مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا.. تحديات وفرص
محمد عبد السند
- مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا تمضي على قدم وساق
- تُسهم زيادة توليد الكهرباء محليًا في خفض حاجة أفريقيا إلى توريد الوقود الأحفوري
- تمهّد مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا لضخ استثمارات ضخمة
- من المرجح أن تعتمد أفريقيا على واردات الألواح الشمسية الصينية كي تسد الطلب المتنامي على سعة التركيبات
- تصنيع البطاريات في أفريقيا يمكن أن ينافس المصانع الصينية من حيث التكلفة
تشهد مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا صعودًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بوصفها أحد الخيارات المثالية التي لجأت إليها حكومات القارة لتأمين إمدادات الكهرباء، عبر إتاحتها للمجتمعات والمناطق المحرومة منها، إلى جانب استعمالها في تعزيز التنمية الاقتصادية الخضراء المستدامة.
ورغم وفرة مواردها الطبيعية واجهت تلك المشروعات -التي شهدت توسعًا كبيرًا في أفريقيا خلال مرحلة ما بعد جائحة كورونا- تحديات عميقة تمثّلت في غياب التمويل التنافسي، وتدهور البنية التحتية للمرافق في القارة السمراء، والحاجة إلى استحداث سياسات طاقة طموحة ومبتكرة وتعديل الإصلاحات التشريعية، لتعزيز الاستثمار في هذا القطاع، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويمثّل تكثيف مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا تحولًا ثوريًا، إذ إنها تَعِد بضخ استثمارات جديدة، وتُعطي دفعة قوية للنمو الاقتصادي في بلدان القارة العجوز، وفق ما أورده موقع إنرجي فويس ENERGY VOICE.
فوائد لا حصر لها
يقترن تزويد أفريقيا بالكهرباء بأنظف طريقة ممكنة وأكثرها استدامة بمجموعة كبيرة من الفوائد، أبرزها تحسين النمط المعيشي لسكان القارة وتأسيس صناعات جديدة تدعم اقتصاداتها دعمًا مستدامًا.
ولضمان استفادة السكان المحليين، يمكن أن يؤدي التصنيع دورًا رئيسًا، لكن قُوبل هذا القطاع بتجاهل كبير.
ومن الممكن أن يؤدي تعزيز سلاسل الإمدادات دورًا في خلق فرص العمل، ومواجهة التحديات في توليد الكهرباء على المستوى المحلي.
وفي مطلع العام الجاري (2023)، قال تقرير صادر عن مؤسسة الطاقة المستدامة للجميع (SEforALL)، إنه كانت هناك "فرص لتأسيس شراكات إستراتيجية" بين آسيا والبلدان الأفريقية.
ومؤسسة الطاقة المستدامة هي منظمة دولية تعمل بالشراكة مع الأمم المتحدة والقادة في الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية والمجتمع المدني.
وأوضح التقرير: "ومع ذلك يحتاج هؤلاء المصنعون إلى تضافر مجموعة من العوامل مثل إمكانات السوق المحلية، وتوافر البنية التحتية الضرورية، وبيئة مواتية، إلى جانب سلسلة إمدادات محلية قوية، قبل التفكير في استغلال أي فرص استثمارية في مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا".
فجوة الطلب والعرض
أفاد التقرير بأن تحول الطاقة من الممكن أن يقود إلى زيادة نسبتها 6.4% في الناتج المحلي الإجمالي من العام قبل الماضي (2021) إلى أواسط القرن الحالي (2050)، وخلق ما يتراوح بين 8 و14 مليون وظيفة جديدة خلال المدة ذاتها.
وعلاوة على ذلك تُسهم زيادة توليد الكهرباء محليًا في خفض حاجة أفريقيا إلى استيراد الوقود الأحفوري.
وقال كبير محللي سلاسل الإمدادات الخاصة بالطاقة الشمسية في مؤسسة ريستاد إنرجي لأبحاث الطاقة ماريوس موردال باك: "إذا ما نظرنا إلى سلاسل إمدادات الطاقة الشمسية في أفريقيا، سنجد أنها غير مؤهلة لتغطية الزيادات في سعة الطاقة الشمسية المركبة في القارة".
وأضاف موردال باك: "ولسد الطلب المتنامي من نحو 4 غيغاواط هذا العام (2023) إلى 10 غيغاواط المتوقعة في عام 2025، يجب أن تكون لدينا قرابة 800 ميغاواط من الألواح الشمسية، و550 ميغاواط سعة تصنيع الخلايا".
وواصل باك: "نتيجة لذلك فإن الفجوة بين العرض والطلب في الطاقة الشمسية كبيرة".
وتابع: "يعني هذا أنه من المرجح أن تعتمد أفريقيا على واردات الألواح الشمسية الصينية كي تسد الطلب المتنامي على سعة التركيبات".
وأتم كبير محللي سلاسل الإمدادات الخاصة بالطاقة الشمسية في مؤسسة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي ماريوس موردال باك، كلامه بقوله: "بينما هناك خلل قائم في سلسلة الإمدادات، ستعتمد أفريقيا كذلك على واردات مكونات سلسلة الإمدادات القديمة كي تستغل ألواحها الشمسية، وسعة تصنيع الخلايا".
المكون المحلي
ذكر تقرير مؤسسة الطاقة المستدامة للجميع (SEforALL)، أن الصين لديها أكبر الإمكانات لقيادة التغيير، مشيرًا إلى أن البلدان الأفريقية الـ3 الأكثر أهلية للاستحواذ على بعض من هذا التصنيع هي مصر والمغرب وجمهورية جنوب أفريقيا.
وفي هذا الصدد، قال الشريك في مؤسسة لينكليترز (Linklaters)، جوستين فاي: "سيكون من الجيد أن يكون لدينا التصنيع محليًا، لكن هذا يحتاج إلى تمويل".
وأوضح فاي: "حينما يعمل المطورون على مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا، فإنهم سيبحثون عن الأرخص بالطبع، وهو ما يمثّل تحديات للصناعة الجديدة".
وأردف: "غالبًا ما تكون مصادر الإمدادات المحلية غير موثوق بها.. وسيتطلب التغيير دعمًا إضافيًا من حكومات الدول، كما ستمثل الحوافز الملموسة مثل خفض ضريبة المبيعات على المعدات المُنتجة محليًا، أحد أشكال هذا الدعم الذي يشجع الخطط المحلية".
وفي هذا الصدد، قال كبير محللي سلاسل الإمدادات الخاصة بالطاقة الشمسية في مؤسسة ريستاد إنرجي لأبحاث الطاقة ماريوس موردال باك: "مبادرة الطاقة المتجددة في أفريقيا التي دُشنت في بداية العام الجاري (2023)، وتستهدف ضخ 850 مليون دولار لتطوير التصنيع في الطاقة المتجددة عبر دول القارة السمراء، من الممكن أن تشهد زيادات إضافية في سلسلة القيمة الخاصة بالطاقة الشمسية الإقليمية".
وتُظهر نتائج بعض الأبحاث أن تكلفة تصنيع الألواح الشمسية في الدول الأفريقية، مقارنة بالصين، "تدل على أنه من المرجح أن تزداد عملية تجميع الألواح الشمسية بموجب تلك المبادرة".
وتدل الأبحاث ذاتها على أنه بالنظر إلى مناطق أخرى تحاول إنشاء سلاسل الإمدادات الخاصة بمحطات الطاقة الشمسية، يتضح أن هذا سيستغرق بعض الوقت، وأنه من المرجح أن تكون الإضافات الرئيسة في نطاق تصنيع الخلايا والألواح الشمسية خلال السنوات المقبلة.
حظر الليثيوم في زيمبابوي
في ديسمبر/كانون الأول (2022)، فرضت زيمبابوي حظرًا على صادرات الليثيوم الخام، بهدف تشجيع عملية المعالجة المحلية لهذا المعدن القيم، علمًا بأن إنتاج الليثيوم في هذا البلد الأفريقي يذهب -حاليًا- إلى الصين وجنوب أفريقيا.
وقد خطت ناميبيا خطوات مماثلة في يونيو/حزيران (2023).
وحذرت مؤسسة فيتش سوليوشنز للأبحاث (Fitch Solutions) من أن تلك الخطوات من الممكن أن تخلق حالة عنق زجاجة للصناعة.
وأشارت فيتش سوليوشنز إلى أنه "من المرجح ان تواجه شركات التعدين في زيمبابوي ضغوطًا لكبح الإنتاج، بهدف تقليل التعقيدات ذات الصلة بالتشغيل".
إنتاج البطاريات
تبرز مسـألة توطين مصانع إنتاج البطاريات أحد جوانب النمو المحتمل التي تُسهم في تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا.
فقد خلصت نتائج دراسة أجرتها بلومبرغ نيو إنرجي فايننس في عام 2021 أن إنتاج سلائف البطاريات في مدينة كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية سيكون أرخص 3 مرات من إنتاجها في الولايات المتحدة الأميركية.
كما سينتج عن تلك البطاريات المُصنعة في كينشاسا مستويات انبعاثات كربونية أقل بنسبة 30%، عما لو أنتجت في الصين.
وذكر تقرير صدر عن الأمم المتحدة أن هناك دولًا أخرى من الممكن أن تطور مصانع لإنتاج البطاريات مثل زامبيا وجنوب أفريقيا والمغرب ومدغشقر وزيمبابوي.
ومن الممكن أن تستفيد الاستثمارات في مثل تلك البلدان من منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية (AfCFTA).
ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية هي اتفاقية تجارية بين 49 دولة عضوة في الاتحاد الأفريقي، تهدف إلى إنشاء سوق موحدة تليها حرية الحركة وعملة موحدة.
خلق الوظائف
ولفت التقرير إلى أن خلق الوظائف في قطاع مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا يتطلب اتخاذ العديد من الخطوات، مثل تكامل التكنولوجيا واستحداث السياسات الصناعية، والتعليم والمهارات التدريبية.
وفي هذا الخصوص، جاء في تقرير مؤسسة الطاقة المستدامة للجميع أنه لم يكن هناك طلب محلي كافٍ على إنشاء مصنع عملاق للبطاريات.
ومع ذلك، فإن تصنيع البطاريات في أفريقيا يمكن أن ينافس نظيراتها المُنتجَة في الصين، من حيث التكلفة.
فعلى سبيل المثال، تلامس تكاليف كبريتات المنغنيز، المكون الرئيس في تصنيع البطاريات، التي تُصدّر إلى الاتحاد الأوروبي من الصين، 972 دولارًا للطن، في حين تنخفض تكاليف تصدير تلك المادة من جنوب أفريقيا إلى 661 دولارًا.
إن الموارد الطبيعية التي تزخر بها بلدان القارة الأفريقية تجعلها مقصدًا طبيعيًا لاستثمارات الطاقة المتجددة.
وهذا، من شأنه، أن يعزّز مشروعات إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، وصناعة البتروكيماويات في القارة.
ومع ذلك، تُسهم حالة عدم اليقين التي تغلف الطلب، في تقييد حجم الاستثمارات المتاحة.
موضوعات متعلقة..
- مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا.. تطورات في 4 دول (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أفريقيا.. أكثر 5 دول استفادة (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- مصافي النفط العالمية تحقق عائدات سخية بدعم هوامش أرباح المشتقات
- بتروتشاينا تُنتج أول برميل خام أخضر في حقل نفطي ضخم بالصين
- إيرادات الكهرباء المولدة بالطاقة النووية تلامس 271 مليار دولار بحلول 2027