شركات السيارات الكهربائية الصينية تتجه إلى التصنيع في أوروبا.. ما السبب؟ (تقرير)
دينا قدري
- شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية تتجه لبدء التصنيع في أوروبا.
- الصين تستفيد من الأزمة السابقة في صناعة السيارات بين أميركا واليابان.
- المفوضية الأوروبية تفتح تحقيقًا حول استفادة الصين من الإعانات الحكومية للسيارات الكهربائية.
- تيسلا وشركات أوروبية أخرى قد تخضع للتحقيق بسبب الواردات من الصين.
- الصين تنفي أن تكون لأسعار السيارات الكهربائية أي علاقة بالإعانات.
أعلن العديد من شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية خططها لبدء التصنيع في أوروبا، وسط تحقيق أوروبي حول استغلال بكين للإعانات الحكومية.
وتحقق السيارات الكهربائية الصينية ذات التكلفة التنافسية نجاحًا كبيرًا في جميع أنحاء السوق العالمية؛ ما دفع القارة العجوز إلى القلق بشأن تدفق المركبات الرخيصة المصنوعة في الصين.
ويتخوف الاتحاد الأوروبي من أن دعم الدولة الصينية يشوّه السوق على حساب شركات صناعة السيارات الأوروبية؛ ما يُعرِّض الوظائف للخطر؛ إلا أن بكين نفت أن الإعانات تؤثر في أسعار السيارات الكهربائية.
ويُعيد هذا الموقف إلى الأذهان مشكلات مماثلة حدثت على مدار تاريخ صناعة السيارات، وخاصةً بين الولايات المتحدة واليابان في السبعينيات والثمانينيات، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الصين تستفيد من الأزمات السابقة
في أعقاب أزمة النفط، نجحت السيارات الصغيرة الموفرة للوقود المصدرة من اليابان، مثل سيارة سيفيك التابعة لشركة هوندا موتور، في جذب السائقين الأميركيين؛ الأمر الذي ألحق الضرر بأداء شركات صناعة السيارات الكبرى في الولايات المتحدة مثل جنرال موتورز.
وأعقب ذلك تسريح العمال على نطاق واسع في صناعة السيارات المحلية؛ الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة في مراكز صناعة السيارات مثل ديترويت؛ حيث حطّم المتظاهرون المناهضون لليابان السيارات اليابانية بالمطارق، بحسب ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times).
وواجهت شركات صناعة السيارات اليابانية هذا الانتقاد من خلال توسيع الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة.
وبدأت هوندا في تصنيع سيارتها أكورد في ولاية أوهايو في أوائل الثمانينيات، وسرعان ما حذت شركة تويوتا موتور وغيرها حذوها.
وساعد خفض الصادرات من اليابان، وزيادة الاستثمار في الولايات المتحدة، وخلق فرص العمل المحلية، شركات صناعة السيارات في اليابان على تحويل المشاعر العامة لصالحها.
وبالتقدم سريعًا إلى عام 2023، تتحرك شركات السيارات الكهربائية الصينية قبل أن تتعرض سياراتها الكهربائية للضرب بالمطارق.
خطط صينية لبناء مصانع في أوروبا
لذلك، أعلن عدد من شركات صناعة السيارات الصينية خططًا لبدء التصنيع في أوروبا، مع التركيز على خلق فرص العمل على أمل في طمأنة السلطات التي تشعر بالقلق المتزايد بشأن تدفق السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة إلى السوق.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة "سايك موتور" (SAIC Motor) المملوكة للدولة، هذا الشهر، إن الشركة بدأت عملية اختيار موقع لمصنع تجميع أوروبي، وكان آخرون يتحركون حتى قبل أن يعلن الاتحاد الأوروبي تحقيقه في 13 سبتمبر/أيلول 2023.
وفي معرض ميونيخ للسيارات، في الشهر الجاري، قال مسؤول تنفيذي في شركة بي واي دي (BYD)، إن الشركة ستختار موقعًا لمصنع سيارات في المنطقة بحلول نهاية العام الجاري (2023)، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن منصة "نيكاي آسيا" (Nikkei Asia).
وصرّحت شركة غريت وول موتور (Great Wall Motor) بأنها تتطلع إلى ألمانيا والمجر وجمهورية التشيك بوصفها مرشّحة لإيواء مصنع جديد؛ في حين تجري شركة شيري (Chery) محادثات مع مسؤولين في المملكة المتحدة حول بناء مصنع هناك.
وفي حين أن هذه التحركات تحاكي تلك التي قامت بها شركات صناعة السيارات اليابانية قبل عقود من الزمن؛ فإن هناك فرقًا حاسمًا.
ففي العام الماضي، لم يكن أمام شركات -مثل هوندا وتويوتا- خيار سوى التوسع خارج البلاد في السوق الأميركية إذا أرادت النمو.
إلا أن شركات السيارات الكهربائية الصينية تتمتع بسوق محلية واسعة النطاق، والتي تعتمد عليها حتى عمالقة السيارات الأوروبية، ولا سيما الألمانية.
وإذا صعّد الاتحاد الأوروبي موقفه العدواني تجاه الصين؛ فقد تخاطر شركات صناعة السيارات الأوروبية بالإجبار على الخروج من الصين.
تحقيق حول السيارات الكهربائية الصينية
بدأت المفوضية الأوروبية تحقيقًا، يوم الأربعاء (13 سبتمبر/أيلول 2023)، حول فرض رسوم جمركية عقابية لحماية منتجي الاتحاد الأوروبي من واردات السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة التي تقول إنها تستفيد من الدعم الحكومي.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في خطابها السنوي أمام البرلمان الأوروبي: "الأسواق العالمية الآن مليئة بالسيارات الكهربائية الرخيصة، وأسعارها منخفضة بشكل مصطنع من خلال الدعم الحكومي الضخم".
وشددت فون دير لاين على أهمية السيارات الكهربائية بالنسبة إلى الأهداف البيئية الطموحة للاتحاد الأوروبي، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
وقالت: "أوروبا منفتحة على المنافسة، وليس على السباق نحو القاع"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يريد تكرار تجربة صناعة الألواح الشمسية، التي دمّرتها الواردات الصينية الرخيصة.
سيكون أمام المفوضية ما يصل إلى 13 شهرًا لتقييم ما إذا كانت ستفرض رسومًا جمركية أعلى من المعدل القياسي للاتحاد الأوروبي البالغ 10% على السيارات، في أبرز قضية لها ضد الصين منذ أن نجح تحقيق الاتحاد الأوروبي في الألواح الشمسية الصينية في تجنب حرب تجارية قبل عقد من الزمن.
وأوضحت المفوضية الأوروبية أن حصة الصين من السيارات الكهربائية المبيعة في أوروبا ارتفعت إلى 8%، ويمكن أن تصل إلى 15% في عام 2025، مشيرة إلى أن الأسعار عادة ما تكون أقل بنسبة 20% من الطرز المصنوعة في الاتحاد الأوروبي.
وبلغ الدعم الحكومي الصيني للسيارات الكهربائية والهجينة 57 مليار دولار في المدّة من 2016 إلى 2022، وفقًا لشركة الاستشارات "أليكس بارتنرز" (AlixPartners)؛ ما ساعد الصين على أن تصبح أكبر منتج للسيارات الكهربائية في العالم، وتجاوز اليابان بوصفها أكبر مصدر للسيارات في الربع الأول من عام 2023.
تيسلا وشركات أخرى تخضع للتحقيق
قال نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس، إن شركة تيسلا وشركات صناعة السيارات الأوروبية التي تصدر من الصين إلى الاتحاد الأوروبي، من المقرر أن تخضع للتدقيق في إطار التحقيق فيما إذا كانت صناعة السيارات الكهربائية الصينية تتلقى دعمًا غير عادل.
وأوضح دومبروفسكيس أن هناك "أدلة كافية من الوهلة الأولى" لتبرير التحقيق في واردات السيارات التي تعمل بالبطاريات من الصين، والتي تخشى بروكسل من أنها قد تطغى على صناعة السيارات في الاتحاد، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن صحيفة "فايننشال تايمز".
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت شركة تيسلا أو جيلي المالكة لشركة فولفو السويدية قد تخضعان للتحقيق، قال دومبروفسكيس: "بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يقتصر الأمر على السيارات الكهربائية ذات العلامات التجارية الصينية فحسب، بل يمكن أن يشمل أيضًا مركبات منتجين آخرين إذا كانوا يتلقون إعانات من جانب الإنتاج".
وأكد دومبروفسكيس أن الاتحاد الأوروبي "منفتح على المنافسة" في قطاع السيارات الكهربائية، لكن "المنافسة يجب أن تكون عادلة"، مضيفًا أن الاقتصادات الكبيرة الأخرى قد فرضت بالفعل تعريفات جمركية على السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية من الصين.
وأضاف: "من المحتمل أن يكون الاتحاد الأوروبي الآن أكبر سوق مفتوحة للمنتجين الصينيين".
الصين تدافع عن نفسها!
من جانبها، نفت الصين أن تكون لأسعار السيارات الكهربائية التي تنتجها شركات صناعة السيارات أي علاقة بالإعانات.
وقال الأمين العام لجمعية سيارات الركاب الصينية تسوي دونغشو، إن "الحكومة الصينية أنهت الدعم لمركبات الطاقة الجديدة في نهاية عام 2022".
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، التحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي، قائلًا إنه "سيزعزع استقرار صناعة السيارات العالمية وسلاسل التوريد"، وفق ما نقلته منصة "نيكاي آسيا".
واستفادت شركات صناعة السيارات الصينية من التحول العالمي إلى السيارات الكهربائية، وهو الاتجاه الذي يحظى بدعم قوي في الاتحاد الأوروبي، في ظل سعيه إلى التخلص التدريجي من مبيعات السيارات التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035.
وأنتجت الصين في عام 2022 نحو 7 ملايين سيارة تعمل بالطاقة الجديدة؛ بما في ذلك السيارات الكهربائية، أكثر من أي دولة أخرى.
وذهب نحو 15% منها إلى أسواق التصدير، وأُرسل نصفها تقريبًا -نحو 550 ألفًا- إلى أوروبا، وفقًا لتقارير مجموعة صناعية.
وجرى تصدير نحو 450 ألف سيارة كهربائية صينية إلى أوروبا في الأشهر الـ7 الأولى من عام 2023؛ وبلغت حصة الصين من السوق الإقليمية 8% لتلك المدّة، ارتفاعًا من أقل من 1% لعام 2019 ككل، وفقًا لأحد التقديرات.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا منذ عام 2015:
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية الصينية تقلق أسواق الاتحاد الأوروبي (مقال)
- السيارات الكهربائية الصينية تثير قلق البريطانيين.. تجسس أم هيمنة؟ (تقرير)
- السيارات الكهربائية الصينية منخفضة السرعة تستعد لانتشار واسع في أفريقيا
اقرأ أيضًا..
- هل اقتربت عودة نفط كردستان العراق إلى تركيا؟.. مسؤول يكشف المستجدات
- 5 اكتشافات غاز في مصر تضيف احتياطيات بـ2.65 تريليون قدم مكعبة
- توقعات حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء العالمي بحلول 2050 (تقرير)
- أمن الطاقة يضع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفترق طرق (تقرير)