هل تشهد شركات النفط الوطنية انتفاضة في خطط تحول الطاقة؟ (تقرير)
تتعرّض لضغوط أقل من الشركات الدولية في إزالة الكربون
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- أغلب شركات النفط الوطنية لا تخضع لمعايير تدقيق للانبعاثات.
- شركات النفط والغاز في الشرق الأوسط تشهد تحسّنًا في خفض الانبعاثات.
- الإمارات والسعودية تقودان الاستثمارات الخضراء ومبادرات خفض الانبعاثات.
- الحوافز الضريبية وإنشاء أسواق تداول الانبعاثات أبرز توصيات الخبراء.
- الشركات الأجنبية عليها مسؤولية مساعدة نظيرتها الوطنية بالتقنيات المتقدمة.
تواجه شركات النفط الوطنية المملوكة للدول تحديات كبيرة في خطط تحول الطاقة وخفض الانبعاثات، مقارنة بنظيرتها الدولية الكبرى، التي أصبحت أكثر صرامة لتحقيق الأهداف المناخية.
وتنتج الشركات الوطنية -المملوكة للدول في الغالب- أكثر من نصف النفط والغاز المتداول في العالم، وفقًا لتقديرات مؤسسة وود ماكنزي المتخصصة في أبحاث الطاقة واستشاراتها.
وأسهم حجم الإنتاج الضخم لهذه الشركات في لفت أنظار المؤسسات البيئية الدولية وأنصار المناخ -منذ سنوات قليلة- بوصفها من أكبر الشركات المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفق التقرير، الذي اطلّعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
الشركات الوطنية تتجنّب التدقيق المناخي
رغم تناصف شركات النفط الوطنية والدولية في مسؤولية الانبعاثات العالمية الصادرة عن قطاع النفط والغاز؛ فإن الشركات الوطنية تجنّبت الخضوع لمعايير التدقيق المناخي تاريخيًا.
وتتعرض شركات النفط الدولية في المقابل لضغوط شديدة منذ سنوات لإلزامها بخطط إزالة الكربون وخفض الانبعاثات في عالم يُرَاد له أن يكون محايدًا كربونيًا بحلول عام 2050 أو 2060 على أقصى تقدير.
وبدأت شركات النفط الوطنية منذ سنوات في تطوير خطط مماثلة لانتقال الطاقة، تتضمن برامج تنفيذية لإزالة الكربون وخفض الانبعاثات من القطاع تدريجيًا.
الشرق الأوسط يتحسّن
لاحظت مؤسسة وود ماكنزي تحسنًا في مستوى التزام شركات الشرق الأوسط وآسيا بخطط تحول الطاقة وإزالة الكربون.
وأبدى عدد من شركات النفط الوطنية في دول الخليج والشرق الأوسط تعهّدات بشأن الانبعاثات منذ أوائل عام 2022، رغم أن زيادة الإنتاج ما زالت تمثل أولوية لديها.
وتقود الإمارات والمملكة العربية السعودية خطط الاستثمارات الخضراء وخفض الانبعاثات على مستوى دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
واندفعت شركات النفط الوطنية إلى اللحاق بركب انتقال الطاقة العالمي بدعم من الحكومات التي بدأت في الاهتمام بتقديم حوافز مغرية للاستثمار في تقنيات خفض الانبعاثات ومشروعات الطاقة المتجددة.
أوروبا وأميركا
تُعَد الحكومات الأوروبية من أكبر المتعهدين بحوافز استثمارية ضخمة لتنفيذ خطط انتقال الطاقة، إلا أن حوافز الولايات المتحدة كانت الأضخم على الإطلاق بقيمة بلغت 370 مليار دولار عبر قانون خفض التضخم الأميركي، الصادر في أغسطس/آب 2022.
وتستهدف خطط أوروبا وأميركا -على اختلاف حجمها- خفض الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري الملوثة، وزيادة دعم مصادر الطاقة المتجددة المتناغمة مع المناخ.
وسارعت دول آسيا وأفريقيا وأميركا الشمالية وأستراليا إلى تقديم وعود مماثلة لدعم خطط انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات، لكن بأرقام أقل بكثير من دول الغرب.
الهند والبرازيل
تعهّدت حكومة الهند، في يناير/كانون الثاني 2023، بتقديم حوافز للاستثمارات الخضراء في تقنيات الهيدروجين والبطاريات بقيمة 4.3 مليار دولار.
كما أعلنت البرازيل، في مارس/آذار 2023، التوسع في مشروعات مزج وقود الديزل الحيوي من 10% إلى 15% بحلول عام 2026.
وتواجه شركات النفط الوطنية في البلاد النامية مشكلة العمل في أحواض هيدروكربونية عالية التكلفة، إلا أن امتلاكها مجمعات صناعية متكاملة وسلاسل توريد محلية غالبًا ما يسهم في خفض أعبائها النهائية.
كما تواجه هذه الشركات مشكلة أخرى في تزايد اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية سواءً في عمليات الاستكشاف أو الاستخراج أو التكرير وغيرها.
تحديات الشركات الوطنية
تفتقر مناطق عمل شركات النفط الوطنية في بعض البلاد النامية إلى معايير قياس الانبعاثات أو الإبلاغ عنها؛ ما جعلها خارج تغطية التدقيق العالمي للانبعاثات منذ زمن.
وما زالت بعض الشركات الوطنية حول العالم لم تفكر بعد في مشروعات خفض الكربون أو الحياد الكربوني، خلافًا لأغلب شركات النفط الدولية التي أعلنت التزامها بخطط انتقال طموحة بحلول عام 2050، وإن كانت تتعرض لانتقادات بشأن جدية تنفيذها.
ويقترح محلل الشركات في وود ماكنزي رفائيل بورتيلا، التوسع في عقد شراكات طويلة الأجل مع شركات النفط الدولية الكبرى لمساعدة نظيرتها الوطنية على اللحاق بركب انتقال الطاقة العالمي وخفض الانبعاثات.
ويعتقد بورتيلا أن شركات النفط والغاز الوطنية لديها القدرة المالية على الاستثمار في مشروعات تحول الطاقة؛ استنادًا إلى انتعاش أرباحها منذ سنوات، آخرها العام الماضي الذي شهد أرباحًا قياسية.
الضرائب وأسواق الكربون
ينصح رفائيل بورتيلا، بوسائل تحفيز مختلفة، أبرزها الإعفاءات الضريبية، إلى جانب إنشاء أسواق لتداول الانبعاثات، مثل أسواق الكربون في أوروبا وأميركا والصين وغيرها.
كما يوصي بتيسير التسهيلات الائتمانية المقدمة لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه وخطط إنتاج بدائل الوقود الأحفوري.
كما تشمل توصيات المحلل تخصيص نسبة إلزامية من رأس المال للإنفاق على مشروعات منخفضة الكربون على المديين المتوسط والطويل، على غرار ما تفعله شركات النفط الدولية التي تخصص نسبة أكبر من نظيرتها الوطنية.
ويعتقد بورتيلا بزوغ نجم عدد قليل من شركات النفط الوطنية على ساحة المنافسة الدولية مع شركات النفط العالمية في مجال الإنفاق الرأسمالي على مشروعات انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات خلال سنوات ليست بالطويلة.
انبعاثات الشركات حتى 2030
من المتوقع انخفاض حجم انبعاثات شركات النفط الوطنية إلى ثلث إجمالي الانبعاثات العالمية بحلول عام 2030، إذا استطاعت بناء أنظمة طاقة منخفضة الكربون في جميع عملياتها التشغيلية.
وينصح خبراء بضرورة تبنّي تقنيات منخفضة الكربون في إنتاج النفط والغاز بالبلاد النامية، أسوة بما بدأت تفعله شركات النفط العالمية في الدول الأوروبية وفي بحر الشمال البريطاني.
كما ينصح آخرون بخفض محفظة الاستثمار في مشروعات النفط والاقتصار على الغاز الطبيعي بوصفه أقل تلويثًا للمناخ، في إطار خطط متوسطة وطويلة الأجل سيكون لها تأثير كبير على مستوى العالم.
موضوعات متعلقة..
- تقرير أميركي يتّهم شركات النفط الوطنية بعرقلة جهود حماية المناخ
- وكالة الطاقة تطالب بالضغط على شركات النفط والغاز للتخلص من الانبعاثات
- رئيس كوب 28: النفط والغاز شريكان رئيسان في خفض الانبعاثات ودعم العمل المناخي
اقرأ أيضًا..
- أمين عام أوابك: 6 دول عربية لديها مصافي نفط تنتج مشتقات عالية الجودة
- أرامكو السعودية تخفّض أسعار بيع النفط إلى آسيا في يونيو
- الإمارات قد تلغي صفقة شراء شركة وقود وطنية التابعة للجيش المصري (خاص)