أعلنت طهران اعتزامها تشغيل مصفاة تكرير النفط الإيراني الجديدة بحلول العام المقبل (2024)، في ظل أزمة طاحنة تضرب البلاد لعجزها عن تلبية الطلب المتزايد على البنزين.
وأوضحت الشركة المسؤولة عن بناء مصفاة "مهر الخليج" أنه من المقرر إطلاقها بنحو 120 ألف برميل يوميًا من طاقة المعالجة في العام الإيراني الجديد 1403، الذي سيبدأ في مارس/آذار 2024، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "برس تي في" (Press TV).
وتنتج إيران حاليًا ما يقرب من 105 ملايين لتر من البنزين يوميًا، ما يجعلها تواجه عجزًا يُقدَّر بـ 5 ملايين لتر لتلبية الطلب اليومي القياسي الذي أُبلِغ عنه في أيام السفر المزدحمة في الأشهر الأخيرة.
تفاصيل مصفاة تكرير النفط الإيراني
تُبنى مصفاة "مهر الخليج" بالقرب من مصفاة "نجم الخليج"، التي تبلغ قدرتها 360 ألف برميل يوميًا، وتعمل على إمدادات الغاز من حقل بارس الجنوبي، وهو أكبر حقل غاز في العالم يقع على الحدود البحرية بين إيران وقطر في الخليج العربي.
وصرّح المسؤول في مقرّ "خاتم الأنبياء" للبناء، مصطفى شاهير، بأن إطلاق مصفاة "مهر الخليج" سيغطي الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب على البنزين في إيران.
وقال -على هامش معرض إيران للنفط-: إنه "من المتوقع أن يضيف إطلاق هذه المصفاة 13 مليون لتر من البنزين و3 ملايين لتر من الديزل ومليون لتر من الكيروسين إلى طاقة إنتاج البلاد (اليومية)".
يُشار إلى أن مقر خاتم المرسلين هو شركة هندسية إيرانية، يديرها مسؤولون من الحرس الثوري الإيراني، وأُسِّسَت خلال حرب الخليج الثانية، وتختص بالأعمال الإنشائية، وإعادة الإعمار، والمشروعات الإستراتيجية في الدولة.
تهريب الوقود الإيراني
في ظل هذه الأزمة العنيفة، أدت الأسعار الرخيصة للغاية للبنزين والديزل إلى زيادة كبيرة في تهريب الوقود عبر الحدود الإيرانية في الأشهر الأخيرة؛ ما أجبر البلاد على استئناف واردات البنزين المحدودة من دول مثل روسيا.
إذ أصبح تهريب وقود الطرق إلى خارج البلاد قضية يصعب إدارتها بشكل متزايد بالنسبة لإيران، خاصةً أنها تواجه الطلب المتزايد باستمرار على الوقود.
ويبلغ الطلب الإيراني على الديزل حاليًا نحو 528 ألف برميل يوميًا، وفقًا للشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط المملوكة للدولة، لكنها تقدّر أنه من غير المرجح أن يتجاوز الاستهلاك المحلي الفعلي 470 ألف برميل يوميًا.
يشير هذا إلى وجود فجوة تقارب 58 ألف برميل في يوميًا بين توزيع الديزل واستهلاكه الفعلي، وهو ما يمثّل نحو 8% من إجمالي إنتاج الديزل الإيراني البالغ 690 ألف برميل يوميًا، وفق ما نقلته وكالة "آرغوس ميديا" (Argus Media).
يجري تشجيع تهريب الوقود في إيران من خلال دعم الوقود الثقيل الذي تواصل طهران منحه للمستهلكين المحليين، ما يجعل أسعار الديزل والبنزين في إيران من أدنى الأسعار في العالم.
يُباع لتر واحد من الديزل حاليًا بين 3 آلاف و6 آلاف ريال إيراني (بين 0.07 و0.14 دولارًا/لتر) في إيران، أي أقلّ بكثير من سعر دولار واحد/لتر أو تكلفة أعلى في باكستان أو أفغانستان، ويُباع البنزين بين 0.03 و0.06 دولارًا/ لتر، وهو أيضًا أقلّ بكثير من الأسعار في الدول المجاورة.
وقد أدّت المحاولات السابقة التي قامت بها الحكومة لرفع أسعار وقود الطرق إلى اندلاع احتجاجات على مستوى البلاد، ما وضع الحكومة في حلقة مفرغة، بما يحدّ من جهودها ورغبتها في إلغاء الدعم تمامًا.
مخاوف من انخفاض الاحتياطيات
اضطرت إيران إلى البحث عن طرق لزيادة طاقتها التكريرية ورفع مستواها، مدفوعة بالطلب السريع على الديزل والبنزين، والذي تفاقم بسبب التهريب.
وعلى الرغم من وجود 10 مصافٍ عاملة تستوعب 2.29 مليون برميل يوميًا من الخام والمكثفات، فقد أعلنت الإدارة الحالية خططًا لبناء منشآت جديدة، لكن من المحتمل أن تستغرق هذه بعض الوقت.
وعلى المدى الأقصر، سيقتصر نمو السعة والإنتاج على عمليات تحديث المصافي القائمة، والتي عرقلتها العقوبات الغربية أيضًا.
في الوقت نفسه، دفع الطلب المتزايد على البنزين مصافي التكرير الحالية للعمل بكامل طاقتها، ما يترك احتمالات أقلّ للتوقف عن العمل، بحسب ما نقلته "آرغوس ميديا".
في مارس/آذار المنصرم، أثار المسؤولون الحكوميون مخاوف من انخفاض احتياطيات البنزين الإستراتيجية إلى مستويات منخفضة للغاية، تغطي 5 أيام فقط من استهلاك البلاد.
جاء ذلك في الوقت الذي ارتفع فيه طلب إيران على البنزين إلى متوسط 657 ألف برميل يوميًا في العام الإيراني الأخير الذي انتهى في 20 مارس/آذار، وهو أقلّ بمقدار 66 ألف برميل يوميًا فقط من مستويات إنتاج البنزين الإجمالية في إيران.
وقالت الدولة، إنها أرجأت "إصلاحات المصافي الكبرى" حتى العام المقبل، حتى تعمل المصافي بأقصى طاقتها في الوقت الحالي، رغم عدم تحديد المصافي التي تأثرت.
نمو صادرات النفط الإيراني
في سياقٍ آخر، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إن صادرات النفط الإيراني شهدت نموًا مضاعفًا منذ أن تولّى الرئيس إبراهيم رئيسي منصبه في أغسطس/آب 2021، بالرغم من العقوبات "القاسية" المفروضة على طهران.
وأدلى جواد أوجي بهذه التصريحات في كلمة ألقاها بحفل افتتاح معرض إيران الدولي الـ 27 للنفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات، المعروف أيضًا باسم معرض إيران للنفط 2023، وفقًا لوكالة "شانا" للأنباء التابعة لوزارة النفط الإيرانية.
وأشار الوزير إلى أنه على الرغم من العقوبات، فقد سجلت إيران حتى الآن أرقامًا قياسية في إنتاج وتصدير النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية والبتروكيماويات، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة أنباء "شينخوا".
وبحسب الوزير، تمتلك إيران أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم مجتمعة، ما يضع احتياطي النفط القابل للاستخراج في البلاد عند 154 مليار برميل، واحتياطي الغاز بنحو 33 تريليون متر مكعب.
وأوضح أوجي أن البلاد تنتج حاليًا 3 ملايين برميل نفط يوميًا، وكمية يومية تبلغ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتبلغ طاقتها التكريرية اليومية 2.4 مليون برميل.
وقدّر طاقة إنتاج البتروكيماويات الإيرانية السنوية بـ 95 مليون طن، قائلًا، إن الإدارة الإيرانية تبنّت مجموعة من الإجراءات لمنع العقوبات "القاسية" من حرمان البلاد من تنمية صناعة النفط والغاز.
وأعرب أوجي عن استعداد إيران للتعاون مع جميع المستثمرين المحليين والأجانب، قائلًا، إن البلاد حددت مشروعات بقيمة تقترب من 160 مليار يورو في قطاعي التنقيب والإنتاج والتكرير في صناعة النفط للاستثمارات.
موضوعات متعلقة..
- تشغيل أول مصفاة لتكرير النفط الإيراني خارج الحدود.. في هذه الدولة
- إنتاج النفط الإيراني يشهد زيادة خلال أيام بعد تدشين حقل جديد
- قفزة مرتقبة في إنتاج النفط الإيراني من 750 بئرًا
اقرأ أيضًا..
- نظرة متفائلة لنمو الطلب على النفط في 2023 رغم المخاوف الاقتصادية (تقرير)
- إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا تتجاوز 40.7 مليون متر مكعب
- أوابك تكشف أبرز مشروعات الهيدروجين العربية وقائمة الكبار
- تويوتا تحذر من الاندفاع نحو السيارات الكهربائية: قد يؤدي إلى نتائج عكسية