المقالاتمقالات النفطنفط

أحدث اكتشاف نفطي في تركيا يدعم قطاع الطاقة بقوة (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الاكتشاف النفطي الأخير مهم لتركيا بسبب اعتمادها الشديد على واردات الطاقة لسنوات طويلة
  • • توقعات بأن يقلل هذا الاكتشاف اعتماد تركيا على الطاقة وزيادة إنتاجها النفطي المحلي
  • • تركيا لن تعتمد بعد الآن على مصادر الطاقة الأجنبية وستصبح مُصدِّرة للطاقة
  • • الاحتياطي المكتشف حديثًا سيوفر عُشر استهلاك النفط اليومي لتركيا
  • • شركة النفط الوطنية التركية تنتج حاليًا ما يقرب من 60-65 ألف برميل يوميًا
  • • استهلاك تركيا اليومي من النفط يبلغ نحو 950 ألف برميل
  • • الاكتشاف النفطي يسلّط الضوء على دور تركيا المتنامي في قطاع الطاقة العالمي

يأتي إعلان أكبر اكتشاف نفطي في تركيا، مؤخرًا، بأكبر احتياطي برّي مهم، بعد سنوات طويلة من اعتماد البلاد على واردات الطاقة.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى زيادة الإنتاج النفطي المحلي، وتقليل اعتماد تركيا على المصادر الخارجية.

وقد أثار أحدت اكتشاف نفطي في تركيا مناقشات بشأن أمن الطاقة في البلاد، وإمكان أن تصبح دولة رئيسة منتجة للنفط.

في 2 مايو/أيار الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتجمّع حاشد في مدينة قونية، اكتشاف احتياطي نفطي جديد في منطقة جبل غابار بمحافظة شرناق، قادر على إنتاج 100 ألف برميل يوميًا.

وفي تجمّع حاشد آخر بمدينة وان، يوم 5 مايو/أيار (2023)، أعلن أردوغان أن تركيا لن تعتمد بعد الآن على مصادر الطاقة الأجنبية، وستصبح مُصدِّرة للطاقة.

ومن المقرر أن يوفر أحدث اكتشاف نفطي في تركيا عُشر استهلاك النفط اليومي لتركيا.

وقد أُرسِلَت دفعة النفط الأولى من الاحتياطي الجديدة إلى مصافي التكرير لمعالجتها، وذكر أردوغان أن تركيا بدأت إنتاج النفط من المناطق المهجورة سابقًا، بسبب الإرهاب أو نتيجة للاعتقاد بخلوّها من النفط.

وزعم أردوغان أن تركيا حققت أحد أكبر 10 اكتشافات للأراضي على مستوى العالم، العام الماضي، وضاعفت إنتاجها اليومي إلى 80 ألف برميل يوميًا قبل 5 إلى 6 سنوات.

مخزون بئر الشهيدة آيبوكه يالجين-1

يحتوي الاكتشاف في بئر الشهيدة آيبوكه يالجين-1 على ما يُقدَّر بنحو 650 مليون برميل من احتياطيات النفط القابلة للاستخراج، وفقًا للرئيس التنفيذي لشركة شركة النفط التركية "تباو"، مليح هان بيلغين.

الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يعلن اكتشاف أكبر احتياطي نفطي بري في البلاد – الصورة من وكالة الأناضول
الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يعلن اكتشاف أكبر احتياطي نفطي بري في البلاد – الصورة من وكالة الأناضول

في المقابل، لا يتفق الخبير في سياسة الطاقة، نجدت بامير، مع البيان الذي أدلى به الرئيس رجب طيب أردوغان خلال تجمع حاشد في 3 مايو/أيار، الذي ادّعى أن الطاقة الإنتاجية من بئر نفط في مرحلة الاستكشاف تبلغ "100 ألف برميل يوميًا".

ويرى بامير أن مثل هذا التقدير غير دقيق، وأنه بعد اكتشاف حقل نفط، يجب أن تكون الخطوة الأولى هي إجراء الاختبارات عن طريق حفر آبار كشفية، وتقدير الاحتياطيات، وتحديد الكمية التي يمكن إنتاجها.

