التقاريرتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

هل ينجح قطاع النفط الليبي في زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا؟

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع النفط الليبي يستهدف زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا
  • إنتاج ليبيا من النفط الخام حاليًا أقل من 1.2 مليون برميل يوميًا
  • الانقسام السياسي والاضطرابات الداخلية تعرقل خطط زيادة الإنتاج
  • من الصعب تحقيق هدف زيادة الإنتاج الليبي على المدى القصير

يواجه قطاع النفط الليبي العديد من التحديات التي تمثّل عقبة أمام مستهدفات زيادة الإنتاج، وسط حالة الانقسام السياسي المستمرة منذ سنوات مع عدم وجود حلول في الأفق حتى الآن.

ويؤكد تحليل حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن قطاع النفط في ليبيا يواجه عددًا لا يُحصى من التحديات التي ستعوق خطة مضاعفة مستويات إنتاج الخام تقريبًا خلال الأعوام الـ3 إلى الـ5 المقبلة، عبر ضخ استثمارات تُقدر بـ4 مليارات دولار سنويًا.

وتُعد ليبيا ثاني أكبر الدول الأفريقية المنتجة للنفط في أوبك بحجم بلغ 1.164 مليون برميل يوميًا خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بحسب أحدث البيانات المعلنة من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

إنتاج النفط الليبي

يوضح التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، أن قطاع النفط الليبي يسعى منذ نظام الرئيس الراحل معمر القذافي وتحديدًا في العقد الأول من القرن الحالي (21) إلى زيادة الإنتاج لنحو مليوني برميل يوميًا.

ورغم ذلك، منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن، نادرًا ما كان يتجاوز إنتاج ليبيا من النفط مستوى 1.7 مليون برميل يوميًا، بل وتبذل البلاد جهودًا منذ بداية حالة الانقسام السياسي في عام 2011، لكي يظل الإنتاج أعلى من 1.2 مليون برميل يوميًا.

وتُظهر بيانات أوبك -التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة- أن ليبيا سجلت أعلى معدل لها في إنتاج النفط منذ مارس/آذار 2021 خلال شهر مايو/أيار من العام الجاري (2023)، عند مستوى 1.169 مليون برميل يوميًا.

ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج قطاع النفط الليبي شهريًا منذ عام 2019 حتى سبتمبر/أيلول 2023:

إنتاج النفط الليبي

وفي ظل صعوبة الحصول على الاستثمار وخطط التحول بمجال الطاقة عالميًا وتوقعات انخفاض الطلب، يعتمد التوجه الليبي في الوقت الراهن على الإسراع نحو جذب شركات نفط عالمية لضخ استثمارات لزيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد، بحسب وود ماكنزي.

الانقسام السياسي عقبة كبيرة

ترى وود ماكنزي أن حالة الانقسام السياسي التي تعانيها لييبا وعدم إجراء انتخابات تمثّل تحديًا أمام خطة زيادة إنتاج الخام التي تقودها المؤسسة الوطنية للنفط الليبية.

وهناك حكومة معترف بها دوليًا والمعروفة بحكومة الوحدة الوطنية، التي شُكلت بصفتها جزءًا من عملية سياسية قادتها الأمم المتحدة ولكنها تُحكم سيطرتها على غرب البلاد فقط، في حين هناك حكومة منافسة تسيطر على شرق البلاد وهي حكومة الاستقرار الوطني.

ويقع تحت سلطة حكومة الاستقرار الوطني -التي شُكلت في مارس/آذار 2022 بعد تصويت مثير للجدل بمجلس النواب- على نحو 3 أرباع الطاقة الإنتاجية لقطاع النفط الليبي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرى التحليل أن عدم وجود انتخابات في الأفق خلال الوقت الراهن بعد فشل الانتخابات التي كانت مقترحة في عام 2021، يشير إلى أن الوصول لتسوية سياسية دائمة توحّد الحكومتين المتنافستين يظل بعيد المنال.

وتسبّبت حالة الانقسام السياسي والتنازع بين الأطراف في تكرار عمليات إغلاق حقول النفط والمواني وخطوط الأنابيب منذ عام 2011، إلى جانب تقادم البنية التحتية، وكلها تحديات تهدد قطاع النفط الليبي.

ميناء البريقة النفطي
ميناء البريقة النفطي - الصورة من بلومبرغ

ورغم حالة الاستقرار النسبي، التي يشهدها قطاع النفط الليبي منذ يوليو/تموز 2022، يرى التحليل أن عمليات إغلاقات حقول النفط والتلويح بها قد تكرر في ظل حالة الانقسام السياسي المستمرة.

