مصافي النفط العالمية تحقق عائدات سخية بدعم هوامش أرباح المشتقات
محمد عبد السند
- مصافي النفط العالمية تسجل أداءً ماليًا قويًا
- قفزت الأرباح الناتجة عن معالجة الخام في مصفاة نفط أوروبية أو أميركية بنحو 33%
- وقف إنتاج نحو 250 ألف برميل يوميًا في آسيا في الشهرين الماضيين
- تواصل إضافات السعة العالمية التقدم بوتيرة أبطأ من المتوقع
- توقعات أن تأتي هوامش أرباح الربع الرابع من عام 2023 أضعف كثيرًا من مستوياتها الراهنة
تُظهر مصافي النفط العالمية أداءً ماليًا قويًا، بفضل الزيادة التي تشهدها هوامش أرباح المشتقات النفطية نتيجة نمو الطلب العالمي.
ويأتي هذا الأداء الجيد رغم التعقيدات الجيوسياسية التي تشهدها سوق النفط العالمية في الوقت الراهن، أبرزها خفض الإمدادات طوعًا من قبل تحالف أوبك+، إلى جانب التأثيرات الناجمة عن تباطؤ الاقتصادات العالمية.
ورغم تلك الخلفية الباعثة على التشاؤم، تسجّل مصافي النفط العالمية مكاسب سخية، مدعومة بالزيادة في هوامش أرباح تصنيع المشتقات النفطية مثل الديزل ووقود الطائرات والبنزين، من المستويات المنخفضة التي سُجلت في الربع الثاني من العام الجاري (2023)، في توجه يتوقع خبراء وشركات النفط استمراره خلال المدة المتبقية من عام 2023، وفق ما أوردته وكالة رويترز.
وربما تشجع هوامش الأرباح المرتفعة مصافي النفط العالمية على تعزيز عائدات وقود النقل، ما يتسبّب في زيادة إنتاج النافثا بصفتها منتجًا ثانويًا في سوق البتروكيمياويات الضعيفة، ويزيد من خفض هوامش أرباح المواد الأولوية، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
تفاؤل حذر
تشعر مصافي النفط العالمية بالتفاؤل إزاء مواصلة السير في المسار الصعودي، بفضل الطلب القوي المستدام المتوقع على المشتقات، ومستويات المخزونات المنخفضة، ما يُشجع بالتالي على مواصلة الإنتاج.
وقال نائب الرئيس التنفيذي لقسم التسويق والإعلانات في شركة فيليبس 66، بريان إم. ماندل: "حققنا أرباحًا سخية من الطلب القوي على نواتج التقطير في أميركا اللاتينية، بزيادة نسبتها 9%، ووصلت تلك النسبة إلى 4% في آسيا، في حين يبقى الفرق بين سعر النفط الخام وسعر الديزل قويًا".
يُشار إلى أن أرباح المصافي مربوطة -عادةً- بالفرق بين سعر النفط وأسعار المنتجات النفطية، إذ إنه كلما ارتفع الفرق زادت الأرباح.
ويتوقع ماندل أن تحافظ هوامش الأرباح على أدائها القوي خلال المدة المتبقية من عام 2023، وصولًا إلى موسم زراعة المحاصيل، وفصل الشتاء في الولايات المتحدة الأميركية، اللذيْن يرتفع خلالهما الطلب على المشتقات النفطية.
وقال رئيس المشتقات النفطية في مؤسسة "إف جي إي" الاستشارية يوجين لينديل، إن مصافي النفط العالمية لديها حافز قوي لتعزيز عمليات التشغيل، بغضّ النظر عن درجة التعقيد المتضمنة في تلك العمليات.
وأوضح لينديل، أن "الهوامش الصحية تعكس المسار الصعودي لسوق الديزل، إلى جانب الفرق بين سعر النفط الخام وسعر البنزين، الذي ما يزال مرتفعًا، حتى ولو شهدت أسعار البنزين هبوطًا حادًا خلال الأسبوع".
وأصاف: "الضعف المزمن في الفرق بين سعر النفط الخام وسعر النافثا العالمية يُعوض -على الأقل الآن- بوساطة الفرق بين سعر النفط الخام وسعر الديزل الأحمر عالي الكبريت، لا سيما في آسيا وأوروبا".
التصميم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح إنتاج مصافي تكرير النفط في العالم:
ارتفاع هوامش الأرباح
قفزت الأرباح الناتجة عن معالجة الخام في مصفاة نفط أوروبية أو أميركية بنحو 33% على أساس سنوي حتى الآن، مع زيادة هوامش أرباح التكرير في آسيا بنحو 9%، وفق البيانات الصادرة عن مؤسسة ريفينيتيف إيكون.
وقال تاجر مقره في سنغافورة، إن الفرق بين سعر النفط الخام وسعر منتجات التقطير المتوسطة، يجري تداوله بقوة مؤخرًا مقارنة بالبنزين الذي لامس أعلى مستوياته على الإطلاق في 4 أشهر بدعم من الطلب القوي خلال موسم الصيف.
وفي غضون ذلك، سجلت هوامش أرباح الديزل الأحمر عالي الكبريت الآسيوي 380-cst مكاسب تزيد على 15% في الأسبوع الماضي، بدعم من إعلان المملكة العربية السعودية خفضًا طوعيًا إضافيًا في إمدادات الخام.
وفي هذا الصدد، قال رئيس المشتقات النفطية في مؤسسة "إف جي إي" الاستشارية يوجين لينديل: "من المتوقع أن يواصل الفرق بين سعر النفط الخام وسعر منتجات التقطير المتوسطة التفوق على البنزين، كما سيظل هذا الفرق المحرّك للهوامش (في النصف الثاني من عام 2023)، حتى بعد أن تراجع هذا الفرق أكثر من 10 دولارات للبرميل من المستويات الحالية في آسيا"، وذلك في تصريحات أدلى بها لوكالة رويترز.
ومع ذلك، أوضح لينديل أن هوامش أرباح الربع الرابع من عام 2023 من الممكن أن تأتي أضعف كثيرًا من مستوياتها الراهنة، رغم أنها ستظل أفضل من مثيلتها في عامي 2020 و2021، إذ إنه من غير المرجح أن تتحسن هوامش أرباح النافثا خلال الأشهر الـ6 المقبلة على الأقل، في حين تتراجع هوامش أرباح البنزين ما إن تتحول مصافي النفط العالمية نحو تصنيع درجات وقود أرخص ثمنًا في فصل الشتاء.
توقفات الإنتاج
حتى الآن، تدعم مسألة التوقفات غير المخطط لها في إنتاج مصافي النفط العالمية في آسيا وأماكن أخرى -أيضًا- هوامش الأرباح.
فوفقًا لتقديرات شركة "إف جي إي"، توقف إنتاج نحو 250 ألف برميل يوميًا في آسيا في الشهرين الماضيين (يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2023).
وتشتمل المنشآت التي شهدت توقفًا في إنتاج النفط مصفاة بتروناس الماليزية، ومصفاة ديسان التابعة لشركة هيونداي أويل بنك الكورية الجنوبية، وكذلك مصفاة إنيوس في اليابان.
وخلال سبتمبر/أيلول (2023)، ستُسهم الصيانة المخطط تنفيذها في شركات ريلاينس إندستريز، وبهارات بتروليوم لتكرير النفط "بي بي سي إل"، و"إنديان أويل"، في الوصول بسعة إنتاج النفط المتوقفة إلى 430 ألف برميل يوميًا، وفق تقديرات "إف جي إي".
تراجع المخزون
قالت شركات النفط، إن الطلب العالمي القوي على الوقود وتراجع مخزونات المنتجات يُسهمان في تعزيز الأرباح القوية.
وتشهد مخزونات البنزين تراجعًا بنسبة 7% دون متوسط 5 أعوام، في حين تهبط مخزونات نواتح التقطير بنسبة 19% دون المتوسط، بحسب ما قاله نائب الرئيس التنفيذي لقسم التسويق والإعلانات في شركة فيليبس 66، بريان إم. ماندل.
ويتوقع محللو شركة "إفي جي إي" أن تبدأ مخزونات التقطير المتوسطة في التراجع، مع تخفيض تحالف أوبك إمدادات الخام الحامض المتوسط، وهو ما يُعد مثاليًا للديزل.
ويشير مصطلح الخام الحامض إلى ذلك الخام الذي يحتوي على كمية عالية من كبريت الشوائب.
في غضون ذلك، خيّبت إضافات سعة التكرير العالمية التوقعات، بحسب ما قاله المسؤولون التنفيذيون في مؤسستي ماراثون بتروليوم وفيليبس 66.
وفي هذا السياق، قال الرئيس، المدير التنفيذي لشركة ماراثون بتروليوم مايكل جيه. هينيغان: "رغم الفرق بين سعر النفط الخام وأسعار المشتقات الأخرى، الذي يحفز الاستهلاك العالمي لأنشطة التكرير، ما تزال مستويات مخزون الإنتاج منخفضة".
وأضاف: "تواصل إضافات السعة العالمية التقدم بوتيرة أبطأ من المتوقع، ونعتقد أن نمو الطلب العالمي سيظل قويًا".
موضوعات متعلقة..
- مصافي النفط الهندية ستكون أصغر في المستقبل.. هل تتضرر أرامكو وأدنوك؟
- ثاني أكبر مصافي النفط في إيران تخطط لريادة إنتاج البروبيلين خلال 3 سنوات
- مصافي النفط العالمية.. 3 منشآت عربية في قائمة الـ8 الكبار (فيديو وصور)
اقرأ أيضًا..
- بتروتشاينا تُنتج أول برميل خام أخضر في حقل نفطي ضخم بالصين
- إيرادات الكهرباء المولدة بالطاقة النووية تلامس 271 مليار دولار بحلول 2027
- التغيرات المناخية توقع 59 دولة في أزمة ديون خلال 10 سنوات (تقرير)