تكلفة خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تصدم خطط 5 دول عربية

يبدو أن تقديرات تكلفة خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تستمر في إثارة الجدل، ما يمثّل عائقًا أمام هذه التكنولوجيا التي تهدف إلى التخلص من الوقود الأحفوري.

وتعوّل العديد من الدول العربية، أبرزها الجزائر والمغرب ومصر وسلطنة عمان والأردن، آمالًا في نقل الهيدروجين عبر خطوط أنابيب الغاز، من أجل تلبية الطلب المتزايد من أوروبا بصفة خاصة، حسب رصد حديث أجرته منصة الطاقة المتخصصة.

وكشف تقرير صادر عن مبادرة العمود الفقري للهيدروجين بأوروبا (EHB)، عن أن تقديراتها السابقة يُمكن أن تكون أقل من الواقع بصورة كبيرة.

وأشارت المبادرة -في وقت سابق- إلى أن تكلفة خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تتراوح بين 80 مليارًا و143 مليار يورو (87.3 مليارًا إلى 156 مليار دولار أميركي)، من أجل بناء شبكة مترامية الأطراف بطول 53 ألف كيلومتر.

مبادرة العمود الفقري للهيدروجين بأوروبا هي تحالف يضم 33 من مشغلي البنية التحتية للغاز الذين يسعون إلى بناء نظام مترابط من خطوط أنابيب الهيدروجين.

ارتفاع تكلفة خطوط أنابيب نقل الهيدروجين

استند تقدير تكلفة خطوط أنابيب نقل الهيدروجين، المحسوب في أبريل/نيسان 2023، جزئيًا إلى أسعار الأنابيب والضواغط التي جُمعت في عام 2019، مع توقع أن 60% من الشبكة ستتكوّن من البنية التحتية للغاز الحالية المعاد استعمالها، و40% من خطوط أنابيب نقل الهيدروجين الجديدة.

ورغم ذلك، يحذر أحدث تقرير صادر عن مبادرة العمود الفقري للهيدروجين بأوروبا، بعنوان "خريطة طريق التنفيذ - المشروعات عبر الحدود وتحديثات التكاليف" -الذي يستند إلى بيانات جديدة جُمعت من أعضاء المبادرة من مشغلي شبكات الغاز- من أن متوسط أسعار هذه المكونات قد ارتفع جميعها بسبب التضخم.

وذكر التقرير الذي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه، أنه في حين أن الضاغط كان سيتكلّف 3.4 مليون يورو (3.73 مليون دولار) لكل ميغاواط مكافئ في عام 2019، فقد ارتفع الآن إلى 4 ملايين يورو (4.39 مليون دولار) في المتوسط.

وعلى نحو مماثل، ارتفع متوسط تكاليف كل كيلومتر من خطوط أنابيب نقل الهيدروجين البرية بمقدار 300 ألف يورو (329.4 ألف دولار) للأنابيب التي يبلغ قطرها 20 بوصة، ومليون يورو (1.1 مليون دولار) للأنابيب التي يبلغ قطرها 36 بوصة، و1.6 مليون يورو (1.76 مليون دولار) للأنابيب التي يبلغ قطرها 48 بوصة.

وبناءً على هذه البيانات الجديدة من أعضائها، استمرت مبادرة العمود الفقري للهيدروجين بأوروبا في افتراض أن إعادة استعمال أنابيب الغاز بقطر 20 بوصة ستتكلّف 30% من تكلفة تركيب أنابيب جديدة بهذا الحجم، في حين أن إعادة استعمال الأنابيب الأكبر حجمًا تُقدّر بـ20% من تكلفة تركيب أنابيب جديدة.

وبالنسبة إلى خطوط الأنابيب البحرية، فقد احتفظت المبادرة بالتوقع السابق، ما يشير إلى أن هذه الأنواع من خطوط الأنابيب تتكلّف نحو 1.7 مرة أكثر من الأنابيب البرية ذات الحجم المماثل.

موعد انطلاق مشروعات نقل الهيدروجين

رغم أن هذه الزيادة في تكلفة خطوط الأنابيب والضواغط الجديدة من المرجح أن تزيد من احتياجات الاستثمار الإجمالية بمليارات اليورو الإضافية، فإن مبادرة العمود الفقري للهيدروجين في أوروبا رفضت تقديم رقم محدد.

وقالت الشركة الاستشارية، التي تقف وراء تقارير المبادرة "غايدهاوس" (Guidehouse)، إن إعادة التقدير ستعتمد على الحصول على تكوين مخطط حديث ودقيق لشبكة نقل الهيدروجين، مثل الأحجام الدقيقة للأنابيب المستعملة في كل امتداد، ونسبة خطوط الأنابيب الجديدة مقابل خطوط الأنابيب المعاد استعمالها، وفقًا لما يحدده أعضاؤها.

