين هذا العام لم يقتصر على عدم الانخفاض؛ بل زاد أيضًا مقارنةً بالعام الماضي، لكن بطبيعة الحال مع طاقتنا الحالية لا يمكننا تلبية طلب يومي بمقدار 150 مليون لتر من البنزين، ما لم تُشغّل المصافي الأخرى بما في ذلك مشروع مهر الخليج".

وأوصى عاشوري بأن تنفذ الحكومة الحلول حتى تتمكن من إدارة الاستهلاك والاستجابة له بالمقدار نفسه من إنتاج البنزين، أحد الحلول هو تطوير صناعة الغاز الطبيعي المضغوط وزيادة حصتها في سلة الوقود التي يمكن أن تحل محل البنزين.

إنتاج إيران وحجم العجز

تهدف إيران إلى إنتاج 7 ملايين لتر يوميًا، ويُقدّر العجز بنحو 100 مليون لتر.

وتعد الجداول الزمنية الطويلة للبناء والعوائق المالية المحتملة تحديات كبيرة تواجه مشروع مصفاة سليماني النفطية، الذي يهدف إلى زيادة إنتاج البنزين بمقدار 7 ملايين لتر يوميًا.

وأدّت العقوبات المستمرة التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران، التي تمنعها من الحصول على الموارد والتكنولوجيا اللازمة لـمشروعات التكرير الجديدة، إلى محدودية موارد الحكومة الإيرانية.

وأكّد مركز أبحاث مجلس الشورى الإسلامي أن هناك ندرة حادة وراء أزمة الوقود في إيران؛ ما يضطرها إلى استيراد 10 ملايين لتر من البنزين يوميًا.

وقال نائب وزير النفط الإيراني جليل سالاري، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن الشركة تعتزم تعزيز طاقة إنتاج البنزين بمليوني لتر يوميًا حتى 21 أبريل/نيسان 2024.

وأشار سالاري إلى أن الطاقة الفعلية لإنتاج البنزين في إيران تبلغ 115 مليون لتر يوميًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبيّن أن تعزيز الإنتاج سيتحقق بتفعيل محطات الأنابيب الموصلة اللقيم للمصافي؛ إذ إنه من المستهدف إضافة ما بين 50 ألفًا و60 ألف برميل من اللقيم إلى مصافي التكرير؛ ما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج بنحو 3.5 مليون لتر سولار يوميًا بجانب نحو مليون لتر بنزين.

مصفاة نجم الخليج الفارسي في إيران - الصورة من وكالة شانا الإيرانية

أزمة الوقود والحاجة لرفع سعر البنزين

تُواصل أزمة الوقود في إيران تفاقمها لتصبح أكثر خطورة، بسبب النقص الحاد في البنزين، وتأخير الإمدادات.

وتتسبب أزمة الوقود في إيران باختناقات مرورية مستمرة وتعطُّل وسائل النقل والأنشطة اليومية بسبب الطوابير الطويلة والنقص الواضح بمحطات الوقود.

وتمثّل مشكلة النفط تهديدًا خطيرًا للمعيشة اليومية والأنشطة التجارية، حتى مع الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمعالجة القضايا الملحّة، مثل السحب من الاحتياطيات الإستراتيجية، وتعديل أسعار البنزين في إيران، والنظر في الشراكات الأجنبية، وتُبرز الأزمة الحاجة إلى خطط طويلة المدى لضمان أن إمدادات الطاقة في البلاد يمكن الاعتماد عليها ومستدامة.

وتُعَد زيادة استعمال الوقود، وانخفاض أسعار البنزين في إيران، وتصنيع البنزين غير القياسي، وانقطاع سلسلة التوريد، والهجوم الإلكتروني على محطات الوقود في عام 2023، ضمن العوامل التي تفاقم هذه المشكلة المعقدة.

وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلنت الشركة الوطنية للنفط زيادة أسعار البنزين في إيران بنسبة 50%، حتى حصة 60 لترًا شهريًا، وزيادة أسعار البنزين في إيران بنسبة 200% لمن يتجاوز الحصة الشهرية التي تدعمها الدولة.

وشهد عدد من المدن والبلدات في إيران، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مظاهرات احتجاجية على قرار الحكومة بتقنين توزيع الوقود، في مشهد وشيراز وسيرجان وكرمان والأهواز، وشهدت المظاهرات أحداث عنف.

الهجوم الإلكتروني على نظام توزيع الوقود

خلال الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول (2023)، تعطّلت غالبية محطات الوقود في إيران بسبب خلل فني بمنظومة بيع البنزين.

وقال وزير النفط جواد أوجي، إن الخدمات تعطلت بنحو 70% من محطات الوقود في البلاد، وأضاف: "30% على الأقل من محطات الوقود في إيران تعمل، والباقي يعمل على حل انقطاع الخدمات تدريجيًا"، حسبما ذكرت وكالة رويترز نقلًا عن التلفزيون الرسمي الإيراني.

وأعلن نائب وزير النفط الإيراني جليل سالاري، أن سبب الخلل وقوع هجوم سيبراني على نظام تزويد الوقود.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن مجموعة قراصنة تطلق على نفسها "العصفور المفترس" مرتبطة بتل أبيب نفّذت هجومًا سيبرانيًا ضد محطات وقود في طهران.

وأعاد توقّف محطات الوقود في إيران، آنذاك، إلى الأذهان، الهجوم الإلكتروني الذي تعرّضت له في أواخر عام 2021.

وتتوقع منظمة الدفاع السلبي المسؤولة عن الأمن الإلكتروني في إيران -في تقرير أصدرته يوم 1 يناير/كانون الثاني 2024 بشأن الاستهداف الإلكتروني لنظام توزيع الوقود الذكي- حدوث المزيد من الهجمات السيبرانية على نظام محطات الوقود في البلاد.

وأكدت منظمة الدفاع السلبي أن الهجوم السيبراني على نظام الوقود لن يكون الهجوم الأول ولا الأخير على البنية التحتية للبلاد، وأشارت إلى أنها تمكنت -في عام 2023- من صدّ وتحييد 10 هجمات واسعة النطاق على البنية التحتية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..