وعلى صعيد الآثار السلبية لتقادم البنية التحتية، فإن تآكل خطوط الأنابيب وحدوث بعض التسريبات ومشكلات سلامة الآبار -نتيجة التحديات التي تواجه استمرار عمليات الصيانة- عقبة رئيسة أمام زيادة الإنتاج.

وتعاني حقول النفط في ليبيا -أيضًا- انقطاع التيار الكهربائي، الذي يؤثر في الإنتاج واستخراج الخام من باطن الأرض، كل هذا يتطلب ضخ استثمارات بمليارات الدولارات، لإصلاح البنية التحتية في قطاع النفط الليبي.

تراجع استثمارات النفط في ليبيا

منذ عام 2011، يعاني قطاع النفط الليبي تراجع الاستثمارات إلى أقل من مليار دولار سنويًا، كما أن حصة المؤسسة الوطنية للنفط صاحبة خطط زيادة الإنتاج تبلغ 50% فقط، ما يمثّل عائقًا أمام تلبية احتياجاتها المالية.

وفي ظل صعوبة الحصول على الأموال وعدم اليقين بشأن موازنة قطاع النفط في ليبيا، تواجه العديد من المشروعات التي تشارك فيها شركات نفط عالمية، ومنها تطوير البنية التحتية، مخاطر كبيرة.

ومن التحديات -كذلك-، العوائد الضعيفة ومدد الاسترداد الطويلة، وهي عوامل لا تجذب الاستثمارات، إذ تحرص شركات النفط العالمية على الاستثمارات منخفضة المخاطر ذات الأفق القصير.

ويستعرض الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إيرادات ليبيا من النفط منذ 2017 وحتى 2022:

إيرادات ليبيا من النفط منذ عام 2017

وتشير تقديرات المؤسسة الوطنية للنفط، إلى أن قطاع النفط الليبي يحتاج إلى استثمارات سنوية تُقدر بـ4 مليارات دولار لزيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميًا.

ورغم توقع وود ماكنزي بزيادة ضخ الاستثمارات بحقول النفط البرية في ليبيا خلال الأعوام المقبلة، فإنها -بحسب تقديراتها- لن تصل للمستويات الطموحة لمؤسسة النفط الليبية.

ووفقًا للتحليل، معظم شركات النفط العالمية لا تضع ليبيا في خططها الاستثمارية، عدا شركة إيني الإيطالية التي تركز على حقول الغاز البحرية، وشركة "أو إم في" النمساوية (OMV).

وهناك -كذلك- شركات أخرى، ولكنها تركز على مشروعات نفطية متواضعة قصيرة الأجل، بهدف تحقيق مكاسب إضافية.

شروط مالية عفا عليها الزمن

من التحديات الأخرى أمام زيادة الإنتاج، الشروط المالية في قطاع النفط الليبي، التي تصفها وود ماكنزي بأنها "عفا عليها الزمن".

وأوضحت شركة الأبحاث، أن شروط الاستكشاف والإنتاج الحالية في ليبيا وُضعت خلال العقد الأول من القرن الحالي، عندما كانت البلاد تتمتع بجاذبية أكبر للاستثمارات ومنافسة شرسة.

وعلى سبيل المثال، تأخذ المؤسسة الوطنية للنفط حصة كبيرة من الإنتاج تصل لما بين 70 و90%، ويعني ذلك أن النسبة المتبقية تحقق إيرادات قليلة للمشغلين لاسترداد التكاليف وتحقيق عوائد على استثماراتهم.

ورغم اتجاه ليبيا إلى تحسين شروط الاستكشاف والإنتاج، فإن وود ماكنزي تراها ما زالت بعيدة المنال، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

مقر مؤسسة النفط الليبية
مؤسسة النفط الليبية - الصورة من موقعها الإلكتروني

وتوصلت ماكنزي إلى أنه لا يُتوقع تحقيق المؤسسة الوطنية هدف زيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميًا، إذ يُرى أن ضخ الاستثمارات في قطاع النفط الليبي سيظل منخفضًا للغاية ولن تتمكن البلاد من تحقيق زيادات كبيرة على المدى القصير والمتوسط.

وفي حالة تمكّن ليبيا من تحسين الظروف الأمنية والمالية، من المتوقع حدوث اتجاه إيجابي كبير، ولكنه سيكون على المدى الطويل، خصوصًا أن البلاد تمتلك إمكانات نفطية ضخمة منخفضة التكلفة ما تزال تثير اهتمامات المستثمرين لاستكشافها.

ودعت وود ماكنزي إلى ضرورة تحسين شروط اتفاقيات البحث والاستكشاف، لكي ينجح قطاع النفط الليبي في جذب المزيد من الاستثمارات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق