الديزل الاصطناعي.. أول اختبار عملي للوقود المُنتَج من الهيدروجين الأخضر
محمد عبد السند
- الديزل الاصطناعي يخضع للاختبار تمهيدًا لاستعماله في قطاع النقل والزارعة
- يؤدي الديزل الاصطناعي دورًا حيويًا في أهداف الحياد الكربوني
- نجح الوقود الاصطناعي في أن يضع نفسه على خريطة مزيج الطاقة في العديد من البلدان
- يُنتَج الوقود الاصطناعي صديق البيئة عبر عملية كيميائية مركبة تجمع بين الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون
- تكلفة إنتاج الديزل الاصطناعي باهظة جدًا
يفتح الديزل الاصطناعي آفاقًا جديدة في الجهود المبذولة لتسريع وتيرة تحول الطاقة، عبر استعماله وقودًا منخفض الكربون للمركبات التي تُبدو كهربتها صعبة، مثل النقل الثقيل.
وحال أثبت هذا النوع من الوقود كفاءةً في الأداء باختبارات القيادة التي يخضع لها -حاليًا-، فإنه من الممكن أن يحل محل الديزل المُنتَج بالوقود الأحفوري.
وتمكّن الوقود الاصطناعي من أن يضع نفسه على خريطة مزيج الطاقة في العديد من البلدان، رغم تكلفته الباهظة، بفضل مزاياه العديدة التي تتسق مع أهداف الحياد الكربون، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتبرز الفاتورة المرتفعة المقترنة بعملية إنتاج الديزل الاصطناعي، إلى جانب استهلاكه كميات كبيرة من الكهرباء النظيفة، قيديْن كبيريْن يَحدان من توسيع نطاق استعماله.
وفي ضوء هذا، تُجري فنلندا تجربة اختبارية، للتأكد من جدوى استعمال الديزل الاصطناعي الذي يُنتَج من الهيدروجين الأخضر وغاز ثاني أكسيد الكربون، في تشغيل المركبات التي من الصعب كهربتها.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، جرى اختبار الوقود الاصطناعي البارافيني للمرة الأولى على جرار يعمل بوقود الديزل في مصنع لينافوري (Linnavuori)، التابع لشركة أجكو باور (AGCO Power) الكائنة في مدينة نوكيا جنوب غرب فنلندا، وفق ما أورده بيان منشور على الموقع الإلكتروني للشركة.
مشروع طموح
استعمل مشروع الوقود الاصطناعي، الذي قاده مجموعة من الخبراء في مركز البحوث التقنية الفنلندي "في تي تي" VTT، تقنية التحليل الكهربائي، واحتجاز الكربون والتخليق الهيدروكربوني باستعمال عملية فيشر-تروبش لتطوير وقود اصطناعي يَصلُح للأغراض التجارية والصناعية.
وتشير عملية فيشر-تروبش علميًا إلى مجموعة من التفاعلات الكيميائية يُحوّل خلالها خليط من غاز أول أكسيد الكربون والهيدروجين إلى هيدروكربونات سائلة.
وقال الأستاذ في معهد "في تي تي"، جوها ليتونن: "عبر استعمال تقنية فنلندية، نجحنا في إنتاج الديزل الاصطناعي، أو الوقود الكهربائي، من الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون، ويمكن أن يحل الوقود محل الديزل المُنتَج باستعمال الوقود الأحفوري في قطاعات من الصعب كهربتها، مثل النقل الثقيل، والشحن، كما يمكن أن يُستعمَل لتدوير الآلات"، في بيان إعلامي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف ليتونن: "خطوتنا التالية تتمثّل في الحصول على معلومات بشأن إمكان استعمال هذا الوقود في اختبار ميداني"، مشيرًا إلى أن المشروع قد أنتج مئات الكيلوغرامات من الهيدروكربونات الاصطناعية لوقود النقل المستدام.
ثم يُعاد تكرير تلك الهيدروكربونات إلى ديزل برافيني في منشأة مملوكة لشركة نيستي أويل (Neste Oil) الفنلندية المتخصصة في تكرير النفط وتسويقه، علمًا بأنه قد جرى اختبار المنتج المُصنع لاحقًا في مصنع لينافوري التابع لشركة "أجكو باور".
ديزل عالي الجودة
قال مدير القسم الهندسي في شركة أجكو باور، كاري آلتونين: "جرى تزويد جرار فالترا تي 235 دي الذي يعمل بمحرك ديزل من إنتاج شركة أجكو باور، بالوقود الاصطناعي الجديد خلال اختبار القيادة الذي استمر 7 ساعات، كما جرى قياس معدل استهلاك الوقود، وغاز ثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، والجسيمات الدقيقة، وغيرها من المواد الأخرى الموجودة في انبعاثات العادم".
وأردف آلتونين: "من المتوقع أن يتمتع الديزل الاصطناعي المُنتَج من المشروع بجودة عالية، وأن يستوفي المعايير الحالية لوقود الديزل على الطرق".
وتابع: "نحن نطور حلولًا لأنواع مختلفة من الآلات، بهدف تلبية احتياجات المزارعين المتنامية، ومنها -على سبيل المثال-: البطاريات الكهربائية، والهيدروجين، والميثان، والميثانول".
وأشار إلى أن الوقود المستدام الملائم لأسطول محركات الديزل الحالية، مثل الديزل الاصطناعي، يمكن مزجه بالديزل المُنتَج بالوقود الأحفوري، بحرّية كاملة، دون أن يَخِل بمعايير الجودة ومتطلباتها الخاصة بالديزل البارافيني الذي يستوفي معيار إي إن 15940 (EN 15940) البريطاني.
من جهته، قال عالم الأبحاث في معهد في تي تي، بايفي أكو-ساكسا، إن الديزل الاصطناعي الذي جرى اختباره من المتوقع أن يكون بديلًا صديقًا للبيئة عن الديزل المُنتَج بالوقود الأحفوري المعروف بانبعاثاته الضارة.
إنتاج الوقود الاصطناعي
يُنتَج الوقود الاصطناعي صديق البيئة عبر عملية كيميائية مركبة تجمع بين كميات من الهيدروجين الأخضر، وأخرى من ثاني أكسيد الكربون المُلتقط من الغلاف الجوي مباشرة.
وغالبًا ما يُطلق على الوقود الاصطناعي أسماء أخرى مثل: البنزين الاصطناعي، أو الوقود الكهربائي، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتخطى تكلفة إنتاج لتر من هذه الوقود المحايد كربونيًا 50 يورو (54 دولارًا أميركيًا)، وفقًا لتقرير صادر عن معهد بوتسدام لبحوث تأثيرات المناخ.
(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)
ويستلزم تصنيع هذا النوع من الوقود استهلاك كميات كبيرة من الكهرباء النظيفة بطريقة غير مباشرة، لاعتماد تركيبته على الهيدروجين النظيف المستخلص عبر تفكيك جزيء الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستعمال مصادر الطاقة المتجددة.
ولعل هذا ما جعل الوقود الاصطناعي مثار انتقادات كثيرة من حيث تكلفة إنتاجه الباهظة، واستهلاكه كميات هائلة من الكهرباء المستدامة.
موضوعات متعلقة..
- الوقود الاصطناعي يدير ناقلة غاز عملاقة للمرة الأولى في الشرق الأوسط
- الوقود الاصطناعي أغلى 100 مرة من البنزين.. لماذا تؤيده ألمانيا؟
- فولكس فاغن تتراجع عن تعهدها بالتخلي عن سيارات البنزين بحلول 2035
اقرأ أيضًا..
- وزير البترول المصري يكتب لـ"الطاقة": التحول الطاقي والتوافق البيئي وجهان لعملة واحدة تسمى الاستدامة
- الرئيس التنفيذي لأكوا باور: محطة شمسية ضخمة بمشروع نيوم.. وهذه خططنا لمصر والمغرب (حوار)
- الوزيرة ليلى بنعلي تكتب لـ"الطاقة": المغرب نحو مستقبل مستدام (مقال)
- الطاقة المتجددة في أوروبا.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية مسارها؟ (دراسة)