والواقع أن مشغلي شبكات الغاز ينتظرون نشر الاتحاد الأوروبي هذا الشهر للقائمة السادسة للمشروعات ذات الاهتمام المشترك، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن منصة "هيدروجين إنسايت" (Hydrogen Insight).

ويمنح هذا البرنامج مشروعات مختارة للبنية التحتية للطاقة عبر الحدود، عملية مبسطة للتصاريح والتقييم البيئي، بالإضافة إلى خيار التقدم بطلب للحصول على تمويل من مرفق ربط أوروبا.

وتوقعت مبادرة العمود الفقري للهيدروجين في أوروبا -أيضًا- أن مشروعات أعضائها يجب أن تكون جاهزة لقرار الاستثمار النهائي بين عامي 2026 و2027، على الرغم من أنها أشارت إلى أن "الجداول الزمنية الخاصة بالمشروع من المحتمل أن تختلف اعتمادًا على اختصاص المشروع وحجمه وتعقيده، بالإضافة إلى الإجراءات المؤسسية والوطنية المعمول بها".

وتتتبع المبادرة 40 مشروعًا تهدف إلى بدء التشغيل بحلول بداية العقد المقبل.

ومع ذلك، بدلًا من البناء التدريجي، من المتوقع أن يجري تشغيل أقل من 3 آلاف كيلومتر من خطوط الأنابيب سنويًا حتى عام 2029، ومن المقرر تشغيل 19 ألفًا و412 كيلومترًا من خطوط الأنابيب في عام 2030.

وقد يمثّل هذا خطرًا محتملًا يتمثّل في عدم كفاية البنية التحتية المتاحة للنقل لتحقيق هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في تدفق 20 مليون طن من الهيدروجين المتجدد عبر أوروبا بحلول ذلك العام، خاصةً إذا تأخرت المشروعات.

مسارات تكلفة نقل الهيدروجين

في سياقٍ متصل، أشارت دراسة أعدها خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إلى أن تكلفة نقل الهيدروجين وفق المسارات المختلفة للتجارة تعتمد على عاملين رئيسين هما: الكمية المراد نقلها، والمسافة بين منطقة الإنتاج ومركز الطلب أو الاستهلاك.

وتتضمّن مسارات نقل الهيدروجين 4 طرق رئيسة، تتمثّل في نقله عبر خطوط الأنابيب بعد ضغطه (هيدروجين مضغوط)، أو إسالته إلى هيدروجين مسال عند -253 درجة مئوية وإرساله عبر الناقلات، أو تحويل الهيدروجين إلى أمونيا سائلة وإرسالها بالناقلات، أو تحويله إلى مركبات عضوية سائلة وإرسالها بالناقلات.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات تكلفة نقل الهيدروجين وفق مسارات النقل المختلفة بحلول عام 2030:

وقال المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إن الأمونيا تبرز بصفتها خيارًا فاعلًا عند نطاق واسع من عوامل المسافة والكميات المراد نقلها، عند مقارنة مسارات تجارة الهيدروجين المختلفة التي من المتوقع أن تكون سائدة بحلول عام 2050، وفق ما جاء في دراسته التي نشرتها حصريًا منصة الطاقة.

وتابع: "يمكن استعمال سفن الأمونيا بصورة تجارية لنقل كمية بداية من 0.4 مليون طن سنويًا من الهيدروجين، وحتى مسافات تصل إلى 15 ألف كيلومتر".

وبالنسبة إلى نقل الهيدروجين عبر إنشاء خطوط أنابيب جديدة، أشار عبدالمعطي إلى أنه يبدو خيارًا فاعلًا بالنسبة إلى المسافات القصيرة نوعًا ما حتى 2000 كيلومتر، مع إمكان نقل أي كمية من الهيدروجين، سواء كانت صغيرة بداية من 0.1 مليون طن سنويًا، أو كبيرة حتى 1.5 مليون طن سنويًا.

وذكر أنه حال إعادة استعمال خطوط أنابيب النفط والغاز القائمة إن كانت متاحة ومؤهلة للعمل بحلول عام 2050، فيمكنها نقل الهيدروجين إلى مسافات أبعد قد تصل إلى 8 آلاف كيلومتر، وبكميات متنوعة، لتكون أكثر تنافسية مع مسار نقل الهيدروجين بعد تحويله إلى أمونيا.

موضوعات متعلقة..

• خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تنتظر طفرة أوروبية كبيرة.. و3 دول في المقدمة
• خطوط أنابيب الغاز المستعملة تنقل الهيدروجين من بحر الشمال قبل 2030 (دراسة)

اقرأ أيضًا..

• أكبر 5 صفقات غاز مسال في نوفمبر.. صدارة جزائرية وعمانية
• 6 وزراء ومسؤولين يكتبون لـ"الطاقة" بمناسبة قمة المناخ (ملف خاص)
• كيف تسرق مزارع الرياح البحرية الكهرباء من بعضها؟ نتائج صادمة لدراسة عالمية