شركات النفط والغاز تدخل قطاع طاقة الرياح البحرية.. كم تبلغ حصتها عالميًا؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- إمكانات طاقة الرياح البحرية كافية لتغطية الطلب العالمي للكهرباء 17 مرة
- حصة الرياح البحرية من توليد الكهرباء حاليًا لا تتجاوز 1% عالميًا
- شل وإكوينور وبي بي أبرز شركات النفط والغاز المستثمرة في القطاع
- خبرات صناعة النفط والغاز المتراكمة تؤدي دورًا حيويًا في تطوير الرياح البحرية
- وكالة الطاقة الدولية تقدّر فرصة صناعة النفط والغاز بـ2.6 تريليون دولار
ثمة اتجاه ناشئ بين شركات النفط والغاز الكبرى للاستثمار في قطاع طاقة الرياح البحرية، عبر تطوير مشروعات تستهدف تشغيل منصات الحفر والتنقيب بالطاقة المتجددة في إطار جهود خفض انبعاثات الصناعة.
وبصفة عامة، لا تمثّل طاقة الرياح البحرية أكثر من 1% من توليد الكهرباء عالميًا في الوقت الحالي، لكنها تمتلك موارد هائلة غير مستغلة تؤهلها لتأدية دور حيوي في خطط انتقال الطاقة عالميًا.
وتشجع المنظمات الدولية المعنية بالطاقة والبيئة شركات النفط والغاز على تعزيز هذا التوجه الذي ما زال في مرحلة المهد، إلّا أن هناك توسعًا في هذه الخطط، وفق تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وتسهم شركات النفط والغاز في تطوير 2% فقط من إجمالي سعة مشروعات طاقة الرياح البحرية العاملة حول العالم، وفق تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
ويمكن لإمكانات الرياح البحرية غير المستغلة أن تغطي احتياجات الطلب العالمي على الكهرباء بأكثر من 17 مرة مقارنة بالبيانات المسجلة للطلب عام 2022، كما يمكنها بمفردها أن تغطي كل احتياجات الكهرباء الوطنية في معظم الأسواق، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
خطط شركات النفط والغاز الكبرى
تتجه شركات النفط والغاز إلى التوسع في بناء مشروعات طاقة الرياح البحرية لخدمة أعمالها البحرية في المياه الضحلة والعميقة، القريبة والبعيدة عن الشاطئ.
وأعلنت شركة توتال إنرجي الفرنسية في عام 2022 خططًا طموحة لبناء مشروعات طاقة رياح بحرية بسعة 6 غيغاواط، ما سيرفع إجمالي قدرتها إلى 11 غيغاواط.
كما تنفّذ شركة شل العالمية متعددة الجنسيات خططًا في القطاع بسعة 9 غيغاواط، بينما تدخل شركة إكوينور النرويجية المنافسة عبر خطط لتركيب 12 إلى 16 غيغاواط بحلول عام 2030.
ويمكن للإضافات المخططة من شركات النفط والغاز أن تنافس اللاعبين الرؤساء في طاقة الرياح البحرية عالميًا، مثل شركة أورستد (Ørsted) الدنماركية التي تخطط لإضافة قدرات مماثلة بحلول عام 2030.
وفي عام 2023، قدّمت شركتا توتال إنرجي وشركة النفط البريطانية بي بي عرضًا في أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية بقيمة 13 مليار دولار للحصول على حق بناء مزارع رياح بحرية في بحر الشمال وبحر البلطيق، ما يشير إلى أن شركات النفط والغاز قد تصبح منافسًا قويًا في القطاع خلال السنوات المقبلة، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
تحديات صناعة طاقة الرياح البحرية
تواجه صناعة طاقة الرياح البحرية -حاليًا- تحديات في عديد من الأسواق، مثل ارتفاع التكاليف -بسبب اضطرابات سلسلة التوريد- وزيادة تكاليف التمويل وتمديد الجداول الزمنية للمشروعات.
وتتزايد هذه الضغوط بصورة حادة في الولايات المتحدة، ما اضطر كبرى شركات النفط والغاز هناك إلى وقف عديد من مشروعاتها الكبيرة في قطاع الرياح البحرية خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما شركتي شل وبي بي، إلى جانب شركة أورستد الدنماركية المتخصصة في طاقة الرياح.
ورغم هذه التحديات، فإن وكالة الطاقة الدولية ما زالت تعول على القدرات التقنية لشركات النفط والغاز الكبرى، التي تمكّنها من الإسهام في تطوير قدرات صناعة الرياح البحرية، خاصة في البيئات البحرية الصعبة التي تعودت شركات الطاقة على العمل فيها منذ عقود طويلة.
خبرات صناعة النفط تفيد الرياح البحرية
تستطيع شركات النفط والغاز إدارة المشروعات واسعة النطاق في المياه العميقة والاستعمال الفعال للسفن خلال التركيب والتشغيل، إضافة إلى قدرات صيانة البنية التحتية لمزارع الرياح، استنادًا إلى مهاراتها في صناعة المنبع البحرية (الاستكشاف والإنتاج).
ورغم ذلك، هناك بعض الاختلافات الفنية بين الصناعتين، إذ تعدّ الرياح البحرية من الصناعات كثيفة رأس المال، فقد بلغ متوسط تكلفة مزارع الرياح المركبة عام 2022 قرابة 3 ملايين دولار لكل ميغاواط .
كما تختلف صناعة الرياح البحرية من حيث حاجتها إلى نشر عدد كبير من الهياكل، أو البنية التحتية الأصغر حجمًا بسرعة مع ربطها بكمية كبيرة من المعدّات والكابلات.
في المقابل، تميل عمليات النفط والغاز البحرية إلى بناء منشآت أكثر مركزية وتعقيدًا، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة من تطورات الصناعة دوريًا.
ولذلك يمكن استغلال خبرة صناعة النفط والغاز في بناء مزارع الرياح البحرية الأكثر تعقيدًا في المياه العميقة، وهو ما يختلف عن البنية التحتية المستعملة في المشروعات القريبة من الشاطئ.
ويمكن لمنصات النفط والغاز البحرية في هذه الحالة أن يعاد استعمالها في صورة مرافق للتشغيل والصيانة، ما قد يحلّ إحدى معضلات مزارع الرياح البحرية في المياه العميقة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
كما يمكن الاستفادة من خبرات صناعة النفط والغاز في دعم وتطوير تقنيات طاقة الرياح البحرية العائمة، خاصة على مستوى بناء المرافق العائمة والمراسي المرتبطة بها.
إكوينور أول من طوّر الرياح العائمة في العالم
تعدّ شركة إكوينور النرويجية أول من شغّل مزرعة رياح بحرية عائمة في العالم خلال عام 2017، كما افتتحت أكبر مشروع من نوعه في القطاع خلال أغسطس/آب 2023 .
وافتُتحت 7 مزارع للرياح البحرية العائمة خلال الأشهر الماضية، منها 3 مزارع تمتلكها شركات النفط والغاز بصورة جزئية أو كاملة، حسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير الوكالة.
وما زال معظم مشروعات الرياح العائمة صغير القدرة نسبيًا، وسط توقعات بأن تتحول إلى الحجم الأكبر مع دخول شركات النفط والغاز بخبراتها الفنية العالية إلى القطاع.
ويمكن استعمال الطائرات المسيرة عن بُعد في أعمال تشغيل شفرات الرياح البحرية وعمليات التفتيش والإصلاح تحت سطح البحر، كما تُستَعمَل في منشآت النفط والغاز البحرية منذ سنوات.
ويقلل استعمال الطائرات المسيرة من الحاجة إلى وجود عمّال متمركزين في منشآت قريبة من مواقع مشروعات طاقة الرياح البحرية، ما قد يمثّل حلًا لإحدى تحديات القطاع في المياه العميقة.
فرصة صناعة النفط في استثمارات الرياح البحرية
تتوقع وكالة الطاقة الدولية -استنادًا إلى سيناريو التعهدات المناخية المعلنة- تركيب ما يقرب من 1800 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية عالميًا بحلول عام 2050، ما سيوفر 10% من توليد الكهرباء على مستوى العالم.
ويتطلب تحقيق هذه التعهدات استثمارات تراكمية تصل إلى 4 تريليونات دولار حتى عام 2050، ويمكن لصناعة النفط والغاز البحرية أن تستفيد من هذه الاستثمارات المحتملة عبر تعزيز وجودها في بناء وتركيب الأساسات، والخدمات اللوجستية وأعمال التشغيل والصيانة.
وتقدّر وكالة الطاقة الدولية حجم الفرصة المتاحة لصناعة النفط والغاز في هذا المجال بما يقرب من 2.6 تريليون دولار خلال الـ30 عامًا المقبلة وحتى 2050.
على الجانب الآخر، تتوقع الوكالة -استنادًا إلى سيناريو الحياد الكربوني- تركيب ما يقرب من 2200 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2050، باستثمارات تراكمية تتجاوز 4 تريليونات دولار.
وتقدّر الوكالة فرصة صناعة النفط والغاز في هذا السيناريو بنحو 3 تريليونات دولار من رأس المال والإنفاق على تشغيل مشروعات طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن تستحوذ الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية على 60% من توليد الكهرباء من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2050، بقيادة الصين والهند وفيتنام.
موضوعات متعلقة..
- هل تتأثر أرباح شركات النفط والغاز الكبرى بدفع تكاليف انبعاثاتها؟ (تحليل)
- طاقة الرياح البحرية في إسكتلندا تشغّل منصات النفط والغاز ببحر الشمال
- وكالة الطاقة الدولية تحذر شركات النفط والغاز من "وهم" احتجاز الكربون وتخزينه
اقرأ أيضًا..
- حوض البحر المتوسط مركز عالمي للهيدروجين الأخضر.. ما دور 4 دول عربية؟ (تقرير)
- إنتاج مصر من النفط يهبط إلى أقل مستوى في 8 أشهر (رسم بياني)
- بناء أكبر خزانات أمونيا في العالم لمشروع نيوم للهيدروجين الأخضر
- المحطة الشمسية في جنوب لبنان.. مشروع ممول ذاتيًا تحوله إسرائيل إلى رُكام