مزارع الرياح الرقمية.. تقنية جديدة تطيل العمر الافتراضي للتوربينات
محمد عبد السند
تُمهّد مزارع الرياح الرقمية الطريق أمام إشعال ثورة في هذا المصدر المتجدد للطاقة، الذي يعول عليه كثيرًا في توليد الكهرباء النظيفة المستدامة، والاستعاضة به عن البدائل التقليدية الملوثة للبيئة.
ويبرز توجه قوي في الوقت الراهن لدى الكثير من الاقتصادات العالمية -المتقدمة والنامية على حد سواء- في التحول بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري، ضمن خطط أوسع لتحقيق أهداف الحياد الكربوني تماشيًا مع بنود اتفاقية باريس للمناخ 2015.
وفي هذا السياق، لم تعد مزارع الرياح الرقمية حلمًا بعيد المنال، بل أضحت واقعًا يُحدث تحولًا عميقًا في صناعة توليد الكهرباء بوجه عام، حسبما أورد موقع إنرجي بورتال. إي يو (EnergyPortal.eu) المتخصص.
التقنيات الرقمية
تشهد طاقة الرياح تطورًا كبيرًا من مجرد بديل تجريبي إلى مصدر رئيس لتوليد الكهرباء النظيفة المستدامة منخفضة التكلفة.
وأصبح استعمال التقنيات الرقمية في صناعة توربينات الرياح محركًا رئيسًا لهذا التحول.
فعبر استغلال هذا التحول التكنولوجي، يستطيع أصحاب المصلحة في هذا القطاع الحيوي تحقيق فوائد ملموسة وتمييز أنفسهم عن نظرائهم الذين يتخلفون عنهم في هذا المجال.
وقد أضحى هذا التحول ميزة تنافسية في إطار المساعي الرامية لإيجاد حلول مستدامة لتوليد الكهرباء.
عيوب الطرق التقليدية
تنطوي الطرق التقليدية لفحص توربينات الرياح على العديد من العيوب.
فالتعامل اليدوي مع هذا الأمر يستهلك الوقت، كما أنه يتطلب أشخاصًا على درجة عالية من المهارة من أجل تسلق التوربينات، وهو ما يفرض مخاطر تتعلق بالسلامة البشرية، ويقود في النهاية إلى توقف العمل.
ويُشار هنا إلى أن التقاط الصور الفوتوغرافية للتوربين بطريقة التكبير من الأرض محدود، كما أنه يفشل في النهاية في إتاحة رؤية شاملة.
ثورة التوربينات
تقف صناعة توربينات الرياح -حاليًا- على أعتاب تحول ثوري تقوده الرقمنة.
وتَعِد تلك القفزة التقنية الكبيرة بإعادة تعريف المسار المستقبلي الذي ستمضي فيه تلك الصناعة الحيوية.
وتتيح التقنية الابتكارية حلًا واعدًا -إن لم يكن مثاليًا- يمكّن من إجراء عمليات فحص التوربينات بسرعة دون الحاجة إلى تدوير كل شفرة على حدة.
فعبر استعمال معدات صلبة "هاردوير" متاحة في الأسواق بتكلفة منخفضة مع تقنية الطائرات المسيرة، سيسهم ذلك في تقليص وقت توقف التوربين عن العمل إلى حد كبير.
ولم تعد تلك العملية تتطلب طيارين محترفين بفضل استعمال الطائرات المسيرة؛ إذ تساعد الدقة التي تتيحها التحليلات المبنية على تقنية الذكاء الاصطناعي في جمع بيانات متناغمة وشاملة ومفصلة.
مزايا عديدة
تتيح عملية الجمع بين تقنية فحص توربينات الرياح بشكل مستقل، والتحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي، مزايا عديدة مثل تعظيم الإيرادات، وخفض نفقات التشغيل، وتحسين الإنتاجية، وتمديد العمر الافتراضي للأصول، إلى جانب تعزيز إجراءات السلامة.
ويُعد إنشاء تصورات افتراضية للتوربينات والمعروفة باسم "التوأم الرقمي"، أمرًا لا غنى عنه للاستفادة بتلك المزايا.
ويشير مصطلح "التوأم الرقمي" إلى نموذج افتراضي لكائن مادي، يمتد ليشمل دورة حياة الكائن ويستعمل البيانات في الوقت الفعلي المرسلة من أجهزة الاستشعار الموجودة على الكائن لمحاكاة السلوك ومراقبة العمليات؛ ما يُسهم في تحسين الأداء وتعزيز القدرة التنبؤية، والمراقبة عن بُعد.
ويتطلب هذا التقاطًا دقيقًا وسريعًا لتوربينات الرياح، ما يخفض الوقت الذي يتوقف فيه التوربين عن العمل، ويحسن من الكفاءة التشغيلية بوجه عام.
وتحقق مزارع الرياح الرقمية تلك الفوائد عبر خفض التكلفة وجمع البيانات بطريقة متسقة، والسرعة واستعمال الطائرات المسيرة، والرؤى الشاملة، والتحليلات المقارنة، ودمج تقنية الذكاء الاصطناعي ونماذج التشغيل المرنة، والقابلية للتطوير والتوسع، وتقنية الكشف التلقائي.
وتؤدي تقنية الكشف التلقائي دورًا حاسمًا في تيسير عملية إدارة توربينات الرياح، من بينها الكشف عن ارتفاع توربين الرياح، ومواقع واتجاه الشفرة، والتقاط بيانات الشفرة دون الحاجة إلى تدويرها.
وتمهد الثورة التي ستشعلها مزارع الرياح الرقمية الطريق أمام صناعة كهرباء أكثر كفاءة واستدامة.
وعبر الاستفادة من تلك التقنيات الرقمية، يستطيع أصحاب المصلحة في قطاع مزارع الرياح الرقمية تحقيق ربحية عالية مع الإسهام في صناعة مستقبل أكثر نظافة واستدامة.
موضوعات متعلقة..
- مزارع الرياح البرية تشعل نيران صديقة في حكومة ريشي سوناك
- ألمانيا تتوسع في إنشاء مزارع الرياح البرية لتحقيق الحياد الكربوني
- رئيس مجلس طاقة الرياح العالمي: أفريقيا الأنسب لإقامة مشروعات المزارع البرية (مقابلة)
اقرأ أيضًا..
- روسيا تعلن خطتها للتعاون النفطي بين مصر والجزائر.. مشروعات ضخمة مرتقبة
- محطة طاقة شمسية فضائية تُسهل العيش على سطح القمر
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع استمرار الطلب القياسي على الفحم في 2023