الرياح البحرية في بنغلاديش سبيل جديد لخفض أسعار الكهرباء
أسماء السعداوي
تقدّم طاقة الرياح البحرية في بنغلاديش طريقًا مفتوحًا للخروج من أزمة توفير إمدادات الطاقة، وسط عجز حادّ عن تلبية الطلب المتزايد محليًا.
وفي الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليل الاعتماد المفرط على مصادر الوقود الأحفوري التقليدية وتحقيق هدف الحياد الكربوني، تتميز بنغلاديش باتّساع الرقعة البحرية، إلّا أنها بحاجة إلى التخطيط الجيد لاستكشاف إمكانات تلك الطاقة المهدرة.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير حديث أن تطوير إمكانات طاقة الرياح البحرية قد يعدّ أحد السبل الرامية إلى خفض أسعار الكهرباء للمواطنين على المدى القصير إلى المتوسط، وفق ما نشرته صحيفة "ذا ستاندرد بيزنس"، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
إذ أصبح استغلال طاقة الرياح ضرورة بالنسبة للحكومة، بعدما واجهت تحديات لإيجاد بدائل للنفط والغاز ذوَي الأسعار المرتفعة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وعقبات أخرى تتعلق بنقص الأراضي اللازمة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
كان تقرير نشرته الوكالة الدولية الطاقة المتجددة في عام 2022 المنصرم، قد ذكر أن توليد الكهرباء من محطة لطاقة الرياح البحرية يكلّف نحو 0.075 دولارًا أميركيًا/ساعة، وهو سعر أكثر تنافسًا من المحطات العاملة بالفحم والغاز.
مشروع جديد
تكافح السلطات من أجل عدم تكرار أزمة انقطاع الكهرباء في بنغلاديش، بعدما ساد الظلام في العام الماضي (2022)، نتيجة ارتفاع أسعار الغاز المستورد من روسيا، ولذلك اضطرت إلى وقف شراء الغاز المسال في يونيو/حزيران، بسبب الأسعار المتقلبة، وهو ما دفع الدولة إلى البحث بصورة حثيثة عن بدائل نظيفة للكهرباء، بحيث لا تمثّل عبئًا على الدولة وتلبي الاحتياجات المتزايدة، وخاصة في فصل الصيف.
في هذا الصدد، أبرمت وزارة الكهرباء والطاقة والثروات المعدنية اتفاقًا جديدًا مع شركة "بليكس" الهولندية، بالإضافة لشركائها في المشروعات المشتركة، لإجراء دراسة جدوى تفصيلية من أجل تطوير مزارع رياح بحرية في خليج البنغال.
وانطلق المشروع في 16 فبراير/شباط 2023، بتمويل من بنك التنمية الأسيوي، ويهدف إلى تحديد إمكانات رقع جديدة لتطوير قطاع الرياح البحرية في بنغلاديش.
وستعمل الشركة الهولندية -عبر دراسات الجدوى التفصيلية- على التحقق من صلاحية أكثر مربعين صالحين لإقامة المزارع البحرية، كما ستحدد المتطلبات الرئيسة لتنفيذ المشروعات هناك، وإيجاد حلول لربط مزارع الرياح بشبكة الكهرباء في بنغلاديش.
تطوير الرياح البحرية في بنغلاديش
تعليقًا على ذلك، يقول الأمين العام لقسم الكهرباء بالوزارة، حبيب الرحمن، إن المشروع جزء من جهود حكومية للاستفادة من الطاقة الصديقة للبيئة.
كما يقول وكيل الوزارة شهريار أحمد تشودهري، إن الفريق الدولي المختص سيقيّم إمكانات طاقة الرياح في المناطق البحرية الواقعة بخليج البنغال، كما سيحدد رقعتين مناسبتين لتطوير مزارع الرياح البحرية هناك.
كما سيتحقق الفريق من التأثيرات المحتملة لمزارع الرياح البحرية على أنشطة التنقيب عن النفط والغاز والملاحة، بحسب تشودهري.
وبصفته مديرًا لمركز أبحاث الطاقة في الجامعة الدولية المتحدة، قال تشودهري، إن الفريق سيحدد أفضل النماذج المناسبة لطواحين الهواء وركائزها في قاع البحر.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة طاقة الرياح البرية والبحرية حسب المنطقة، في عامي 2021 و2022:
محاولات أخرى
هذا المشروع لا يعدّ الأول؛ إذ سبقه محاولات لتعزيز طاقة الرياح باثنين من طواحين الرياح البحرية في مدينتي "كوكس بازار" و"فيني"، إلّا أن أعطالًا فنيّّة، مثل الارتفاع المنخفض، حالت دون تشغيلهما.
كما من المتوقع أن يدخل مشروع كوكس بازار بطاقة 60 ميغاواط حيز الإنتاج في يونيو/حزيران من هذا العام.
وتوجد حاليًا 8 مشروعات رياح في مراحل مختلفة، بإجمالي طاقة 35 ميغاواط.
وتُنفّذ هيئة تطوير الطاقة المتجددة والمستدامة (سريدا) -أيضًا- مشروعًا لتقييم طاقة الرياح في 4 مواقع في بنغلاديش، بالتعاون مع البنك الدولي.
كانت دراسة أجراها المعمل الوطني للطاقة المتجددة في عام 2017، قد بيّنت أن سرعة الرياح في بنغلاديش تتراوح بين 5.75 و7.75 مترًا في الثانية، بما يضمن إمكان توليد حتى 300 ألف ميغاواط من الكهرباء من طاقة الرياح يوميًا.
الطاقة المتجددة في بنغلاديش
أعلنت بنغلاديش في العام الماضي هدف توليد 5 غيغاواط من الكهرباء المنتجة من طاقة الرياح -سواء البرية أو البحرية- وذلك بحلول عام 2030.
كما تستهدف توليد 10% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 و40% بحلول 2041، ليصل إجمالي قدرات توليد الكهرباء إلى 40 غيغاواط و60 غيغاواط على التوالي، بحسب التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويبلغ إجمالي إنتاج الطاقة المتجددة في بنغلاديش 3.61% فقط، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، إلّا أن شح الأراضي اللازمة يعرقل توليد الكهرباء منها.
كانت دراسة أجراها المكتب الوطني للأبحاث الأسيوية -ومقرّه الولايات المتحدة- قد أبرزت دور الطاقة المتجددة في بنغلاديش بتحقيق تحول الطاقة وتقليل واردات الطاقة التي تمثّل عبئًا إضافيًا على ميزانية الدولة.
إذ يقول مؤلف الدراسة شفيق العالم: "تمثّل أزمة الطاقة الحالية فرصة أمام بنغلاديش لبناء قدرة طاقة متجددة تنافسية على نحو متزايد، وبذلك ينخفض الاعتماد واستيراد الوقود الأحفوري المتقلب والمكلف، مثل الغاز الطبيعي المسال".
موضوعات متعلقة..
- استثمارات طاقة الرياح البحرية تتقلص في أوروبا وأميركا.. والصين صامدة (تقرير)
- أطول توربينات الرياح البحرية في العالم تنافس ناطحات السحاب.. ما السبب؟
- انخفاض سعة طاقة الرياح البحرية المضافة عالميًا 40% خلال 2022
اقرأ أيضًا..
- سفير موسكو في القاهرة: التخلي عن النفط والغاز الروسيين لم يكن في صالح الأوروبيين (حوار)
- الغاز المسال الأميركي في طريقه إلى اليابان بصفقة مدّتها 20 عامًا
- قطاع الهيدروجين يشهد تطورات مهمة في 3 دول غربية (تقرير)
- حظر شاحنات الديزل في كاليفورنيا الأميركية بحلول 2036