صادرات النفط القازاخستاني في خطر بعد تحذيرات أميركية.. وهذا موقف روسيا
أسماء السعداوي
تتزايد المخاوف بشأن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية في سلامة صادرات النفط القازاخستاني الحيوية إلى أوروبا، والتي تشكّل 1% من إجمالي الإمدادات العالمية.
وأعرب الرئيس التنفيذي لشركة قاز موناي غاز (KazMunaiGaz) الحكومية مغزوم ميرزا علييف عن قلقه -لأول مرة- بشأن احتمالات تعرّض اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين "سي بي سي" لأضرار جراء الحرب المستعرة حاليًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال، بتصريحات خلال فعاليات أسبوع الطاقة في قازاخستان، أمس الأربعاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن نور سلطان تأمل بعدم حدوث "مشكلات ضخمة" في الخط الناقل لصادرات النفط القازاخستاني، بحسب ما نشرته منصة "إس آند بي غلوبال (S&P Global).
تأتي التصريحات ردًا على مخاوف أعرب عنها مسؤولون أميركيون بشأن تضرُّر صادرات النفط القازاخستاني من الحرب الدائرة في البحر الأسود، الذي شهد ألغامًا عائمة وهجمات على منشآت بحرية روسية.
من جانبها، أكدت روسيا أنه من مصلحتها عدم تضرّر خط الأنابيب الذي تمتلك أكبر حصة فيه، مشددة على أن هدفها ليس السيطرة على بنية الطاقة الأساسية.
صادرات نفط قازاخستان
يُعاني اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين (سي بي سي) من الاضطرابات منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وامتداد التوترات بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي الذي تتدفق منه الشحنات إلى الخارج.
وقازاخستان من أكبر الدول الحبيسة في العالم، رغم اتّساع مساحتها إلى 2.7 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يضطرها لاستعمال البحر الأسود في روسيا من أجل عبور صادراتها النفطية إلى أسواق أوروبا والعالم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى مدار الأعوام الـ20 الماضية، استمر الخط في نقل 80% من صادرات النفط القازاخستاني.
ورغم التوترات، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة قاز موناي غاز (KazMunaiGaz)، ميغزوم ميرزا علييف، عن ثقته في خط الأنابيب بسعة 1.5 مليون برميل يوميًا بطول ألف و500 كيلومتر، ويبدأ من حقل تنغيز أكبر حقل نفط في قازاخستان، الذي ينقل النفط منه ومن حقول أخرى وصولًا إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي.
وقال: "إنه الخط الأكثر تطورًا وكفاءة الذي نستعمله منذ أكثر من 20 عامًا، والحقيقة أنه أكبر خط أنابيب في العالم".
كما وجّه الشكر لحاملي الأسهم في الخط، وخصّ بالذكر مشغّل الخط شركة "ترانسفط" (Transneft) الروسية وشيفرون (Chevron) الأميركية وإكسون موبيل (ExxonMobil) وشل (Shell)، "لتأكدهم من استمرار الحوار بين أصحاب الأسهم".
وتضم قائمة حاملي الأسهم في اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين، روسيا التي تهيمن على الحصة الأكبر وقوامها 25%، وشركة قاز موناي غاز الحكومية بنسبة 19%، وحصص أخرى صغيرة لشركات شيفرون وإكسون موبيل وشل وإيني (Eni) الإيطالية وروسنفط (Rosneft) ولوك أويل (lukoil) الروسيتين.
تحديات ضخمة
اشتكت شركات الشحن من الحرب في البحر الأسود، والتي انعكست بارتفاع تكاليف التأمين.
كما أشار الرئيس التنفيذي لشركة قاز موناي غاز إلى التحديات التي شهدها خط الأنابيب في العام الماضي، ومنها الأضرار التي لحقت بمواني التحميل جراء العاصفة، والنزاع القانوني بسبب المشكلات البيئية، والتوترات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح: "التحديات التي واجهناها، خاصة في العام الماضي، أعتقد أنه يجري إدارتها حاليًا، ولا نتوقع حدوث مشكلات ضخمة".
وتُعدّ صادرات النفط القازاخستاني مصدرًا حيويًا للنفط الخام بالنسبة للسوق الأوروبية، بعد فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
مخاوف أميركية
أعرب مسؤولون حكوميون أميركيون عن قلقهم إزاء الأخطار المحيطة بصادرات النفط القازاخستاني عبر اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين، نتيجة تصاعد حدّة الصراع بين روسيا وأوكرانيا في البحر الأسود الذي شهد ألغامًا عائمة وهجمات على منشآت بحرية روسية.
وفي أغسطس/آب المنصرم (2023)، دُمِّرت سفينة إنزال أوكرانية في هجوم وقع بالقرب من منشآت التحميل بخطّ الأنابيب، وأثار ذلك القرب تكهنات بشأن احتمالات تضرّر صادرات النفط القازاخستاني.
كما أعرب السفير الأميركي في قازاخستان دانيال روسنبلوم عن مخاوفه، ودعا إلى توقيع اتفاقية رسمية لتأمين طريق اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين.
ثم أدان المتحدث باسم الخارجية الأميركية الحرب الروسية على أوكرانيا، مشيرًا لأضرارها على الوضع الإنساني وبنية النقل التجارية، مثل اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين.
وبحسب المتحدث، عقدت الولايات المتحدة مباحثات تتعلق بأمن خط الأنابيب مع الحكومة القازاخستانية وشركات الطاقة.
روسيا تردّ
طمأن وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف الأطراف جميعها بشأن سلامة خط أنابيب سي بي سي.
وقال في تصريحات خلال فعاليات أسبوع الطاقة في قازاخستان: "نقيم اتصالات طبيعية وتعاونًا بنّاءً.. لذلك ليس لدينا مخاوف في الوقت الحالي.. نفكر بشأن الطاقة، وليس السيطرة على البنية الأساسية".
وأضاف: "أيّ عمل ضد بنية الطاقة الأساسية، سواء خطوط أنابيب نقل الغاز أو النفط، مرفوض".
تتزامن تلك التصريحات مع بيانات إيجابية من داخل الصناعة تشير إلى أن شحنات النفط القازاخستاني عبر خط سي بي سي لن تُمسّ رغم اتّساع رقعة الهجمات على المنشآت الروسية.
كما أن هناك عددًا كبيرًا من الأطراف المستفيدة من الخط، ومنها شركات طاقة أوروبية وأميركية والدولة الروسية نفسها، إذ إن 10% من النفط القازاخستاني المتدفق عبر خط سي بي سي يأتي من حقول تابعة لشركة لوك أويل (Lukoil) الروسية.
يوضح الرسم البياني أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية في قازاخستان:
طريق بديل؟
دفعت المخاطر الأمنية قازاخستان إلى دراسة تغيير وجهة صادراتها من المواني القريبة من دائرة الصراع إلى أخرى أكثر أمانًا.
وصرّح رئيس إدارة النقل في شركة النفط الحكومية "قاز ترانس أويل" (Kaztransoil)، آباي بايزيمبايف، بأن بلاده قد تنقل صادراتها عبر ميناء أوست لوغا الروسي على بحر البلطيق بدلًا من ميناء "شيسخاريس" في منطقة نوفوروسيسك، بحسب ما نشرته وكالة رويترز واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف "بايزيمبايف" يوم الجمعة 18 أغسطس/آب 2023: "إذا ساءت الأوضاع الأمنية في البحر الأسود، فمن الممكن نقل الكميات التي نصدّرها من النفط إلى ميناء أوست لوغا بدلًا من شيسخاريس".
كما بدأت قازاخستان تصدير بعض الشحنات النفطية إلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا الروسي، ومنذ نهاية شهر يونيو/حزيران 2023، صدّرت 290 ألف طن من النفط إلى برلين.
كما تعتزم البلاد الواقعة في وسط آسيا تصدير 1.2 مليون طن متري من النفط إلى ألمانيا عبر خط الأنابيب في عام 2024 المقبل.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج النفط القازاخستاني ينخفض 210 آلاف برميل يوميًا
- صادرات النفط القازاخستاني تجد حلًا بديلًا للابتعاد عن روسيا
- قازاخستان تطالب 4 شركات نفط عالمية بـ13 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الغاز غير التقليدي ينتظر طفرة لتلبية الطلب المتزايد.. ما دور السعودية؟ (تقرير)
- أدنوك الإماراتية توقع عقودًا بـ12.8 مليار دولار لتطوير حقلي غاز "الحيل" و"غشا"
- خريطة وظائف طاقة الرياح في العالم.. 10 دول تستحوذ على 88% (تقرير)