كهربة المنازل في أستراليا.. تحدٍّ جديد على طريق الحياد الكربوني
أسماء السعداوي
تمثّل كهربة المنازل في أستراليا هدفًا جديدًا نحو التخلص من الاعتماد على الغاز ومكافحة تغير المناخ وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
يأتي ذلك ضمن أهداف خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 43% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2005 بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتزايد الاهتمام مؤخرًا بدور الأجهزة المنزلية في خفض الانبعاثات وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، بحسب تقرير نشره موقع "رينيو إيكونومي" (Renew Economy).
ويُقصد بـ"كهربة المنازل" عملية الترقية إلى الأجهزة التي تعمل بالكهرباء بدلًا من مصار الوقود الأحفوري التقليدية، مثل استبدال الموقد الكهربائي بموقد الغاز.
هدف كهربة المنازل في أستراليا
خلال فعاليات مؤتمر الطاقة الذكية الذي عُقد مؤخرًا في العاصمة سيدني، قال رئيس شركة "ريوايرينغ أستراليا" سول غريفث، إن 42% من الانبعاثات في البلاد تصدر عن الأجهزة المنزلية.
وفي ضوء تحقيق الحياد الكربوني، أكد غريفث الحاجة لكهربة ملايين الأجهزة المنزلية خلال العقدين المقبلين.
وأوضح: "لدينا 10 ملايين منزل سيشتري أصحابها 100 مليون جهاز خلال العقدين المقبلين، وثمة حاجة لأن تكون قرارات الشراء الـ100 مليون سهلة ومجدية اقتصاديًا للمنزل، كما نحتاج إلى اتّساق كل السياسات ذات الصلة".
يقول غريفث: "الأمر أصبح أكثر أهمية الآن، إنّ تأخُّر جهود أستراليا والعالم لخفض الانبعاثات يعني إهدار وقت ثمين، علينا المضي قدمًا أسرع مما تعتقدون، يجب أن يجري ذلك عبر كهربة كل شيء فورًا".
وكان غريفث قد أكد أن استبدال الأجهزة المنزلية التي تعمل بكهرباء الطاقة الشمسية والبطاريات بالأجهزة العاملة بالغاز، إضافة إلى السيارات الكهربائية، سيوفر آلاف الدولارات سنويًا من فواتير الطاقة للمواطنين.
وفي تقرير نُشر خلال شهر فبراير/شباط الماضي، قال غريفث، إن كهربة المنازل الأسترالية هي أسرع وأرخص وسيلة لمكافحة التضخم وتحقيق اقتصاد حيادي الكربون.
وقال: "قد نصل في وقت أن نشحن سيارتنا بكهرباء مولدة من محطة للطاقة الشمسية فوق الأسطح، ما يعني أن مسافة الكيلومتر مربع التي تقطعها ستكلّف سِنتَيْن على الأكثر، بدلًا من 25 سِنتًا عند استعمال البنزين أو الديزل".
تكاليف مرتفعة للوقود التقليدي
في معرض تأكيده أهمية كهربة المنازل في أستراليا، لفت غريفث إلى أن كل منزل في أستراليا يدفع ما يصل إلى 7 آلاف دولار نظير تكاليف الطاقة، غير أن الكهربة ستسهم في خفض كبير بتلك المدفوعات على مدار عمر الأجهزة الجديدة العامة بالكهرباء.
وقال، إن 20 مليون دولار أميركي تذهب سنويًا لصالح تكاليف الطاقة في المنازل الأسترالية، وثلاثة أرباع هذا المبلغ تذهب للوقود الأحفوري في السيارات والغاز بالمنازل، وربعها فقط للكهرباء من الشبكة، بحسب مؤسس شركة "ريوايرينغ أستراليا" سول غريفث.
وأضاف: "معظم المال يُنفق على محطة الوقود في مكان واحد، حيث يُباع -أيضًا- النيكوتين والسكر، وهي 3 أشياء قادرة على تدميرك".
وتابع: "سنمضي سريعًا نحو المستقبل، إذا تمكّنّا بسهولة ممّا لا يقلّ عن ثلثي إمدادات الكهرباء، بشرط الاستغلال الكامل للأسطح والأصول في مجتمعنا".
"وستجلب مشروعات الكهربة المحلية مليون ونصف دولار، فضلًا عن توفير نحو 25 فرصة عمل، ما سيوفر 21 مليون دولار أميركي سنويًا"، بحسب رئيس الشركة.
وأضاف: "صلب الموضوع هو أنك إذا لم تنفق ذلك المال في محطة الوقود، فستنفقه باستثمارات مجتمعية، وبذلك توفر عددًا كبيرًا من فرص العمل الحقيقية في كل مكان في البلاد".
عقبة الوقود الأحفوري
لفت غريفث إلى عدّة متطلبات لتحقيق هدف كهربة المنازل في أستراليا، أولها هو خفض استهلاك الوقود الأحفوري التقليدي.
غير أنه أكد أن صناعة الوقود الأحفوري متجذرة في أستراليا، إذ يكلّف فصل الغاز عن المنزل الواحد حاليًا ألف دولار أميركي.
يقول غريفث: "سيطرت صناعة الغاز على سياسة الطاقة في أستراليا، وسنحتاج إلى 10 مليار دولارات أميركية لإخراج الغاز عن المنازل".
يتفق مع غريفث رئيس حزب الخضر الأسترالي آدم باندت الذي قال أمام المؤتمر، إن أستراليا "تبدو مثل دولة نفطية"، وأمامها فرصة واحدة أخيرة للنجاة.
كفاءة الطاقة
الخطوة الثانية اللازمة لكهربة المنازل -بحسب غريفث- هي التركيز على الكفاءة في استهلاك الكهرباء، أكثر من مجرد كهربة الأجهزة والسيارات، فالمكاسب من كفاءة الكهرباء أعلى بكثير من الكهربة الكاملة؛ إذ إنها تقلل الطاقة المُهدَرة في الوقود الأحفوري.
وأوضح رئيس شركة ريوايرينغ أستراليا أن الطاقة "مُهدرة" في كل شيء، بدءًا من توليد الكهرباء ووقود المركبات والطهي وتسخين المياه والتدفئة.
وقال، إن كهربة كل شيء ستخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 64%، وذلك بالرغم من ارتفاع استهلاك الكهرباء بالمنازل 3 أضعاف.
وأضاف: "عبر كهربة سيّارتك، ستستعمل أقلّ من ثُلث الوقود المستهلك لتسييرها، الأمر ذاته بالنسبة لسخّانات المياه، فكفاءة استهلاك الغاز يجلب مكاسب ضئيلة، إلّا أننا بحاجة للكهربة".
نقل الكهرباء ودور الأسر
ملمح مهم آخر أشار إليه غريفث ضمن خطوات كهربة المنازل في أستراليا، ألا وهو نقل وتوزيع الكهرباء ودور الأسر في ذلك، إذ قال: "نحن نقلل من حجم الكهرباء التي يمكننا توليدها أعلى الأسطح وداخل مجتمعاتنا".
وأضاف: "إذا وُضعت حوافز أكثر عقلانية في قواعد سوق الكهرباء الأسترالية، مع منح الأولوية للمنازل والمجتمعات، فقد نرى الطاقة الشمسية على الأسطح تُباع بين الأسر بسعر أرخص بكثير".
وتابع: "يمكننا استغلال الأصول المجتمعية -سواء كانت ممرات نقل أو مواقف سيارات أو بنايات تجارية أو أبنية المدن أو مساكن عامة وما إلى ذلك؛ من أجل بيع الكهرباء بين سكان المجتمع الواحد".
موضوعات متعلقة..
- كهربة المنازل أداة فاعلة لمكافحة تغير المناخ وتقليل البصمة الكربونية (تقرير)
- أستراليا تبدأ تجربة جديدة لكهربة المنازل والتخلص من الغاز
- المباني المحايدة للكربون جاهزة في أستراليا بشروط..
اقرأ أيضًا..
- مشروع جديد لزيادة صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر
- الغاز المسال المصري يؤمن أول شحنة لمحطة إيني في إيطاليا
- العراق يستأنف تصدير النفط من حقل القيارة (صور)