ويركّز الرئيس السابق لشركة النفط الوطنية التركية (تباو) مهندس البترول، بامير نجدت بامير، على حقيقة مفادها أنه لا يمكن إنتاج كل النفط في الحقل، وأن بعضه ما يزال في قاعه.

وينتقد بامير الافتراض القائل بأن "عامل الاستخراج" بنسبة 60% ينطبق على حقل الشهيدة آيبوكه يالجين، إذ يمكن الحصول على 30% فقط من النفط في أفضل الظروف.

ويقول بامير، إن كمية النفط المنتَجة يمكن زيادتها عن طريق حقن ثاني أكسيد الكربون، ويحذّر من افتراض أن خصائص المخزون في بئر واحدة ستكون هي نفسها في باقي الحقل.

ويؤكد بامير ضرورة حفر عدّة آبار وإجراء اختبارات طويلة المدى لتقدير الاحتياطي بدقّة، إذ إن الإفصاح عن الاحتياطي ليس دقيقًا دائمًا، ويمكن أن يتراوح من مليار برميل إلى 5 مليارات أو 10 مليارات أو 1/10 فقط من هذه الكمية.

ويضيف أنه من غير الممكن مضاعفة إنتاج النفط التركي بحفر 100 بئر في وقت واحد.

تجدر الإشارة إلى أن شركة النفط الوطنية التركية تنتج حاليًا ما يقرب من 60-65 ألف برميل يوميًا من 40 حقلًا في تركيا.

انتخابات الرئاسة التركية

من السهل التكهن بأن الانتخابات الرئاسية الحاسمة تلوح في الأفق بعد أسبوع واحد فقط، والرئيس رجب طيب أردوغان على علم بذلك.

بعد مرور أسبوعين فقط على إعلان إمدادات الغاز المجانية من حقل جديد في البحر الأسود، أصدر أردوغان إعلانًا مهمًا آخر هذا الأسبوع بشأن مستقبل الطاقة في البلاد، بإعلان أحدث اكتشاف نفطي في تركيا.

ويُعَدّ توقيت هذا الإعلان قبل انتخابات 14 مايو/أيار مثاليًا تمامًا.

سفينة الفاتح المسؤولة عن اكتشافات الغاز في البحر الأسود - الصورة من موقع شركة النفط التركية تباو
سفينة الفاتح المسؤولة عن اكتشافات الغاز في البحر الأسود - الصورة من موقع شركة النفط التركية تباو

وأعلن أردوغان مخاطبًا حشدًا من المؤيدين في مدينة قونية المحافظة، اكتشافًا نفطيًا في تركيا، قرب الحدود السورية.

ومن المتوقع أن يوفر هذا الاكتشاف للبلاد نحو 100 ألف برميل يوميًا، وهو ما يزيد قليلًا عن عُشر الاستهلاك اليومي.

ويتوقع أردوغان أن إعلان أحدث اكتشاف نفطي في تركيا سيجمع المؤيدين لحملته، لجعل البلاد عظيمة مرة أخرى.

ومن خلال مناشدة الناخبين الوطنيين والقوميين في كثير من الأحيان، يستمتع أردوغان بتصوير نفسه زعيمًا مكتفيًا ذاتيًا يوقف اعتماد تركيا على التقنيات الأجنبية، لا سيما في قطاع الدفاع.

خلال حملته الانتخابية، ربط أردوغان نفسه بالسيارة الكهربائية توغ المصنّعة محليًا، والطائرة المقاتلة "قاآن"، و السفينة الحربية "أناضول"، أول حاملة طائرات في البلاد.

تطوير الآبار النفطية

بحسب الخبراء، أجريت الدراسات الزلزالية في منطقة غابار داغي على بعدين و3 أبعاد منذ عدّة سنوات، ولم تُطَوَّر الآبار في المنطقة لأسباب أمنية وتكنولوجية.

ويدّعي رئيس جمعية مهندسي البترول التركية، إينانتش ألبتوغ هدير أوغلو، أن تركيا اتخذت خطوة مهمة نحو تحقيق استقلال الطاقة من خلال التخطيط لحفر أكثر من 200 بئر بحلول عام 2023، ما يعني نحو 18-20 بئرًا شهريًا.

