الهيدروجين في الجزائر رهان كبير بسوق الطاقة العالمية (تقرير)
الدولة توقّع مذكرات تفاهم وتخصص مليارات الدولارات
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الجزائر تتوقّع تحقيق 10 مليارات دولار من تصدير الهيدروجين.
- الجزائر تستهدف تصدير 10% من الهيدروجين الأخضر لأوروبا بحلول 2040.
- تمتلك الجزائر إمكانات كبيرة تساعدها على إنتاج الهيدروجين بسعر تنافسي.
- مشروعات الطاقة المتجددة تدعم حلم ريادة تصدير الهيدروجين.
تشهد مشروعات إنتاج الهيدروجين في الجزائر، خلال الآونة الأخيرة، اهتمامًا كبيرًا لتنضم البلاد إلى السباق العالمي نحو إنتاج ذلك الوقود النظيف سواء لاستهلاكه في السوق المحلية أو التصدير للخارج، وذلك في إطار خطط تنويع مزيج الطاقة من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية إلى جانب الحفاظ على احتياطيات النفط والغاز للأجيال القادمة وزيادة الصادرات، خصوصًا الغاز الطبيعي، الذي تتميز به البلاد، مع وصفه وقودًا انتقاليًا نحو تقليل الانبعاثات العالمية.
وتمتلك الجزائر 159.05 تريليون قدم مكعبة (4.5 تريليون متر مكعب) من احتياطيات الغاز الطبيعي بنهاية عام 2022، وفق تقديرات أويل آند غاز جورنال، كما تتميز الدولة بقربها الجغرافي من الأسواق الأوروبية، مع بنية تحتية مناسبة من خطوط أنابيب وغيرها، لاستغلالها في تصدير الهيدروجين إلى الخارج، رغم أن هذا الأمر ما زال محل جدل واسع بين الخبراء.
ويأتي ذلك مع سعي أوروبا لاستيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إنتاج الكمية نفسها محليًا، في إطار خططها للاستغناء عن الوقود الأحفوري الروسي، وهو ما سيجعل الهيدروجين في الجزائر إحدى الفرص الواعدة لأوروبا.
وتستعرض وحدة أبحاث الطاقة، في هذا التقرير، أبرز التحركات لتعزيز إنتاج الهيدروجين في الجزائر، مع توقيع عدّة صفقات محلية مؤخرًا، كما تتجه الشركة الحكومية العملاقة سوناطراك للاستثمار في مشروعات لهذا الوقود النظيف خارجيًا.
إستراتيجية الهيدروجين في الجزائر
في ديسمبر/كانون الأول 2022، وضعت الحكومة الإستراتيجية الوطنية لتطوير إنتاج الهيدروجين في الجزائر، وهي عبارة عن خريطة طريق تستهدف تحويل البلاد إلى رائد إقليمي ودولي في إنتاج هذا الوقود النظيف وتسويقه.
وتستهدف الإستراتيجية، التي ما زالت في طور النقاش المجتمعي، إنتاج وتصدير ما بين 30 مليارًا و40 مليار كيلوواط/ساعة (ما يصل إلى مليون طن عند تحويله إلى هيدروجين)، في شكل هيدروجين غازي وسائل ومشتقاته.
وتتوقع الجزائر أنه في حالة تطبيق الإستراتيجية ستحقق إيرادات سنوية تقدر بنحو 10 مليارات دولار، وفق المعلومات التي طالعتها وحدة أبحاث الطاقة من مسودة الإستراتيجية.
وتضمنت الإستراتيجية المرور بـ3 خطوات رئيسة تبدأ بمرحلة التكوين خلال المدّة الزمنية من 2023 حتى عام 2030، وتتبعها بعد ذلك مرحلة التوسع وإنشاء السوق بين عامي 2030 و2040، ثم مرحلة التصنيع والتصدير للخارج في المدة الزمنية (2040-2050).
وتستهدف الإستراتيجية تصدير نحو 10% من الهيدروجين الأخضر إلى السوق الأوروبية بحلول عام 2040، وبسعر بيع تنافسي، مستفيدة من الموقع المتميز للبلاد بالقرب الجغرافي مع دول القارة العجوز.
وترتكز الإستراتيجية على نوعين من الهيدروجين؛ هما النوع الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي (الميثان) مع الاعتماد على تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، والنوع الأخضر الناتج من التحليل الكهربائي للمياه باستعمال الطاقة المتجددة.
ويعتمد نمو سوق إنتاج الهيدروجين في الجزائر على عوامل عديدة؛ يأتي في مقدمتها انخفاض تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة، وتعزيز الشبكة الكهربائية لزيادة معدل إدماج المصادر النظيفة، وفق رؤية الحكومة.
وكذلك العمل على خفض تكلفة إنتاج أجهزة التحليل الكهربائي من 1000 دولار/كيلوواط إلى 400 دولار/كيلوواط، وتطوير تقنيات التخزين والنقل والبنية التحتية وتطوير أسواق الهيدروجين التنافسية.
إمكانات هائلة واستثمارات كبيرة
تستهدف الجزائر ضخ استثمارات تقدر بما بين 20 مليارًا و25 مليار دولار لتنفيذ مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، في إطار توفير النفط والغاز لزيادة صادراتها من المحروقات أيضًا.
وتؤكد البلاد أن سعيها لإنتاج نحو 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2035، يدعم خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتمتلك البلاد إمكانات كبيرة تؤهّلها لأداء دور مهم ورئيس في سوق الهيدروجين الأخضر عالميًا، يأتي في مقدمتها تمتعها بمصادر طبيعية لإنتاج الطاقة المتجددة العنصر الأساس في تشغيل المحلل الكهربائي.
كما تعزز الموارد الكبيرة التي تمتلكها الجزائر من الغاز الطبيعي والبنية التحتية، وضع البلاد في إنتاج الهيدروجين الأزرق بأسعار تنافسية.
ومن العوامل -أيضًا- التي تمنح سوق الهيدروجين في الجزائر فرصة للازدهار، امتلاك البلاد شبكة كبيرة لنقل الكهرباء، وبنى تحتية للتخزين والتوزيع والنقل، بالإضافة إلى أنابيب نقل الغاز الطبيعي داخليًا ودوليًا، مع تميزها بموقعها الجغرافي القريب من السوق الأوروبية، إلا أن نقل الهيدروجين عبر خطوط أنابيب الغاز ما زال محل جدل واسع بين المختصين.
ويحفز اتجاه الجزائر نحو تنمية مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، تسريع وتيرة تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة؛ الأمر الذي يلقي بدوره -أيضًا- في تنويع مزيج الطاقة بالبلاد.
الطاقة المتجددة تدعم حلم الجزائر
شهدت مشروعات الطاقة المتجددة تقدمًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، رغم التحديات التي تواجه إطلاق مشروع الطاقة الشمسية، الذي يحمل اسم "سولار 1000"؛ ما يدعم زخم إنتاج الهيدروجين في الجزائر.
وتمتلك الجزائر إستراتيجية للطاقة المتجددة تستهدف تطوير 15 غيغاواط من المصادرة المتجددة بحلول عام 2035.
وبحسب بيانات حديثة نقلتها وحدة أبحاث الطاقة عن مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور؛ فإن سعة مشروعات الطاقة الشمسية المعلنة أو قيد الإنشاء في الجزائر تبلغ 5.147 غيغاواط؛ ما يعني طفرة كبيرة مقارنة بالسعة قيد التشغيل البالغة 454 ميغاواط.
وتمثلت الخطوات الجديدة للجزائر في إطلاق شركة الكهرباء والغاز "سونلغاز" عبر شركتها الفرعية "سونلغاز-الطاقات المتجددة"، مناقصة محلية وعالمية لتنفيذ 15 محطة طاقة شمسية في عدد من ولايات البلاد.
ومن المقرر توزيع تلك المشروعات على 11 ولاية بقدرة ما بين 80 و220 ميغاواط للمحطة الواحدة، وبطاقة إجمالية تبلغ 2000 ميغاواط.
ويستعرض الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، أبرز الأرقام عن إنتاج الطاقة المتجددة في الجزائر:
إطلاق مشروعات قريبًا وتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية
اتجهت الجزائر، منذ العام الماضي، إلى توقيع مذكرات تفاهم مع حكومات وشركات عالمية، لدراسة إنشاء مشروعات للهيدروجين الأخضر.
ومن المتوقع أن تطلق شركة سوناطراك الجزائرية مشروعين نموذجيين بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر بجنوب البلاد، خلال العامين الجاري والمقبل، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن مسؤول بعملاقة النفط الحكومية.
وأوضح أن سوناطراك تستهدف من المشروعين النموذجين، اختبار تكنولوجيا التحليل الكهربائي والتخزين والنقل.
وفي مايو/أيار 2022، وقّعت شركة سوناطراك مع شركة إيني الإيطالية مذكرة تفاهم تتضمن العمل على تسريع تطوير حقول الغاز المكتشفة في الجزائر والحد من البصمة الكربونية عبر استغلال الهيدروجين الأخضر.
ويشمل الاتفاق على تنفيذ دراسة فنية واقتصادية لمشروع تجريبي للهيدروجين الأخضر على مستوى بئر رباع شمال، بهدف الحد من البصمة الكربونية لمصنع الغاز لهذا الحقل.
