عمال مناجم الفحم يفقدون وظائفهم بسبب التحول الأخضر (دراسة)
سيصل عددهم إلى نحو مليون شخص بحلول 2050
أسماء السعداوي

يواجه عمال مناجم الفحم حول العالم شبح البطالة، سواء بسبب انتهاء العمر التشغيلي، أو قرب حلول المواعيد النهائية لإغلاقها، في إطار خطط استبدال أنواع وقود أقلّ تلويثًا للبيئة من الفحم.
وتؤكد دراسة حديثة، اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أن 100 عامل يوميًا سيتعرضون لخطر التسريح بحلول عام 2035، ليصل عددهم إلى نحو مليون شخص بحلول منتصف القرن الحالي 2050.
تقول مؤسسة "غلوبال إنرجي مونيتور" (global energy monitor) المعنية بأبحاث الطاقة، إن معظم مناجم الفحم التي من المحتمل أن تغلق أبوابها لم ترسم خططًا لتمديد عملياتها، أو لإدارة عملية تحول الطاقة، بعد التخلي عن الفحم.
ولذلك، دعا تقرير المؤسسة -ومقرّها الولايات المتحدة- الحكومات للحيلولة دون معاناة عمال مناجم الفحم من الصعاب الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تحول الطاقة، وخاصة في المناطق النائية التي تعتمد على الفحم.
ومن المتوقع أن تكون مناجم الفحم في الصين والهند أكبر المتضررين عالميًا، كما ستشهد شركة كول إنديا (Coal India) أكبر عملية تسريح للعمال في العالم بحلول 2050.
تأثير التحول الأخضر في عمال مناجم الفحم
تقول مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور، إنه يوجد 4 آلاف و300 منجم ومشروع فحم قيد التشغيل، أو مقترح إنشاؤها حول العالم، وهي مسؤولة عمّا إجماليُّه أكثر من 90% من إنتاج الفحم العالمي، ويعمل بها نحو 2.7 مليون شخص.
ومن المتوقع التخلّي عن 414 ألفًا و200 وظيفة في المناجم التي من المقرر أن تغلق أبوابها بحلول عام 2035، بمعدل 100 عامل يوميًا.
وبحلول عام 2050، سيجري التخلّي عن 990 ألفًا و200 من عمّال مناجم الفحم قيد التشغيل، بما يعادل أكثر من ثُلث القوة العاملة الموجودة بنسبة تزيد عن 37%، وذلك سواء مع أو دون تعهدات المناخ وسياسات التخلص التدريجي من الفحم.
وحمّل التقرير مسؤولية المستقبل الغامض الذي يواجهه عمال مناجم الفحم على عاتق الصناعة؛ إذ لم تخطط معظم المناجم القريبة من الإغلاق في العقود المقبلة، لاقتصاد ما بعد الفحم، أو لإدارة عملية تحول الطاقة.

الصين والهند أكبر المتضررين
يتركز معظم العاملين بقطاع الفحم العالمي في قارة آسيا، حيث يعمل 2.2 مليون شخص، ومن المتوقع أن يتحمل عمال الصين والهند -أكبر اقتصادين في القارة- النصيب الأكبر من التسريح.
في الصين، يعمل أكثر من 1.5 مليون شخص في مناجم الفحم، والتي تنتج 85% من احتياجات البلاد ونصف الإنتاج العالمي.
وعلى نحو خاص، تشكّل مقاطعتا شانشي وخنان ومنطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم في شمال الصين أكثر من ربع الإنتاج العالمي من الفحم، ويعمل بها 32% من إجمالي القوة العاملة العالمية، أي ما يقارب 870 ألفًا و400 شخص.
وفي شانشي وحدها، يتوقع التقرير أن يفقد 241 ألفًا و900 من عمال مناجم الفحم وظائفهم بحلول 2050.
ويصل حجم القوة العاملة في الهند -ثاني أكبر منتج للفحم في العالم- إلى نصف نظيرتها في مقاطعة شانشي الصينية، أي بما يعادل نحو 337 ألفًا و400 عامل في المناجم قيد التشغيل.
ويقول التقرير، إن شركة كول إنديا ( Coal India) المملوكة للدولة وأكبر شركة فحم في العالم ستواجه أكبر عملية تسريح محتملة بإجمالي 73 ألفًا و800 عامل بحلول عام 2050.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 10 دول إنتاجًا للفحم في 2022:
لا مفرّ من إغلاق مناجم الفحم
تقول مديرة مشروع "غلوبال كول ماين تراكر" بمؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور، دوروثي مي، إنه لا مفرّ من إغلاق مناجم الفحم، إلّا أن الأمر نفسه لا ينطبق على الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي سيواجهها العمال.
وأشارت إلى وجود خطط تحول طاقة قابلة للتطبيق، مثل إسبانيا التي تُراجع بصورة دورية الآثار الجارية لخطط إزالة الكربون، داعية الحكومات لاستقاء الدروس من نجاح الدولة الأوروبية في التخطيط لإستراتيجيات تحول الطاقة العادل.
من جانبه، يقول مدير برنامج الفحم في المؤسسة، ريان دريسك تاتي: "نحتاج إلى وضع العمال أولوية بجدول الأعمال، إذا أردنا فعلًا أن يكون التحول العادل ليس مجرد حديث".
ودعا إلى اتّباع نهج استباقي لتبديد مخاوف عمال مناجم الفحم ومجتمعاتهم، باستعمال التقنيات والأسواق المهيّأة لتحقيق تحول الطاقة.
كما تقول الباحثة تيفاني مينز، إن صناعة الفحم فيها قائمة طويلة من المناجم التي ستغلق أبوابها على المدى القريب، ومعظمها شركات مملوكة للدولة.
ولذلك طالبت الحكومات بتحمُّل نصيبها من المسؤولية لضمان إدارة تحول الطاقة بطريقة لا تؤثّر في العمال ومجتمعاتهم، وصولًا إلى اقتصاد الطاقة النظيفة.
موضوعات متعلقة..
- محطات الكهرباء العاملة بالفحم في جنوب أفريقيا لن تخرج من الخدمة قريبًا
- محطات الفحم في ألمانيا تعود إلى الخدمة خلال الشتاء المقبل
- تجارة الفحم في آسيا مستمرة رغم نقص التمويل (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع تباطؤ نمو الطلب على الغاز حتى 2026
- واردات الهند النفطية تتحول بعيدًا عن روسيا.. والعراق والسعودية أبرز المستفيدين
- هل تتأثر أسعار النفط بالصراع بين حماس وإسرائيل طويلًا؟ حالة واحدة محتملة (تقرير)
- فشل مضاعفة صادرات الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا في 2027.. ما السبب؟