سيناريو انتشار الهيدروجين الأخضر عالميًا حتى عام 2100.. التحديات والحلول (تقرير)
خبير عالمي: حل لأزمة المناخ الناتجة عن الفحم والصناعة
أسماء السعداوي
- دور بارز للهيدروجين الأخضر في خفض الانبعاثات وتقليل استهلاك الوقود الأحقوري
- %98 من الهيدروجين عالميًا يُنتج باستعمال الوقود الأحفوري
- مطالب عالمية لإزالة الكربون من صناعة الهيدروجين
- التكلفة العالية السبب الرئيس لتراجع حصة الهيدروجين الأخضر في مزيج الكهرباء
- دول شمال أفريقيا، وخاصة الجزائر، تحمل إمكانات ضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
ثمّن الأستاذ الفخري المتخصص في المواد المتقدمة بجامعة أوكلاند النيوزيلندية، رالف كوني، دور الهيدروجين الأخضر في خفض الاعتماد العالمي على مصادر الوقود الأحفوري، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام (2050).
ويرى أنه في عام (2100) ربما يُنظر إلى ثورة الهيدروجين الحالية بصفتها حلًا لأزمة المناخ التي نشأت بسبب الفحم والثورة الصناعية، وفق ما جاء في مقاله المنشور بمنصة "أوفشور إنجينير ديجيتال" (oedigital)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال كوني، إن الهيدروجين الأخضر يتميز عن غيره من مصادر الطاقة المتجددة، بأنه يقدّم حلًا فاعلًا لإزالة الكربون من صناعات الصلب والأسمدة الزراعة والنقل الثقيل والشحن.
وأشار إلى مشكلة ارتفاع أسعار الهيدروجين الأخضر النظيف من بين تحديات أخرى تعرقل نمو القطاع، متوقعًا أن تنخفض الأسعار بحلول 2030، وهو ما سيغيّر قواعد اللعبة.
تجارب عالمية
استعرض الأستاذ الفخري بجامعة أوكلاند خططًا طموحة أعلنتها مؤخرًا الدول صاحبة أكبر انبعاثات كربونية في العالم، من أجل التحول إلى الهيدروجين الأخضر.
وفي الهند ثالث أكبر مطلق للانبعاثات في العالم، أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي حزمة بقيمة 2.3 مليار دولار أميركي للتوسع في إنتاج واستهلاك وتصدير الهيدروجين، الذي سيتضاعف استهلاكه بنسبة 400% بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن تستهلك صناعتا الصلب والنقل الثقيل نحو نصف هذا الإنتاج، بحسب الدكتور رالف كوني.
وفي الصين، أكبر مطلق للانبعاثات في العالم، وضعت أحدث الخطط الحكومية هدف إنتاج 100 ألف إلى 200 ألف طن من الهيدروجين المنتَج من مصادر متجددة سنويًا، وتسيير 50 ألف مركبة تعمل بالهيدروجين بحلول عام 2015.
وفي الولايات المتحدة، ثاني أكبر مطلق للانبعاثات، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن حزمة استثمارات تُقدَّر بـ750 مليون دولار لإجراء بحوث وجهود تطوير والتطبيقات العملية لخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر، ومن المتوقع أن يثمر ذلك عن توفير 700 ألف فرصة عمل، وتحفيز استثمارات إضافية بقيمة 140 مليار دولار.
وتعدّ أستراليا، التي مازالت تعتمد على الفحم في مزيج الكهرباء المحلي، الهيدروجين الأخضر بصفته "وقود المستقبل"، وخصصت 2 مليار دولار أسترالي (2.54 مليار دولار أميركي) في موازنة عام 2023 الحالي، لتسريع وتيرة مشروعات الهيدروجين الضخمة.
ارتفاع تكلفة الهيدروجين الأخضر
قال أستاذ المواد المتقدمة بجامعة أوكلاند، إن 98% من الهيدروجين عالميًا يُنتج باستعمال الوقود الأحفوري، مثل الهيدروجين الرمادي والأزرق.
ويستلزم لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، إزالة الكربون من صناعة الهيدروجين، بالإضافة لزيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر بمقدار 75 مرة قبل عام 2030.
ورغم أن الهيدروجين الرمادي والأزرق لهما استعمالاتهما داخل الصناعة، فإنه يُنظَر إليهما بصفتهما وقودًا انتقاليًا، وسيستبدلان بالهيدروجين الأخضر لتلبية النمو السريع للاستعمالات الجديدة، ومنها الصلب الأخضر.
وتوقّع الأستاذ البارز بجامعة أوكلاند أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين النظيف الأخضر لتبلغ 2 أو 3 دولارات أميركية للكيلوغرام الواحد بحلول عام 2030، بفضل تطوّر طرق الإنتاج ووفورات الحجم.
ومن ضمن الاستعمالات الحديثة للهيدروجين الأخضر أيضًا، استعمال خلايا وقود الهيدروجين في منتصف رحلات الطائرات الكهربائية الجديدة، بالإضافة لإنتاج سيارات تعمل بوقود الهيدروجين.
كانت التكلفة العالية لإنتاج الهيدروجين النظيف الأخضر العامل الرئيس وراء تراجع حصة الهيدروجين الأخضر، ورأى الدكتور رالف كوي احتمالات انخفاض الأسعار إلى 2 دولار أميركي للكيلوغرام نقطةَ تحول، ستجعل الهيدروجين الأخضر أكثر تنافسًا.
كما انخفضت تكلفة أجهزة المحلل الكهربائي إلى النصف تقريبًا على مدار السنوات الـ5 الماضية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه.
كما لفت إلى تطوير تقنية خلية التحليل الكهربائي للأكسيد الصلب "سي أو إي سي" التي تعمل عند درجة حرارة 850 درجة مئوية، إذ إن الحرارة المرتفعة تخفض كمية الكهرباء المطلوبة لفصل الأكسجين عن الهيدروجين في المياه، بدرجة كبيرة.
إمكانات ضخمة للدول النامية
ألقى أستاذ المواد المتقدمة الضوء على التحديات أمام انتشار الهيدروجين الأخضر، ومنها الحاجة ليحظى بالقبول العالمي وتوسيع نطاق البنية الأساسية اللازمة بصورة عاجلة.
كما دعا لإقامة شراكات دولية في المستقبل، لتعود المنفعة على الدول النامية والمتقدمة على حدّ سواء.
ولفت إلى الإمكانات الضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا، والتي تتميز بمستويات استثنائية لسطوع الشمس، وقوة رياح عالية.
ويقول البنك الدولي، إن طاقة الرياح في الجزائر وحدها تعادل إجمالي القدرات في قارة أوروبا بأكملها.
3 تحديات وحلول
يواجه انتشار الهيدروجين الأخضر بعض التحديات، ومنها أنه يستلزم استعمال مياه عذبة خالية من الملوثات في أجهزة المحلل الكهربائي، كما يثير التراجع المتزايد لنسب المياه النظيفة مشكلة عالمية قريبًا.
ولحلّ تلك المشكلة، تعاونت جامعتان أسترالية وصينية لإجراء بحث أثبت أنه يمكن فصل مياه البحر المالحة باستعمال محلل كهربائي تجاري، عبر محفّز، وغير مكلف، ويتميز بمستوى كفاءة 100%.
ورغم أن التقنية مازالت قيد التطوير، فإنها تُقدّم حلًا قابلًا للتطبيق، بحسب الدكتور كوني.
كما يعدّ الهيدروجين من غازات الدفيئة غير المباشرة؛ إذ إنه على الرغم من كونه لا يتسبب في حدوث ارتفاع في درجة الحرارة من تلقاء نفسه، فهو يتفاعل مع جزيئات محمولة بالهواء تسمى جذور الهيدروكسيل، لإطالة عمر الميثان في الغلاف الجوي وزيادة إنتاج الأوزون، وهو أحد غازات الاحتباس الحراري.
آخر تلك التحديات يتعلق بتسرب خطوط أنابيب نقل الهيدروجين الأخضر بنسبة 2.9% إلى 5.6%.
وفي هذا الصدد، تبني شركة سينوبك الصينية أول خط أنابيب لنقل الهيدروجين الأخضر من منطقة منغوليا الداخلية إلى بكين، لاختبار حجم التسرب في ظروف واقعية.
كما يعدّ تحويل الهيدروجين الأخضر إلى أمونيا خضراء، من خلال عملية هابور-بوش، لتسهيل نقله بصفته وقودًا، لاستعماله في النقل والأسمدة.
عملية هابور- بوش (Haber-Bosch) هي الطريقة الرئيسة لإنتاج الأمونيا الخضراء، إذ تعتمد على إنتاج الهيدروجين الأخضر أو المُصنّع، من مصادر الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- تقنية جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستعمال محفزات عالية الكفاءة
- شراكة هولندية لتطوير مشروع الهيدروجين الأخضر في ناميبيا
- رينيو باور الهندية تقترب من حسم صفقة الهيدروجين الأخضر في مصر
اقرأ أيضًا..
- صفقة استحواذ في الجزائر قد تكتب فشل مشروع سولار 1000 (خاص)
- الديزل الروسي يواصل التدفق إلى المغرب وتركيا.. ومفاجأة سعودية
- واردات أوروبا من الغاز المسال تتجاوز خطوط الأنابيب لأول مرة على الإطلاق (تقرير)