كما وقّعت شركة النفط والغاز الحكومية مع شركة الغاز الألمانية في إن جي (VNG AG)، مذكرة تفاهم لدراسة إمكانات التعاون في تنفيذ مشروعات بمجال الهيدروجين والأمونيا الخضراء بهدف تصديرهما إلى ألمانيا.
وجاء في مذكرة التفاهم، تنفيذ دراسات جدوى بشأن سلسلة القيمة للهيدروجين، من الإنتاج والنقل إلى التسويق، بهدف تقييم إمكانات المشروعات التجارية التي سيُجرى تطويرها في هذا المجال.
أوروبا سوق رئيسة للهيدروجين الجزائري
بحكم علاقتها الإستراتيجية والقديمة في بيع الغاز وقرب موقعها الجغرافي بالسوق الأوروبية، تستهدف الجزائر تصدير الهيدروجين لعملائها التقليدين في دول القارة العجوز بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة.
وفي هذا الإطار، وقّعت الجزائر، في يناير/كانون الثاني الماضي، 5 مذكرات تفاهم جديدة مع إيطاليا، تضمّنت زيادة إمدادات الغاز والربط الكهربائي، وكذلك إنشاء خط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى روما.
كما وقّعت البلاد مع إيطاليا مذكرة تفاهم تضمّنت إعادة إحياء خط أنابيب غالسي الذي يهدف إلى نقل الهيدروجين من الجزائر إلى أوروبا في المستقبل.
وبدوره، أوضح خبير الهيدروجين والصناعات الغازيّة لدى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أنه في حالة تحويل خط أنابيب (غالسي) للعمل بالهيدروجين النظيف، سيكون بقدرته نقل 2.5 مليون طن سنويًا من الهيدروجين.
وأكد عبدالمعطي أن تلك السعة ستجعل خط أنابيب غالسي من أكبر مشروعات تصدير الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.
ويقدر وائل عبدالمعطي أن الجزائر ستكون لديها القدرة -في حالة إعادة إحياء "غالسي"- بتغطية 25% من احتياج أوروبا من الهيدروجين بحلول عام 2030، وهو ما يدعم مكانة البلاد كونها موردًا رئيسًا مستدامًا للطاقة بكل أنواعها إلى السوق الأوروبية.
مشروع للجزائر خارج حدودها
تعتزم شركة سوناطراك الجزائرية، بالتعاون مع شركة ساسول الجنوب أفريقية، إنشاء مشروع "وادي الهيدروجين" في مدينة صقلية الإيطالية.
ويتضمن المشروع إنتاج الهيدروجين والغاز الطبيعي الاصطناعي "منخفض الكربون"، بالإضافة إلى احتجاز الكربون واستعماله، الذي يأتي في إطار امتلاك شركة ساسول مصنعًا للمواد الكيميائية بمدينة أوغوستا، في حين تمتلك سوناطراك مصفاة.
وتقوم فكرة المشروع على إنتاج الهيدروجين والغاز الطبيعي الاصطناعي منخفض الكربون من مصادر الطاقة المتجددة، بهدف إزالة الكربون في مواقع الإنتاج مع إمكان استعمالها في تلبية الاحتياجات الإضافية المحتملة بمدينة صقلية.
وتؤكد الشركتان أن مشروع وادي الهيدروجين في صقلية، من المحتمل أن يكون من بين أكبر المشروعات في إيطاليا؛ إذ من المتوقع أن ينتج 7 آلاف و800 طن سنويًا من الهيدروجين منخفض الكربون، و25 ألف طن سنويًا من الغاز الطبيعي الاصطناعي.
ومن المقرر أن يسهم هذا المشروع باستعمال احتجاز الكربون وتخزينه، في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 120 ألف طن سنويًا.
موضوعات متعلقة..
- الجزائر قد تقتنص أكبر صفقة.. 3 دول تدعم ممر الهيدروجين إلى أوروبا
- أحدث مشروعات الطاقة الشمسية في الجزائر يجذب 16 شركة محلية وعالمية
-
الهيدروجين الأخضر في الجزائر يستحوذ على مخصصات مليارية من الحكومة
اقرأ أيضًا..
- أرقام عن أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم تنفذه السعودية (إنفوغرافيك)
- أكبر مشروع غاز مسال في العالم.. ماذا تعرف عن توسعة حقل الشمال القطري؟ (تقرير)
-
الطائرات الهيدروجينية قد تصبح أرخص من نظيرتها التقليدية بحلول 2035 (دراسة)
التطبيل والترويج للمفلس لن يزيده إلا إفلاسا.