أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا.. مشروع ضخم يواجه الفشل (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • تأثير الصراع في خطط شيفرون لزيادة إنتاج الغاز من حقل تمار يمثّل مصدر قلق
- • تركيا قررت عدم وقف إمدادات الطاقة على الرغم من التوترات الجيوسياسية المتزايدة
- • المناقشات بشأن أوجه التعاون المتعلقة بالطاقة مشروطة بوقف إطلاق النار في غزة
- • الصراع في غزة يفاقم من حدة التوترات بين إسرائيل وتركيا
يبدو مصير مشروع أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا ضبابيًا، وسط استمرار معارك غزة، إذ أعلن المسؤولون الأتراك تأجيل المحادثات مع تل أبيب بشأن بناء خط الأنابيب بعد اندلاع الحرب في القطاع.
وقد أثّرت العلاقات الدبلوماسية، التي تعكس التوترات والمخاوف الإنسانية الناجمة عن الصراع، في مشروعات الطاقة الإقليمية، وهو ما تجلّى في توقّف المفاوضات.
ويثير هذا التوقف تساؤلات بشأن الجدول الزمني المتوقع لإنجاز أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، ما يعكس التعقيدات والتحديات الجيوسياسية الناشئة عن الصراع بين إسرائيل وحركة حماس.
وشهدت إسرائيل، ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط بعد مصر، إغلاقًا مؤقتًا لحقل غاز تمار البحري، الذي تديره شركة شيفرون، بسبب قربه من قطاع غزة.
وأدى هذا الإجراء الاحترازي إلى انخفاض صادرات الغاز الطبيعي بنسبة 70%، أي ما يعادل خسائر بقيمة 200 مليون دولار شهريًا تقريبًا.
إضافة إلى ذلك، قد تواجه خطط إسرائيل لتوسيع قدرة خطوط الأنابيب، وخصوصًا مشروع خط أنابيب نيتسانا المقترح، تحديات بسبب الصراع، الذي يمثّل تأثيره في خطط شيفرون لزيادة إنتاج الغاز من حقل تمار مصدر قلق إضافي.
وعلى الرغم من هذه التحديات، منحت إسرائيل مؤخرًا مربعات للتنقيب عن النفط والغاز في البحر إلى شركتي إيني والنفط البريطانية "بي بي" الأوروبيتين العملاقتين في جولة العطاء الرابعة لديها.
أهمية ميناء جيهان التركي
بصفته مركزًا حيويًا لنقل الغاز والنفط، يعدّ ميناء جيهان التركي ضروريًا للحفاظ على أمن الطاقة في إسرائيل.
وتتمثل أهمية هذا الميناء في تزويد إسرائيل بإمدادات ثابتة من الكهرباء، وخصوصًا القتال المستمر بين إسرائيل وحركة حماس.
من ناحيتها، قررت تركيا عدم وقف إمدادات الطاقة على الرغم من التوترات الجيوسياسية المتزايدة، ما يدل على متانة وموثوقية البنية التحتية المرتبطة بميناء جيهان.
وتُظهر هذه الاستراتيجية العملية الفعالية التشغيلية للميناء، وتعكس التزام تركيا بالحفاظ على الخدمات الحيوية والاستقرار الإقليمي حتى خلال الاضطرابات.
ويتوقع وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إسهامات محتملة في توفير الكهرباء والمياه لقطاع غزة.
وفي ظل الصراع، علّقت أنقرة جميع مبادرات الطاقة التعاونية مع تل أبيب، ومن بينها أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، وأكد الوزير بيرقدار أن مناقشة تنفيذ المشروع مع إسرائيل في ظل الظروف الحالية سيكون غير مناسب.
بدلًا من ذلك، ينصبّ التركيز على توفير الموارد الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والغذاء، لقطاع غزة.
في سياق متصل، كان بيرقدار ينوي زيارة إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني، لكن المناقشات بشأن أوجه التعاون المتعلقة بالطاقة أصبحت مشروطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
استثناءً، وعلى الرغم من العلاقات المتوترة، استمرت واردات النفط الإسرائيلية في المرور عبر تركيا، تجدر الإشارة إلى أن السبب الجوهري لهذا الصراع يكمن في الرد العسكري الإسرائيلي القوي على الهجوم الذي شنّته حركة حماس عبر الحدود في قطاع غزة قبل 3 أسابيع.
ونقلت سفينة النفط "سيفيوليت"، المسجلة في مالطا، شحنة كبيرة من مليون برميل من النفط الخام من أذربيجان إلى إسرائيل.
وتُعدّ هذه الصفقة مهمة بالنسبة لقطاع الطاقة في إسرائيل، إذ تمثّل أكثر من 40% من استهلاك البلاد السنوي من النفط، ما يوضح مرونة تجارة الطاقة العالمية وقدرتها على التكيف، بالرغم من العقبات الجيوسياسية الصعبة.
خط الأنابيب بين إسرائيل وتركيا
يواجه أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، الذي يهدف إلى بناء خط أنابيب بحري من حقل ليفياثان الإسرائيلي إلى تركيا، اضطرابات كبيرة بسبب الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس.
وقد تزايدت المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بجميع مشروعات الطاقة في المنطقة، ما أثّر في إمدادات الغاز الإسرائيلية، وأدى إلى إغلاق حقل الغاز البحري تمار الذي تديره شركة شيفرون مؤقتًا.
وتراقب تركيا، الحريصة على تنويع إمداداتها من الطاقة، عن كثب، موارد إسرائيل المتوسعة.
ويهدف أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، المقترح، إلى ربط احتياطيات الغاز الإسرائيلية بالمناطق المجاورة وخط الأنابيب التركي الأوروبي، ما يوفر مصدرًا بديلًا للغاز، لتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.
رغم ذلك، فإن الشكوك الإسرائيلية والتعقيدات اللوجستية والتكاليف تشكّل تحديات أمام المشروع.
ويتجلى التأثير المباشر للصراع بين إسرائيل وحركة حماس في تعليق المناقشات بشأن خط أنابيب الغاز بين إسرائيل وتركيا.
وقد دفعت الاضطرابات الجيوسياسية الناجمة عن الصراع إلى إعادة تقييم العلاقات الدبلوماسية في شرق البحر الأبيض المتوسط.
من ناحية ثانية، تعرضت مشروعات البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك خط أنابيب الغاز، لأضرار جانبية، وسط حالة من الضبابية الجيوسياسية على نطاق أوسع.
وتهيمن الاعتبارات المالية بصورة كبيرة على بناء أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، مع احتمال تثبيط عزيمة المستثمرين المحتملين بسبب عدم الاستقرار بعد الصراع والعواقب الاقتصادية.
وقد تشكّل البيئة المالية المتوترة عائقًا كبيرًا أمام تمويل أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا وغيره من مشروعات شرق البحر الأبيض المتوسط في أعقاب الحرب.
لقد اجتذب مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين إسرائيل وتركيا الكثير من الاهتمام، لكنه واجه العديد من الصعوبات والحواجز التي تمنعه من مواصلة التنفيذ.
ويُعدّ مشروع أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا أحد أكثر المشروعات أهمية في الشرق الأوسط، ويهدف إلى إنشاء خط ربط بحري بين حقل غاز ليفياثان الإسرائيلي ومدينة جيهان التركية.
يأتي ذلك رغم أن المشروع محفوف بالصعوبات، مثل المناقشات الإسرائيلية الداخلية بشأن حقوق استعمال موقع الطاقة والأزمة المستمرة بين تركيا وقبرص، إذ يواجه بناء خط الأنابيب عقبات كبيرة بسبب هذا الخلاف.
تأثير الحرب في غزة
يضيف الصراع الحالي الدائر بين إسرائيل وحركة حماس المزيد من التوترات إلى هذه الظروف، وقد تتأثر الخطط الخاصة بمسار خط أنابيب مختلف من شأنه أن ينقل الغاز الطبيعي البحري الإسرائيلي والقبرصي إلى قبرص لمعالجته ومن ثم تصديره إلى الأسواق الخارجية، بالتداعيات السياسية والاقتصادية لهذه الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، ما تزال هناك تساؤلات بشأن إمكان تنفيذ مشروع أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، على الرغم من هذه العوامل، ويحيط شعور متشائم بهذا المسعى بسبب الصعوبات السياسية الماضية والخدمات اللوجستية المعقّدة والنفقات ذات الصلة.
ويواجه المشروع عقبات كبيرة بسبب الحرب المستمرة بين تركيا وقبرص، فضلًا عن المخاطر السياسية والأمنية الأوسع المرتبطة بمسارات خطوط الأنابيب المحتملة.
التعاون في مجال الطاقة
فيما يتعلق بالتعاون في مجال الطاقة، أشارت تركيا إلى أنها منفتحة على العمل مع إسرائيل، بل إنها فكرت في إمكان المرور عبر حدودها لتزويد أوروبا بالغاز الإسرائيلي.
رغم ذلك، ما يزال العديد من القضايا اللوجستية والجيوسياسية غير واضح، ما يجعل تنفيذ إستراتيجية التعاون هذه غامضة.
وتُعدّ العلاقات الدبلوماسية القائمة بين إسرائيل وتركيا حاسمة في تحديد طريقة تطور مشروع خط الأنابيب، ومن الواضح أن العداوات السابقة بين البلدين أثّرت في دراسة جدوى خط الأنابيب البحري.
وتزداد أهمية هذه الصعوبات لأن الصراع في غزة يفاقم من حدة التوترات بين إسرائيل وتركيا، ما يعكس الطابع المعقد والمتنوع للمشكلات التي تواجه مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين إسرائيل وتركيا.
وتتجلى درجة التعاون الاقتصادي والطاقة التي تتجاوز العقبات السياسية في استمرار توصيل الطاقة إلى إسرائيل من ميناء جيهان وسط الصراع المستمر.
ويؤكد قرار تركيا بالحفاظ على هذا التدفق الشراكة التعاونية بين إسرائيل وتركيا في قطاع الطاقة، ويُظهر الالتزام بالحفاظ على الاتفاقيات القائمة وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وقد كان أنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا، الذي جسّد في السابق تحالفًا حيويًا في مجال الطاقة، متداخلًا مع الديناميكيات المعقدة للجغرافيا السياسية المحيطة.
ويسلّط التأخير في المناقشات الضوء على التحديات الملحّة الناشئة عن الحرب بين إسرائيل وحماس، ويتوقف مصير مشروعات الطاقة على جدواها المالية والمشهد الدبلوماسي بعد الحرب.
ويؤكد هذا الاستنتاج الضبابية المحيطة بتوقيت استئناف المفاوضات والآثار المحتملة طويلة المدى على الجدوى المالية لأنبوب الغاز بين إسرائيل وتركيا وغيره في شرق البحر الأبيض المتوسط، وسوف تشكّل التغيرات المستقبلية في المنطقة، سواء الدبلوماسية أو المالية، مسار التعاون في مجال الطاقة.
* الدكتور أومود شوكري الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- أوروبا تتسابق على غاز شرق المتوسط.. مصر تتصدر المشهد وتركيا تنافس
- تحديات وفرص توصيل الغاز الإسرائيلي إلى الاتحاد الأوروبي عبر تركيا (مقال)
- انخفاض واردات إسرائيل من النفط.. وهذه أبرز الدول المصدرة لها (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- توقف مصفاة الزور الكويتية يربك حسابات السوق الأوروبية.. ومصادر: تحتاج أسبوعين
- إزالة الكربون من مصافي تكرير النفط.. هذه أبرز 5 تقنيات (تقرير)
- استئناف تشغيل حقل تمار الإسرائيلي خلال أيام.. ومصر تترقب