التغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

إزالة الكربون من الصناعة ليست صعبة.. وهذه رهانات الخبراء (تقرير)

البطاريات الحرارية تمثل حلًا نموذجيًا منخفض التكلفة

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع الصناعة مسؤول عن ثلث الانبعاثات العالمية
  • أغلب الاستعمال الصناعي للكهرباء في توليد الحرارة
  • توفير بدائل للحرارة كفيل بتخليص الصناعة من نصف انبعاثاتها
  • الرهان على البطاريات الحرارية لانخفاض تكلفة إنتاجها
  • البطاريات الحرارية لا تعتمد في صناعتها على المعادن الأرضية النادرة

يمثّل إزالة الكربون من الصناعة أحد أهم الأهداف الدولية لخفض الانبعاثات والوصول إلى عالم محايد كربونيًا بحلول عام 2050، إلّا أن هذا الهدف ما زال يواجه تحديات فنية لتحقيقه.

وساد اعتقاد في أوساط الصناعة لسنوات طويلة بصعوبة عمليات إزالة الكربون لأسباب فنية، إلّا أن دراسات حديثة قدّمت حلولًا قد تجعل من هذا الصعب أمرًا يسيرًا في غضون سنوات، وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي.

وتمثّل إزالة الكربون من الصناعة هدفًا رئيسًا للخطط المناخية لتسبُّبها في أكثر من ثلث الانبعاثات العالمية الملوثة للمناخ، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويراهن خبراء المنتدى الاقتصادي العالمي على مشروعات تخزين الطاقة الحرارية المعتمدة على المصادر المتجددة، بوصفها من أهم البدائل القادرة على إزالة الكربون من الصناعة بمقدار النصف على الأقلّ.

إزالة الكربون من الصناعة الأصعب بين القطاعات

رغم مواجهة كل القطاعات لتحديات خاصة في عمليات إزالة الكربون، فإن أغلبها لديه بدائل مستقبلية مباشرة لحلّ هذه المعضلة.

ويمكن لمشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومشروعات بطاريات التخزين الضخمة أن تحلّ مشكلة شبكات الكهرباء، مع انخفاض تكلفتها بمرور الزمن وتقدّم التقنيات المرتبطة بها.

كما يمكن لقطاع المباني والعقارات أن يواجه تحديات إزالة الكربون عبر عمليات كهربة واسعة لجميع الخدمات العاملة بالغاز أو بمصادر الوقود الأحفوري، إضافة إلى تقنيات ترشيد الاستعمال والاستهلاك.

ويمتد الأمر إلى قطاع النقل البري بمختلف فروعه، إذ يمكنه التخلص من الكربون عبر إحلال السيارات والشاحنات الكهربائية محلّ سيارات الوقود الأحفوري، مع التوسع في بناء شبكات الشحن الكهربائية البديلة لمحطات الوقود التقليدية.

استعمال الحرارة وبدائلها

إزالة الكربون من الصناعة
انبعاثات المصانع- الصورة من weforum

اعتقد بعض الخبراء لسنوات طويلة أن إزالة الكربون من الصناعة ليست سهلة، كما هو مطروح في قطاعات الكهرباء والنقل والعقارات، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتعتمد أغلب قطاعات الصناعة على الكهرباء والحرارة بدرجات متفاوتة، ما دفع خبراء المنتدى الاقتصادي العالمي إلى التفكير في الحلول بصورة مركبة لمواجهة تحديات كل عناصر الطاقة المشغّلة للصناعة.

وتستعمل أغلب المنشآت الصناعية الحرارة بصور مختلفة في عمليات إذابة أو تجفيف أو طهي أو فصل أو خلط أو تحويل المواد الأولية المستعملة في الصناعة.

وتمثّل هذه الحرارة ثلثي استعمالات الطاقة في مجال الصناعة، كما يصدر عنها أغلب الانبعاثات الصناعية، ما جعلها محط أنظار خبراء المناخ وعلماء البيئة.

الوقود الأحفوري أرخص

تلجأ المصانع في الغالب إلى حرق الوقود الأحفوري لتوفير الحرارة اللازمة لتوصيل البخار أو الهواء الساخن إلى عمليات التصنيع عبر أنابيب مخصصة لعمليات التسخين والصهر والإذابة وغيرها.

ويتميز الوقود الأحفوري بدرجة ثقة عالية بين أوساط الصناعة لرخص ثمنه وسهولة تخزينه وعمليات تحويله إلى حرارة، إضافة إلى سهولة تداول تقنياته في الأسواق منذ عقود.

ويعتقد الخبراء أن حلّ معضلة الحرارة وتقديم بدائل عملية لها كفيل بتسريع إزالة الكربون من الصناعة والتخلص من أغلب الانبعاثات الصادرة عنها في غضون سنوات.

وتواجه بدائل الوقود الأحفوري تحديات جمة، أبرزها ارتفاع تكلفة إنتاجها، نتيجة اعتمادها على معادن أرضية نادرة الاستخراج والتداول، مثل الليثيوم والنيكل والنحاس والمنغنيز والكوبالت، وغيرها من المعادن المستعملة في كل تقنيات الطاقة المتجددة.

ومع ذلك، ما زال الخبراء يعتقدون بأن إزالة الكربون من الصناعة ليست بالأمر الصعب أو المستحيل، وسط تقديرات متفائلة بشأن الطاقة المتجددة وتقنياتها خلال السنوات المقبلة.

تراجع تكلفة الكهرباء المتجددة فرصة كبيرة

يراهن الخبراء على أن الطاقة المتجددة الرخيصة يمكنها أن توفر فرصة هائلة لإزالة الكربون من الصناعة التي تعتمد عمليات تشغيلها على الحرارة، بداية من سخانات الحث الكهرومغناطيسي وحتى أفران القوس الكهربائي المستعملة في عمليات الصهر.

وتُستعمل الكهرباء على نطاق واسع في المنشآت الصناعية؛ نظرًا لبساطتها وقدرتها على تحقيق درجات حرارة أعلى بكثير من حرق الوقود الأحفوري، لكن استعمالها على مدار الساعة لإنتاج الحرارة الصناعية غالبًا ما يكون أكثر تكلفة من حرق الوقود الأحفوري في الموقع.

وانخفضت تكلفة مصادر الطاقة المتجددة بصورة كبيرة خلال العقد الماضي، ما جعل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أرخص مصادر الكهرباء المتجددة في كل مكان على ظهر البسيطة -حاليًا-.

وتتميز تكلفة طاقة الشمس والرياح بمرونة عالية لا تتوافر في غيرها من مصادر الوقود الأحفوري، إذ يمكن لتكلفتها أن تنخفض إلى الصفر، أو تكون سلبية في ظروف الطقس المثالية المتمثلة بسطوع الشمس وهبوب الرياح بمعدلات كبيرة.

وتحققت هذه الظروف المثالية في بعض الولايات الأميركية خلال العام الماضي (2022)، إذ شهدت انخفاضًا قياسيًا في أسعار الكهرباء المتجددة بنسبة 30% تحت الصفر، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

معضلة الطقس السيّئ

رغم هذه المزايا للكهرباء المتجددة، فإنها تواجه معضلة عكسية في حالات الطقس السيّئ، إذ تتقلب معدلات إنتاج الكهرباء، ما قد يعرّض القطاعات الصناعية المعتمدة عليها للاضطراب.

لهذا السبب، يقترح التقرير تطوير تقنيات بطاريات وأنظمة تخزين الكهرباء المتجددة لضمان وصول التيار إلى عمليات التصنيع على مدار الساعة، بغضّ النظر عن ظروف الطقس.

كما يراهن الخبراء على تطوير تقنيات تخزين الطاقة الحرارية بوصفها من أهم التقنيات المتناغمة مع توليد الكهرباء من الشمس والرياح.

ويمكن للبطاريات الحرارية أن تُستعمل في تخزين فائض الكهرباء المتجددة خلال أوقات انخفاض تكلفتها، لمدة أيام، مع إعادة استعماله حسب الطلب، بحسب المعلومات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

البطاريات الحرارية حلّ

إزالة الكربون من الصناعة
صناعة البطاريات الحرارية في تركيا- الصورة من daily sabah

تتميز البطاريات الحرارية عن غيرها من بطاريات الليثيوم أيون، من حيث اعتماد تصنيعها على مواد وعناصر وفيرة متداولة في الأسواق بأسعار رخيصة، خلافًا للمعادن الأرضية النادرة باهظة الثمن.

وتصنع البطاريات الحرارية في الوقت الحالي من مواد رخيصة ومتوافرة، مثل الخرسانة والكربون، إضافة إلى مواد عازلة ومكونات أخرى.

ويستطيع هذا النوع من البطاريات تخزين كميات هائلة من الكهرباء في صورة حرارة، اعتمادًا على مادة الكربون الصلب المتوافرة في الأسواق بمعدل يزيد 50 مرة عن الليثيوم.

وتتميز مادة الكربون بقدرة عالية على توصيل الحرارة عند درجات تزيد على 1500 درجة مئوية، ما يكفي لجعل البطاريات الحرارية تقنية مناسبة حتى لمصانع الحديد والأسمنت التي تحتاج إلى درجات تسخين وصهر عالية للغاية.

ولا تشغل البطاريات الحرارية مساحات كبيرة من الأماكن لتخزينها، ما يجعلها بديلًا متناغمًا لا يتزاحم على المساحات مع مكونات وآلات التشغيل الأخرى في المنشآت الصناعية مثل خطوط العزل والأنابيب.

وسيط منخفض التكلفة

يمكن للبطاريات الحرارية أن تسهم في حلّ معضلة التكلفة والتخزين والتسليم لإزالة الكربون من الصناعة، والتي ميّزت الوقود الأحفوري ومنحته الهيمنة على مصادر الطاقة المتجددة لعقود من الزمن.

وتستطيع البطاريات الحرارية أن تؤدي دور الوسيط في نقل الكهرباء المتجددة من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البعيدة عن المنشآت، ما يوفر الحرارة للمصانع بصورة مستدامة ومنخفضة التكلفة، خلافًا للبطاريات الكهربائية المصنّعة من المعادن الأرضية النادرة باهظة التكاليف.

لهذه الأسباب مجتمعة، يراهن خبراء المنتدي الاقتصادي العالمي على تطوير تقنيات الجمع بين تخزين الطاقة الحرارية والطاقة المتجددة لحلّ معضلة توفير الحرارة لعمليات التشغيل الصناعية الأساسية عبر مواد متوافرة في الأسواق أرخص من الوقود الأحفوري.

ويعتقد المنتدى أن انتشار هذه التقنيات في مجال الصناعة سيكون كافيًا لخفض الانبعاثات الصناعية بمعدل 50% على الأقلّ في أسرع وقت ممكن، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق