الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد توفر 40% من احتياجات العالم

نظرًا لتمتعها بالمزايا الطبيعية والإستراتيجية اللازمة لدفع مستقبل الطاقة المتنوع والمستدام، قد تؤدي إمكانات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دورًا محوريًا في تحول الطاقة العالمي.

وقد بدأت المبادرات الرائدة تتشكل حاليًا في المنطقة، مثل مصنع الهيدروجين الأخضر في مدينة نيوم بالمملكة العربية السعودية، ما يدل على فرصة توسيع نطاق مثل هذه المشروعات المبكرة في المنطقة، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 50% تقريبًا بحلول عام 2050، ليصل إلى 250 بيتاواط/ساعة، وفقًا لما نشره المنتدى الاقتصادي العالمي (weforum.org).

في المقابل، يسعى العالم جاهدًا لخفض الانبعاثات بما يتماشى مع اتفاق باريس للمناخ، وسط الحاجة إلى إزالة الكربون بسرعة بحلول نهاية هذا العقد، للحدّ من الاحتباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل الصناعة.

ويتجاوز السعي لتحقيق الاستدامة في المنطقة الاعتبارات البيئية أو تعهداتها بإزالة الكربون بموجب اتفاق باريس للمناخ، من خلال خطط طموحة للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويمكن للجهود العالمية لإزالة الكربون أن تفتح فرصًا إستراتيجية واسعة، وتضع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صميم اقتصاد الطاقة النظيفة المزدهر.

دور أنواع الوقود التقليدية

من المتوقع أن تستمر أنواع الوقود التقليدية بأداء دور مهم في مزيج الطاقة مستقبلًا، وتتوقع سيناريوهات الحياد الكربوني الأكثر طموحًا أن يوفر النفط والغاز ما بين 15% و40% من مزيج الطاقة العالمي في عام 2050.

من جهتها، تقدّر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط في عام 2050 سيتراوح بين 50 و90 مليون برميل يوميًا في سيناريو التعهدات المعلنة وسيناريو السياسات المعلنة.

وتُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخصوصًا دول مجلس التعاون الخليجي، حوضًا مثاليًا لإنتاج المواد الهيدروكربونية، وتمتلك المنطقة نحو 50% من احتياطيات النفط العالمية، ويمكنها استخراج النفط بكفاءة، بتكلفة تتراوح بين 7 و15 دولارًا للبرميل.

• تحول الطاقة يهدد شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ندوة)

وتبلغ الانبعاثات نحو 40 كغم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل برميل، وهو أقل بنسبة 33% من المتوسط العالمي، ومن شأن الانبعاثات المنخفضة نسبيًا والاقتصادات أن تُبقي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بكونها المورد الأخير للنفط والغاز، في مزيج الطاقة العالمي.

وسيكون النفط والغاز إلى جنب تقنية احتجاز الكربون، ضروريين لتصنيع المنتجات خلال تحول الطاقة وإدارة التقطع في المصادر المتجددة، وسط سعي العالم لتحقيق الحياد الكربوني.

إمكانات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

يمكن لمشروعات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تواكب بقوة تطورات تكنولوجيات الطاقة النظيفة، ما يجعلها قادرة على توفير ما يصل إلى 40% من الطاقة في العالم بحلول عام 2050.

ويعود ذلك إلى إمكان الوصول بشكل أفضل إلى مصادر الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهي تستقبل نحو ربع الطاقة الشمسية في العالم، ونحو 75% من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتع برياح قوية بما يكفي لإنشاء مزارع الرياح على نطاق المرافق.

وتمتلك المنطقة مساحات كبيرة من الأراضي المتاحة لمشروعات الطاقة المتجددة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

• أمن الطاقة يضع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفترق طرق (تقرير)

على مدى العقدين الماضيين، أدت الخبرة ومزايا الحجم إلى خفض تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة بشكل كبير، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تبلغ تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية خُمس المتوسط العالمي، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

على سبيل المثال، حصل مشروع الشعيبة للطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية بقدرة 600 ميغاواط على أقل عرض لتكلفة الكهرباء المستوية بسعر 0.0104 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، وفقًا لما نشره المنتدى الاقتصادي العالمي (weforum.org).

وبالنظر إلى وفرة حلول الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منخفضة التكلفة، تتمتع المنطقة بالقدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل تنافسي، وتزويد مراكز الطلب الرئيسة في أوروبا وشرق آسيا.

من ناحية ثانية، تتمتع المنطقة بمواقع جيولوجية مناسبة لاحتجاز الكربون واستعماله وتخزينه، ويمكنها تخزين 170 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وفقًا للمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه.

اغتنام الفرص التجارية الجديدة

بدعم من شركة الاستشارات الإدارية الأميركية (باين آند كومبانيBain & Company)، قام المنتدى الاقتصادي العالمي بتشكيل تحالف من كبار أصحاب المصلحة الحكوميين والشركات لتسريع إجراءات الاستدامة التي تقودها الشركات من خلال نشر مشروعات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويمثّل التحالف، المسمى "قادة من أجل منطقة مستدامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (إل إس إم)، أول المبادرين من المنطقة، الذين يدركون الفرصة الناشئة عن التحول العالمي للطاقة النظيفة.

ويدرك الأعضاء أن إجراءات الاستدامة يمكن أن تمكّن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خفض انبعاثاتها المحلية، فضلًا عن الاستمرار في أداء دور محوري في تدفقات الطاقة العالمية، وإن كان ذلك من خلال محفظة منتجات الطاقة المتطورة.

• سعة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترتفع 57% خلال عام واحد

بدورها، تقوم المملكة العربية السعودية ببناء مصنع للهيدروجين الأخضر على نطاق عالمي في مدينة نيوم، وبدأت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وأرامكو السعودية في شحن الأمونيا الزرقاء إلى كوريا الجنوبية واليابان.

إضافة إلى ذلك، هناك 14 مشروعًا لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، إما قيد التشغيل أو في مراحل مختلفة من التطوير في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مع إمكان مشترك لاحتجاز نحو 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ولا يمثّل هذا التقدم حتى الآن سوى جزء صغير من الإمكانات الهائلة التي تمتلكها مشروعات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدعم تحول الطاقة العالمي.

اقرأ أيضًا..

• استكشاف النفط والغاز في أفريقيا خلال 2024.. طفرة بقيادة مصر والجزائر
• خريطة الطاقة المتجددة في غرب أفريقيا.. الواقع والمتاح داخل 15 دولة (تقرير)
• ما علاقة الغاز المسال الأميركي بالسياسة؟ أنس الحجي يجيب