رغم ذلك، فإن الخبير في سياسة الطاقة بامير له رأي مختلف، بحجّة أن اعتماد تركيا على الطاقة الأجنبية قد ارتفع في السنوات الماضية، وأن البلاد يجب أن تستعمل مواردها الوفيرة من الطاقة المتجددة بدلًا من ذلك.

ويبلغ استهلاك تركيا اليومي من النفط نحو 950 ألف برميل، بينما يبلغ إنتاج البلاد من النفط نحو 65 ألف برميل فقط.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان احتمال أن تنتج احتياطيات نفط منطقة غابار 100 ألف برميل يوميًا يمكن أن تلبي 10% من احتياجات تركيا النفطية من منطقة واحدة.

ويزعم أردوغان أن أحدث اكتشاف نفطي في تركيا يسلّط الضوء على دور بلاده المتنامي في قطاع الطاقة العالمي؛ إذ إن موقعها الإستراتيجي عند تقاطع أوروبا وآسيا يجعلها مركزًا حيويًا لنقل الطاقة.

ويمكن أن يساعد إنتاج النفط المحلي المتزايد لتركيا في تعزيز مكانتها في سوق الطاقة، ما يجعلها منافسًا هائلًا للدول التقليدية المنتجة للنفط في الشرق الأوسط.

يمثّل إعلان تركيا الأخير عن أكبر اكتشاف نفطي بحري لها تطورًا مهمًا لقطاع الطاقة في البلاد، ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى خفض واردات تركيا من الطاقة وزيادة إنتاجها النفطي المحلي، ما يسهم في تعزيز أمن الطاقة والنمو الاقتصادي في البلاد.

على صعيد آخر، أثار هذا الاكتشاف اهتمام شركات الطاقة العالمية، ويمكن أن تساعد زيادة إنتاج تركيا من النفط البلاد في أن تصبح لاعبًا مهمًا في سوق الطاقة العالمية.

ويثير هذا التطور مخاوف بشأن التأثير البيئي طويل الأجل للبلاد، ويمكن أن يحدّ إعطاء الحكومة التركية الأولوية للشركات المحلية من المشاركة المحتملة للمستثمرين الأجانب.

عمومًا، يعدّ اكتشاف احتياطيات النفط البرية تطورًا مهمًا لتركيا، إذ يوفر فرصة فريدة للبلاد لتحقيق طموحاتها في أن تصبح دولة رئيسة منتجة للنفط.

ونظرًا إلى أن الاحتياطيات الحالية المعلنة وقيم الاحتياطي القابل للإنتاج غير سليمة، لذا فإن التعليق عليها لا طائل من ورائه.

الاعتماد على المصادر الأجنبية

سفينة تعمل في مجال الحفر والتنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط
سفينة تعمل في مجال الحفر والتنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط

تعتمد تركيا بشكل كبير على مصادر النفط والغاز الطبيعي الأجنبية، لتوفير 92% من النفط وأكثر من 99% من الغاز الطبيعي.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه "الاكتشافات" مجرد استثمار انتخابي، كما أُعلِنَ عشية الانتخابات.

ويرى الخبراء أنه بغضّ النظر عمّا إذا كانت إمكانات إنتاج النفط في منطقة غابار تبلغ 100 برميل أو 200 برميل، فإن الاكتشاف مهم، ويجب تقدير جهود الأشخاص الذين أسهموا فيه.

وأشار الخبراء إلى أنه لا يوجد دليل علمي يدعم فكرة أن الاكتشاف يمكن تقديره اعتمادًا على بئر واحدة.

ويتطلب التنبؤ بالاحتياطي القابل للإنتاج حفر آبار كشفية، والتحكم في آلية دفع المخزون، وتختلف هذه الآليات، لذا فإن السيناريو الأسوأ هو أنه يمكن الحصول على 1-1.5% فقط من النفط في الموقع الموجود في الحقل، كما هو موضح في حقل رامان غرب.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق