طاقة متجددةالتغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءتقارير الهيدروجينتقارير دوريةرئيسيةكهرباءهيدروجينوحدة أبحاث الطاقة

هل حلم تحقيق الحياد الكربوني في الهند ممكن أم مستحيل؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • الهند تتجاوز الصين وتصبح أكبر دولة من حيث السكان في العالم
  • الحياد الكربوني في الهند يتأخر عن الدول الغربية 20 عامًا
  • الفحم يستحوذ على أكثر من 60% من توليد الكهرباء في الهند
  • فرص هائلة أمام مشروعات الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين
  • رهانات واسعة على المركبات الكهربائية مع اكتشافات الليثيوم الأخيرة

ما زالت أهداف الحياد الكربوني في الهند محلّ شكّ من الخبراء والمتخصصين، بسبب الكثافة السكانية الضخمة وشدة الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء.

وألزمت الهند نفسها بأهداف مناخية طموحة في مؤتمر المناخ كوب 26 بمدينة غلاسكو عام 2021، متعهدة بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2070، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويشكّك بعضهم في جدّية خطط الحياد الكربوني في الهند نظرًا لتأخرها عن أغلب دول العالم بـ20 عامًا، وعن الصين بـ10 سنوات، إلّا أن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي" ما زالت ترى فرصة وصول نيودلهي ممكنة وليست مستحيلة.

و أعلنت الحكومة الهندية عام 2021 هدفًا طموحًا للوصول إلى توليد 500 غيغاواط من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، كما تستعد في الوقت الحالي لتقديم مشروع قانون الحياد الكربوني للبرلمان.

الهند من أكبر مصدري الانبعاثات

تعدّ الهند واحدة من أكبر مستوردي الطاقة والسلع في العالم، كما أنها أكبر دولة من حيث عدد السكان (1.42 مليار نسمة) متجاوزة الصين بفارق قليل لأول مرة منذ أبريل/نيسان 2023، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

وتعتمد الهند على الفحم في توليد الكهرباء بدرجة كبيرة تتجاوز 60%، ما جعلها ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، بعد الولايات المتحدة و الصين.

وتراهن أغلب الجهود العالمية على خطط الهند والصين في خفض الانبعاثات، لوزنهما النسبي الضخم، سواء من حيث السكان أو استهلاك الوقود الأحفوري أو إطلاق الانبعاثات.

ورصد تقرير متخصص أصدرته وود ماكنزي -مؤخرًا- عددًا من التحديات التي يجب التغلب عليها لتمهيد طريق الحياد الكربوني في الهند، إلى جانب الفرص المتاحة أمام القطاع الخاص.

ويرصد الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، أكبر الدول المصدرة لانبعاثات قطاع الطاقة، وتأتي الهند في المركز الثالث:

أكبر الدول المصدرة لانبعاثات قطاع الطاقة

الناتج المحلي سيصل إلى 27 تريليون دولار 2070

يتوقع التقرير زيادة عدد سكان الهند بمقدار ربع مليار نسمة إضافي بحلول عام 2070، ليتجاوز إجمالي عدد السكان 1.7 مليار نسمة، كما يتوقع تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 8 مرات من 3 تريليونات دولار إلى 27 تريليون دولار.

وتعتقد وود ماكنزي أنّ تحوّل الهند نحو مصادر الطاقة المتجددة، وعمليات الكهربة في جميع القطاعات، وتعزيز إنتاج الهيدروجين، وإزالة الكربون، يمكنها أن تجعل مسارها متماشيًا مع مسار خفض درجات الحرارة العالمية، مع وصولها للحياد الكربوني بحلول 2070.

ورغم توقعات نمو الطلب النهائي على الطاقة في الهند من 30 إكساجول إلى 52 إكساجول بحلول عام 2070، هناك نظرة مستقبلية إيجابية فيما يتعلق بمسار خفض الانبعاثات.

انخفاض الانبعاثات بدءًا من 2037

ترجّح وود ماكنزي انفصال مسار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عن مسار الناتج المحلي الإجمالي في الهند مع أوائل العقد المقبل 2030، ثم سينخفض بعدها بصورة ملحوظة بداية من 2037، حتى يصل إجمالي الانبعاثات إلى 1.2 مليار طن بحلول 2070.

وأطلقت الهند 2.9 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بنهاية عام 2019 (قبل جائحة كورونا)، وإذا استمرت على هذا المعدل فيمكن أن تصل انبعاثاتها إلى 11.8 مليار طن سنويًا بحلول 2070.

ويراهن الخبراء على أن تسريع الوصول إلى الحياد الكربوني في الهند يمكن أن يجنّب العالم 287 مليار طن من انبعاثات الكربون، تمثّل ما يقرب من نصف ميزانية الكربون العالمية المرصودة لخفض درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، وفقًا لتقديرات شركة ماكنزي المتخصصة في أبحاث الطاقة (أكتوبر/تشرين الأول 2022).

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور حركة انبعاثات الهند منذ 1965 حتى عام 2020:

انبعاثات الكربون- الهند

ويتطلب الوصول إلى الحياد الكربوني في الهند تحولًا جذريًا في مشهد الطاقة، خاصة فيما يتعلق بزيادة حصة مساهمة أنواع الوقود الخالية من الكربون في توليد الكهرباء من 25% -حاليًا- إلى 73% بحلول 2070.

كما ستحتاج البلاد إلى تضاعف قدرة توليد الكهرباء 5 مرات لتلبية نصف إجمالي استهلاك الطاقة الأولية، مع زيادة الاعتماد على مصادر الوقود غير الأحفوري في التوليد بنسبة 93%.

ومن المتوقع أن يسهم الهيدروجين منخفض الكربون في تغطية 11% من الطلب على الطاقة، بينما ستشكّل الطاقة الحيوية الـ12% المتبقية من الطلب المعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.

خفض حصة الفحم إلى 27%

يحتاج مسار الحياد الكربوني في الهند على الجانب الآخر إلى خفض حصة الوقود الأحفوري من الطلب النهائي على الطاقة من 60% -حاليًا- إلى 27% بحلول 2070.

ومن المتوقع أن يصل الطلب على النفط ذروته خلال العقد المقبل (2030)، قبل أن ينخفض إلى النصف من 6 ملايين برميل يوميًا إلى 3 ملايين برميل يوميًا بين 2050 إلى 2070، وفقًا لتقديرات وود ماكنزي.

بينما سيبلغ الفحم ذروته قبل 2030، ثم سينخفض إلى 25% من المستويات الحالية بحلول 2070، أمّا الغاز الطبيعي فسيكون بمثابة وقود انتقالي، وربما يستمر الطلب عليه مرتفعًا حتى أربعينيات القرن الحالي، قبل أن ينخفض إلى 128 مليار متر مكعب بحلول 2070.

وأسهمت الحرب الأوكرانية في إعادة تفكير الهند بمعادلة أمن الطاقة مع ارتفاع أسعار الفحم والغاز إلى مستوياته قياسية كبّدتها مليارات الدولارات بصورة اضطرارية، لتلبية الطلب على الكهرباء والطاقة لهذا الكم الضخم من السكان.

وتعتمد إستراتيجية الهند الحالية على تسريع وتيرة نشر التقنيات منخفضة الكربون على نطاق واسع، إلى جانب زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز عبر التوسع في قطاع المنبع (الاستكشاف والإنتاج)، لتلبية الطلب المرشح للزيادة باستمرار.

ورغم شروط الاستثمار المشجعة التي أقرّتها الهند خلال السنوات الأخيرة لجذب الاستثمار الضروري لاستغلال موارد النفط والغاز المحلية، فإنها ستظل مستوردًا صافيًا للنفط والغاز، وفقًا تقديرات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير وود ماكنزي.

رهانات المركبات الكهربائية واكتشافات الليثيوم

يمكن للمركبات الكهربائية واكتشافات المعادن النادرة أن تؤدي دورًا حيويًا في مسار إزالة الكربون من اقتصاد الهند، وسط توقعات بزيادة حصة المركبات الكهربائية إلى 50% من قطاع النقل البري بحلول 2070، بحسب سيناريو وود ماكنزي لتسريع تحول الطاقة.

ولم تؤسس الهند كل الإمكانات والقدرات اللازمة لنمو صناعة المركبات الكهربائية وتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بعد، ما يمثّل فرصة استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص.

ومن المرجح أن يكون مركب فوسفات الحديد والليثيوم هو الكيمياء المفضلة لبطاريات المركبات الكهربائية في الهند على المدى الطويل، وهو أحد المركبات الكيميائية المنافسة لمركب بطاريات الليثيوم أيون، الأكثر شهرة في صناعة السيارات الأوروبية والأميركية -حاليًا-.

وتتوقع وود ماكنزي أن تساعد رواسب الليثيوم الضخمة المكتشفة -مؤخرًا- بمنطقة جامو وكشمير على تطوير قدرات الهند الذاتية للاعتماد على نفسها في صناعة البطاريات، إذا كانت هذه الرواسب قابلة للاستغلال التجاري والاقتصادي.

وإلى أن يتحقق ذلك، ستظل تلبية الطلب على مواد البطاريات في الهند معتمدة بصورة كبيرة على الواردات التي تتحكم فيها الصين بصورة مباشرة وغير مباشرة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

مستقبل مشروعات الهيدروجين واحتجاز الكربون

يمكن لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه وإنتاج الهيدروجين النظيف أن تؤدي دورًا كبيرًا بتحقيق أهداف الحياد الكربوني في الهند بحلول 2070.

ويحتاج مسار الحياد الكربوني في الهند إلى زيادة إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون لما بين 30 و40 مليون طن بحلول 2050، تزيد بعد ذلك إلى ما يتراوح بين 85 و90 مليون طن بحلول 2070.

ورغم ذلك، فما زالت إعلانات مشروعات الهيدروجين حتى عام 2030 ضعيفة للغاية، ولا تمثّل سوى 0.5% من الإنتاج العالمي، ما يشكّل فرصة أمام المستثمرين للدخول في هذا القطاع الهندي الوليد.

انبعاثات الكربون من محطات توليد الكهرباء
انبعاثات الكربون من محطات توليد الكهرباء- الصورة من popular mechanics

في السياق نفسه، يحتاج مسار الحياد الكربوني في الهند إلى زيادة السعة التراكمية لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه إلى 10 مليارات طن بحلول 2070، لكن حجم المعلَن حتى الآن لم يتجاوز مشروعًا واحدًا لتخزين ثاني أكسيد الكربون على مستوى البلاد.

كما يُتوقع أن تسهم التقنيات المتخصصة والناشئة الأخرى، بما في ذلك المفاعلات المعيارية الصغيرة في قطاع الطاقة النووية، بتحقيق أهداف الحياد الكربوني في الهند، إلى جانب طاقة الرياح البحرية والطاقة الحرارية الأرضية.

كما تراهن وود ماكنزي على التعديلات الأخيرة في قانون الطاقة لعام 2022، ومقترح إنشاء سوق تداول للكربون 2023، وخطط دعم إنتاج الوقود منخفض الكربون، لقيادة التحول نحو مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات مثل الهيدروجين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا...

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق