الغاز المسال الأسترالي يُلهب الأسعار.. تفاصيل أسبوعين من الأحداث الساخنة

أسماء السعداوي

2023-08-22

0 934

محطة "نورث ويست شلف" لإنتاج الغاز المسال الأسترالي — محطة "نورث ويست شلف"- الصورة من موقع شركة "وودسايد إنرجي"

باتت أسعار الغاز العالمية تحت رحمة العاملين في قطاع الغاز المسال الأسترالي الذي يتعرّض حاليًا لهزة عنيفة، تهدد باستمرار تصدير الإمدادات إلى آسيا وأوروبا.

وقبل نحو أسبوعين، هدّد عمال بالدخول في إضراب عن العمل، للمطالبة بتحسين ظروف العمل في 3 مشروعات لإنتاج الغاز المسال والمسؤولين عن نحو 10% من السوق العالمية، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي حال فشل المحادثات بين النقابات العمالية الممثلة للعاملين في منصات الغاز البحرية بمشروع "نورث ويست شيلف" التابع لشركة وودسايد الأسترالية (Woodside Energy)، ومحطتي "غورغون" و"ويتستون" التابعتين لشركة شيفرون الأميركية (Chevron)، سيدخل العاملون في إضراب عن العمل بدءًا من يوم 2 سبتمبر/أيلول المقبل 2023.

أسعار الغاز الأوروبية

شهدت أسعار الغاز الأوروبية ارتفاعات قياسية، بعد أنباء عن احتمالات توقف 3 من كبار مشروعات الغاز المسال الأسترالي.

وارتفعت أسعار العقود الآجلة بنسبة 3.2%، بعد تراجع كبير سجلته في وقت سابق.

وارتفعت أسعار العقود الآجلة الهولندية لشهر مقبل، وهي الأسعار المرجعية في أوروبا، بنسبة 1.9% لكل 41.57 ميغاواط/ساعة بحلول الساعة الـ12 ظهرًا بالتوقيت المحلي لأمستردام.

وعادة ما تستعمل دول أوروبا وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها.

(غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز)

(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز)

كما ارتفعت، اليوم، أسعار العقود الآجلة للغاز في المملكة المتحدة بنسبة 1.9%.

وكانت أسعار العقود الآجلة للغاز في أوروبا قد سجلت الزيادة الثانية لها في أقل من أسبوع يوم 15 أغسطس/آب الجاري 2023، بسبب التوترات التي أثارتها أنباء إضراب عمال قطاع الغاز المسال الأسترالي، وما قد يتبع ذلك من شح الإمدادات العالمية، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ والذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

واستقر سعر العقود الآجلة الهولندية على ارتفاع 13% في نهاية يوم الثلاثاء 15 أغسطس/آب، بعدما افتتح التعاملات على ارتفاع 18%.

وكانت أسعار العقود الآجلة قد ارتفعت -أيضًا- بنسبة 28% يوم 9 أغسطس/آب 2023.

ويوضح الرسم البياني أدناه -أعدته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الغاز المسال العالمية حسب المنطقة في 2021 و2022:

واردات الغاز المسال العالمية حسب المنطقة في 2021 و2022

إضراب عمال الغاز المسال الأسترالي

يترقب التجار نتائج المفاوضات التي من المتوقع أن تستمر يوم غد الأربعاء 23 أغسطس/آب 2023 بين شركة وود سايد إنرجي ونقابات العمال الذين يهددون بالتوقف عن العمل في محطة التصدير "نورث ويست شيلف" (North West Shelf) أكبر مشروع للغاز المسال في أستراليا، احتجاجًا على تردي ظروف العمل وللمطالبة برفع الأجور.

وتقول الرئيسة التنفيذية لشركة ووسايد الأسترالية ميغ أونيل: "نهدف في محادثاتنا مع العمال للتوصل إلى اتفاق مؤسسي، ونحرز تقدمًا ملموسًا عبر التعاون البناء".

ويقول محللو شركة سيتي غروب للاستشارات، إنه إذا لم يقرر العمال الدخول في إضراب وإذا لم ترتبك عمليات الإنتاج، فإن سوق الغاز ستفيض بالإمدادات، وستنخفض الأسعار قبل حلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

كما أكد محللو شركة إنسبايرد للاستشارات، أن أيّ إشارة على تنفيذ الإضراب قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي حتى حلول فصل الشتاء.

ورغم أنه نادرًا ما تشتري أوروبا الغاز المسال الأسترالي، فإن القارة بحاجة ماسة إلى الشراء لتأمين المخزونات الحيوية قبل حلول فصل الشتاء بعد أقل من شهرين.

ورغم ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية، فإنها ما زالت أقل من المستويات القياسية التي سجلتها في أعقاب أزمة الطاقة التي خلّفتها الحرب الروسية الأوكرانية في العام الماضي (2022)، إذ كانت موسكو مورد الغاز الرئيس للقارة العجوز، ثم قرر الغرب معاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا بحزمة إجراءات اقتصادية كان قطاع الطاقة أبرز المتأثرين بها.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- وجود أستراليا بقائمة أكبر مصدري الغاز المسال:

أكبر مصدري الغاز المسال

كيف بدأت القصة؟

أعلنت شركتا شيفرون الأميركية و"وودسايد" الأسترالية في 10 أغسطس/آب 2023، إجراء مفاوضات مع ممثلي عمال في قطاع الغاز المسال الأسترالي، للحيلولة دون دخولهم في إضراب عن العمل في 3 مشروعات ضخمة.

منصات الغاز المتضررة هي مشروع "نورث ويست شيلف" التابع لشركة وودسايد الأسترالية، ومحطتا "غورغون" و"ويتستون" التابعتان لشركة شيفرون الأميركية.

وتبلغ الطاقة التصديرية لـ"نورث ويست شيلف" 16.9 مليون طن سنويًا، في حين تُعد محطة غورغون ثاني أكبر المحطات الأسترالية بطاقة تبلغ 15.6 مليون طن سنويًا، وتصل قدرة محطة ويتستون 8.9 مليون طن سنويًا.

ويقول المتحدث باسم نقابة العمال، براد غاندي: "أعضاؤنا العاملون في (وودسايد) و(شيفرون) يكافحون من أجل نيل ما يستحقونه، وهو اتفاق عادل ومعقول في أقرب وقت ممكن، لأنهم يدركون أن تلك الشركات ستخسر مئات الملايين من الدولارات إذا أدى الإضراب إلى تباطؤ الصادرات".

من جانبها، أعلنت شركة شيفرون، يوم 10 أغسطس/آب 2023، أنها تدرس طلبات قدمها العمال في محطتي غورغون وويتستون للغاز المسال إلى لجنة العمل العادل.

وقالت شيفرون على لسان متحدث باسمها: "سنواصل الحوار مع موظفينا وممثليهم، سعيًا منا للوصول إلى نتائج تصب في مصلحة كل من الموظفين والشركة".

ويقول تجار مطلعون، إن محطة غورغون التي تديرها شركة شيفرون الأميركية تراجعت عن بيع الغاز المسال في الأسواق الفورية بسبب الإضرابات المحتملة.

جاء ذلك بعدما أعلن 99% من العاملين في المنصات البحرية التي تزوّد محطة "نورث ويست شيلف" اعتزامهم الدخول في الإضراب بعد تصويت أُعلن يوم الأربعاء 9 أغسطس/آب 2023.

ولبدء الإضراب، يجب أولًا الحصول على موافقة لجنة العمل العادل ثم تصويت أعضاء النقابات، ثم تقرر الأخيرة بشأن الاستمرار في الإضراب من عدمه في غضون 30 يومًا، بشرط إخطار أصحاب الشركة مسبقًا.

ووافقت لجنة العمل العادل على إضراب عمال منصات ووسايد البحرية، كما وافقت النقابات على الدعوة إلى الإضراب.

ثم منحت نقابات العمال يوم 20 أغسطس/آب، شركة "وودسايد إنرجي"، مهلة أسبوعًا قبل بدء الإضراب عن العمل.

وتعليقًا عى ذلك، قال اتحاد العمال البحري، إن أعضاءه وافقوا بالإجماع على منح الشركة مهلة 7 أيام عمل، ليبدأ الإضراب في الثاني من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، إذا لم توافق على مطالب العمال.

وحتى يوم الجمعة الماضي 18 أغسطس/آب، لم يتوصل الجانبان لاتفاق بعد، وقال المتحدث باسم "وودسايد إنرجي" إن شركته لم تتلق إخطارًا بشأن الإضراب.

وتؤكّد الشركة الأسترالية، أن لديها خططًا دائمًا للتعامل مع الاضطرابات المحتملة، لكنها تأمل بألا تكون ضرورية في مثل هذه الحالة.

بدوره، يستبعد محلل شؤون الغاز المسال في شركة استشارات الطاقة "إنرجي أسبكتس" (Energy Aspects) ليو كابوشي، التوصل إلى قرار دون دعم اتحاد العمال البحري، مشيرًا إلى أن منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد استبعاد حدوث ذلك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..