خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2.. هل تنهار "صفقة القرن" بسبب الصين؟
أسماء السعداوي
يبرز خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2 (Power of Siberia 2) إلى الصين بوصفه طوق نجاة لموسكو الساعية لتعويض انقطاع الإمدادات عن أوروبا، بعد غزو أوكرانيا في مطلع العام الماضي (2022).
وما زالت المفاوضات جارية بشأن خط الأنابيب الذي سيفتح بابًا آخر لتزويد الصين -أحد أكبر مستوردي الغاز في العالم- بالغاز الروسي الباحث عن مشترين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبالفعل، هناك خط باور أوف سيبيريا الذي يربط الجارتين روسيا والصين، وتُعدّ أسعاره الأرخص بين كل خطوط أنابيب الغاز من ميانمار، وتركمانستان، وقازاخستان، وأوزباكستان.
وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جي بينغ إلى موسكو في مارس/آذار 2023، أعلنت روسيا إتمام الاتفاق "تقريبًا" بشأن خط الغاز الروسي باور أوف سيبيريا 2، الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقال له بصحيفة الشعب الصينية بأنه "صفقة القرن".
في المقابل، تجنّبت بكين إعلان الإتمام النهائي للاتفاق بشأن الخط الجديد الذي ظلّ طور التخطيط لعقدين من الزمان.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير أعدّته منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P global) السببين الرئيسين وراء المماطلة الصينية، رغم الاندفاع الروسي.
خطر يهدد خط باور أوف سيبيريا 2
من المحتمل أن يصبح خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2 -في حالة إتمام الاتفاق بشأنه- إحدى أهم اتفاقيات الطاقة العابرة للحدود التي تبرمها مؤسسة البترول الوطنية الصينية "سي إن بي سي" (CNPC) أكبر شركات إنتاج النفط والغاز في الصين، في السنوات الأخيرة.
وقد تشهد شروط الاتفاق اختلافًا كبيرًا عمّا كان متصورًا عند بدء التخطيط للمشروع؛ نتيجة تغيُّر الخريطة الجيوسياسية بسبب الوضع في أوروبا، والخلاف بين الولايات المتحدة والصين، وتغيُّر المشهد الاقتصادي والطاقي داخل الصين.
ومن المحتمل أن يوقّع البلَدان اتفاقًا بشأن خط الغاز الروسي الجديد خلال الزيارة المتوقعة للرئيس بوتين إلى بكين لحضور احتفالات العيد الوطني في أكتوبر/تشرين الأول المقبل 2023، حسبما قال مسؤول صيني مطّلع على المباحثات.
وأكدت مصادر أخرى أن المباحثات جارية بشأن شرط الصين لخفض سعر الغاز الروسي المنقول عبر الخط الجديد، فضلًا عن مخاوف أخرى تنتاب بكين بشأن ضعف الطلب المحلي وإلحاق خسائر بمبيعات الغاز المحلية.
وفي سبيل تحقيق طلبات بكين بشأن خفض الأسعار، استعانت شركة "سي إن بي سي" بقوّتها التفاوضية لإجبار موسكو على خفض سعر الغاز المنقول إلى منطقة منغوليا شمال الصين.
وتستورد الصين الغاز المنقول عبر الأنابيب من عدّة دول -ومنها روسيا- عبر خط أنابيب باور أوف سيبيريا، وهو الأرخص بين الغاز القادم من ميانمار وتركمانستان وقازاخستان وأوزباكستان.
وتوقفت بكين عن نشر بيانات تفصيلية بشأن الغاز المنقول عبر الأنابيب في عام 2022 المنصرم، إلّا أن بيانات الجمارك الصادرة في عامي 2020 و2021 تقول، إن إمدادات خط أنابيب غاز باور أوف سيبيريا 1 هي الأرخص.
وعلى سبيل المثال، بلغ متوسط سعر الغاز الروسي عبر الخط 4.15 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بزيادة عن 9.08 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية للغاز القادم من ميانمار، و5 دولارات للغاز القادم من تركمانستان وقازاخستان وأوزباكستان.
أسعار الغاز الروسي
تقول المديرة في منصة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" جيني يانغ، إن الصين وروسيا لم تتوصّلا لاتفاق نهائي بعد بشأن الخط أو سعر الغاز المنقول خلاله، متوقعة أن تكون إمدادات خط الغاز الروسي باور أوف سيبيريا 2 أرخص من واردات الغاز المسال الجديدة إلى مراكز الطلب الساحلية بشمال ووسط الصين، لأسباب عديدة.
وأضافت: "من منظور مفاوضات السوق، روسيا بحاجة لإيجاد سوق جديدة لغاز غرب سيبريا، لكن الصين لديها خيارات إمداد أخرى، ومنها واردات الغاز المسال والإمدادات الإضافية القادمة عبر الأنابيب من وسط آسيا".
وتابعت: "مالم تعرض غازبروم الروسية (Gazprom) اتفاقًا جيدًا، فإن الصين ستتجه لخيارات أخرى، والتي ربما تتميز بالمرونة والتنوع، مثل واردات الغاز المسال".
وأكدت جيني أن سعر غاز باور أوف سيبيريا 1 منخفض، مضيفةً أن شركة غازبروم الروسية تطوّر غاز غرب سيبيريا بتكلفة منخفضة، كما أن الطريق إلى منغوليا أقصر، وهو ما يقلل تكلفة المشروع.
الغاز في الصين
داخليًا، تواجه الصين عقبات محلية قد تدفعها إلى إعادة التفكير في الجدوى الاقتصادية للصفقة مع روسيا، حسبما يقول مصدر مطّلع.
أحد تلك الأسباب هو أن شركة "سي إن بي سي" الصينية تتكبد خسائر في مبيعات الغاز المنقول عبر الأنابيب، بسبب القيود المفروضة على أسعار البيع بالتجزئة.
في المقابل، يحرص قطاع خطوط الأنابيب بالشركة على التوسع، بعد نقل خطوط أنابيب شركات النفط المحلية إلى شركة "بتروتشاينا" (PetroChina) في عام 2020، ضمن إطار عملية إعادة هيكلة وطنية.
وبحسب وسائل إعلام محلية، من المتوقع أن تصل إمدادات خط باور أوف سيبيريا 1 خلال عام 2023 إلى 22 مليار متر مكعب، و30 مليار متر مكعب في العام المقبل 2024، و38 مليار متر مكعب في 2025، بزيادة عن 15 مليار متر مكعب في 2022 المنصرم.
ومن المحتمل أن تضيف خطط توسعة خط باور أوف سيبيريا 1 ما بين 7 و8 مليارات متر مكعب سنويًا، في حين سيبلغ حجم الغاز المنقول عبر خط الغاز الروسي باور أوف سيبيريا 2 إلى 50 مليار متر مكعب سنويًا عند وصوله لطاقته التشغيلية الكاملة.
وإجمالًا، من المتوقع نمو الطلب المحلي على الغاز في الصين، وتشير تقديرات إدارة الطاقة الوطنية إلى أن استهلاك الغاز سيتراوح بين 385 و390 مليار متر مكعب في 2023.
كما يُتوقع وصول إجمالي واردات الغاز الطبيعي إلى 158.2 مليار متر مكعب في 2023، ما يمثّل نحو 41% من إجمالي الطلب.
وستصل واردات الصين من الغاز المسال إلى نحو 64.2 مليون طن أو 89.1 مليار متر مكعب في 2023، لتشكّل 40.6% من إجمالي الواردات.
موضوعات متعلقة..
- طموح صادرات الغاز الروسي إلى الصين يواجه اعتراضات تركمانستان
- الصين تمنح خط نقل الغاز التركماني أولوية.. وتجاهل متعمد لروسيا
- قازاخستان تنقل الغاز الروسي إلى الصين عبر خط أنابيب جديد
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط الروسي تسجل أعلى مستوى في 10 أشهر
- وكالة الطاقة الدولية تثبّت تقديرات الطلب على النفط.. وتتوقع فائضًا في المعروض خلال 2024
- باحث فرنسي: هيمنة الغاز الروسي على أوروبا انتهت بفضل 4 دول عربية