طريق بديل لقناة السويس.. قصة مخطط روسي تدعمه الهند (خريطة)
أنس الحجي: التهديدات حقيقية على الأقل خلال الصيف والحل في الإغراءات
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- طريق بحر الشمال يمتد على 5.6 ألف كيلومتر ويمر عبر 4 بحار
- روسيا تروّج لقدرتها على إزالة عقبات الجليد باستثمارات 24 مليار دولار
- أول تجربة لتسيير سفينة غاز مسال روسية عبر الطريق استغرقت شهرًا
- 3 أسباب إستراتيجية تدفع الهند لدعم المخطط الروسي بقوة، أبرزها الصين
- العراق يطلق طريقًا منافسًا لقناة السويس باستثمارات 17 مليار دولار
في سبتمبر/أيلول 2023، أعلنت روسيا نجاح تجربة طريق بديل لقناة السويس عبر تسليم أول شحنة غاز مسال من خلال بحر الشمال، في أول تهديد حقيقي قد يسحب حركة الشحن من القناة المصرية، أكبر الممرات المائية الحيوية لحركة التجارة الدولية منذ عقود.
وتخطط روسيا منذ سنوات طويلة لبناء أقصر طريق ملاحي يربط بين أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يُعرف بمشروع طريق بحر الشمال (NSR)، الذي يُطلق عليه أحيانًا الممر الشمالي الشرقي (NEP)، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويمكن لهذا المشروع، الذي يُنظر إليه على أنه طريق بديل لقناة السويس، أن يختصر المسافة المقطوعة بنسبة 50% مقارنة بممرات الشحن الدولية الحالية، لا سيما قناة السويس وقناة بنما، وفقًا لمركز أركتس ريسيرش (Arctis-Search) المتخصص في أبحاث القطب الشمالي.
ويبلغ طول طريق بحر الشمال المقترح قرابة 5 آلاف و600 كيلومتر مربع، ويمر عبر 4 بحار متفرعة من المحيط المتجمد الشمالي، إذ يبدأ مساره عند الحدود الروسية النرويجية بين بحر بارنتس وبحر كارا (مضيق كارا) وينتهي عند مضيق بيرنغ، وهو ممر مائي يصل ولاية ألاسكا الأميركية بقارة آسيا، ويربط المحيط المتجمد الشمالي بالمحيط الهادئ.
حل معضلة الجليد
تُجري روسيا والهند مفاوضات منذ مارس/آذار 2023، لاستعمال طريق بديل لقناة السويس في نقل البضائع عبر استعمال المواني الروسية والهندية، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
وضخّت روسيا استثمارات كثيفة في تهيئة البنية التحتية لطريق بحر الشمال الممتد على طول ساحلها الشمالي، ولكنه يواجه تحديات كثافة الجليد، خاصة في الشتاء، ما يعوق حركة السفن ويعرّضها لاحتمالات الاصطدام بالجبال الجليدية.
ووفّر الانخفاض الحالي في الغطاء الجليدي، الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري، فرصة لبلدان القطب الشمالي لدراسة إمكانات استغلاله ليكون طريقًا بديلًا لقناة السويس في الملاحة التجارية الدولية، بعد أن كانت الظروف معاكسة تمامًا خلال العقود الماضية.
وتخطط موسكو للتغلب على هذه العقبات، وبدء الشحن عبر الخط على مدار العام في وقت قريب، ما قد يمثّل بدايات تهديد حقيقية لممر قناة السويس وقناة بنما، وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، واطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وتروّج روسيا لقدرتها على حل معضلة كثافة الجليد التي تحاصر المحيط المتجمد الشمالي معظم أيام العام، عبر أسطول كاسحات جليد متطور وذي كفاءة عالية.
وتعدّ موسكو الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك أسطولًا من كاسحات الجليد يعمل بالطاقة النووية، تحت إشراف شركة روساتوم (Rosatom) الحكومية، التي تروّج لضمان الملاحة الآمنة عبر طريق بحر الشمال.
ووافقت الحكومة الروسية في أغسطس/آب 2022 على تعزيز خطة تطوير طريق بحر الشمال، عبر بناء أكثر من 50 كاسحة جليد وسفينة من فئة الجليد والمواني والمحطات ومراكز الطوارئ والإنقاذ، إلى جانب بناء مجموعة مدارية من الأقمار الصناعية.
كما تعهدت روسيا بإنفاق 2 تريليون روبل (24 مليار دولار) في أعمال تطوير طريق بحر الشمال على مدى السنوات الـ13 المقبلة، وفقًا لتقرير نشره موقع بزنس إستاندرد (business-standard).
أول سفينة تجريبية تستغرق شهرًا
أطلقت شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم (Gazprom) أول اختبار لتسيير ناقلة غاز مسال عبر طريق بحر الشمال، بدلًا من قناة السويس في أغسطس/آب 2023.
وتحمل ناقلة الغاز المسال اسم "فيليكي نوفغورود"، وقد جرى تحميلها من محطة بورتوفايا للغاز المسال، الواقعة على شواطئ بحر البلطيق، في 14 أغسطس/آب 2023.
يوضح الرسم التالي-أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة طريق بحر الشمال والمسافة بين آسيا وأوروبا من خلاله مقارنة بطريق قناة السويس:
ورصدت الناقلة تتحرك في بحر بارنتس بالقطب الشمالي في 22 أغسطس/آب 2023، لكن دون الإفصاح عن الوجهة النهائية لها، ثم أُعلن وصولها إلى الصين في 14 سبتمبر/أيلول 2023، ما يعني أن الرحلة استغرقت شهرًا، بحسب تقارير نشرتها وكالة رويترز استنادًا إلى بيانات منصة رفينيتيف المتخصصة في تتبّع حركة السفن والناقلات.
ويعمل طريق بحر الشمال بصورة ملحوظة منذ 5 سنوات، إذ زادت حركة الشحن عبره بنسبة 73% خلال الأعوام الممتدة من 2018 إلى 2022، وفقًا لتقرير منشور على موقع إنسايتس أى أيه إس الهندي (INSIGHTS IAS).
لماذا يعدّ طريق بحر الشمال إستراتيجيًا للهند؟
يمثّل طريق بحر الشمال ممرًا إستراتيجيًا للهند بسبب موقعها الجغرافي واعتمادها على النقل البحري، ما يفسر محاولات موسكو لإقناع نيودلهي بتكثيف حركة تجارتها عبر هذا الخط، بدلًا من استعمال طريق قناة السويس أو قناة بنما.
كما تمثّل منطقة القطب الشمالي أهمية كبيرة للهند بسبب التأثيرات المحتملة في الأمن الاقتصادي والمائي وقضايا الاستدامة الناشئة عن تغير المناخ، ما يرجّح جاذبية المرور الإستراتيجي من طريق بحر الشمال المقترح من روسيا.
ووقّعت الهند مذكرة تفاهم مع روسيا في سبتمبر/أيلول 2019، لاستعمال ممر "تشيناي - فلاديفوستوك" البحري في النقل التجاري، وهو ممر يختصر وقت النقل بين البلدين بمقدار الثلث، إلى 12 يومًا تقريبًا، كما يسمح بالتجارة الفعالة عبر بحر اليابان وبحر الصين الجنوبي ومضيق ملقا.
كما حصلت الحكومة الصينية منذ مطلع يونيو/حزيران 2023 على موافقة روسيا لاستعمال ميناء فلاديفوستوك في إعادة شحن البضائع المنقولة من مقاطعة جيلين شمال شرق الصين إلى مناطق محلية أخرى داخل البلاد.
وعدّت الهند دخول الصين إلى مبادرات تطوير طريق بحر الشمال بمثابة محاولة للتقرب من روسيا شبه المعزولة دوليًا، ما يتطلب تسريع المبادرة إلى اللحاق بالطريق، خشية انفراد بكين ببناء تحالف إستراتيجي واسع مع موسكو، قد يضرّها عسكريًا في المستقبل.
ويمكن لهذا الممر البحري أن ينقل السلع مثل فحم الكوك والنفط الخام والغاز الطبيعي المسال والأسمدة من روسيا إلى الهند بكفاءة عالية وتكاليف أقلّ، إلى جانب اختصار الوقت، وفقًا لدراسة أعدّتها هيئة ميناء شيناي بورت الهندي "chennai port".
وتنخرط الهند في أعمال القطب الشمالي منذ عشرينيات القرن الماضي، عندما وقّعت معاهدة سفالبارد في فبراير/شباط 1920، في باريس بين النرويج والولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا وإيطاليا واليابان وهولندا وبريطانيا العظمى وأيرلندا ودول الدومينيون البريطانية والسويد فيما يتعلق بمنطقة سالفبارد.
وتراقب الهند التطورات في منطقة القطب الشمالي بصورة مكثفة منذ ذلك الحين، كما بدأت برنامجها البحثي لدراسة تغير المناخ في القطب الشمالي عام 2007، وعلاقته بالرياح الموسمية الهندية.
كما أنشأت الهند محطة أبحاث في منطقة سفالبارد عام 2008، إلى أن اكتسبت عضوية المراقب في مجلس القطب الشمالي، بجانب 5 دول أخرى، من بينها الصين، في مايو/أيار 2013.
وتنظّم فرق الأبحاث الهندية رحلات استكشاف دورية للقطب الشمالي بلغ عددها 13 رحلة خلال المدة من 2014 حتى عام 2022، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
إلى جانب ذلك، تتمتع منطقة القطب الشمالي بموارد طبيعية ضخمة لم تُستكشَف بعد، مثل الفحم والزنك والفضة، كما يُتوقع امتلاكها ما يعادل 40% أو أكثر من احتياطيات النفط والغاز العالمية الحالية، بحسب مقال لوزير الخارجية الهندي الأسبق شيام ساران، نشرته صحيفة "ذا هيندو- The Hindu" المحلية في فبراير/شباط 2012.
مخاطر وتهديدات لقناة السويس
تمثّل العوامل الجغرافية والسياسية سالفة الذكر محفّزات إستراتيجية واسعة للهند، للانخراط في مشروع روسيا لتكثيف التجارة عبر خط بحر الشمال، ما يهدد قناة السويس بفقدان جانب كبير من حركة التجارة من الهند وإليها، على الأقل.
وتمثّل قناة السويس الطريق الملاحي الأقصر بين قارّتي آسيا وأوروبا حتى الآن، ويمر ّعبرها 10% من حركة التجارة الدولية المنقولة بحرًا، كما تعدّ القناة أحد مصادر النقد الأجنبي الحيوية لمصر، بإيرادات وصلت إلى 7 مليارات دولار عام 2022، حسب البيانات السنوية الصادرة عن هيئة قناة السويس.
وقفز عدد السفن العابرة لقناة السويس إلى 23.58 ألف سفينة في عام 2022، مقارنة بـ18.83 ألف سفينة في عام 2021.
وتبلغ المسافة بين أوروبا وآسيا عبر طريق قناة السويس الحالي قرابة 21 ألف كيلومتر، بينما تقلّ هذه المسافة إلى 13 ألف كيلومتر فقط عبر طريق بحر الشمال الذي تروّج له روسيا.
ويسمح هذا الاختصار القياسي في المسافة بخفض مدة سفر السفن والناقلات من شهر إلى أقلّ من أسبوعين، ما قد يمثّل تهديدًا حقيقيًا لحركة الشحن الدولية في قناة السويس، إذا نجحت روسيا بإقناع الاقتصادات الكبرى في آسيا على تحويل وجهتهم إلى بحر الشمال، ويكون أحدث طريق بديل لقناة السويس.
وأحدثت الحرب الروسية الأوكرانية تحولات ضخمة على مستوى تجارة النفط الدولية، إذ أصبحت الهند ثاني أكبر مشترٍ لخام النفط الروسي بعد الصين، وفقًا لبيانات عام 2022.
وتضاعفت قيمة واردات الهند من النفط الروسي بصورة قياسية من 1.2 مليار دولار عام 2018، إلى 24.9 مليار دولار عام 2022، كما تضاعفت قيمة الصادرات الروسية الشاملة إلى نيودلهي من 8.6 مليار دولار عام 2021، إلى 46.3 مليار دولار عام 2022.
قناة السويس قد تكون ضحية موازنات إستراتيجية كبرى
يمكن لطريق بحر الشمال أن يسمح للهند وروسيا بزيادة التجارة الثنائية بصورة أكبر من خلال النقل الآمن والموثوق للبضائع، لكن اهتمام الهند بهذا الطريق تحكمه اعتبارات إستراتيجية أوسع من التجارة، وفقًا لتحليل زميل معهد الدراسات الدفاعية والإستراتيجية في سنغافورة، سندربال سينغ.
وتروّج روسيا لهذا الطريق، في إطار محاولتها خلق طرق شحن بديلة بعد العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها من النفط والغاز، لكن دوافع الهند ربما تكون جيوسياسية وإستراتيجية تتجاوز كونه مجرد طريق بديل لقناة السويس.
