صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا تواجه انتقادات نشطاء المناخ
الصناعة كثيفة الاستهلاك للكهرباء وما زالت معتمدة على الوقود الأحفوري
رجب عز الدين
تواجه صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا انتقادات حادة من قبل نشطاء البيئة والمناخ، على خلاف المتوقع تجاه هذه الصناعة الحيوية للأجيال القادمة.
وشنّت منظمة السلام الأخضر "غرين بيس" هجومًا على صناع الرقائق في آسيا، لاعتمادهم في التصنيع على الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري بصورة أساسية، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
وتدخل الرقائق الإلكترونية في أغلب الصناعات الحديثة، بداية من السيارات الكهربائية إلى الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
منظمة السلام الأخضر
رصدت منظمة السلام الأخضر -مقرها هولندا- ضعفًا في خطط الالتزام بالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لدى مصنعي الرقائق الإلكترونية في آسيا، ما قد يعصف بجهود خفض الانبعاثات والحياد الكربوني في الصناعة.
وتُعد منظمة السلام الأخضر واحدة من أقدم المنظمات البيئية في أوروبا والعالم، إذ يرجع تاريخ تأسيسها إلى عام 1971.
وتمتلك المنظمة في الوقت الحالي انتشارًا واسعًا في 40 دولة حول العالم، مع مكتب تنسيق دولي يتخذ من مدينة أمستردام الهولندية مقرًا له.
13 شركة رائدة
يسيطر على صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا قرابة 13 شركة رائدة كلها مرتبطة بالتزامات مناخية بخفض الانبعاثات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عالميًا.
وأظهر تقرير تحليلي صادر عن المنظمة غير الهادفة للربح، أن أغلب الشركات العاملة في صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا لا تسير في اتجاه تنفيذ التزاماتها المناخية بجدية على عكس ما تروجه بصورة عامة.
ورصد التقرير توقعات الانبعاثات لأكبر شركات صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا، وعلى رأسها شركة تايوان سيميكونداكتور مانيوفاكتورينغ، وشركة سامسونغ إلكترونيكس، وشركة إس كيه هينكس المتخصصة.
ثلث الحصة السوقية
تنشط هذه الشركات في شرق آسيا، الذي يضم أكثر من ثلث الحصة السوقية العالمية لصناعة الرقائق الإلكترونية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويقول التقرير، إن الجداول الزمنية التي وضعتها شركات الرقائق الآسيوية لا تعكس مستوى الطموح الضروري اللازمة لمواجهة تغير المناخ الكارثي.
كما سلّط التقرير الضوء على علاقة الشركات الآسيوية بسلاسل توريد التكنولوجيا العالمية الحالية مع بيان التأثيرات المناخية المستقبلية لهذه العلاقة.
ما علاقة آبل؟
ترتبط هذه الشركات بعلاقات تجارية واسعة مع كبرى العلامات التجارية المشهورة في عالم التكنولوجيا المعاصر، مثل شركة آبل، ومايكروسوفت، وأمازون، إلا أنها تحظى باهتمام أقل إعلاميًا.
وتعتمد شركات التكنولوجيا العالمية على الشركات الآسيوية في تصنيع بعض مكونات منتجاتها الإلكترونية ذائعة الانتشار، مثل الهواتف الذكية والحواسيب الآلية وغيرها.
وتقول منظمة السلام الأخضر "غرين بيس"، إن أغلب شركات صناعة الرقائق الإلكترونية تعتمد في تشغيل مصانعها على الكهرباء المولدة باستعمال الغاز الطبيعي أو الفحم، ما يهدد جهود الحكومات الآسيوية في خفض الانبعاثات.
وتحتاج أغلب دول العالم إلى خفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50% على الأقل بحلول 2030، تمهيدًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050 أو 2060 على أقصى تقدير.
شركة تايوان
تُعد صناعة الرقائق الإلكترونية من الصناعات كثيفة الاستهلاك للكهرباء، ما جعلها محط أنظار نشطاء المناخ الذين يطالبون بأن تكون الكهرباء المستهلكة في الصناعة نظيفة بنسبة 100%.
ومن المتوقع ارتفاع استهلاك الكهرباء في شركة "تي إس إم سي" التايوانية الرائدة في صناعة الرقائق، بنسبة 267% بحلول عام 2030.
وتقدّر منظمة "غرين بيس" حجم استهلاك الشركة التايوانية من الكهرباء، بما يعادل استهلاك ربع سكان تايوان (24 مليون نسمة) بحلول عام 2030، في إشارة إلى حجم الآثار المناخية لو استمرت الشركة في الحصول على احتياجات الطاقة من الغاز والفحم.
شركة سامسونغ
كما ترجح المنظمة تضاعف استهلاك شركة سامسونغ للكهرباء في كوريا الجنوبية إلى 55 تيراوط/ساعة بحلول عام 2030.
وتعادل هذه الطاقة استهلاك دولة سنغافورة -ذات الـ5.5 مليون نسمة- من الكهرباء لمدة 3 سنوات، في إشارة إلى حجم الآثار التي يحذر منها نشطاء البيئة والمناخ.
وصرّحت شركة سامسونغ العام الماضي بالتزامها بتنفيذ خطط تدريجية لخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
كما أعلنت شركة إس كيه هينكس -مقرها كوريا الجنوبية- التزامها بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
بينما تعهّدت شركة "تي إس إم سي" التايوانية باستعمال مصادر الطاقة المتجددة في تشغيل عملياتها بنسبة 100% بحلول عام 2050.
الاستهلاك حتى 2030
ترجح "غرين بيس" ارتفاع استهلاك الكهرباء في صناعة الرقائق الإلكترونية إلى 286 تيراواط/ساعة على مستوى العالم بحلول عام 2030.
وتعادل هذه الطاقة استهلاك أستراليا من الكهرباء في عام 2021، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما يتوقع ارتفاع حجم الانبعاثات الصادرة من صناعة الرقائق الإلكترونية إلى 86 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل انبعاثات البرتغال في عام 2021.
الفيضانات قادمة
تحذّر المنظمة من تعرُّض دول شرق آسيا لتأثيرات التغير المناخي بصورة أكبر من غيرها، لا سيما الفيضانات الكارثية وموجات الحر والجفاف التي قد تتسبب في آثار مدمرة.
ورغم تأثر مصنعي الرقائق الآسيويين بتداعيات الأحداث المناخية القاسية خلال السنوات الأخيرة، فإنهم ما زالوا بطيئين للغاية في تبني الطاقة المتجددة بدلًا من مصادر الوقود الأحفوري التي تشغل مصانعهم بصورة غير مباشرة.
ولهذا السبب تتلقى صناعة الرقائق اتهامات نشطاء المناخ بالتورط في أزمات العالم المناخية، بسبب استمرارها في استهلاك الكهرباء غير النظيفة.
وتقترح منظمة السلام الأخضر على شركات الرقائق التوسع في توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأجل مع منتجي الطاقة المتجددة أو ضخ استثمارات لإنشاء مشروعات الطاقة المتجددة بجوار المصانع ومواقع العمل.
موضوعات متعلقة..
- مفاجأة.. صناعة الرقائق الإلكترونية تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء
- منافسة شرسة على صناعة الرقائق الإلكترونية بين أميركا وعدة دول آسيوية (تقرير)
- أرامكو السعودية تشارك في مشروع جديد لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية
اقرأ أيضًا..
- الذكرى الثالثة لانهيار أسعار الخام الأميركي.. "الطاقة" تعيد نشر حوارها مع أنس الحجي
- صادرات النفط من السودان والجنوب قد تتأثر بالأزمة.. كيف يكون رد فعل جوبا؟
- مصر تخطط لزيادة قطع الكهرباء في الصيف توفيرًا للغاز (خاص)