مقالات النفطالمقالاتالنشرة الاسبوعيةرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

إنتاج النفط الليبي ومعضلة الـ2 مليون برميل (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • إغلاق حقل الشرارة الليبي عقبة متكررة أمام قطاع النفط
  • حقل الشرارة هدف دائم للاحتجاجات كونه الأكثر إنتاجًا للنفط
  • إنتاج النفط الليبي يقف حاليًا فوق 1.1 مليون برميل يوميًا
  • الوصول إلى هدف مليوني برميل يوميًا صعب للغاية على المدى القصير

على مدار أكثر من عقد من الزمن، لم ينعم إنتاج النفط الليبي بالاستقرار؛ فما إن يلتقط أنفاسه في عام حتى تعود إليه الاضطرابات في العام التالي، وكان إغلاق حقل الشرارة أحدث علامة على ذلك.

هذا الإغلاق هو عقبة أخرى ومتكررة تضاف إلى العرض المستمر لتداعيات الانقسامات السياسية والاضطرابات الاجتماعية في ليبيا، وتجعل تحقيق مستهدفات زيادة الإنتاج -إلى مليوني برميل يوميًا من 1.1 مليونًا حاليًا- حلمًا بعيد المنال.

ولم يمر كثيرًا على المرة الأخيرة التي أُغلق فيها حقل الشرارة، في منتصف عام 2022، حتى عاد للإغلاق مجددًا في بداية 2024، من قبل معتصمين يريدون تنفيذ مطالب اجتماعية، ما أجبر مؤسسة النفط الليبية (مؤسسة حكومية تدير قطاع النفط والغاز) على إعلان حالة القوة القاهرة.

حقيقةً المشكلة ليست في الإغلاق الحالي نفسه، فقد يعود الحقل للإنتاج قريبًا لكن الأزمة الكبرى في أن تكرار الإغلاقات والتلويح بها مرارًا تُفقد ثقة المستوردين في ديمومة النفط الليبي، ومن ثم يتراجع الطلب عليه.

حقل الشرارة

دائمًا ما يكون حقل نفط الشرارة في مرمى نيران الصراعات المحلية سياسية كانت أو اجتماعية، نظرًا لأنه الأكثر إنتاجًا في البلاد، بما يصل إلى 300 ألف برميل يوميًا.

هذه الأهمية الكبيرة للحقل -الذي اكتُشِف عام 1980 وبدأ الإنتاج الفعلي عام 1996- تتضح أكثر في النتائج المترتبة على إغلاقه، وهي كالتالي:

  1. النتيجة البدهية لإغلاق حقل الشرارة هي فقدان النفط الليبي نحو ثلث إنتاجه اليومي، ومن ثم تراجع الصادرات، وهذا بالطبع يكبّد اقتصاد ليبيا خسائر مالية كبيرة، خاصة أن النفط يمثّل 90% تقريبًا من إجمالي إيرادات البلاد.
  2. بعيدًا عن تراجع الإنتاج والصادرات الليبية، فإن إغلاق هذا الحقل يفتح الباب أمام أزمة وقود محلية، إذ تتوقف إمدادات الخام القادمة عبر خط أنابيب من "الشرارة" إلى مصفاة الزاوية، ثالث أكبر المصافي في ليبيا من حيث القدرة الإنتاجية، بنحو 120 ألف برميل يوميًا.

هذا بالطبع يؤدي إلى انخفاض إنتاج المشتقات النفطية، ويُفاقم نقص الوقود، الذي هو في الأصل أحد أسباب اندلاع الاحتجاجات في حقل الشرارة، ويمتد التأثير السلبي -أيضًا- إلى توقّف عمل محطة أوباري للكهرباء.

3. إغلاق الحقول ثم إعادة فتحها من جديد يعني -وهو أمر متعارف عليه في الصناعة- أنها ستحتاج إلى عمليات صيانة ومعالجة المشكلات الفنية لمعدّات إنتاج النفط، وفي حالة حقل الشرارة، ستتحمل خزانة الدولة المنهكة بالفعل تكاليف ذلك.

معضلة زيادة إنتاج النفط الليبي

حافظ إنتاج النفط الليبي على مستوياته فوق 1.1 مليون برميل يوميًا منذ أغسطس/آب 2022، ولم يهبط إطلاقًا أدنى من هذا المستوى في أيّ شهر حتى الآن.

الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، يوضح تطور إنتاج ليبيا من النفط بين عامي 2009 و2023:

إنتاج النفط الليبي

هذا جعل ليبيا من أكثر الدول استقرارًا في إنتاج النفط خلال 2023 بين أعضاء أوبك كافة، مع ملاحظة أنها معفاة من أيّ اتفاقية خاصة بتحالف أوبك+ الأوسع نطاقًا.

وأطمع هذا الاستقرار في الإنتاج، مؤسسة النفط الليبية نحو وضع خطط لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا خلال 3 إلى 5 سنوات، والعمل على جذب استثمارات أجنبية ضخمة، قبل الاصطدام مجددًا بإغلاق حقل الشرارة.

وبالنظر إلى المعطيات الحالية كافة، فإن تحقيق هذه الأهداف -المعلنة أكثر من مرة في السنوات السابقة- لن يرى النور، لأن إقناع المستثمرين بضخّ أموالهم في ليبيا ليس بالأمر اليسير وسط هذا الانقسام السياسي والصراعات المحلية.

وترى مؤسسة النفط الليبية الحاجة إلى 4 مليارات دولار سنويًا للوصول إلى هدف إنتاج مليوني برميل يوميًا، والاستثمارات الحالية -حسب تقديرات شركة الأبحاث وود ماكنزي- تقلّ عن مليار دولار سنويًا، ما يشير إلى فجوة كبيرة بين الواقع والمستهدف.

الأمر الآخر أن إنتاج النفط الليبي لم يصل أبدًا إلى مستوى مليوني برميل يوميًا منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، والأكثر من ذلك أنه لم يتجاوز حتى مستوى 1.7 مليونًا سوى مرات نادرة منذ ذلك الوقت.

ويُضاف على ذلك أن ليبيا فشلت في تحقيق الدرجة الأولى من سلم الوصول إلى مليوني برميل يوميًا، بعدما أخفق الإنتاج في ملامسة مستوى 1.3 مليونًا خلال 2023، كما كان مخططًا.

خلاصة القول، إنه من الصعب جدًا على إنتاج النفط الليبي تحقيق مستهدفاته على المدى القصير، وهو تحت رحمة الانقسامات السياسية وتهديدات إغلاق الحقول ومواني التصدير، التي أصبحت لعبة في يد من يريد مطلبًا سياسيًا أو اجتماعيًا.

*أحمد شوقي مدير وحدة أبحاث الطاقة وخبير في أسواق النفط.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي الطاقة.

اقرأ أيضًا..

وللاطّلاع على حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2023 عن النفط والغاز والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية يرجى الضغط (هنا).

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق