مساهمة الفحم في بولندا بمزيج الكهرباء قد تنخفض إلى 35%

من المتوقع أن تتراجع مساهمة الفحم في بولندا بمزيج الكهرباء إلى 35% فقط بحلول 2030، في إطار خطة إستراتيجية تستهدف إحداث تحول في نظام الطاقة بالبلاد.

وتخطط بولندا، الواقعة في شرق وسط أوروبا، لتحوّل شامل في نظام الطاقة للاستغناء عن الفحم الذي يهيمن على توليد الكهرباء والتدفئة، ويمثّل أكبر مساهمة في انبعاثات البلاد.

شكّلت محطات الفحم في بولندا نحو 70.7% من توليد الكهرباء في عام 2022، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعدّ بولندا، التي يبلغ تعداد سكانها 38 مليون نسمة، موطنًا لبعض محطات الكهرباء الأوروبية الأكثر تلويثًا.

وجذبت الحرب الدائرة في أوكرانيا المجاورة الاهتمام بالطريقة التي يمكن أن تساعد بها مصادر الطاقة المتجددة في خفض التكاليف ودعم استقلال الطاقة، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

تحول الطاقة في بولندا

مع اقتراب موعد الانتخابات، يمكن أن تتعزز قدرات الكهرباء النظيفة في السنوات المقبلة، حسبما نشرته منصة إس آند بي غلوبال ماركت إنتليغنس (S&P Global Market Intelligence) في 15 أغسطس/آب الجاري.

وقال كبير محللي الطاقة والمناخ في مركز إمبر لأبحاث الطاقة، باوي تشيزاك: "إن نهاية الفحم في بولندا أمر حاصل، سواء شاءت الحكومة ذلك أم لا".

وأضاف تشيزاك: "السؤال هو ما إذا كانت الدولة تستفيد الآن من موقعها الإستراتيجي وإمكان الوصول إلى الموارد المتجددة، وترسم مسارًا واضحًا للتحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى نظام كهرباء أنظف وأرخص تكلفة يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة".

• أزمة الطاقة تجبر بولندا على اللجوء إلى الفحم البني

تجدر الإشارة إلى أن وارسو تستمد نحو 70% من احتياجاتها من الكهرباء باستعمال الفحم في بولندا، وتريد خفض هذه النسبة إلى 35% بحلول نهاية العقد.

ويرى تشيزاك أن هناك نقصًا في الإعلانات الصريحة بشأن تاريخ التخلص التدريجي الثابت من الفحم في بولندا، ما يجعل الاستثمار في مجالات مثل الشبكات أو تخزين الكهرباء أمرًا صعبًا، فضلًا عن أن الخطاب السياسي الأخير لن يساعد.

دوافع السياسة الخضراء

من المقرر أن تُجري بولندا انتخابات عامة في الخريف، إذ يتنافس فصيل ليبرالي وسطي على تولّي مهام الحكومة الحالية بقيادة حزب القانون والعدالة اليميني.

وقال مدير الشؤون التنظيمية في الجمعية البولندية لطاقة الرياح، بيوتر كزوبك، إنه في حين يصعب قياس النتيجة اعتمادًا على استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن التغير في موقف القيادة من المرجح أن يوجّه السياسة لصالح مصادر الطاقة المتجددة.

على صعيد آخر، تغيّر موقف الحكومة الحالي بشأن مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير في العامين الماضيين، كما قال كزوبك في مقابلة.

ويعود هذا إلى ارتفاع أسعار الفحم والانبعاثات، والتكلفة المنخفضة نسبيًا لمصادر الطاقة المتجددة، وإلى حدّ ما المخاوف بشأن أمن الطاقة في ضوء الحرب في أوكرانيا، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتخطط الحكومة لفصل أصول الفحم في بولندا من منتجين مثل مجموعة الطاقة البولندية بي جي إي غروب وتاورون بولسكا إنرجيا إلى كيان منفصل مملوك للدولة بجزء من خطط تحوّل الطاقة لديها.

إضافة إلى ذلك، فإن التفاصيل بشأن هذا الأمر شحيحة، ولا يتوقع كبير محللي الطاقة والمناخ في مركز إمبر لأبحاث الطاقة، باوي تشيزاك، اتخاذ قرار حازم قبل الانتخابات، حسبما نشرته منصة إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس (S&P Global Market Intelligence) في 15 أغسطس/آب الجاري.

في بعض مجالات تحول الطاقة، حققت بولندا طموحاتها، فمن عام 2010 إلى عام 2020، تضاعفت كمية الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة 3 مرات تقريبًا، ونمت مصادر الطاقة المتجددة من 7% إلى 18% من مزيج الطاقة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وأوضحت المنظمة أن النمو كان مدفوعًا أساسًا بتوليد الكهرباء بطاقة الرياح البرية واستعمال الكتلة الحيوية الصلبة، في حين نمت الطاقة الشمسية 10 أضعاف.

• سوق الطاقة الشمسية في أوروبا واعدة.. توقعات بنمو السعة المركبة إلى 475 غيغاواط

ومن بين تقنيات الطاقة المتجددة، ما تزال الطاقة الشمسية مفضّلة لدى البولنديين، إذ تتباهى البلاد بتسجيل ثالث أكبر زيادة في السعة في أوروبا في عام 2022، بمقدار 4.9 غيغاواط، وفقًا لمجموعة الطاقة الشمسية في أوروبا، وجاء الكثير من هذه الإضافات من الطاقة الشمسية على الأسطح.

وتتميز طاقة الرياح بخلفية أكثر تحديًا في السوق، نظرًا لقانون التوربينات البولندي المثير للجدل والمعروف باسم إتش 10، الذي اقتضى أنه لا يمكن للمطورين سوى بناء آلات تبعد مسافة 10 أضعاف ارتفاعها عن المباني السكنية.

وأدى هذا إلى الحدّ من الأراضي المتاحة للمشروعات الجديدة وتوقّف انتشار الرياح البرية، إذ اقترح المشرّعون في البداية قانون مسافة 500 متر، لتسهيل المزيد من البناء.

وفي مارس/آذار، اتّخذ المشرّعون قرارًا نهائيًا يعني أنه إذا دعم السكان المحلّيون مشروعًا، فقد تكون مزارع الرياح الجديدة قريبة من 700 متر، ما سيفتح مساحة أكبر لمشروعات جديدة.

اتفاقيات شراء الكهرباء في بولندا

ما يزال تطوير الرياح البرية في بولندا "مستهلكًا للوقت ومعقدًا للغاية"، وفقًا لمتحدث باسم شركة آر دبليو إي الألمانية، إذ يستغرق تطوير المشروع ما يصل إلى 7 سنوات للوصول إلى مرحلة الإنشاء.

قال متحدث باسم المطور البولندي أورلن، الذي يستهدف 9 غيغاواط من الطاقة المتجددة المركّبة بحلول عام 2030، إن مشروعات الطاقة الشمسية تستغرق نحو عامين للمعالجة، بينما تستغرق إجراءات مزارع الرياح نحو 4 سنوات.

قال كزوبك، إنه نظرًا لعدم توفّر عدد كافٍ من المشروعات، فإن عدد المشترين أكبر بكثير من البائعين في السوق لاتفاقيات شراء طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وأفادت أورلن، التي ليست في وضع يسمح لها حاليًا بتوقيع اتفاقيات شراء الكهرباء، إنها لاحظت اهتمامًا متزايدًا من المشترين المحتملين، كما لاحظت شركة آر دبليو إي زيادة ملحوظة في الطلب من العملاء الصناعيين وتجّار التجزئة ومشغّلي مراكز البيانات.

اقرأ أيضًا..

• وزير الطاقة الأردني: اتفقنا على رفع إمدادات الكهرباء من مصر.. وهذه خطتنا لإنتاج الهيدروجين (حوار)
• أنبوب الغاز الجزائري النيجيري.. هل يتبخر الحلم بعد انقلاب النيجر؟
• التعاون النووي بين المغرب وروسيا ضروري لثلاثية "الغذاء والماء والطاقة" (مقال)