توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء حُلم قد يتحقق عام 2035
محمد عبد السند
- محطة طاقة شمسية فضائية بريطانية تدخل الخدمة بحلول عام 2035.
- الطاقة الشمسية الفضائية تسهم في تسريع جهود الحياد الكربوني.
- تقنية المحطة الشمسية الفضائية ستُنتِج كميات من الكهرباء المتجددة أكثر من نظيرتها المولدة من المحطات البرية التقليدية.
- يتعين أن تتصف الخلايا الشمسية الفضائية بخفة الوزن والكفاءة العالية.
- يجب أن تتمتع الخلايا بالقدرة على مقاومة الإشعاع في الفضاء.
ظل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء حلمًا يراود خيال العلماء لسنوات؛ أملًا في تعظيم إنتاجية الطاقة المتجددة عبر زيادة المشروعات ذات الصلة خارج حدود كوكب الأرض؛ ما يسهم في تسريع وتيرة الجهود المبذولة في مسار الحياد الكربوني، وصولًا إلى الهدف الأسمى المتمثل في تحول الطاقة.
ورغم الآمال المعقودة على تلك التقنية الثورية التي ستتيح كميات هائلة من إمدادات الكهرباء الخضراء؛ فإنه يبقى هناك عدد من التحديات التي تعترض تطبيقها على أرض الواقع، وعلى رأسها التكلفة الضخمة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي بارقة أمل على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء، أعلنت شركة سبيس سولار Space Solar رائدة التكنولوجيا البريطانية إمكان دخول محطتها الشمسية الفضائية التي صُممت للدوران حول الأرض في الفضاء الخارجي، حيز التشغيل بحلول أواسط العقد المقبل (2035)، وفق ما أورده موقع يورونيوز (euronews).
الطاقة الشمسية في الفضاء
قالت سبيس سولار -ومقرها منطقة أوكسفورشاير بالمملكة المتحدة- إن مشروع المحطة الشمسية الفضائية من الممكن أن يُسهم في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء؛ بما يدعم تغطية الطلب المحلي المتنامي على تلك السلعة الإستراتيجية، ومن ثم تعزيز أمن الطاقة في البلد الكائن شمال غرب أوروبا.
وستعمل المحطة الشمسية الفضائية -التي تمتد بطول 2 كيلومتر- على إرسال الكهرباء المستدامة إلى أجهزة استقبال متخصصة على سطح الأرض في آلية تشبه كثيرًا إشارات الهاتف النقال.
وتقول الشركة إن تقنية المحطة الشمسية الفضائية ستُنتِج كميات من الكهرباء المتجددة تفوق كثيرًا نظيرتها المولّدة من المحطات البرية التقليدية.
ظروف مواتية
تتألّف المحطة الشمسية الفضائية من ألواح شمسية عملاقة تدور حول الأرض في الفضاء الخارجي، وقد اتجه العلماء والمطورون إلى تلك التقنية بوصفها وجهة تالية لتوليد الكهرباء النظيفة في الفضاء بفضل شدة السطوع الشمسي المتاح في المدار الخارجي لكوكب الأرض.
وفي الفضاء تتوافر أشعة الشمس أكثر بواقع 10 مرات من مثيلتها على سطح الأرض، إلى جانب إمكان التقاط أشعة الشمس بوساطة الألواح الشمسية على مدار الساعة، بدلًا من ساعات النهار فقط كما هو الحال على الأرض، وهو ما يتيح توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء بكميات ضخمة.
مشروع أوروبي
في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، كشفت وكالة الفضاء الأوروبية "إي إس إيه" -وهي منظمة حكومية دولية تُعنى باستكشاف الفضاء، وتضم في عضويتها 22 دولة- النقاب عن تفاصيل خطتها لإنشاء محطة شمسية فضائية تستقر على ارتفاع 36 كيلومترًا فوق سطح الأرض.
وقالت الوكالة إن "مثل هذا المشروع من شأنه ضمان أن تصبح أوروبا لاعبًا رئيسًا، بل ربما رائدًا محتملًا، في السباق الدولي نحو حلول الطاقة النظيفة بهدف تخفيف آثار التغيرات المناخية"، حسب بيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
على صعيد متصل أوضحت سبيس سولار أن الإبداعات المتواصلة في عمليات الإطلاقات الفضائية القابلة لإعادة الاستعمال قد جعلت -الآن- المحطة الشمسية الفضائية التابعة لها "ذات جدوى من الناحية الاقتصادية".
600 قمر صناعي
من الممكن أن تصبح تلك التقنية مصدرًا حيويًا لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء بالنسبة للمملكة المتحدة؛ إذ لا تَشغَل التقنية سوى نصف مساحة الأراضي المخصصة لمحطات الطاقة الشمسية البرية، وعُشر المساحة المُخصصة لمزارع الرياح، إضافة إلى قدرتها على توليد كميات من الكهرباء المتجدد تزيد بواقع 13 ضعفًا عن نظيرتها التقليدية.
وقال المسؤول في شركة سبيس سولار، سام ألدن، إن "المحطة الشمسية الفضائية كثيرًا ما ينُظر إليها على أنها مصدر نظيف للكهرباء"، في تصريحات أدلى بها إلى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، وتابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف ألدن: "نحن حقًا قادرون على إحداث تأثير ملموس في جهود الحياد الكربوني، والإسهام في خلق مستقبل مشرق لكوكب الأرض".
وأشار إلى أن الهدف الأسمى لشركته يتمثّل في "إتاحة 20% من إمدادات الكهرباء النظيفة على كوكب الأرض باستعمال 600 قمر صناعي".
وخصّصت حكومة المملكة المتحدة ما إجمالي قيمته 6 ملايين جنيه إسترليني (7.2 مليون دولار أميركي) لمشروعات أبحاث الطاقة الشمسية الفضائية في بريطانيا، إلى جانب 5 ملايين جنيه إسترليني إضافية (6.2 مليون دولار أميركي) لمشروع دولي يحمل اسم "سي إيه إس إس آي أو بي إي آي إيه" CASSIOPeiA والذي يدرس آفاق توليد الكهرباء النظيفة في الفضاء بالطاقة الشمسية.
(1 جنيه إسترليني = 1.21 دولارًا أميركيًا).
آلية العمل
ترتكز فكرة توليد الكهرباء النظيفة في الفضاء عبر المحطات الشمسية -أساسًا- على تجميع الطاقة الشمسية في الفضاء باستعمال عاكسات أو مرايا ضخمة متخصصة توجِّه الإشعاع الشمسي للألواح الشمسية.
ويُرسَل هذا الإشعاع لاسلكيًا إلى الأرض بطريقةٍ آمنة تخضع لرقابة مُحكمة، إمّا على هيئة أمواج ميكروية وإما بصفة أشعة ليزر وإما حتى في صورة موجات راديو عالية التردد.
وتُعرَف الأمواج الميكروية بأنها موجاتٌ كهرومغناطيسيةٌ ذات أطوالٍ موجيةٍ قصيرة وترددات عاليةٍ.
بعد ذلك تُستَقبَل الكهرباء على كوكب الأرض عن طريق هوائي أرضي، يسمى هوائي التقويم (ريكتينا)، لتحويل موجات الراديو إلى كهرباء، تُوَصَّل بعد ذلك إلى شبكة الطاقة.
ويشير هوائي التقويم إلى نوع خاص من هوائي الاستقبال الذي يُستَعمل لتحويل الطاقة الكهرومغناطيسية إلى تيار كهربائي مستمر.
معايير صعبة
يتعيّن أن تتصف الخلايا الشمسية الفضائية بخفة الوزن، والكفاءة العالية؛ بما يقلل من تكاليف إطلاقها إلى الفضاء الخارجي، وتظل تلك أحد التحديات التي تواجه توليد الكهرباء النظيفة في الفضاء.
وبناءً عليه يجب أن يُنتج كل كيلوغرام من الألواح الشمسية ما بين 1 و2 كيلوواط من الكهرباء، وفق ما قاله عالم الفيزياء الذي يقود العمل الفني في مبادرة الطاقة الفضائية البريطانية ديفيد هومفري.
كما ينبغي أن يرتفع معدل الكهرباء إلى الوزن هذا بواقع قرابة 50 ضعفًا عن خلايا السيليكون التقليدية البرية، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتستهدف معظم التصميمات لتعظيم درجة تعرض الخلايا الشمسية للسطوع، عبر استعمال المكثفات والمرايا والهياكل المبتكرة الأخرى.
كما يستلزم أن تتمتع الخلايا بالقدرة على مقاومة الإشعاع في الفضاء، ومع ذلك فإن المواد المصنعة منها الخلايا الشمسية والمستعملة في تجارب فضائية عدة تكلف أموالًا باهظة لنشرها بأعداد ضخمة؛ ما يجعل توليد الكهرباء النظيفة في الفضاء مهمة شاقة.
موضوعات متعلقة..
- الألواح الشمسية الفضائية.. مشروع قد ينير الأرض بالكهرباء النظيفة (فيديو وصور)
- محطة طاقة شمسية فضائية تُسهل العيش على سطح القمر
- تقنيات تصنيع رقائق الألواح الشمسية الصينية قد تخضع لضوابط التصدير (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أول ناقلة فحم تعمل بالغاز المسال في العالم تدخل حيز التشغيل
- مشروعات الطاقة المتجددة في تونس.. هل تهبّ "ثورة الياسمين" الخضراء قريبًا؟
- هل تضرب إسرائيل منشآت إيران النفطية.. وما أزمات بايدن الـ3؟ (تقرير)
- مصادر: انقطاع الكهرباء في مصر قد يتفاقم.. وسيناريو غير متوقع