ويذكر المحلل سينغ 3 أسباب إستراتيجية كبرى لدى الهند، الأول يختص برغبتها في موازنة الصين التي أعلنت مشاركتها بمبادرة روسيا لتطوير طريق بحر الشمال، حسب مقاله المنشور على موقع ثنك تشاينا "think china".
وتعاني روسيا من عزلة دولية منذ الحرب الأوكرانية، وربما تمتد لسنوات أطول، وعلى نطاق واسع، ما قد يرجّح زيادة اعتمادها على الصين، وهو ما تخشاه الهند على المستوى الدفاعي، خاصة أن العلاقات الحدودية بين بكين ونيودلهي متدهورة منذ سنوات، ومرشحة للمناوشات العسكرية من حين لآخر، لا سيما في منطقة هضبة دوكلام أو جنوب التبت، كما تسمّيها الصين، وهي منطقة متنازَع عليها بين البلدين منذ الستينيات.
وتتحسب الهند من انحياز روسيا المتقدمة عسكريًا إلى الصين في أيّ نزاع حدودي محتمل، إلى جانب تحسّبها من النزاع الحدودي مع باكستان على الجانب الآخر، التي يُنظر إليها بوصفها شريكًا أصغر للصين، ما يعقّد من المخاوف الإستراتيجية للهند، ويدفعها لكسب ودّ روسيا، على أمل أن تظل محايدة بين البلدين مستقبلًا.
السبب الثاني، فيتعلق برغبة الهند في تحقيق قدر أكبر من المرونة الإستراتيجية التي تمكّنها من الحفاظ على استقلالها الذاتي، دون الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة وحلفائها مثل اليابان وأستراليا والدول الأوروبية.
في هذا السياق، تحرص نيودلهي على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والدفاعية مع روسيا وبلدان أخرى في محاولة لخلق حالة توازن إستراتيجي مع جميع الأطراف الدولية الفاعلة رغم علاقاتها القوية بالولايات المتحدة وحلفائها، ولعل هذا يفسّر رفض انتقاد الهند لروسيا علنًا منذ الحرب الأوكرانية، وكذلك رفض التخلّي عن واردات الطاقة الروسية المحاصرة بالعقوبات الغربية.
أمّا السبب الثالث، فيتعلق برغبة الهند في تحديث وتوسعة موانيها البحرية الخاصة، في إطار مبادرة ساجارمالا الوطنية لتحديث المواني الهندسية وربطها بالمواني الخارجية، ما يجعل مشاركتها في تطوير طريق بحر الشمال متشابكة مع مصالحها الوطنية في تطوير قطاع المواني، وفقًا للمحلل سندربال سينغ.
ويدعم هذا السبب، أن ممر شيناي- فلاديفوستوك، الذي حصلت الهند على موافقة روسيا لاستعماله منذ سبتمبر/أيلول 2019، يقع ضمن خطّتها الوطنية لتطوير المواني الهندية المعروفة بمبادرة ساجارمالا.
ومن المتوقع أن يغطي هذا الممر التجارة البحرية على مستوى بحر اليابان وبحر الصين الشرقي والجنوبي عبر مضيق ملقا، ليصل إلى خليج البنغال، ما سيوفر فرصًا لهائلة لقطاع المواني الهندية في الربط مع نظيرتها الخارجية.
ويتوقع هذا التحليل، في نهاية المطاف، أن تدعم الهند مشروع روسيا بقوة، ما يرجّح أن تكون قناة السويس المصرية ضحية موازنات إستراتيجية كبرى (دفاعية واقتصادية) بين روسيا والغرب من ناحية، والهند والصين من جهة أخرى، دون الاهتمام بمصالح الدول الصغرى.
مشروعات أخرى تهدد قناة السويس
ينضم طريق بحر الشمال الذي تروّج له روسيا إلى سلسلة من الطرق والممرات البحرية المقترحة منذ سنوات، لتكون بديلًا لقناة السويس، لكنها لم تدخل إلى حيز التنفيذ بصورة جادّة حتى الآن، باستثناء الطريق الروسي الذي يبدو نشاطه التجريبي ملحوظًا منذ الحرب الأوكرانية، مع انخراط كل من الصين والهند في التبادل التجاري عبره.
وتخطط روسيا على الجانب الآخر لاستكمال مخططات منافسة قناة السويس عبر بناء خط سكة حديد مع إيران، يستهدف الربط التجاري مع الهند وإيران وروسيا وأذربيجان ودول أخرى، في إطار مشروع أكبر تسمّيه روسيا "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب".
ووقّع وزراء النقل في البلدين اتفاقية تشييد الخط في 17 مايو/أيار 2023، بطول 162 كيلومترًا بين مديني رشت وآستارا في شمال إيران بقيمة 1.6 مليار دولار أميركي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة في حينه.
ويقع هذا الخط على طول ساحل بحر قزوين، ما سيؤدي إلى ربط المواني الروسية على بحر البلطيق بالمواني الإيرانية في المحيط الهندي والخليج العربي، بحسب تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يراهن على هذا الخط في تنويع تدفقات حركة التجارة العالمية.
كما يراهن على اختصار مدة شحن البضائع من مدينة سان بطرسبورغ الروسية إلى مدينة مومباي الهندية من 30 و 45 يومًا في الوقت الحالي، إلى 10 أيام فقط، مع افتتاح خط السكك الحديدية.
وليست روسيا والهند وإيران فقط التي تفكر في منافسة قناة السويس عبر طرح الطرق البديلة، بل هناك مخطط آخر طرَحه العراق للربط بين آسيا وأوروبا، وقد يمثّل طريقًا بديلًا لقناة السويس.
وأطلق العراق خطة مشروع "طريق التنمية" في 27 مايو/أيار 2023، بتكلفة قد تصل إلى 17 مليار دولار، وتوقعات بتشغيل أولى مراحله في 2025، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويستهدف المشروع ربط ميناء الفاو الغني بالنفط جنوب العراق مع تركيا، مع بناء شبكة سكك حديدية وطرق سريعة بطول 1200 كيلومتر مع دول الجوار، بهدف تحويل البلاد إلى مركز عبور دولي يختصر وقت السفر والشحن بين آسيا وأوروبا.
كيف تواجه مصر هذه المخططات؟
رغم أن الحديث عن مخططات الطرق البديلة لقناة السويس ليس جديدًا، بل متداولًا منذ سنوات طويلة، فإن طريق بحر الشمال الذي تروّج له روسيا قد يكون أخطرهم، لنشاط موسكو الملحوظ في تسيير عقبات الطريق مدعومًا بأبحاث مناخية تبشّر بمعدلات محتملة في ذوبان الجليد.
وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الحديث عن مستقبل الممر الشمالي إذا ذاب الجليد موثّق بكلام العلماء المتخصصين في تغير المناخ وعشرات الدراسات الأكاديمية.
كما أن هناك اتفاقات دولية حدثت بسبب هذا الموضوع، ولكن بعضهم لا يريدون أن يقرؤوا أو يفهموا أو يتحرّوا، ويكتفون بالهجوم على من يتحدث في الموضوع وكأنه شخص مُغرض يريد الإضرار بمصر، بحسب تصريحات الحجي في برنامج "أنسيات الطاقة" في 24 سبتمبر/أيلول 2023.
ورجّح الحجي تأثّر قناة السويس بذوبان الجليد في الدائرة القطبية، على الأقلّ في فصل الصيف، إذ سيكون هناك تحويل للشحنات من قناة السويس إلى تلك الدائرة بوصفها موفرة للوقت والتكاليف.
ويمكن للشركات أن توفر ملايين الدولارات إذا حدث الشحن من شمال روسيا إلى الصين عبر الدائرة القطبية؛ لذلك فإن الأمر جادّ، ويجب أن تتحسب له مصر، بحسب نصائح الحجي.
أمّا من ناحية الحلول التي يمكن لمصر اتخاذها لمواجهة هذه المخططات، فيرى الحجي ضرورة تعزيز تخفيضات ورسوم المرور لإغراء السفن على عدم الذهاب إلى الطريق الروسي، مشيرًا إلى تجارب سابقة للقناة في هذا الشأن، منحت خلالها تخفيضات لناقلات الغاز المسال وناقلات النفط.
موضوعات متعلقة..
- طريق بديل لقناة السويس.. أول شحنة غاز مسال تصل وجهتها النهائية
- إيرادات قناة السويس تنعش خزينة مصر بـ9.4 مليار دولار في عام
- روسيا تروج لطريق بديل لقناة السويس
- أول شحنة غاز مسال تتحرك عبر طريق بديل لقناة السويس
اقرأ أيضًا..
- كيف دفعت أسعار النفط أميركا إلى تبني "نظام شيوعي"؟ أنس الحجي يجيب
- تقرير يكشف توقعات أسعار النفط في 2024 وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية
- حجم اكتشافات النفط والغاز عالميًا يهبط 31% خلال أول 7 أشهر من 2023