الطلب على النفط في النصف الثاني من 2023.. أنس الحجي يقدم رؤيته (صوت)
أحمد بدر
تحدث مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عن توقعات الطلب على النفط في أسواق الطاقة العالمية خلال العام الجاري (2023)، وذلك في حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها على مساحات تويتر بعنوان "أسواق الطاقة في النصف الثاني من عام 2023"،
وقال الحجي، إن توقعات الطلب على النفط في أسواق الطاقة العالمية خلال العام الجاري كانت واضحة منذ البداية، على الرغم مما شهدته من مبالغات قبل بداية العام.
وأوضح أن المبالغات خلال النصف الأول من العام، كان بعضها متعلقًا بالعرض، وبعضها الآخر كان متعلقًا بالطلب.
وأضاف: "بالنسبة إلى الطلب على النفط، كان أغلب المبالغات من جهة نمو الطلب العالمي والأميركي والصيني، وفيما يخص العرض، كانت هناك توقعات بحدوث انخفاض كبير في إنتاج النفط الروسي، ولكن هذا لم يحدث".
الطلب على النفط في النصف الثاني من 2023
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، إن الرؤية "التي نشرناها في يناير/كانون الثاني 2023، كانت أن النصف الأول من العام، وخاصة الربع الأول سيكون صعبًا، وهذا بالفعل ما حدث، بينما النصف الثاني سيكون مغايرًا".
وأوضح أن هناك تغيرات حدثت على أرض الواقع، ولكن كثيرين توقّعوا أن الطلب على النفط سيزيد، وأن العرض سينخفض، ومن ثم سترتفع أسعار النفط الخام، ولكن لتغيرات كبيرة تحدث في الوقت الحالي، إذ تتغير الأمور بشكل لحظي.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، توقعات الطلب العالمي على النفط والمعروض في 2023، وفق بيانات أوبك ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية:
ولفت الحجي إلى أحد أهم الفروق بين النصفين الأول والثاني من العام الجاري، وهو أنه مع انفتاح الصين بعد انتهاء القيود المفروضة ضد جائحة كورونا، ظنّ بعضهم أنه مع انفتاح الاقتصاد، سيتحرك الاقتصاد كله، ويزيد الطلب في كل القطاعات.
ولكن الحقيقة، وفق الحجي، أن التجارب التي مرّت بها عدّة بلاد في السابق، بجانب تجارب أخرى تتعلق بالحروب على مدى سنوات طويلة، عندما ينفتح الاقتصاد وتهدأ الأمور، لا ينتعش الاقتصاد دفعة واحدة، بل هناك قطاعات تنمو قطاعات أخرى تتأخر، وهذا ينطبق على الصين أيضًا.
وأضاف: "كان واضحًا منذ البداية أن الانفتاح في الصين سيؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، لا سيما مع انتعاش قطاع المواصلات بشكل كبير، وهو القطاع الذي كان شبه متوقف، ولكن هناك بعض الأخطاء في حسابات المحللين تتعلق بحجم النمو الناتج عن انفتاح قطاع المواصلات".
وتابع: "لم يستطع المحللون التفريق بين النمو العادي وبين النمو الناتج عن بعض الإجراءات التي قامت بها الحكومة الصينية، فعلى سبيل المثال، كان هناك بعض الناس لم يروا أهاليهم منذ عام كامل بسبب الإغلاق، وأغلبهم من الطلاب والجنود والموظفين المنتدبين لأقاليم أخرى".
وأشار الحجي إلى أن هذه الفئات أعدادها بالملايين، ما دعا الحكومة الصينية إلى تجهيز أعداد كبيرة من الطائرات والحافلات لنقل هؤلاء الأشخاص إلى مناطق أهاليهم، وهو أمر حدث مرة واحدة فقط في التاريخ، ولا يحدث كل يوم.
وقال، إن بعضهم ظنوا أن الزيادة الكبيرة في الطلب على النفط لتسيير تلك الأعداد الضخمة من الطائرات والحافلات ستكون مستمرة، ولكنها استغرقت مدة شهر واحد فقط، قبل أن تعود الأمور إلى ما كان يجب أن تكون عليه.
وأردف: "بعدها، سينمو الاقتصاد في الصين، وجميع القطاعات تدريجيًا، ولكن الآثار الكلّية لهذا النمو لن تظهر إلّا في نهاية العام الجاري 2023، ومن ثم يختلف النصف الأول عن النصف الثاني من العام من ناحية الطلب على النفط في الصين".
محددات الطلب على الطاقة
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه عند الحديث عن محددات الطلب على الطاقة عمومًا، وليس الطلب على النفط فقط، فإن أهم هذه المحددات هو مستوى الدخل، فالفرد في الدول الغنية يستهلك كميات من الطاقة أكبر بكثير من الفرد في الدول الفقيرة.
ولكن، بحسب الحجي، هناك تغيرات أساسية تحدث الآن، وتغيب عن مؤيدي فكرة مكافحة التغير المناخي من خلال التخلص من النفط والغاز، وأحد أهم هذه التغيرات هو الهجرة من الريف أو الصحراء أو الغابات إلى المدن، والتي تعني "التمدن".
وأضاف: "بعبارة أخرى، تعني كلمة التمدن أن شخصًا ما جاء إلى المدينة، ولم يكن يستعمل الكهرباء نهائيًا، ثم أصبح يستعملها، سواء كان يعمل أو لا يعمل، ومن ثم فإنه لا رجوع عن التمدن، فعندما يأتي الناس إلى المدن يزيد الطلب على الطاقة، ومهما حدث لن يعود هذا الإنتاج لمستويات ما قبل الهجرة إلى المدن".
ولفت إلى أن الصين شهدت حركة تمدّن قوية جدًا خلال الـ30 عامًا الأخيرة، ولكن ما زال هناك ريف كبير في الدولة الآسيوية الأكبر من حيث عدد السكان في العالم، إلّا أن التركيز يجب أن يكون على الهند الآن، وليس على الصين.
وأوضح أن الهند تمرّ الآن بما كانت تمرّ به الصين قبل 30 عامًا، ولكنها تختلف عنها في أن هناك عشرات الملايين من الهنود الذين يعملون حول العالم في وظائف جيدة وبمرتبات عالية جدًا، وليست لهم أيّ مشكلات سياسية، لذلك بإمكانهم العودة إلى بلادهم والاستثمار فيها.
من ثم، وفق الحجي، هناك بالفعل نمو اقتصاديً كبير في الهند، ولكن ما نراه الآن أن الهند كما يعلم الجميع بلد حارّ، بينما تاريخيًا نسبة استعمال مكيفات الهواء في الهند قليلة جدًا، ولكن الآن مع زيادة وارتفاع الدخول، هناك موجة تمدّن ضخمة جدًا.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، توقعات أوبك لنمو الطلب على النفط في 2023:
وتابع: "مع موجة التمدن الضخمة التي تشهدها نيودلهي خلال السنوات الأخيرة، بدأ الهنود يحصلون على مكيفات الهواء، وهو أمر شهدناه من قبل في الصين، وتسبَّب بأزمة كبيرة في توفير الكهرباء لمدة تجاوزت 8 سنوات، وهو ما نرى بداياته الآن في الهند".
وقال، في الهند، رغم التوجه الكبير لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المختلفة، فإن التوجه الكبير لاستعمال مكيفات الهواء التي تستعمل كميات كبيرة من الكهرباء، ستشهد طلبًا كبيرًا على الكهرباء السنوات القادمة، مما يعني زيادة الطلب على كل مصادر الطاقة، وفي مقدّمتها الغاز، بينما سيكون الطلب على الفحم أقلّ.
أزمة الطلب على النفط
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، إن أزمة الطلب على النفط تتمثل في أنه عند ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء بشكل كبير، ويحدث عجز كبير في إنتاج الكهرباء، تلجأ الشركات والأفراد إلى التوليد الخاص.
وأوضح أن التوليد الخاص هو اللجوء إلى مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل، وهي تكون صغيرة واستهلاكها من الديزل قليل بالنسبة للأفراد، ولكن الشركات والمعامل والمصانع والمستشفيات بالطبع ستستعمل المولدات الكبيرة، وبعضها يملك مولدات احتياطية.
وأشار إلى أن هناك أدلة ترتبط بزيادة الطلب على النفط بشأن التوليد الخاص، وبعضها في الإمارات والصين، بأن هناك توجّهًا لاستعمال الديزل خصوصًا، وبالطبع هناك بعض المواد أو المنتجات النفطية الأخرى التي يمكن استعمالها.
وأضاف: "وصل الأمر في الصين إلى ارتفاع الطلب على الديزل فجأة، بأكثر من 400 ألف برميل يوميًا، بسبب التوليد الخاص، وهو ما بدأ يحدث في الهند الآن، ومن المتوقع أن يستمر عدّة سنوات قادمة".
موضوعات متعلقة..
- نظرة متفائلة لنمو الطلب على النفط في 2023 رغم المخاوف الاقتصادية (تقرير)
- الطلب على النفط الحامض يضع المصافي الأميركية في ورطة.. ما علاقة مصر؟
- الطلب على النفط عالميًا ينمو 4.5 مليون برميل يوميًا خلال فبراير
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.. استثمارات ضخمة وتحديات قد تعرقل الحلم (خاص)
- النفط الروسي يضع الهند في ورطة.. وأوروبا تلوح بالعقوبات
- واردات الغاز المسال العالمية تحقق رقمًا قياسيًا في أبريل 2023
- الكشف عن أكبر بطارية لتخزين الكهرباء في أوروبا وموعد تشغيلها