لماذا يكتسب خفض كثافة الطاقة أهمية كبيرة لأهداف الحياد الكربوني؟ (تقرير)
متوسط خفض الكثافة العالمي لم يتجاوز 1.9% خلال 10 سنوات
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- كثافة الطاقة مقياس معبّر عن حجم الاستهلاك والانبعاثات معًا
- خفض كثافة الطاقة ضروري لعدد سكان 9.7 مليار نسمة عالميًا بحلول 2050
- معدل خفض الكثافة خلال العقد الماضي ما زال متواضعًا مقارنة بأهداف 2030
- الولايات المتحدة حققت معدلات ملحوظة في خفض كثافة الطاقة
ما يزال الحديث عن تقليل كثافة الطاقة ضعيفًا بين خبراء الصناعة، رغم كونه أحد أهم مفاتيح تحقيق أهداف خفض الانبعاثات والحياد الكربوني بحلول عام 2050 المرتقب.
ورغم تداول هذا المصطلح خلال السنوات الماضية ضمن مبادرات ترشيد استهلاك الطاقة، فإنه ما زال غامضًا في الأذهان، خاصة في تعريفه وكيفية قياسه وأهميته بالنسبة لمبادرات خفض الانبعاثات العالمية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويراهن خبراء التحليل في المنتدي الاقتصادي العالمي على زيادة الوعي بأهمية هدف خفض كثافة الطاقة على المستويين المحلي والدولي، ضمن أهداف خفض الانبعاثات في قطاع الطاقة.
وتستحوذ مشروعات الطاقة المتجددة وتقنيات إزالة الكربون والقوانين والسياسات وبرامج الدعم على الجانب الأكبر من الأضواء المسلّطة على قضايا البيئة والمناخ، وسط اهتمام أقلّ بمسألة كثافة الطاقة وأهميتها للحياد الكربوني.
ويكتسب خفض كثافة الطاقة أهميته الكبرى في مبادرات الحياد الكربوني العالمية من حيث ارتباطه بصورة مباشرة باستهلاك الطاقة في عالم يتجاوز عدد سكانه الحالي 7.8 مليار نسمة ومرشّح للزيادة إلى 9.7 مليار نسمة بحلول 2050، وفقًا لتقديرات برنامج السكان في الأمم المتحدة.
كما يكتسب خفض كثافة الطاقة أهميته من كونه عنصرًا أساسيًا من عناصر قياس وتقييم مسار العالم في الوصول إلى الحياد الكربوني، وفقًا لرئيس مركز الطاقة والموارد بالمنتدي الاقتصادي العالمي روبرتو بوكا، الذي يلفت النظر إلى أهمية فهم نظام الكثافة ومحركاته.
تعريف كثافة الطاقة
تُعرَّف كثافة الطاقة بكونها كمية الطاقة المستعملة لإنتاج وحدة واحدة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعنى أنه كلما زادت الكثافة زادت الطاقة المستهلكة في عملية إنتاج أيّ منتج أو خدمة في دولة ما، وفقًا لتعريف وزارة الطاقة الأميركية.
ويُنظر إلى كثافة الطاقة بأنها مؤشر شائع للطاقة ومقياس للكفاءة، وتُحسب من خلال إجمالي استهلاك الطاقة مقسومًا على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويستعمل البشر الطاقة بصورها المختلفة بوصفها وسيلة إلى تحقيق غايات مختلفة بداية من التدفئة والتبريد وحتى النقل أو الإنتاج، ما يستلزم التفكير في تطوير منتجات وتقنيات مختلفة تؤدي الغرض بأقلّ استهلاك ممكن للطاقة، ما سيساعد على دعم النمو السكاني والاقتصادي.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- مكاسب كفاءة الطاقة للاقتصاد وخفض الانبعاثات:
هذا هو التحدي الذي يواجه العالم، أن ينتقل من سؤال: (كيف ننتج الطاقة؟) -وهو الأكثر شهرة وحضورًا في المبادرات العالمية- إلى سؤال: (كيف نستهلك الطاقة بصورة ذكية ورشيدة؟)، وفقًا لخبير التحليل في المنتدي الاقتصادي العالمي.
وتتعدد وسائل خفض كثافة الطاقة، إلّا أن كفاءة الطاقة هي الطريقة الأكثر شيوعًا أو انتشارًا على مستوى مبادرات المنظمات الدولية المعنية، ولا سيما وكالة الطاقة الدولية.
وتعني كفاءة الطاقة اتخاذ الإجراءات اللازمة لترشيد الإنتاج و الاستهلاك وتحسين الوضع الحالي لأنظمة الطاقة، بحيث لا يحتاج العالم إلى إنشاء مشروعات أكثر للطاقة المتجددة في طريقه للوصول إلى الحياد الكربوني.
ويتبنى هذا الرأي المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، الذي يروّج لكفاءة الطاقة بوصفها الوقود الأول في العالم والطريق الرئيس إلى الحياد الكربوني، بعد تدابير جانب العرض (إمدادات الطاقة النظيفة).
أهمية حساب الكثافة
يساعد حساب كثافة الطاقة على مستوى الشركة أو الدولة في مراقبة التغيرات باستهلاك الطاقة بمرور الوقت، فضلًا عن تحديد الأهداف ورسم السياسات بصورة أكثر دقة وكفاءة، إلى جانب إتاحة الفرصة لإجراء تحليلات مقارنة عبر مختلف القطاعات، ما يمكن أن يسهم في تحديد أفضل الممارسات وتحديد المناطق أو المجالات الأولى بالتطوير.
ويتطلب خفض كثافة الطاقة تكرار قياسيها في كل مرة ينتج فيها الطاقة، سواء من المصادر التقليدية أو المصادر المتجددة، التي ما تزال تستعمل موارد غير متجددة للوصول إلى الإنتاج بصورة غير مباشرة، مثل الصلب والمواد الأخرى المستعملة في صناعة توربينات الرياح، على سبيل المثال.
وتعدّ إضافة مصادر الطاقة المتجددة إلى مزيج الطاقة أمرًا حيويًا وضروريًا، لكن طريقة حساب كثافة الطاقة المستعملة في إنتاجها ما زالت تقتصر على قياس كمية الطاقة المنتجة من هذه المصادر فقط.
وتُغفل هذه الطريقة في الحساب الطاقة المستعملة بصناعة مكونات توربينات الرياح أو ألواح الطاقة الشمسية، وصولًا إلى حساب الطاقة المستعملة في نقلها والتخلص منها، ما يدفع إلى ضرورة التفكير في مسألة كثافة الطاقة بصورة أعمق وأدقّ، وفقًا لخبير التحليل في المنتدي الاقتصادي العالمي، روبرتو بوكا.
ويعتقد بوكا أن إعادة النظر في كثافة الطاقة ينطوي على فرص هائلة لخفض الانبعاثات طوال دورة الحياة بأكملها، بما في ذلك تحسين سلسلة التوريد وتعزيز الاقتصاد الدائري إلى جانب فوائد اجتماعية جمة، أهمها تعزيز فرصة ملايين المحرومين في الوصول إلى مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة.
تطور خفض الكثافة خلال 10 سنوات
تكتسب مسألة خفض كثافة الطاقة أهمية بالغة لمستقبل انتقال الطاقة في الدول النامية والاقتصادات الناشئة المرشحة لزيادة الطلب على الطاقة المستدامة، ما يتطلب تفكيرًا في تطوير مُنتج أقلّ كثافة لاستعمال الطاقة وأكثر كفاءة، ما قد يسهّل عملية التحول العادل للطاقة.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- معدل تحسّن كثافة الطاقة في العالم خلال 10 سنوات:
وحقّق العالم نتائج متأرجحة خلال العقد الماضي على مستوى خفض كثافة الطاقة مع تطور التقنيات والصناعة، إلّا أنه ما زال بحاجة إلى تسريع الانخفاض إلى 3.2% سنويًا، ليحقق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بحلول 2030.
وبلغ متوسط خفض كثافة الطاقة العالمي 1.9% خلال 9 سنوات ممتدة منذ عام 2010 وحتى عام 2019، وفقًا لبيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وشهدت الولايات المتحدة -أكبر اقتصاد في العالم- انخفاضًا هائًلا في خفض كثافة استعمال الطاقة بنسبة 50% منذ عام 1983 وحتى عام 2020، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
موضوعات متعلقة..
- تحسين كفاءة الطاقة في باكستان يوفّر 1.15 مليار دولار سنويًا
- مشروع بحثي لرفع كفاءة الطاقة في أجهزة التكييف.. لأول مرة في مصر
- تعزيز كفاءة الطاقة يحتاج إلى 1.8 تريليون دولار بحلول 2030 لتحقيق الأهداف المناخية (تقرير)
اقرأ أيضًا...
- الربط الكهربائي الخليجي.. شبكة ضخمة تحل أزمة العراق وتأمل في التصدير لأوروبا
- توليد الكهرباء بالغاز في أميركا يقفز 10% خلال النصف الأول (تقرير)
- ارتفاع الحرارة يفاقم تداعيات تغير المناخ ويعيد تشكيل اقتصاد العالم (تقرير)